الإسلام يتحدى

يشتمل الكتاب^([i]). الذي يقع في 287 صفحة على أبواب تسح بالإضافة إلى تمهيد وفهرس وتقديم للمراجع، وفيما يلي عرض موجز لما ورد في كل من هذه الأبواب:

الباب الأول : قضية معارضي في الدين :

بدأ المؤلف هذا الباب بجملة مقتطفة عن جوليان هكسلي أحد الذين حملوا لواء الألحاد في هذا العصر، وانتقل بعد ذلك إلى تقديم تطور الفكر الإنساني كما أورده أوجست كنت ثم عرج إلى تلخيص الحجج التي يستند اليها معارضو الدين وأولها ما هو مستمد من بعض المشاهدات في مجال العلوم البحته، وأساسه الظن الحامليء الذي أشاعه بعض الكتاب بعد اكتشاف عدد من قوانين الطبيعة فتنادوا بانه “إذا كانت الحوادث تصدر عن قوانين الطبيعية فلا ينبغي أن ننسبها إلى أسباب فوق الطبيعة.

وثانيها مستمده من بعض الاستنتاجات في مجال العلوم النفسية والتي بنيت على شعار باطل مؤداه ” أن الدين نتاج اللاشعور الإنساني، وليس انكشافة الواقع خارجي.

وثالثها معديد من بر التاريخ حيث زادى معارضو الدين بنطة وإن الدين نتيجة أتعامل ما بين الإنسان وبيئته، وأن القضايا الدينية ما وجادت ال لأسباب تاريخية أحاطت بالإنسان، وأن كل القيم الأخلاقية هي في تحليلها الأخير من صنع الظروف الاقتصادية”.

وقد جاء عرض هذه القضايا بصورة موضوعية متجردة، وفي محاولة لطرح القضية على بساط من الحيدة وهنا أود أن أقول أنه ربما كان من الأفضل لو استهل الكاتب هذا الباب بأستعراض تاريخي موجز لقضية الدين عبر التاريخ بدلاً من بدئه من نقطة المعارضين مباشرة، فالأيمان سابق على الكفر وهو فطري في النفوس، أما المروق والكفر والألحاد فهي حالات مرضية عارضة في تاريخ الإنسانية مردها الهوى والاستهتار والرغبة في الخروج على كل ما ينظم حياة البشر، ومن أسبابها الرئيسية موقف الكنيسة في العالم الغربي بصفة خاصة من رجال العلم في القرون الوسطى وحتي مطلع القرن العشرين، مما أوجد عداء تقليدياً بين كثير من المفكرين والمشتغلين بالعلوم وبين الدين.

الباب الثاني : نقد قضية المعارضين :

وهنا يرد المؤلف على الحجج التي أوردها في الباب الأول فيذكر في رده على المعارضين الذين ينطلقون من زاوية العلوم البحتة بأن الطبيعة حقيقة من حقائق الكون وليست تفسيراً له بينما الدين يبين لنا الأسباب والدوافع الحقيقية التي تدور وراء الكون وعلى ذلك فان اكتشافات العلوم لا تتوصل إلا لبعض صور الهيكل الظاهري للكون ولا تستطيع أن تنفذ إلى ما وراء ذلك، وأن العلم لا يكشف لنا كيف صارت وقائع الكون قوانينا ؟ ولا كيف قامت هذه الوقائع بين الأرض والسماء على هذه الصورة المفيدة المدهشة حتى أن العلماء استطاعوا أن يستنبطوا منها قوانينهم العلمية ؟ والحقيقة أن ادعاء الإنسان بعد كشفه لبعض قوانين الطبيعة انه قد اكتشف سر الكون ليس سوى خدعة لنفسه فان الطبيعة لا تفسر شيئاً من الكون وانما هي نفسها بحاجة إلى تفسير، وفي ذلك يقول الأستاذ هاريس في نقد نظرية النشوء والارتقاء “ان الاستدلال بقانون الانتخاب الطبيعي يفسر عملية بقاء الأصلح ولكنه لا يستطيع أن يفسر حدوث هذا الأصلح”.

ثم ناقش حجج المعارضين الذين ينطلقون من زاوية العلوم النفسية وادعاءهم دون استدلال واضح على “أن الاله والآخرة قياس للشخصية الإنسانية وأمانيها على مستوى الكون”، وأردف أن من معايب الفكر الحديث أنه يستنبط من حادث عادي دليلاً غير عادي وان اللاشعور الإنساني في أصله فراغ، لا شيء فيه قبل مولد الإنسان، وانما يستقر فيه عن طريق الشعور ما يشغله الآن لأن اللاشعور ليس سوى مخزن للمعلومات والمشاهدات التي جمعها الإنسان أو شاهدها خلال حياته، وعلى ذلك فمن المستحيل أن يختزن حقائق لم يعملها من قبل، والذي يثير الدهشة أن الدين الذي جاء على السنة الأنبياء يشتمل على

حقائق أبدية لم يشاهدها أحد من الناس، فلو كان اللاشعور هو محزن هذه المعلومات فمن اين يأتي بها هؤلاء الذين يتكلمون عن أشياء لا سبيل لهم إلى العلم بها إلا بوحي من السماء، ويضيف أن الدين الذي جاء به الأنبياء يتصل من ناحية أو أخرى بجميع العلوم المعاصرة في عرض صادق لم يستطع أحد أن يدل على باطل جاء فيه، بينما كل حديث في التاريخ الإنساني مصدره الشعور فضلاً عن اللاشعور لا يخلو من الاغلاط والأدلة الباطلة ولقد مرت قرون أثر قرون أبطل فيها الأخرون ما ادى الأولون وما زال صدق كلام النبوة باقية على الزمن.

ورداً على المعارضين الذين ينطلقون من زاوية التاريخ يذكر المؤلف أن خطأ هؤلاء الرئيسي أنهم لا يدرسون الدين من وجه صحيح لأنهم يتناولونه على انه مشكلة مو ضو عنية بينما الدين على على حقيقة يقبلها المجتمع كاملة أو ناقصة أو يرفضها ويبقى الدين في جميع هذه الأحوال حقيقة واحدة في ذاتها.

وناقش المؤلف تباين افكار الباحثين الاجتماعيين بين فكرة تعدد الألهة إلى فكرة دين الإله الواحد إلى فكرة الدين بغير الاله واد تا مردم ان فكرة الأره شكل ارتقائي لفكرة تعدد الألة ويبين أن هذا خلط واضح حيث أن الوحدانية أقدم بكثير من فكرة الشرك، وتعرض بعد ذلك أفكر ماركس وتهجمه غير نتمي على الدين ونفيه إرادة الأقران وإحالته الأحداث كلها إلى تأثير عواملي الزمن الاقتصادية ورد المؤلف على ذلك أن حقيقة الدين وسفسطة المعارضين تتجلى بوضوح حين نطالع صورة الحياة الإنسانية في ضوء الدين ونطالمها في الصورة التي يرسمها لها المعارضون لفكرة الدين، فصورة الحياة الإنسانية في ضوء الدين صورة جميلة لطيفة، تتوافق مع افكار الإنسان السامية كما يتوافق الكون المادي مع القوانين الرياضية بعكس الصورة التي يرسمها معارضوا الدين، فالكون في ضوء الفكر الادي يكاد ينقد أهداف كلها ولايتي شير الظلام اسالك الأي تتلاشى فيه معايير الخير والشر أما الفكر الديني فهو فكر الخير والأملي، الموت والحياة فيه مرتيطان بأهداف معينة، وكل القيم والأفكار الإنسانية السابقة تجد لها مكان فيه، واذ كان بعض العلماء يطمئن إلى أنه قدم توصل إلى الحقيقة بمجرد تصديق القوانين الرياضية لأفكاره، فان تصاديق العقل الإنساني الدين أدليل قطعي على أنه الحقيقة التي طالما بحثت عنها الفطرة الإنسانية، وعندئنه لا نجد أساسا واقعية لانكار قيمة الفكر الديني، إلا أنه يبدو كما يقول سير جيمس جينز أن في عقول المعارضين تعصباً يرجح التفسير المادي للحقائق وضرب المؤلف أمثلة عديدة على ذلك منها قول سير آرثر كيث “أن  نظرية النشوء والارتقاء غير ثابتة علمية، ولا سبيل إلى اثباتها بالبرهان، ونحن لا نؤمن بها إلا لان الخيار الوحيد بعد ذلك هو الايمان بالخلق الخاص مباشرة، وهذا ما لا يمكن حتى مجرد التفكير فيه ” وفي الرد على ذلك التعصب الأعمى يقول العالم الأمريكي جورج بلونت “آن كون العقيدة الإلهية معقولة، وكون انكار الاله سفسطة لا يكفي ليختار الإنسان جانب العقيدة الالهية، فالناس يظنون ان الايمان بالله سوف يقضي على حريتهم، تلك الحرية العقلية التي استعبدت عقول العلماء واستهوت قلوبهم، وعلى ذلك فان أية فكرة عن تحديد هذه الحرية مثيرة للوحشة عندهم”.

ولم يخل هذا الباب من بعض الأخطاء وأهمها :

• لا يوجد شيء اسمه حقيقة الطبيعة (ص 41 السطر السادس) لأن الحقيقة لا يعلمها إلا الله أما مشاهدات الناس فهي مجرد محاولة للتفسير تم ان لفظة الطبيعة ليست ترجمة دقيقة لكلمة nature بالانجليزية فمرادفها الحقيقي هي كلمة الفطرة.
• أن الدليل الذي ذكر في (ص 41 السطر السابع) باسم البيولوجيا هو قانون ينطلق من العلوم البحتة بصفة عامة وليس باسم البيولوجيا كما أن المثل الذي أورده في صفحة 48، 49 على لسان برستد لا محل له في مجال المناقشة خاصة وان المؤلف لم يورد ردا على افتراءات برستد وان هناك كثير من الردود العلمية في هذا المجال سبق بها القرآن كل الاكتشافات الحديثة وما كان أجدر المؤلف أن يورد في هذا المقام بعضا منها بدلاً من استدلاله بافتراءات برستد.

كما كان من الأفضل أن يوضح بجلاء موقف الفكر العلمي الحديث من الدين ورد ذلك الموقف إلى الاضطهاد الذي لقيه العلم والعلماء في اوروبا ابان القرون الوسطى والى حب الناس أحيانا في اتباع أهوائهم مما يجعلهم يحاولون التخلص من أي قواعد تضبط تصرفاتهم وتنظمها وهم لا يستشعرون أن في ذلك هلاكاً لهم.

الباب الثالث : طريقة الاستدلال العلمي :

استعرض المؤلف طريقة الاستدلال العلمي ولخصها بمحاولة التعرف على الحقيقة بالتجربة والمشاهدة والاستنتاج بينما تتصل عقائد الدين بعالم ما وراء حواسنا ولا يمكن اخضاعها للتجربة ثم استطرد إلى تعريف التجربة والقياس وأن هنالك من الحقائق ما هو محسوس مدر ولك ومنها ما هو مستنبط غير مدرو وان حقائق الكون لا تدرك الحيواس منها غير القليل والكثير منها مستنبط على طريق التحليل وهذا المنهج صحيح لأن الكون نقمه عقلي فالكون كله مرتبط بعضه ببعض، حقائق متطابقة ونظامه عجيب ولذا فان أية دراسة الكون لا تسخر من ترابط حقائقه وتوازنا هي دراسية باطلة وأستشهد بذاك بتحبير انار ان القول بأننا عرفنا الحقيقة يحي ازنا عرفنا معناها، وبعبارة أخرى اننا بحثنا عن وجود شيء ما وعن أحواله ففسرناه وأكثر معارفنا الحامية تدخل في هذا النطاق فهي في الحقيقية تفسيرات العاملة ويستطرد في تميل معناها نا كر ملاحظة فاننا نقصاه شيئة أكثر من الشاملة الحسية الحضة فمعناها الملاحظة اسبية والتعرف بما يشملي جانب التفسير”.

ثم انتقل بعد ذلك إلى مناقشة مشكلة تعيين حقائق الأمور وفي ذلك يتحول بأن الدين والعلم كلاهما يحتمله على الإيمان بالغيب، غير أن دائرة الدين تتعلق بتحسين حقائق الأمور نهائية وأصلية أما العلم فيقتصر بحثه على الظاهر الأولية والخارجية واستشهد في ذلك بتول سير آرثر اشنتن ” وهكذا نجد لكل شيء مورد ذات وجوين اجا شما ملحوظه والاخت صورة فكرية لا سبيل إلى مشاهدتها بأي مكرسكوب أو تلسكوب ” والو ستاد الأولي مشاهده العلم منير أنه لا يستطيع أن يدعي انه يشاهد الوجه الآخر، وعندما يجتمع إلى عالم من العلماء قدر مناسبة من الحقائق الملحوظة فانه يتس بضرورة وضع نظرية أو فرض علمي وأي فكرة اعتيادية وجدانية وتقوم بتفسير الملاحظات وربط النتائج بعضها ببعض فإذا نجحت هذه الفكرة في تفسير المشاهدات تفسيراً كاملاً علمته حقيقية علمية برغم أنها لم تلاحظ قط كما لوحظت غيرها من الحقائق بالمشاهدة ومعنى ذلك أن العالم التجريبي يؤمن بوجود شيء غائب بمجرد ظهور نتائجه وآثاره وهذا ما نسميه الايمان بالغيب وبمعنى آخر فان النظريات العلمية ما هي إلا صور ذهنية لتفسير القوانين المعلومة هذا بالإضافة إلى أن المشاهدة الإنسانية لا يمكن أن توصفه بالكمال وبالتالي فان جميع الاستنتاجات العلمية يمكن ان تتغير وتتطور الملاحظة وهنا يقال بأن النظريات العلمية الصحيحة ما هي إلا فروض عملية ناجعة وعلى ذلك فان تفسير الدين للطبيعة هو عين الحق وهو تفسير لم يتغير ولن يتغير على مر الدثور على حين انه ما من نظرية صاغها الإنسان إلا وطورت أو غيرت أو رفضت، وان صادق الدين ليتجلى بعد كل خطوة يخطوها العالم في الماحظة حتى ليصبح كل كشف علمي جديد تصديقاً حقائق الدين.

ومن الأخطاء الواردة في هذا الباب إطلاق كلمة حقيقة على التجربة والقياس (ص 61 السطر 7) (وصفحة 70 السطر 3و71 السطر 5) ويا حبذا لو حلت كلمة الظواهر محل الحقائق في الصفحتين الأخيرتين كما أن عرض نظرية التطور العضوي في الصفحات 66-68 قد تم بصورة غير متكاملة، وأن الموضوع كبير إلا أنه كان من الممكن تلخيصه بصورة أفضل.

 

الباب الرابع : “الطبيعة تشهد بوجود الله” :

حاول المؤلف إثبات أن الكشوف العلمية المؤكدة هي في ذاتها تصديق لحقائق الدين، وفي ذلك بدأ باستعراض نظرية التشكيك في الوجود وانتهي بأن هذه الفكرة بكل ما تتضمن من الجهالة وانعدام الواقعية فكرة لا معنى لها في ذاتها ولم تحظ بقبول في دنيا العلم، ثم انتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الوجود وانطلق فذكر ان الإنسان يؤمن بأن له وجوداً وبأن للكون أيضاً وجود وعلى هذا الأساس تقوم جميع ألوان النشاط العلمي والحيوي وأردف بانه إذا آمنا بوجود الكون فلا بد أن نؤمن بخالق هذا الكون اذ لا معنى أن نؤمن بالمخلوق ونرفض وجود الخالق فكل شيء عظم أو صغر وراءه علة فكيف يمكن ان يجيء كون عظيم مثل كوننا ذاتياً دون خالق ؟ وعرج من ذلك على موضوع ازلية الخالق سبحانه وتعالى وعدم ازلية المادة، وفي التدليل على حدوث المادة استشهد بقوانين الديناميكا الحرارية خاصة قانون الطاقة المتاحة والذي يثبت إنه لا يمكن ان يكون وجود الكون از ليا حيث أن الحرارة تنتقل دائما من وجود حراري إلى وجود غير حراري والعكس غير ممكن وبالتالي فلا بد أن سيأتي وقت تتساوى فيه حرارة جميع الموجودات فلا تبقى أي طاقة كافية للحياة فتنتهي العمليات الكيماوية والطبيعية وبانتهائها تنتهي الحياة وبهذا فقد ثبت أن لهذا الكون نهاية وكل ما له نهاية لا بد وان له بداية وان له خالق عظيمة فكل ما له بداية لا يمكن أن يبتدي بذاته بل لا بد له من المحرك الأول الخالق الباريء المصور.

ثم عرج المؤلف بعد ذلك على الكشوف الفلكية وتحدث عن اتساع الكون وعظمته ثم على المجموعة الشمسية التي تنتمي اليها أرضنا وشمنا وقمرنا ومكوناتها وتحدث عن تعقد الكون ودقة نظامه وانضباط حركته مما يؤكد بأن هناك قوة مبدعة تهيمن على ذلك النظام العظيم.

وانتقل المؤلف بعد ذلك إلى الحديث عن بعض الأنظمة المعقدة في الكون فأشار إلى أن الذرة وهي وحدة بناء المادة مبنية على نفس نظام المجموعة الشمسية وان هذا النظام يستحيل قيامه بنفسه، وهو في ذاته دليل واضح على وجود منظم قائم على هذا الكون، وكذلك الجهاز العصبي في الإنسان فانه غاية في الاعجاز وعلى سبيل المثال فان بلسان الإنسان ثلاثة الاف من شعيرات التذوق لكل منها شعيرة عصبية خاصة متصلة بالمخ كما توجد في الإذن عشرة الاف

خلية سمعية وفي كل عين مئة وثلاثون مليون من الخلايا الملتقطة للضوء وبالخلد ثلاثون الغة من الخلايا الملتقطة للحرارة وربع مليون من الخلايا الملتقطة للبرودة وثلاثة ملايين من الغدد العرقية، كذلك فان الجهاز العصبي في جسم الإنسان ينقسم إلى عدة فروع منها المتحرك ذاتية ومنها ما هو غير ذلك والنوع الأول يسيطر على الأعمال التي تحدث ذاتية في جسم الإنسان كعملية الهضم والتنفس ونبضات القلب وغيرها ويندرج تحت هذا النوع نظامان احدهما موجد للحركة والاخر مانع لها وهذان النوعان يباشران عمليهما في دقة فائقة فالنظام الأول يتغلب عند زيادة النشاط واحتياج القاب إلى قوة مسعفة فتزيد سرعة عمليات القلب والرئة، بينما يسود النظام الثاني عند النوم حين تهدأ جميع المحركات الجسدية ولو تغلب النظام الأول في وقت ما لازدادت حركة القلب زيادة يترتب عليها موت صاحبه ولو سيطر النظام الثاني لتوقفت حركة القلب توقفا تأمة، فمن الذي أحكم صنع ذلك…؟؟

وانتقل بعد ذلك إلى الحديث عن كون الاختراعات العلمية في مجموعها هي محاكات لنماذج حية في الطبيعة وضرب أمثلة كثيرة منها تشابه آلة التصوير بعين الإنسان وأجهزة الرادار وغيرها من أجهزة التقاط الذبذبات التحت صوتية بما يملكه كثير من الكائنات الحية وفي ذلك يقول المؤلف إذا كانت أجهزة التصوير وغيرها لا يمكن وجودها بغير عقل إنساني فمن المستحيل أن نتصور أن نظام الكون الذي هو أكثر تعقيدة من أي نظام آخر – قد قام بنفسه بغير عقل وراءه بل لابد له من خالق عظيم هو الله.

ثم انتقل المؤلف إلى الحديث عن أن الكون متوازن ومتناسب إلى حد لا يمكن تصوره وعلى سبيل المثال فان الحياة على كوكبنا الأرض تحتاج إلى ظروف خاصة من المستحيل رياضية اجتماعها بنسبها المحددة – بمحض الصدفة وهذا وحده يؤكد أن هناك عقلاً عظيماً وراء هذا الكون هو الذي أوجده وهو الذي يرعاه فحجم الكرة الأرضية اختير بحكمة بالغة ولو أن هذا الحجم نقص أو زاد عن حجمه الحال لاستحالت الحياة فوق الأرض كما أن مجرد وجودنا على سطح الأرض وهي تدور بسرعتها الهائلة معجز في حد ذاته حيث لا يمسكنا إليها إلا جاذبيتها وضغط الهواء عليها ولولا هاتين القوتين لما أمكن تواجد اي مخلوق على سطح الأرض، ثم أن وضع الأرض من الشمس ومن الكون ومدة دورانها حول محورها وميل محورها وتكون غلافها الغازي والمائي وسمك قشرتها وأعماق بحارها وسمك غلافها الغازي وتركيبه المحدد كل ذلك مصمم بحكمة بالغة وتدبير محكم، فلولا الغلافين المائي والغازي لما أمكن أن تتواجد حياة على الأرض ولو كان سمك قشرة الأرض أكثر قليلاً من سمكها الحالي لما وجد الأكسجين في غلافها الجوي وبدونه تستحيل الحياة، ولو كانت البحار أعمق قليلاً لانجذب ثاني أكسيد الكربون والأكسجين إلى تلك الأعماق وانعدمت الحياة على الأرض، ولو قل سمك الغلاف الغازي لاحرقتنا النيازك التي تقذف الأرض بأعداد هائلة سنويا بسرعات هائلة ولا أمكن حماية الحياة على الأرض من الأشعة الكونية ولا امكن الاحتفاظ للأرض بمتوسط حرارتها الثابت، كذلك فإن تركيب الغلاف الغازي معجز في حد ذاته فلو قلت نسبة الأكسجين مثلا قليلاً لما أمكنت الحياة، ولو زادت قليلاً لكان بإمكان عود ثقاب ان يشعل الكرة الأرضية، واستشهد المؤلف أيضاً بقلة كثافة الثلج من كثافة الماء مما يحفظ البحار والأنهار من التجميد الكامل في فصل الشتاء وبالتالي يبقى على الحياة المائية تحت الجليد، وتحدث أيضاً عن الاتزان الدقيق بين مجموعات الحياة الحيوانية والنباتية.

واستخلص أن هذا كله يشير إلى ما أسماه بقانون الضبط والتوازن وفي ذلك يستشهد بقول أحد علماء الطبيعة أن الأمر لم لا يملك أي تفسير للحقائق والقول بأنها حدثت بالصدفة انما يعتبر تحدياً وانكاراً للحسابات الرياضية”.

وتحدث الكاتب عن السنن الرياضية الحكمة في الكون وأضاف أنه لو لم يكن هذا النظام والضبط في المادة وعمليات الطاقة لما وجد الإنسان أسساً يقيم عليها كشوفه ومنجزاته العلمية وأمكن التنبؤ بحادث من الأحداث وبنتيجة من النتائج لأن الأساس في التميز العلمي هو النظام الدقيق والأضطراد في العمليات المحددة واستشهد في ذلك بالجدول الدوري العناصر وقال ان الترتيب المحكم لصفات العناصر المختلفة في ذلك الحلول لا يمكن أن يوصف بالصدفة وإنما هو قانون محكم، احكمة الذي خلق العناصر ووهبها هذه الدورية في الصفات وأضاف بأن عام ايمان العلم الحديث بالإله هو في الواقع انكار الكشوف العلمية والنظام في الكون غاية في الدقة والإحكام من الذرة إلى قطرة الماء إلى الكواكب والنجوم والمجرات في أجواز الفضاء، نظام نستنبط على أسامه قوانينها العلمية التي نستخدمها في تسخير الطبيعة وعمران الأرض.

تم انتقال المؤلف إلى الحديث عن أن معارضي الدين يسلمون بالنظام العجيب والحكمة غير العادية في هذا الكون ولكنهم يفسرونها بأنها جاءت نتيجة الصدفة المحضة إلا أن علوم الرياضيات تؤكد أن عمر الكون وحجمه كما حماده هما لنا العلم الحديثه غير كافيين في أي حال من الأحوال لتسوية ايجاد هذا الكون عن طريق الصافة وشهر به مثال على ذلك بالحزيء البروتيني الذي تتكون منه كل الخلايا الحية وهو مركب كيميائي من خدمة عناصر هي الكربون والهيدروجين والأكسجين والكبريت، يشمل التوزيع البروتيني الواحاله أربعين ألن من ذرات هذه العناصر ولما كان في الكون أكثر من مئة عنصر كيماوي فهل يمكن أن تجتمع هذه العناصر الخمسة بنسبها المحددة لتكون الزيء البروتيني بمحض الصلة ؟

لقد حسب الرياضي السويسري تشاراز يوجين جواي ان إمكانية تكون الجزي البروتيني عن طريق الصدفة يتطلب مادة مقدارها بليون ضعف المادة الموجودة الان في سائر الكون حتى يمكن تحريكها وضخها، وان المدة اللازمة أن تبلغ أكثر من 10 ²⁴³ سنة وهي تبلغ ملايين المرات ضد عمر الأرض الحالي.

ثم أضاف بأن جزيء البروتين يتكون من سلاسل طويلة من الأحماض الأمنية يمكن تجميعها فيما يقرب من 10 148 صورة، وأخطر ما في العملية هو الطريقة التي تتحاد بها هذه السلاسل بعضها مع بعض فانها لو اجتمعت في صورة غير صحيحة لأصبحت سما قاتلا” بدلاً من ان تصبح مادة حية، وأنه من المستحيل تماما أن تجتمع هذه السلاسل بمحض الصدفة في صورة مخصوصة من هذه الصور التي لا حصر لها، ثم يضيف ان الجزيء البروتيني ذو وجود كيماوي لا يتمتع بالحياة إلا عندما يصبح جزءا من الخلية فهنا تبدأ الحياة، وهذا الواقع يطرح السؤال التالي : من اين تأتي الحرارة اللازمة لاندماج الجزيء البروتيني بالحلية ؟ ولا يوجد لدى العلم التجريبي في الوقت الحاضر اجابة على هذا السؤال، وفي جسد كل فرد منا ما يربو على مئات الملايين من هذه الخلايا، فاين المادة والوقت اللازمين لتكوين كل هذه الخلايا ومادة الكون محدودة وعمره أيضاً محدود ؟.

ومن ذلك يتضح أن المادة العادية غير ذات الروح تحتاج إلى عمر مضاعف إلى بلايين المرات من السنين وكتلة مادية مضاعفة إلى بلايين الأضعاف حتى يتسنى مجرد إمكان حدوث جزيء بروتيني واحد بمحض الصدفة، فكيف إذن وجدت هذه البلايين التي لا تكاد تحصى من صور الحياة والتي ينظمها أكثر من مليون نوع من أنواع الحيوانات وأكثر من ربع مليون نوع من أنواع النباتات ؟، ثم كيف جاء من خلال هذه الأنواع الحيوانية ذلك المخلوق الأعلى المسمى بالإنسان كما تفتر في نظرية النشوء والارتقاء على أساس من تغيرات تيم الصافية المضرة ؟ أن الرياضي (باتو) قل حسب ان اكتمال تغير جديد في جنس ما قد يستغرق مليوناً من الأجيال وفي ذلك يقول العالم الأمريكي مارلين ب كر ايلر “ان الإمكان الرياضي في توفير العلل اللازمة لخلق عن طريق الصدفة في نسبها الصحيحة هو ما يقرب من لا شي”.

وهذا الباب يعتبر من أروع ما ورد في الكتاب إلا أن بعض الأخطاء قد وردت به ويمكن ايجازها فيما يلي :

• في ص ۷5 السطو ۱۱ يذكر المؤلف “ونحن لا نعلم شيئاً جاء إلى الوجود من العدم دون أن يخلق” وكلمة من العدم هنا لا معني لها فالله سبحانه وتعالى قد أوجد الوجود من العلم والا فكيف كانت له بداية ؟
• ف ص76 سطر 13 ، 14 يذكر المؤلف “فان عدم كفاءة عمل الكون يزداد يوماً بعد يوم” وهذا تعبير خاطئ تماماً فان الكون في كل لحظة من لحظات وجوده يعمل بكفاءة بالغة والا لما أمكنه أن يستمر في تواجده.
• في ص 78 السطر الثاني يذكر المؤلف “وأن كل مجاميع النجوم والأجرام والأجسام الفلكية تتباعد بسرعة مدهشة بعضها عن بعض” والحقيقة أن الذي يتباعد هو المجرات بينما يبقى حجم المجرات ثابتاً وعلى ذلك فوضع الأجرام والأجسام الفلكية في داخل كل مجرة ثابت.
• ص ۷۸ السطر الخامس والسادس يذكر المؤلف “ويقدر العلماء أن هذا الكون قد وجد نتيجة لانفجار فوق العادة وقع منذ 5,000,000,000,000 سنة”، والحقيقة أن العمر الذي قدره العلماء هو للأرض التي نعيش عليها وليس للكون كله وان كان من المحتمل أن يكون عمر الأرض من عمر الكون إلا أن هذا العمر المحدد يبلغ خمسة آلاف مليون سنة وليست خمسة ملايين مليون سنة وربما قد التيس الأمر على المؤلف نتيجة لاختلاف البليون الأمريكي وهو يساوي الف مليون عن البليون البريطاني الذي يساوي مليون مليون.
• ص ۷۹ سطر 1 – 5 كلام غير دقيق علميا ويمكن الاستغناء عنه.
• ص ۷۹ سطر ويذكر المؤلف “ان هذه الرحلة الخيالية سوف تستغرق هه وه هه وه هه وا سنة، والحقيقة أن الجزء المعروف من الكون يبلغ قطره خمسة آلاف مليون سنة ضوئية وبالتالي فان محيطه أكبر بكثير من الألف مليون سنة التي ذكرها المؤلف.
• ص ۷۹ سطر ۹ “يضاف إلى ذلك أن هذا الكون ليس بمتجمد” والتعبير الصحيح انه ليس ثابت الحجم لأن لفظة متجمد ها دلالة أخرى.
• ص ۸۰ الفقرتين الأول والثانية غير دقيقتين علميا وعلى سبيل المثال وردت فيه كلمة كواكب بما يقصد به النجوم والفرق بينهما كبير جداً.
• ص ۸۱ السطر من 14 – ۱۹ “والمجرة التي يقع فيها نظامنا الشمسي تدور حول محورها بحيث تكمل دورة واحدة في ۲۰۰ مليون سنة ضوئية” والحقيقة أن مجموعتنا الشمسية هي التي تستغرق ۲۰۰ مليون سنة لكي تم دورة كاملة حول مركز مجرتها أما المدة اللازمة لدوران مجرتنا دورة كاملة فتقدر بأكثر من ذلك بكثير.
• ص 81 الفقرة الأخيرة و۸۲ الفقرة الأول الأرقام الواردة بها خاطئة فالجزء المعروف من الكون يبلغ قطره خمسة آلاف مليون سنة ضوئية وان المجرة العظمى (التي تنتمي اليها مجرتنا) يبلغ قطرها 40 مليون سنة ضوئية وسمكها بضع ملايين من السنوات الضوئية بينما يبلغ قطر مجرتها مائة ألف لنا ضوئية وسمكها نحو عشر ذلك، وبمجرتنا من النجوم ما يزيد عن المئة الف مليون نجم كما أن بالسماء من أمثال مجرتنا الف مليون مجرة وأن أقرب المجرات الينا تبوله عنا بمقدار ۷5۰ ألف سنة ضوئية بينما أقرب النجوم الينا يبعد عن الأرض بمقدار 4,4 سنة ضوئية.
• ص 84 السطر 11 “وسنجد أن هذه الألكترونات تشغل أكثر من 1/100000000 من مساحة الذرة” والصواب أن قطر الإلكترون يبلغ 1/100000 من قطر الذرة حيث لا يمكن مقارنة الإلكترون بما يسمي مساحة الذرة إذ ليس لها في الحقيقة مساحة.
• ص 84 سطر 12-14 “ولو أننا أخذنا صورة مكبرة لجزيئين من الالكترون والبروتون فسوف يكون الفاصل بينهما ما يقرب من 350” هذا الكلام ناقص ولا معنى له علمياً.
• ص 85 السطر 15 “أن ملايين الأخبار تجري على أسلاك نظامنا العصبي – الذي أوجدته الطبيعة – من جانب إلى آخر” إن جملة الذي أوجدت الطبيعة جملة خاطئة فالطبيعة لم توجد شيئاً ولا تستطيع أن توجد شيئاً
• ص 86 لساطر 18 “إن ترجمة التعبير yanpathetic system بالنظام الخالق الحركة ترجمة غير صحيحة فهو معروف باسم “النظام السمبتاوي” أو “النظام العاطفي”، وفي السطر التالي وردت كلمة para – synpatluetic بترجمة النظام المانع وترجمتها الحقيقية النظام شبه السمبتاوي.
• ص89 السطر 9 “لابد للحياة فوق الأرض من أحوال كثيرة يستحيل اجتماعها بنسبها الخاصة رياضياً” والصحيح أنه يستحيل اجتماعها بمحض الصدفة وكلمة أحوال ليست سليمة علمياً والصواب كلمة شروط جمع شرط.
• ص ۹۱ سطر 4 ” ان يصير وزن الحيوان الذي يزيد رطلا واحدا ” وصوابها يزن.
• ص 44 سطر 4۰۳ “حتى جاءت الأرض في صورتها الحالية منذ أكثر من مليون سنة مضت وذهبت الغازات من فضاء الأرض إلى فضاء الكون” وهذا التعبير خاطيء تماما حيث أن الأرض تكونت منذ 5 آلاف مليون سنة وان الغازات لم تذهب من فضاء الأرض إلى فضاء الكون لأنها لو ذهبت لا كان هناك غلاف غازي للأرضه
• ص 95 سطر ۳ “فلولا أن غلاف الأرض الهوائي يقينا من هذه الشهب لاحترقنا” والمقصود النيازك، لأن الشهاب هو نيزك يحترق بالكامل نتيجة لاحتكاكه بالغلاف الغازي.
• ص ۹۷ سطر 4، 5 “تتركب معا فتصبح عناصر عظيمة الأهمية الحياة الحيوانية ” ولفظة الحيوانية هنا زائدة لأن المركبات المشار اليها ضرورية للحياة بصفة عامة حيوانية كانت أم نباتية.
• ص ۹۸ – الأمثلة التي ضربت على اتزان الحياة بصورة عامة على الأرض ليست كافية وهناك العديد من الأمثلة الأكثر دقة واستفاضة.
• ص ۱۰۰ سطر ۷ كلمة “سنتجراد” من الأفضل أن تذكر درجة مئوية.
• ص ۱۰۱ سطر ۲، ۳، 5، ۱۳ كلمة خريطة للعناصر الكيماوية والخريطة الدورية، والخريطة يجب أن تستبدل باسم الجدول الدوري للعناصر.
• ص ۱۰۲ سطر 6 كلمة “كورنفال” هي في الحقيقة كورن وول.
• ص ۱۰۲ سطر ۱۳ ” الكواكب السحيقة ” يجب أن تقرأ المترامية.
• ص ۱۰۲ سطر ۱5 لفظة “الكرات الفلكية” يجب أن تقرأ الأجرام الفلكية.
• ص 103 وسطر 9 “التحليل الكيماوي” يجب أن تقرأ المركب الكيماوي.
• ص 103 سطر 10 “لتحليل النيتروجين” وصحتها لتثبيت النيتروجين.
• ص 104 سطر 1 “أحتك الرعد في الفضاء” صحتها رعد الرعد.
• ص 104 سطر 10 تنقص لفظة “تم” قبل كلمة اكتشافنا.
• ص ۱۱۰ سطر 17 “عندما يندمج الجزيء بالحلية” وصحتها لاندماج الجزيء بالخلية.
• ص 111 سطر 19 “إن الأرض لم توجد إلا منذ بليونين من السنين” وصحتها 5 آلاف مليون سنة.
• ص 111 سطر 10 “وان الحياة في أي صورة من الصور لم توجد إلا قبل بليون سنة) وصحتها لم توجد قبل 3 آلاف مليون سنة.
• ص112 سطر 2 “أن كوننا موجود منذ 5,000,000,000,000 سنة” وصحتها 5 آلاف مليون سنة.
• ص ۱1۲ الفقرة الثانية يجب أن تعاد صياغتها لأن العلم لا يعرف الصورة القاطعة ” سطر 6 ” كما أن النظرية الواردة عن أصل الأرض ما هي إلا أحد الفروض المطروحة وقد استحدثت فروض أخرى أكثر قبولاً.
• والفقرتين الثالثة والرابعة في ص 112 وكذلك الفقرة الأولى والثانية في ص 113 عن تقدير عمر الأرض يجب أن تعاد صياغتها لما بها من أخطاء علمية واضحة كتعريف عملية الاشعاع وكذكر أن التجار أثبتت أنه قد مر 1400 مليون سنة على تجمد أقدم جبال الأرض علماً بأن أقدم الصخور الظاهرة على سطح القشرة الأرضية قد حدد عمرها بحوالي 3600 مليون سنة وهي صخور جرانيتية تظهر في منطقة دودوما بجمهورية تانزانياً، وأن كوكبنا الأرض قد تحول في صورته الابتدائية إلى صورته الحالية منذ خمسة آلاف مليون سنة وليست الفا مليون سنة.

الباب الخامس : دليل الاخوة :

عرف المؤلف الأخرة بأنها عالم آخر غير عالمنا الحاضر هو عالم الخلود بينها عالمنا هذا هو مكان الاختبار والابتلاء وجد فيه الإنسان لأجل معلوم، وان الله سوف ينهي هذا العالم عندما يحين اجله وان الناس يبحثون مرة أخرى وسوف تعرض أعمالهم خيراً أو شراً على محكمة الله الذي يجزي كل إنسان بما عمل في الحياة الدنيا، وفي ذلك بدأ المؤلف باستعراض :

• إمكان حدوث الآخرة وقال أن فكرة الأخيرة تقتضي أول ما تقتضي إلا يكون الإنسان والكون في شكلهما الحال ابدين وقد اوضح في أبواب الكتاب السابقة أن أبدية الكون والإنسان مستحيلة فالإنسان يموت والكون سينتهي في وقت ما طبقاً لقانون الطاقة المتاحة، وكما اخفقت كل المحاولات شارع الموت عن بني الإنسان مخفي محاولاته الاحتفاظ بكونه من الفناء وليس أدل على ذلك من الكوارث الطبيعية والأخطار التي تتهدد أرضنا في كل لحظة من اللحظات كالزلازل والبراكين والعواصف والأعاصير وفي ذلك يستشهد الكاتب بقولة عالم الطبيعة الأرضية جورج جامو ” ان هناك جهنم تلتهب تحت بارنا الزرقاء ومدننا الحضارية المكتظة بالسكان، وبكلمة أخرى نحن واقفون على ظهر لغم (ديناميت) عظيم ومن الممكن أن ينفجر في اي وقت أيدمر النظام الأرضي بأكمله، وان الزلازل الأرضية لدليلي ناطق بأن خالق الأرض قادر على تدمير ما في أي لحظة يشاء ثم يضيف المؤلف ان مجرد تصور الإنسانه موضح الكوكب الذي يحيا عليه الأرض والفضاء الكوني وما يدور حوله من هالك، والاشعة الكونية واحتمال التصادم بين الأجرام السماوية، وارتطام النيازك ليؤكد فكرة الأخيرة التي تقرر أن نظام الكون الموجود حاليا سوف يدمر يوما ما، فالقيامة حقيقة في أعماقنا مشاهدة أمام ناظرينا وهي تنتظر الأرض ومن عليها في واقع الغد.

والمسألة الثانية التي تعرض لها هي فكرة الحياة بعد الموت وفي ذلك يستند المؤلف على ان بعثرة الذرات المادية في الجسم الإنساني لا تقضي على الحياة، فإن الحياة مستقلة بذاتها باقية بعد بعثرة الذرات المادية وتغير ما، فمن المعروف ان جسم الإنسان أكثر من ألف مليون مليون خلية يتبدل منها في كل ثانية ۱۲۰ مليون خلية في المتوسط ولو حسبنا معدل التجدد في هذه العملية فسنجد أن الإنسان يغير خلايا جسده بالكامل مرة كل عشر سنين تقريبا بمعنى أن فناء الحلم المادي يستمر ولكن الإنسان في الداخل يبقى كما كان : شخصيته، علمه، عاداته، حافظته، امانيه وأفكاره تيقي كلها كما كانت، انه يشو في جميع مراحل حياته أنه هو هو الإنسان السابق الذي وجد منذ عشرات السنين ولا يحتي بأن شيئا من اعضائه قد تغير، ولو كان الإنسان يمني بفناء جسده لكان لزاماً أن يتأثر بفناء الخلايا وتبدلها بالكامل وهذا في حد ذاته يؤكد أن حياة الإنسان شيء آخر غير مجسده وهي باقية رغم  تغير الجسد وتحلله، وعلى ذلك فإن الشخصية تعرف بأنها عدم التغير في عالم التغيرات.

• ضرورة الآخرة : وبعد هذه المقدمة عرج المؤلف على ضرورة الآخرة فقال أن الحياة الآخرة ذات هدف عظيم هو المجازاة على اعمال الدنيا خيراً كانت أم شراً ويتضح ذلك حين تعلم أن أعمال كل إنسان تسجل وتحفظ بصفة دائمة وبغير توقف، وان للإنسان أبعاد ثلاثة يعرف من خلالها هي فقه وقوله وعمله، وهذه الأبعاد الثلاثة تسجل بأكملها في الفضاء الكوني فكل خاطرة تخطر على بال، وكل مشرف يتحرك به اللسان وكل عمل يصدر عن عضو من الأعضاء يسجل في الأثير (أي الفضاء)، ويمكن عرضمه في اي وقت من الأوقات بكل تفاصيله ليعرف الإنسان كل ما قدمت يداه في هنهه الدنيا.

وكما تسجل أعمال الإنسان في الأثير فهي أيضاً تنقش في صفحة اللاشعور فلا تزول إلى الأبد ولا يؤثر فيها تغير الزمن، ويحدث هذا على الرغم من الأرادة الإنسانية، وهذا يؤكد بكل صراحة امكان وجود سجلي كامل لاعمالي الإنسان في حيازته عندما يبدأ حياته الآخرة، فوجوده نفسه سوف يشهد على أقواله وأعماله ونياته، هذا بالإضافة إلى أن أجهزة الكون تقوم بتسجيل كامل لأقوال الإنسان وأعماله وتفكيره بدقة فائقة وإلى الأبد فكأننا نعيش أمام الأت تصوير وتسجيل دقيقة تعمل بلا انقطاع ولا تفرق بين ليل أو نهار وجميع اعمالنا واقوالنا وافكارنا تسجل بدقة تأمة وانها سوف تعرض أمام المحكمة الالية، والتاريخ يدلنا على وجود الحاجة إلى الاخرة كغريزة إنسانية منذ اقدم العصور، فان تطلع الإنسان نفسه إلى عالم اخر لدليل في ذاته على أن شيئا مثل ذلك موجود في الحقيقة التي اعدت هذا النظام العظيم لتحضير الشهادات التي لا يمكن تزويرها.

• الحاجة إلى الآخرة : ثم عرج المؤلف إلى الحديث عن الحاجة إلى الآخرة، عن ضرورة نفسية وضرورة أخلاقية حيث لم يخلق هذا العالم ليكون مسرحا للمآسي والهمجية والقرصنة ثم لا يلقى الظالم والمظلوم جزاءهما وفاقا، ضرورة السلوك، اذ ان حاجتنا الملحة إلى الأخرة لتنظيم الحياة واقامتها على أسس عادلة حقيقية هي في حد ذاتها تأكيد بأن الاخرة من كبريات حقائق الكون، ثم الضرورة الكونية لتفسير حكمة الخلق نفسها وضرورة عمران الأرض ثم الشهادة التجريبية أو كما يقول المؤلف أن أول دليل على الحياة الثانية هو حياتنا الأول في حد ذاتها فإمكان حدوث الحياة الاخرى اقوى نظرية من حدوث الحياة الأولى، ثم البحث النفسي وأساسه اللاشعور الذي لا يدرك العلم له وجودة محسوسة فلو كان منقوشة على الخلايا كالصوت مسجلا على الاسطوانات فان تلك الخلايا التي سجلت ذلك الحادث قبل سنين قد تحطمت وتبدلت ولم تصبح لها علاقة بالحسد الموجود الان وهذا في حد ذاته شهادة تجريبية تثبت أن هناك عالم آخر خارج أجسامنا المادية مستقلا بذاته، ولا يفي بفناء الحسد جزئيا أو كلية، وكذلك البحوث الروحية والتي تؤكد أن الشخصية الإنسانية تواصل بقاءها بعد فناء الجسد المادي في صورة لا نعلمها مما يؤكد ان الحياة بعد الموت واقع حقيقي وفي ذلك يقول الدكتور دوكاس ” ويتضح من هذا أن عقيدة بقاء الحياة بعد الموت – التي يؤمن بها الكثيرون منا كعقيدة دينية – ليس من الممكن أن تكون واقعاً فحسب، وانما لعلها هي الوحيدة من عقائد الدين الكثيرة التي يمكن اثباتها بالدليل التجريي…”.

الباب السادس : إثبات الرسالة :

ذكر المؤلف أن من العقائد الهامة في الدين، بعد الايمان بالله، الإيمان بالرسالة (أو الوحي والإلهام) ومعناها ان الله تعالى ينزل كلامه على إنسان مختارة من بين الناس ليخبرهم بما يرضيه سبحانه وتعالى وللتدليل على ذللك ذكر أن كثيرا من الوقائع التي تجري من حولنا نعجز عن ادراكها بواعطته حواسنا بينما يستطيع العلم ان يريدس لنا أدراكها بفضل الاختراعات الحديثة التي تمكننا أن نعتلي صدام الأشعة الكونية في القضاء مثالا , وكان أخترا همه الأجهزة الدقيقة استنباط مما تتمتع به بعض المخلوقات الحيوانية من أجهزة غاية في الدقة فهناك كثير من الحيوانات تستطيع ان تسمع موجات صوتية لا تاركها محاربية السمع في الإنسان وهو ما يسمي بقوة الاشراق، وهنا يستدرك الكاتب فيقول ” وإذا كان الأمر كذلك فما وجه الغرابة في قول إنسان انه يسمع صوتا من لدن ربه لا يدركه عامة الناس ” ويضيف “إن الله تعالى – حكمة يعلمها – يرسل رسائله بوسائل خافتة خفية إلى الإنسان المختار الرسالة بعد أن يوشع فيه صلاحية التقاطها وفهمها ويستخلص المؤلف أنه كان الإنسان يستطيع تحويل الأفكار بأكملها إلى إنسان آخر على بعد غير عادي منه وبدون استعمال أي واسطة مادية ظاهرية، فلمإذا تستحيل أمده العملية بين الاله وعباده،!!! إن الاشراق امر معروف لدى الناس وهو يدلنا على فهم النظام الأشراقي العظيم بين الاله والعياد، والذي يكون في اكملى صورة حين يبلغ درجة الوحي الذي يمكن وصفه بأنه اشراق كو نفي من نوع الأشراقات التي عهدها في حياتنا على مستويات محدودة.

ثم انتقل المؤلف إلى الحديث عن ضرورة الرسالة فقال ان اكبر دليل على ذلك هو أن الأمر الذي يخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من أهم ما يتعلق بحياة الإنسان ومصيره وهي من الحقائق التي لم يستطع الإنسان ان يهتدي اليها بجهوده الشخصية وفي هذا اكبر دليل على ان الإنسان في حاجة إلى هدى الله.

وانتقل بعد ذلك إلى الحديث عن مقياس الرسالة فقال إن من أعظم الأدلة على صحة دعوي نبوة سيدنا محمد ÷ أنه رجل مثالي بصورة غير عادية وهذا طبيعي لأن الذي يصطفي ليكون كليم الله وليكشف للإنسان دوره في الحياة لا بد أن يكون أسمي شخصية في النوع الإنساني كما لا بد أن يكون حاملا مثل الحياة العليا، فإذا كانت حياته الذاتية متصفة بكل ذلك فهي أكبر دليل على صحة ما يقول ثم أن كلامه ورسالته صلوات الله وسلامه عليه مملوءتين بجوانب يستحيل حصولها للإنسان العادي، ولا يمكن لبشر محاكاتهما وفي ذلك يقول الدكتور لتز ” اني لأجرؤ، بكل أدب، أن أقول : ان الله الذي هو مصدر ينابيع الخير والبركات كلها، لو كان يوحي إلى عباده فدين محمد هو دين الوحي، ولو كانت آيات الايثار، والأمانة والاعتقاد الراسخ القوي، ووسائل التمييز بين الخير والشر ودفع الباطل، هي الشاهدة على الالهام، فرسالة محمد في هذا الألهام”.

الباب السابع : القرآن صوت الله :

يقول المؤلف أن الكتاب الذي جاء به صاحب الرسالة مثبتاً أنه منزل من عند الله يفيض بما يدل صراحة على أنه ليس بكلام إنسان وانه حقاً وحي من الله واستدل على ذلك بإعجاز القرآن من النواحي اللغوية والتاريخية والعلمية فمما لا شك فيه أن العرب – وهم الذين لم يعرف لهم مثل في التاريخ، في البلاغة والبيان قد ركعوا أمام القرآن معترفين بعجزهم عن الإتيان بمثله فلزمتهم بذلك الحجة ومن الناحية التاريخية لا نجد غير القرآن الذي تحققت نبوءاته حرفا حرفا وهذا الواقع وحده يكفي لاثبات أن هذا الكلام صادر عن عقل فوق الطبيعة يمسك بزمام الأحوال والحوادث وهو على معرفة بكل ما سيحدث منذ الأزل وإلى الأبد وفي ذلك يستشهد المؤلف بالآيات الكريمة “كتب الله لا غلبن انا ورسلي”، “يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون”، “هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون”، وهي نبوءات بانتصار المسلمين جاءت في وقت كانوا فيه في أسوأ أحوالهم مكشوفين في عراء المدينة المنورة، يترقبون الأعداء من كل جانب، وكذالات الأية الكريمة “الم، غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد خليهم سيخلدون في بضع سنين”.

ومن مزايا القرآن الكريم التي تشهد بأنه وحي من الله العظيم هي أنه على الرغم من نزوله قبل قرون كثيرة من عصير العلوم الحديثة فان جميع الأشارات العلمية التي وردت به صحيحة غاية الصحية، دقيقة غاية الدقة يبدو اجازها بازدياد الكشوف العلمية ولم يستطع أحله على مر التاريخ ولن يستطيع اثبات اية أخطاء علمية فيه متعلما بأن أميال العلماء المتخصصين والبارزين في تخصصاتهم لا يكاد ينقضي عليها بضع سنين حتى تتكشف عيوبها ويتضح قدورها وتبين جوانب النقص بها.

في ذلك يقول المؤلف أن من آيات القرآن الكريم ما عرف عنه الإنسان – حتى ذلك العصر – أمورة جانبية وسطحية ومنها ما لم يعرف عنه شيئا، وعلى ذلك فان مطابعة كلمات القرآن والفاظه لكثير من الكشوف العلمية الحديثة مفاده أن العلم الحديث قد استطاع الكشف عن أسرار الواقعة موضوع البحث، فتوفرت لدينا أفكار نافعة لتفسير الاشارات القرآنية في ذلك الموضوع ولو ان دراسة المستقبل في موضوع ما تبطل واقعة من وقائع العلم الحديث كليا أو جزئية فليس هذا بضمائر مدق القرآن بل معناه ان المفسر قد أخطأ في محاولته التفسير إشارة مجملة في القرآن، ويقول المؤلف أنه لعلى يقين راسخ بأن الكشوفه المقبلة ستكون أكثر ايضه ا لاشارات القرآن وأكثر بيانا اعانية الكاملة.

واستشهد في ذلك بعدد من الآيات القرآنية واستنتاجاتها العلمية في كثير من المجالات واتفاق ذلك مع أحدث الكشوف العلمية وأدقها.

ومن الأخطاء التي وردت في هذا الباب :

• ص 211، سطر 14 ، 15 “ويبقى الماء عذباً تحت الماء الأجاجط والحقيقة أن الماء العذب أقل كثافة من الماء المالح ولذلك يطفو على سطحه لا يوجد تحته.
• ص 211، سطر 21 “قانون المط السطحي” وصحته التوتر السطحي.
• ص 215 الفقرة الأولى تمثل إحدى النظريات الواردة في هذا المعنى وهي كثيرة ومنها ما هو أحدث من تلك النظرية التي أوجزت وربما كان من الأنسب سرد النظريات كلها أو على الأقل أحدثها، وقد ورد في هذه الفقرة ما يلي “وقد حدث انفجار شديد في هذه المادة قيل 5,000,000,000,000 سنة على الأقل “بينما يثبت العلم الحديث أن العناصر في مجرتنا قد تكونت في الفترة من 7000 إلى 6500 مليون سنة مضت وأن الشمس قد تكشفت على هيئتها الحالية من ستة آلاف مليون سنة وأن الكواكب الأبتدائية قد تحولت إلى كواكب عادية (ومنها أرضنا) منذ حوالي 5000 مليون سنة مضت، وفي الفقرة الثانية يذكر المؤلف “ويعتقد العلماء أن دائرة المادة كانت الف مليون سنة ضوئية في أول الأمر وقد أصبحت هذه الدائرة الآن كما يقول البروفسور إدينجتون عشرة أمثالها وهذه العملية من التوسع والامتداد مستمرة دونما توقف وفي الحقيقة إذا رجعنا بعملية الأتساع هذه مع الزمن إلى الوراء بعملية معاكسة السرعة انتشار المجرات وتشنتها في الفضاء يثبت أنها كانت كلها في الماضي البعيدة متقاربة من بعضها وان المسافات بينها تقل كلما تقادم هذا الزمن حبي فصل إلى اليوم الأول الذي احتوى على كتلة وطاقة الكون الذي نراه الان الإجتمعت في حجم لا يتجاوز أكثر من ثلاثين مرة حجم الشمس وبكثافة تقارب ۲5۰ مليون طن السنتمتر المكعب.
• ص 218 ورد عنوان علم طبقات الأرض وصحته علوم الأرض.
• ص 220 سطر 19 “وكأن نجد فيها دواب وأسماكا ونباتات” والصحيح بقايا كائنات حيوانية ونباتية.
• ص 222 الأرقام الواردة على الخرائط غير دقيقة.

الباب الثامن : الدين ومشكلة الحضارة :

وفيه يثبت الوايت أن البشر لا يستطيعون وضع دستور لهم بدون هدى من الله ويستشهد في ذلك بقول الدكتور فريدمان “… لابد من هداية الدين لنقيم المعيار الحقيقي للعدل، والأساس الذي يحمله الدين لإعطاء الجدل صورة عملية ينفرد هو به في حقيقته وبساطته” ثم ينتقل المؤلف بعد ذلك إلى مصدر التشريع فيقول أن مصادر التشريع هو الله وحده خالق الكون فالذي أحكم قوانين العلبيعة هو وحده الذي يليق به أن يضع دستور حضارة الإنسان ومعيشته، وليس هناك من أحد غيره سبحانه يمكن تخويله منها الحق فلا يمكن قبول إنسان حاكماً ومشرعاً للإنسان حيث انه لا يتمتع بهذا الحق إلا خالق الإنسان وحاكمه الطبيعي الله، وينتقل بعد ذلك إلى العناصر الأساسية للتشريع فيقول أن الحل الوحيد لمشكلتنا هو الشرع الالهي الذي يمنحنا جميع العناصر الأساسية الضرورية ويترك الباقي مفتوحاً للاجتهاد بحسب الزمان والمكان، والتشريع الالهي لا يستطيع الإنسان أن يأتي ببديل عنه.

وبعد ذلك ينتقل إلى تحديد مفهوم الجريمة والقانون والأخلاق ويتحدث عن القانون والفرد، والقانون والعدل ثم يعرج على موضوع المرأة والمجتمع ثم يتحدث عن قضية التمدن والمعيشة ويوجز ذلك كله بقوله أن التجارب القاسية التي خاضتها البشرية تؤكد لنا أن الله الذي يعرف دقائق الطبيعة البشرية ويفهم عمق مسائلها ومشكلاتها يجب ان يكون هو ولا سواه واضع قوانينها فهو منبع القانون الحقيقي ويؤكد ذلك أن في الدين بوابة محددة لكل الأسئلة التي تؤرقنا في حياتنا الدنيوية وفي ما بعد هذه الحياة الدنيوية، انه يوجهنا إلى المشرع الحقيقي ويضع لنا الأساس السليم القانون الالي وهو يمنحنا أساساً صائباً لكل مسألة في الحياة البشرية وهو الصورة الوحيدة للمساواة الكاملة بين الحاكم والرعية في الأساس النفسي الذي يصبح القانون بدونه بلا فائدة كما يخلق لنا ذلك المناخ المناسب الذي لا بد منه لتطور أي مجتمع تطورا حيوية وفعالاً.

الباب التاسع : الحياة التي ننشدها :

يصور المؤلف في خاتمة مطافة صورة الحياة التي ننشدها فيقول ان الحالة التي تنعدم فيها الطمأنينة والاستقرار لدى القلوب المحرومة من رحمة الله ليست مسألة أيام هذه الدنيا المؤقتة وسنيها، وانما هي أهم من ذلك بكثير، أنها مسألة ازلية وأبدية، تتمثل فيها اثار الحياة المعتمة الحالكة التي يقف عليها هؤلاء انها البادرة الأولى لحياة الحنق الأبدية التي سوف يواجهونها بعد موتهم، انها أجراس التنبية الأولى في حياتهم تنذرهم بالأحوال الرهيبة والظروف المردعة التي تنتظرهم…!!

واختتم كتابه به من حديث كريسي موريسون الذي يقول فيه “ان الاحتشام، والاحترام والسخاء وعظم الأخلاق، والقيم والمشاعر السامية، وكل ما يمكن اعتباره نفحات الهية – لا يمكن الحصول عليها عن طريق الإلحاد، فالألحاد نوع من الأنانية حيث يجلس الإنسان على كرسي الله، لسوف تقضي هذه الحضارة بدون العقيدة والدين، سوف يتحول النظام إلى فوضى، سوف ينعدم التوازن وضبط النفس والتمسك بالقيم، سوف يتفشي الشر في كل مكان، انها لحاجة ملحة أن نقوي من صلتنا وعلاقتنا بالله”.

تعليق :

على الرغم من أن الكتاب لم يخل من بعض الأخطاء العلمية والتي سبق أن أشرنا اليها بايجاز خلال العرض السابق، إلا أنه يعتبر فتحاً جديداً في أسلوب مخاطبة العقل البشري في عصر طغت فيه المادة وبعد فيه الناس عن طريق الله وفتنوا بما حققه العلم والتقنية الحديثة فتنة كبيرة سواء كان ذلك في الغرب أو الشرق، ففي الغرب كان فشل الكنيسة في اقناع الناس سبباً في الموقف العدائي الذي أتخذه عدد كبير من الكتاب والمفكرين من معاني الايمان، وفي الشرق كان خلف المسلمين علمياً وتقنياً سبباً في فتنة بعضهم بالانجازات العلمية الحديثة كما كانت سبباً رئيسياً في ندوة العالم المسلم الذي يكتب في مجال تخمهمه انطلاقا من قاعدة الإيمان ولذلك عاثي المسلمون في هذا العصر على فتات موائده الفكر الغوي فجاءت كتب العلوم والفنون في أغلب الأحوال ترجمة مشوهة الفكر الغربي الذي ينطلق في السادسة من قاعدة مادية بحتة، وضماع وهذه البحر الزاخر من البليلة الفكرية والتشويه والتعريف المقصود وغير المقصود كثير من المفاهيم الأساسية التي حققها العلم الحديث في اثبات عظمة الكون وعظمة شاقه واثبات أن هذا الكون بداية وانه لا بد أن تكون له في يوم من الأيام نهاية وان هذا الكون كله على دقة وعظمته وأداة محفوفة بالمخاطر وازيه ولا رحمة هذا الخالق العظيم الذي خلق هذا الكون على أنق صورة وأروعها، ولولا رعايته لنا ولكل ما في هذا الكون من وجود الكنا ومال كالي ما حوالينا، هذه حقائق أكدها العليم أسابيث بما لا يرقى اليه شك كما أكاد مها الفطرة اليدوية والمنطق السليم، ولم يبق إلا أن يحمل مشاعلها أناس يؤمنون بها ويفهمونها حق فهمها ولونها إلى الناس بلغة العصر، وهنا يأتي كتاب ” الإسلام يتحلي ” خطوة على الطريق أرجو أن تتبعها خطوات فري كتب العلوم والفنون والآداب التي بلوها طلابنا في المدارس والمعاهد والجامعات والتي يتله أو عامة الناس وخاصتهم على حله لروأه تني على هذا الفهم الإيماني العميق وتنطلق من منطلقه ۰۰، وحبناه سوف يتربي الشاب المعلم والفتاة المسلمة على مفاهيم محقة ويتجنب الجميع ما يعانونه الآن من تشتت نقي بين ما أشبعت به نفوسهم في بيوتهم ومجتمعاتهم المسلمة وبين ما يلقنون من فكر شوي دعوود سارية الإلحاد ومطلقه أبعد ما يكون عن الايمان.

ويوم أن نتمكن من إيجاد الكيميائي المسلم والفيزيائي المسلم والجيولوجي المسلم والمهندس المعالم والطبيب المسلم، الخ، ويوم أن يفهم كل من هؤلاء تخصص من منطلق ايماني ويكتب فيه من هذا المنطلق بلغة العصر ومنطقه سيفتح الله بهم أرجاء العالم شرقه وغربه فان الأصل في النفس البشرية الخير وان هذه النفوس الظمأي في مختف أنحاء العالم لتطلع إلى رواد مسلمين جدد ينبغون في علوم العصر ومعاون بيد أفكاره وباليد الأخرى يحملون مشعل الايمان…

وجزى الله الكاتب المؤمن والمترجم الصادق والمراجع الأمين خيراً على هذا الجهد الطيب الذي أرجو أن يكون بداية تتبعه جهود أشمل وأكمل وأتم والله من وراء القصه وهو الموفق وبه نستعين.

 

([i]) تأليف المفكر المسلم المعاصر وحيد الدين خان، تعريب ظفر الإسلام خان، مراجعة الدكتور عبد الصبور شاهين، نشر دار البحوث العلمية 1390هـ، 197م، الطبعة الأولى، والإشارة هنا إلى الصفحات وفقا لهذه الطبعة الأولى.