أولاً: الإسلام وعلم الطب:
1- علاقة الإسلام بالطب هي عنصر جزئي ينطلق من حقيقة كبرى تحكم نظرة الإسلام للإنسان. فالإنسان في القرآن الكريم هو خليفة الله في الأرض، وهو مخلوق الله المكرم الذي أمر الملائكة فسجدت له وسخر له الأرض ليبني فيها ويعمر.
هذه القيمة العظمى للإنسان هي التي فرضت إحاطة مخلوق الله المكرم بسياج من الضمانات التي قررتها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لدرجة أن العدوان على الإنسان هو اعتداء على المجتمع بأسره. يقول القرآن الكريم ﴿من قتل نفسا بغير حق أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا﴾.
ويقرر الرسول صلى الله عليه وسلم «المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» وإزاء هذه القيمة العظمى والمسئولية الكبرى للإنسان فإن الله تعالى قد سلح الإنسان بالمعرفة ﴿الرحمن * علم القرآن* خلق الإنسان* علمه البيان﴾.
وهكذا تتضح الصورة: إنسان كرمه الله، ثم حمله مسئولية كبرى وهي حمل أمانة الله في الأرض ثم أعطاه السلاح الأساسي وهو «العلم والمعرفة».
2- والعلم الحق هو الذي يهدي إلى الإيمان والإيمان الحق هو الذي يعطي مجالا للعلم وهذا هو العلم الذي يريده الإسلام، يريده علما في ظل الإيمان وهو يخدم مثله العليا. وفي ذلك أشار القرآن ﴿اقرأ باسم ربك﴾ وهكذا طلب القرآن قراءة مقيدة بقيد خاص وهو أن تكون باسم الله. وبهذا تكون موجهة إلى الخير.
3- الإسلام يفضل طلب العلم على العبادة غير المفروضة. فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم».
وذلك أن معظم العبادات قاصرة النفع لا تتجاوز صاحبها فالذاكر وتالي القرآن يتعبدون بما يزكي أنفسهم ويزيد في حسناتهم ولكن المجتمع لا ينال من عبادتهم فائدة مباشرة تحقق له النفع أما العلم فنفعه متعد لا يقتصر على صاحبه بل يفيد منه الناس.
4- لذلك كان للعلوم التطبيقية مثل الطب مكانة رفيعة في الإسلام ففي الآية الكريمة ﴿ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾.
كانت خشية الله عائدة على العلماء المشتغلين بالعوم التطبيقية التي وردت في الآية الكريمة مثل الجيولوجيا والطب والأحياء.
5- بل أن العلم النافع للبشرية يتميز على العبادات بأن ثوابه لا ينقطع بانتهاء الحياة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينفع به أو ولد صالح يدعو له».
6- وعلى ذلك يمكننا أن نقول إذا كانت العبادات وسيلة إلى رضا الله فإن العلم أيضا وسيلة إلى رضا الله وإلى نفع العباد. وهذا يستلزم من العلماء أن يوجهوا علمهم إلى ما يرضي الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من تعلم علما لغير الله أو أراد به غير الله ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار».
ولكي لا يكون العلم سلاحا ذا حدين دعا الرسول إلى تقوى الله في استخدامه حيث يقول «اتق الله فيما تعلم».
7- وعلم الطب هو أبرز وسائل المعرفة لحماية ذلك المخلوق الذي كرمه الله لكي يؤدي رسالته على الأرض فالطب ترجمة لحق البدن على صاحبه كما يقول الرسول «إن لبدنك عليك حقا».
8- وبالرغم من اهتمام الإسلام بالطب فإن هناك توضيحا للعلاقة بين القرآن والعلوم الطبية. إن القرآن ليس كتابا في الطب أو الفلك كما يحاول بعض أعدائه أن يجدوا فيه تباينا مع هذه العلوم. إن مادة القرآن أكبر من تلك المعلومات الجزئية فمجال عمل القرآن هو الإنسان ذاته: اعتقاده ومشاعره وسلوكه وأعماله وعلاقاته بخالقه وبما حوله وبذلك يصحح له مفاهيمه وتصوراته عن الحياة ويضعه على الطريق السلم ليستخدم طاقاته ومنها طاقته العقلية لتعمل بالبحث العلمي في الحدود المتاحة للإنسان كما يعالج بناء المجتمع الإنساني الذي يسمح لهذا الإنسان بأن يحسن استخدام طاقاته في الخير بما يرضاه الله.
إن القرآن الكريم كتاب هداية يهدف إلى تكوين المجتمع المسلم الذي يقيم رسالة الله في الأرض والسنة النبوية التي تعتبر شرحا وتطبيقا لكتاب الله تناولت من الجوانب الطبية ما يهم صالح المجتمع المسلم كما سنوضح فيما بعد.
فرسول الله ليس طبيبا ولم يدّع لنفسه القدرة على الشفاء بل كان يقول لأهل المريض «أرسلوا إلي طبيب».
وبعبارة أوضح فالكتاب والسنة وضعا الخطوط العريضة للتشريع في مختلف مجالات الحياة دون الدخول في التفاصيل ووضعا القواعد الأساسية التي في حدودها يمكن الاجتهاد لتتناسب الشريعة الإسلامية مع كل زمان ومكان في حدود جلب المصالح وتجنب الضرر والضرار.
9- إن وجود بعض المصطلحات مثل «الطب الإسلامي» أو «الطب النبوي» لا يعني أن الطب الذي يمارس اليوم في العالم طب غير إسلامي. هذه المصطلحات تحمل معنى تخليد التراث الحضاري للأمة الإسلامية في عهد ازدهار الدولة الإسلامية ذلك الإزدهار الذي انعكس على مختلف العلوم ومنها الطب فكانت نهضة حقيقية تستفيد بما قبلها وتناقشه وتنفحه وتضيف له خلاصة تجاربها وإنتاجها ثم تصدره للعالم في أفضل صورة متاحة للبشرية في ذلك الحين. وفي كل هذه المراحل كان الفضل للإسلام. في مرحلة الترجمة كان الدافع هو أنه صلى الله عليه وسلمالحكمة ضالة المؤمن ينشدها إني وجدها) وفي مرحلة الإنتاج الذاتي كان الدافع هو دعوة القرآن والرسول للعلم في مواضعها الكثيرة وفي مرحلة التصدير كان الدافع هو أن الإسلام يرفض الاحتكار لأي شيء ولذا لابد من نشر المعرفة. والآن وبعد التخلف الحضاري والتفتت الإقليمي للأمة الإسلامية فإنها مطالبة بالاستفادة من الطب الذي يتقنه الآخرون بل واللحاق بهم وأن تذكر أمجاد الماضي يجب أن يكون دافعا لإنجازات المستقبل لا سببا للتوقف عند الحد الذي وصولا إليه. وكل ما ينجزه العقل البشري من علم نافع يقبله الإسلام بل ويباركه الرسول مشجعا للمتخصصين في علوم الحياة رافضا أن يفرض عليهم أي وصاية حين يقول «أنتم أعلم بأمور دينكم».
ثانيًا: الإسلام ومهنة الطب:
1- الإسلام يحترم العمل المهني من أجل الكسب الحلال. فالرسول يقول صلى الله عليه وسلم«إن أطيب ما أكل الرجل من كسب يده» والطب مهنة للكسب الحلال امتدحها رسول الله صلى الله عليه وسلم «نعم العبد الحجام» وورد أنه احتجم وأعطى الحجام أجره.
2- والمسلم في عمله الحلال له ثواب العبادة. فرسول الله صلى الله عليه وسلم أعاد شابا في الجهاد لكي يعمل لتوفير الرزق لوالديه المسنين وقال له «ففيهما جاهد» ولكي يكون العمل في منزلة العبادة لابد أن تتوفر في ممارسته نية صادقة بأنه موجه إلى رضا الله فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول «من ابتغى وجه الله فإن نومه ونبهه أجر كله».
3- لذلك فإن الإسلام يدعو الطبيب المسلم لأن ينطلق في ممارسة مهنة الطب من قواعد ثلاثة:-
أ- دفع الضرر عن المجتمع المسلم بتوفير مقومات الصحة للمجتمع. والرسول يقول صلى الله عليه وسلم «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم». والطبيب في مجال تخصصه مطالب بأن يقدم علمه وخبرته لصالح المجتمع المسلم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «أعزل الأذى عن طريق المسلمين» «والله يكره أذى المؤمن».
ب- أداء واجب الأخوة في ا لله نحو أخيه المسلم المريض ففي الحديث الجامع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن فرج عن مسلم كربه من كرب الدنيا فرج الله عنه بها كربه من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ومن سلك طريقا يلتمس منه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة» وبذلك يكون هدف الطبيب في تخفيف آلام المريض أسمي من الرغبة في الأجرة والجزاء الدنيوي وأرفع من أشباع النفس بلذة الشعور بالمهارة في المهنة.
ج- الرحمة الإنسانية التي تتسع لكل البشر مسلمين وغير مسلمين بل تتسع لكل كائن حي كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لكم في كل ذات كبد رطبة أجر» وقال أيضا «لن تؤمنوا حتى تراحموا، قالوا كلنا رحيم يا رسول الله، فقال الرسول: ليست الرحمة أن يرحم الرجل قومه إنما يرحم الناس جميعا» وموقف الطبيب في العملية العلاجية هو أنه أداة الرحمة الإلهية والوسيلة التي يخفف الله بها آلام الناس فعندما قال أبو رمثة لرسول الله صلى الله عليه وسلم «دعني أعالج ما بظهرك فأني طبيب» فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم «أنت رفيق والله الطبيب».
إن ذلك يجعل الطبيب دائم الصلة بالله يسأله التوفيق في عمله. كما أنه يقيه من الغرور المهني عند نجاحه في عمله لأن ذلك يحبط العمل ويزيل الأجرة.
ثالثًا: نظرة الإسلام للمرضى:
1- يعترف الإسلام بالمرض كحالة غير طبيعية تصيب أعضاء معينة من الجسم فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لسعد بن أبي وقاص حين أصيب بمرض القلب «انك رجل مفؤود فأت الحارث بن كلده أخا ثقيف فإنه رجل يتطبب» إذن ليس المرض ناتجا عن الشياطين والنجوم والأرواح الشريرة، لذلك منع الإسلام كل الممارسات المبنية على هذه المعتقدات الخاطئة مثل ا لتطير والتمائم والعرافة وغيرها. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه « من علق تميمة فقد أشرك» «من مأتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» «لا طيرة ويعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسنة» «أن الرُقي والتمائم شرك».
2- صحيح أن الإسلام لم يوضح العوامل والأسباب المرضية بالصورة التي نفهمها الآن لأن الحضارة الإنسانية في هذا العصر لم تكن لتستوعب هذه المعلومات. ومع ذلك فقد أعطى إرشادات محددة تهدف لسلامة المجتمع المسلم مثل ما ذكره الرسول في العدوى وصحة البيئة والتغذية والنظافة الشخصية وهذه لا تختلف عما يقوله عالم في العصر الحديث يعرف أسباب الأمراض ووسائل مكافحتها. وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الطاعون ما هو إلا أسلوب الحجر الصحي الحديث للأمراض الانتقالية ولكن دون أن يذكر العامل المرضي صلى الله عليه وسلمالميكروب) وطريقة انتقاله بصراحة. عن أسامة بن زيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها».
3- المسلم مطالب بحفظ صحته والمجتمع مطالب بوقاية نفسه من الأمراض بل وتوفير الصحة الإيجابية بمفهومها الحديث يقول الله تعالى ﴿إن خير من استأجرت القوي الأمين﴾. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لو لم يكن لأبن آدم إلا اسلامه والصحة لكفاه».
وليس ذلك بغريب فالمؤمن القوي الصحيح أقدر على أداء الرسالة التي خلف الله الإنسان من أجلها ليعيش على الأرض ويؤدي الأمانة التي تقبل أن يحملها أن القرآن يعيب على أولئك الكافرين الذين يريدون الحياة – أي حياة لمجرد الحياة ﴿ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر﴾ أن الإسلام لا يقبل أن تكون أمه المسلمين غثاء كغثاء السيل تعيش على هامش الحياة في عجز جسماني وفكري. فعندئذ يكون بطن الأرض خير لها من ظاهرها.
4- بل أن كره المرض أمر طبيعي يقبله الإسلام فعندما ما قال أبو الدرداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم «لأن أعافي فأشكر أحب إلي من أن ابتلي فأصبر» فقال الرسول «الله يحب معك العافية». ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم «أسألوا الله العافية فإنه ما أوتي أحد بعد يقين خيرا من معافاة».
5- ولكن إذا ما حدث المرض فإن المسلم أقدر على تقبل هذا الواقع المؤلم بصبر ينبعث من إيمانه بنظرية الابتلاء. فالمرض ليس غضبا من الله أو عقابا من السماء لكنه ابتلاء يكفر الذنوب ويرفع الدرجات إذا تلقاه المسلم بصبر واحتساب. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «ما يصيب المسلم من مصيبة ولا وصب ولا هم وحزن ولا أذى ولا نمم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه».
6- بل إن هناك جانبا يتميز به الإسلام في موقفه من المرض وهو إن بدأ يتعلق بالسلوك غلا أنه في نهاية الأمر نوع من العلاج النفسي لنا أن نصنفه من جانب العلم بأكثر مما يصنف من جانب الآداب والأخلاقيات فللمريض حق على الصحيح وهو حق العيادة كما أنه له حقا على الطبيب هو حق الطبابة. وهذه الحقوق تستمد من التأكيد الشديد الذي ركزت عليه أحاديث الرسول في عيادة المريض إلى ما يشيه الوجوب وإنها من حقوق المسلم على المسلم إنها ليست مجرد تخفيف عنه وصله له ولكنها قربى إلى الله. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي «إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يابن آدم مرضت فلم تعدني قال: يارب: كيف وجل يقول يوم القيامة: يابن آدم مرضت فلم تعدني قال: يارب: كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده. أما علمت إنك لو عدته لوجدتني عنده؟».
وبذلك يكون المريض قريبا من الله حتى إن الرسول يقول صلى الله عليه وسلم «عودوا المرضى ومروهم فليدعو لكم فإن دعوة المريض مستجابة وذنبه مغفور» ويقول أيضا «إذا دخلت على المريض فمره يدعو لك فإن دعاءه كدعاء الملائكة».
7- بهذه الفلسفة يكون المريض قادرا على التماسك والتحمل ولا يكون المرض البدني سببا في تولد المرض النفسي أو الاضطرابات العضوية النفسية. بل إن صلابة النفس كثيرا ما تساعد في شفاء المرض الأصلي.
8- ويتفرغ من تلك الفلسفة أيضا أن الأزمات الصحية مهما اشتدت لا تقود المسلم إلى التفكير في التخلص من حياته، بل لا يجوز له أن يتمنى الموت. عن أنس بن مالك t عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يتمنى أحدكم الموت في إصابة فإن كان لابد فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كنت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي».
9- أعطى الإسلام المريض رخصة تعفيه من الالتزامات الشرعية حسب ما تمليه الضرورة.. ففي القرآن الكريم ﴿ولا على المريض حرج﴾ ولذا يباح استعمال الذهب في العلاج التعويضي كما أمر رسول الله عرفجة بذلك، كما يباح استعمال الحرير في المرض الجلدي فرسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في لبس الحرير لحكة كانت بهما مع أن كلاهما محرم على الرجال.
رابعًا: نظرة الإسلام للوقاية والعلاج:
1- دعا الإسلام إلى تطبيق أسس الرعاية الصحية الثلاثة وهي الوقاية والعلاج والتأهيل.
2- وحيث أن الطب الوقائي يهدف إلى تدعيم الصحة الإيجابية لذلك أولاه الإسلام أهمية خاصة. فالمجتمع المسلم الصحيح أقدر على حمل الأمانة وأداء رسالة الله في الأرض وعلى ذلك نجد أن أحاديث الرسول في الصحة الوقائية تتميز بالتفصيل وتنتهج أسلوبا أقرب إلى الإلزام. أما الطب العلاجي فقد تناوله بالمنهج العادي في التشريع وهو وضع القواعد الأساسية التي تضمن السير في الطريق الصحيح دون الدخول في التفاصيل.
3- ففي مجال البيئة نجد الإسلام قد وضع نموذجا رائعا لارتباط كل فرد مسلم بأمة الإسلام ويتمثل ذلك في مسئولية كل فرد عن سلامة المجتمع والتزام كل مؤمن بسلامة أخيه تماما كالتزامه لنفسه فالقرآن الكريم وضع القاعدة الأساسية «إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم» والرسولصلى الله عليه وسلم يقول «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
ويقولصلى الله عليه وسلم «المسلم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى».
وانطلاقا من ذلك فإن المحافظة على الصحة الشخصية لا تكفي بل لابد من الحرص على صحة البيئة ويتمثل ذلك في الأحاديث «إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود فنظفوا أفناءكم وساحاتكم» وقوله صلى الله عليه وسلم «أنظر ما يؤذي الناس فأعزله» وقوله «لا يبولن أحدكم من الماء الدائم».
4- واستكمالا للدقة في تحديد المسار الصحيح للطب العلاجي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى احترام التخصص في فروع الطب فينادي الحارث ابن كلده للمريض المفؤود. وعندما يواجه طبيبين متقدمين لعلاج مريض يسألهما صلى الله عليه وسلمأيكما أطب بهذا) حتى يتلقى المريض أفضل رعاية متخصصة.
5- هناك أدوية معينة كانت شائعة في عهد الرسول وبطبيعة الحال فإنه استعملها في مرضه مثل سائر الناس ومن هنا بدأ بعض الكتاب والمؤرخين في استعمال تعبير صلى الله عليه وسلمالطب النبوي) وبمرور الزمن ظهر اتجاه إلى تقديس كل ما مارسه رسول الله من طعام وشراب وعلاج والإلتزام به مع أن حديث رسول الله صريح في أنه أمر بالإلتزام بما جاء به الوحي من أمور الإسلام. أما الممارسات الدنيوية التي لا تتعلق بالعقيدة فالاجتهاد فيها مفتوح في إطار الإلتزام بحدود الإسلام صلى الله عليه وسلمأنتم أعلم بأمور دنياكم). فالإسلام لا يقبل أن يمتنع المسلم عن استعمال دواء حديث لمجرد أن رسول لم يستعمله لأنه لم يكن موجودا في ذلك العصر. واعتقد أن أحاديث الرسول فيما يتعلق بالعلاج تلتزم أيضا بالمنهج العام للتشريع وهو إعطاء الإطار الواسع للعموميات. فعندما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سيدة تستعمل مادة مهيجة للأمعاء كوسيلة مسهلة نصحها بأن تستعمل السنا. وأرى أن يقصد بذلك أن يضع قاعدة التداوي بما لا يضر أو بما هو أقل ضررا أكثر مما يقصد أن يلزم الناس باستعمال السنا.
وهكذا نرى أنه يقترب من الإلزام في جانب الوقاية ودفع الضرر عند المسلمين ويتجه إلى وضع القواعد العامة التي تتمشى مع روح الإسلام فيما يتعلق بالعلاج.
6- أما التأهيل فيهدف إلى منع العجز بسبب المرض والإسلام يعود المسلم إلا يستسلم للعجز بل يصلي ولو بجفن عينه. الكل مطالب بالعمل حسب طاقته فالحديث «أعملوا فكل ميسر لما خلق له» والإسلام لا يرضي للمسلم أن يعيش عالة على غيره والحديث يقول «اليد العليا خير من اليد السفلى» حتى في مجال التأهيل بالجراحة التعويضية أباح الإسلام استخدام الذهب في العلاج التعويضي رغم أنه محرم على الرجال. أما الممارسات التي يقصد بها تشويه جسم الإنسان أو تغيير صورته الجميلة مثل الوشم فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حرمها بقوله «لعن الله الواشمات» وقديما كانوا يكسرون جزءا من الإنسان إذا كان بارزا لأغراض التجميل وبذلك يزيلون طبقة المنيا الواقية على سطح الأسنان وهذه منه ضرر وهنا يتغلب دفع الضرر على التجميل فيحرمها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله «لعن الله الواشرات والمستوشرات». أما الجراحة بقصد التجميل إذا لم يكن فيها ضرر أو احتمال واضح للضرر فإنها تدخل في القاعدة العامة «أن الله جميل يحب الجمال».
والمرأة المسلمة مطالبة بأن تبدو بأجمل صورة في عيني زوجنها.
7- وفي مجال الوقاية من الأمراض المعدية وضع الرسول قيودا على حركة المريض بقوله «لا يحل المرض على المصح وليحل المصح حيث شاء» بل أن المسلم مطالب بالإلتزام بقواعد الحجر الصحي في حالة الوباء ولو أدى ذلك إلى التضحية بنفسه فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول «الطاعون شهادة لكل مسلم».
8- وفي مجال الصحة الشخصية فإن طهارة البدن شرط لدخول الإسلام والنظافة شرط لأداء أهم أركانه وهي الصلاة. ونظرا لأهمية صحة الأسنان وانعكاساتها على أجهزة الجسم المختلفة جعل العناية بها تكاد تكون ملزمة كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك قبل كل صلاة» وكثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تناولت صحة الغذاء والأواني والطعام.
9- وفي مجال السلامة والوقاية من الحوادث: وضع الإسلام القاعدة الأساسية لهذا العلم الذي لم يتبلور إلا في أواخر القرن العشرين: فلكل حادثه سبب ولتجنب الحوادث يجب على المسلم إزالة أسبابها وقاية لنفسه. وفي القرآن الكريم ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ ﴿ولا تقتلوا أنفسكم أن الله كان بكم رحيما﴾ وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون» وحديثه عن أبي ذر « ارشادك لرجل في أرض الضلال صدقة وأماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة».
10- وفي الطب العلاجي أمر الإسلام بالتداوي أمر صريحا وحازما فالمسلم ليس قدريا يهمل العلاج ويترك نفسه للأقدار بل لابد من العلاج الذي جعله الله سببا للشفاء.. وعندما سأل رجل الرسول عن دواء يتداوى به هل يرد من قدر الله شيئا فقال الرسول «هي من قدر الله» وحديث الرسول المعروف عن العلاج «يا عباد الله تداووا، أن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه في علمه وجهله في جهله» وفي حديث آخر «فإذا أصاب الدواء الداء برئ بإذن الله».
هذه التعليمات الواضحة غيرت مفاهيم البشرية نحو المرض والعلاج ووضعت حدا للخرافات الشائعة عن أسباب الأمراض ووسائل علاجها، ووضعت الناس على الطريق الصحيح ليبحثوا في الداء والدواء ليعلم من لم يكن يعلم.
خامسا: الإسلام وآداب ممارسة مهنة الطب:
1- لا يجوز فصل آداب المهنة في الأخلاقيات العامة التي يجب أن يتصف بها كل مسلم في سلوكه فالإسلام يهدف إلى تكوين الذات الإسلامية منذ الطفولة بحيث يمتزج الخلق الإسلامي مع تكوين الفرد وطباعة. ومن واجب الأسرة والمدرسة والدولة أن يوفروا البيئة الصالحة التي لا يشيع فيها المنكر ويكون المثل الأعلى فيها قول الله تعالى ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾ وبذلك ينشأ الجيل منسجما مع فطرته النقية بسهولة تناقضات ويجد طريق الخير أمامه سهلا وبذلك يتحقق قول الله تعالى ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما التناهم في عملهم من شيء كل امرء بما كسب رهين﴾ والطبيب المسلم الذي يحمل أمانة الإسلام أولا وأمانة المحافظة على صحة المسلمين ودفع الضرر عنهم ثانيا أولى الناس بأن تكون تربيته إسلامية وسلوكه محمديا وعندما سئلت عائشة صلى الله عليه وسلمرضي الله عنها) زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم عن أخلاقه قالت صلى الله عليه وسلمكان خلقه القرآن) وبذلك يكون الالتزام بخلق الإسلام جزءا من طبع الطبيب يمارسه بلا تكلف في جهره وعلانيته. صلى الله عليه وسلمونذكر قصة المعلم الذي قال لتلميذه الصغير أذبح هذا الطائر في مكان لا يراك فيه أحد، فغاب الغلام ثم عاد ومعه الطائر حيا وقال لأستاذه لم أجد المكان الذي أكون فيه وحيدا تماما لأني كلما اختبأت في مكان شعرت أن الله معي). والطبيب المسلم الذي يشعر أن تعامله مع الله وأن عليه رقابة دائمة صلى الله عليه وسلمعن اليمين وعن الشمال قعيد) لابد أن يتقي ا لله في التعامل مع خلق الله. إذا تذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا» فإن نظرته إلى الكائنات الحية كلها ستكون نظرة رحمة فأولى به أن يكون رحيما مع الإنسان – أفضل مخلوقات الله – الذي كرمه الله وجعله خليفة في الأرض.
لقد جرت العادة منذ عهد ابقراط أن يبدأ الطبيب حياته المهنية بترديد قسم يلتزم بآدابه في ممارسة الطب.
أن قضية السلوك المهني لا تحل بقسم ولا تستوفى بدراسة مقرر علمي في آداب ممارسة الطب ولا تحكمها قواعد قانونية تقررها نقابة طبية أو دستور وضعي. أن الرعاية بالمريض تحمل التزامات أخلاقية. والطبيب في ممارسته اليومية ستواجهه كثير من المواقف تستلزم استفتاء الضمير. وهنا ستتأثر قراراته بمدى التزامه تجاه ربه، وهنا ينبعث حكمه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «استفت قلبك وأن افتاك الناس وأفتوك» أن مفهوم الواجب في الإسلام هو أن تعمل، لا يقصد به الناس بل يقصد به وجه الله «إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين».
2- هذه القاعدة الأساسية تندرج تحتها كل الفضائل والأخلاقيات التي أوصى بها القرآن والرسول الكريم ومنها:-
أ- الصبر صلى الله عليه وسلمواصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين).
ب- الإحسان في العمل صلى الله عليه وسلمواحسنوا أن الله يحب المحسنين) صلى الله عليه وسلمإن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).
ج- السمت الصالح صلى الله عليه وسلمإن الهدى الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة).
د- الكلام الطيب صلى الله عليه وسلمالكلمة الطيبة صدقة).
ه- الابتسام صلى الله عليه وسلمتبسمك في وجه أخيك له صدقة).
و- الحياء صلى الله عليه وسلمأن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء).
ز- الرحمة صلى الله عليه وسلمارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء).
ح- الرفق صلى الله عليه وسلملا يحل لمسلم أن يروع مسلما).
ط- التواضع صلى الله عليه وسلممن أحب أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار).
ي- الصحبة الطيبة صلى الله عليه وسلملا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي).
3- ولكن هناك بعض جوانب أخلاقية معينة تمس عمل الطبيب أكثر من غ يره ويلزمه أن يتذكر دائم حكم الإسلام فيها. ومن ذلك جوانب علاقته بالمريض كما يلي:
أ- غض البصر: يقول القرآن ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم﴾ فلا يجوز أن يكون الترخيص بالإطلاع على عورات الناس عند الضرورة مبيررا للتخلي على الحياء الواجب على كل مسلم. وعلى الطبيب ألا يطلع إلى على ما هو ضروري. وإن شعور المريض بحياء الطبيب في هذا الموقف يعطيه ثقة أكثر في طبيبه.
ب- لا يجوز إخبار المريض بخطورة مرضه ولو كان ميئوسا في شفائه إن حالة المرض من الحالات القليلة التي رخص فيها الإسلام بإخفاء الحقيقة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في أجله فإن ذلك لا يرد شيئا ويطيب نفسه».
ج- وتطبيقا للقاعدة الشرعية صلى الله عليه وسلملا ضرر ولا ضرار) فإن الطبيب عليه أن يخطر المريض المصاب بمرض معد ويدعوه إلا الاعتكاف لمنع الضرر عن المسلمين وهناك فرق بين أن يفقد المريض الأمل في الشفاء وأن يعرف أنه مصدر ضرر للآخرين فيبتعد عنهم. إذا تعارضت مصلحة المجتمع مع مشاعر الفرد تفضل مصلحة المجتمع فعندما علم رسول الله أن مريضا بالجذام قادم إليه ليبايعه مع المسلمين أرسل إليه ليرجع قائلا صلى الله عليه وسلمإرجع فقد بايعناك).
د- والطبيب في مهنته معرض للإطلاع على أسرار المريض فيجب أن يتخلق بخلق الإسلام في هذا المجال صلى الله عليه وسلممن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة).
ه- وإذا استشارة المريض فيلتزم بالأمانة في إبداء المشورة وليحافظ على ما استشير فيه فالرسول يقول صلى الله عليه وسلمالمستشار مؤتمن).
و- فحصن الطبيب للمريضة يجب أن تحضره ممرضة أو أحد محارم المريضة تطبيقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم».
4- وهناك جانب آخر من سلوك الطبيب يمكن أن نسميه أسلاميات ممارسة المهنة ما يلي:-
أ- بدء الفحص أو العلاج بذكر اسم الله فإن ذلك له عدة اعتبارات:
– ادعى للتوفيق في العمل فالرسول يقول صلى الله عليه وسلمكل عمل لم يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر).
– استشعار دوره كسبب لنفاذ إرادة الله في العلاج وهذا هو موقف العبودية لله.
– توجيه عمله حتى يثاب عليه.
– منح المريض دفعة روحية وهو في موقف حساس ﴿وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين﴾.
ب- قد يشهد وفاة المريض وبصفته مسلما قبل أن يكون طبيبا فعليه أن يلقنه الشهادتين كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله».
ج- تجنب ما حرم الله في العلاج تنفيذا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «ما جعل الله شفاء أمتي فيما حرم عليهم».
د- تجنب الممارسات المحرمة كالإجهاض والوشم فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم «لعن الله الواشمات والمتوشمات والواشرات والمستوشرات».
ه- ألا يقدم على ممارسة إلا إذا كان مطمئنا إلى كافيته لتنفيذها فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول «لا حكيم إلا ذو تجربة» ويقول «أن الله كتب الإحسان على كل شيء».
ويحترم التخصص المهني تنفيذا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «من تطيب ولم يعلم عنه طب فهو ضامن».
و- أن يحافظ على كفاءته العلمية بالتعليم المستمر فإن مهنته تتعداه إلى غير وعلمه من النوع التطبيقي والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها ينشدها».
ز- أن يتعامل مع زملائه الأطباء على أسس من تعاليم الإسلام فيتجنب الغيبة والتجريح وليحترم الكبير «أنزلوا الناس منازلهم» ولا يتعالى على الصغير «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا» ويقدم النصح لمن يحتاجه «الدين نصيحة» وأن يسعى لتعليم زملائه الأقل خبرة «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» «يأتيكم رجال من قبل الشرق يتعلمون فإذا جاءوكم فاستوصوا بهم خيرا».
ح- أن يفيد بعلمه كل مريض يمكنه مساعدته فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول «أللهم أني أعوذ بك من علم لا ينفع» ويقول «من كتم علما يحسنه لجمه الله بلجام من نار يوم القيامة».
ط- أن يذيع ما يكتشفه من جديد في العلاج تعميما للفائدة ولا يحتكر طريقه في العلاج بقصد الكسب منها فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول «لا يحتكر إلا خاطئ».
ي- وأن يراعى حرمة الميت كما يراعى حرمة الحي فالرسول يخاطب الكعبة قائلا «لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك» ويقول عن حرمة الميت «كسر عظم الميت ككسر عظم الحي في الإثم».
إن آفاق التعاليم الإسلامية تتسع لكل ممارسة طيبة يقصد بها الخير للإنسان وحتى في المواضع التي لم يرد فيها نص صريح فإن التشبع بروح الإسلام يعطي الطبيب المسلم إمكانية التصرف طبقا للمصالح المرسلة التي يراها نافعة للبشرية.
وهذا يزيد من حاجة المجتمع المسلم لأن يكون الأطباء أقرب إلى الله وأكثر التزاما بما أنزل الله وجاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.