أبحاث

حول النظرية الإسلامية لسلوك المستهلك

العدد 54

ملخص :

يستعرض هذا المقال دراسة ميدانية عن كيفية إنفاق المستهلك المسلم لدخله.وعلى الرغم من توفر المادة العلمية فى هذا الموضوع, إلا أن الباحث لم يعتمد على أى دراسة تطبيقية خاصة بالنظرية الإِسلامية لسلوك المستهلك,

لذلك يعتبر هذا البحث مساهمة متواضعة فى هذا المجال. فهو يدرس المستهلكين المسلمين فى دولة غير إسلامية, هى اسكتلندة.

وهناك سؤلان مطروحان.

أولا : كيف ينفق المستهلك دخله, وكيف يتم التفضيل بين الادخار والإِتفاق فى مجال التكافل الاجتماعى ؟

ثانيا : كيف يستثمر المسلم مدخراته ؟ وهل يتم هذا الاستثمار وفقا للتعاليم الإِسلامية ؟

إن البحث يأخذ بعين الاعتبار الجوانب النظرية والتطبيقية على حد سواء.

لقد تحددت معالم النظرية بمقارنة المنهج الاجتماعى الاقتصادى الذى ينادى به الاقتصاديون الغربيون مع نموذج أو نمط سلوك المستهلك المسلم إلى جانب توضيح بعض النقاط الخاصة بهذا النموذج.

مقـــدمة :

هناك كتابات كثيرة للاقتصاديين المسلمين عن المنظور الإِسلامى الخاص بنظرية سلوك المستهلك, وقد أصبحت هذه الكتابات من الكثرة بحيث أن إمكانية إضافة شىء هام أو إجراء تغيير أساسى فى هذا المجال يبدو محدوداً للغاية, وعلى هذا فإن ما يمكن القيام به هو إما أن يكون إضافةً ثانويةً أو تعديلاً طفيفاً أو ـــ أكثر من ذلك ـــ إجراء بحث ميدانى وسوف يظهر ذلك صلاحية النظرية للتطبيق, ويشير إلى قوى الواقع من توافق المهمة, فهى تعيد دراسة النظرية الإِسلامية للمستهلك من خلال جانب غير تقليدى, كما تقدم دراسة ميدانية لسلوك المستهلك المسلم فى بلد غير إسلامى.

أولا : النظرية :

هناك ثلاثة افتراضات رئيسية لسلوك المستهلك وفقا لثلاث مفاهيم رئيسية للمستهلك, يتبناها ثلاث مجموعاتٍ رئيسية من الاقتصاديين؛ وهم :

الاقتصاديون التقليديون :

وهم يفترضون أن المستهلك يهدف إلى تعظيم منفعته الإِستهلاكية من السلع والخدمات دون مراعاه سائر أفراد المجتمع, ويعـتبر هذا المستهلك «الإِنسان الاقتصادى».

الاقتصاديون الاجتماعيون : وينتقضون الافتراض السلوكى الذى يصنعه الاقتصاديون التقليديون, وينادون بإعطاء أهمية أكثر للمسئوليـة الاجتماعية للمستهلك, مع مراعاة مصلحة المجتمع المحيط ( انظر على سبيل المثال : ماكى Mckee,  1982), ويقترحون بدلا من ذلك صورة اجتماعية للمستهلك باعتباره ( اقتصادى نفعى إنسانى )(Nitsch 1982).

الاقتصاديون الإِسلاميون : وينتقضون أيضا الفروض السلوكية للاقتصاديين التقليديين ويؤكدون على مسئولية المستهلك الاجتماعية فى نمط استهلاكه وهم يعتبرون المستهلك (( كاقتصادى نفعى إسلامى )) (Zarqa, 1980).

وهكذا فإن الفجوة بين الاقتصاديين الإِسلاميين والاقتصاديين التقليديين كبيرة جداً بينما هى ضيقة جداً بينما هى ضيقة جدا بين الاقتصاديين الإِسلاميين والاقتصاديين الاجتماعيين.

فالحظ الفاصل بين مفهوم الاقتصاديين الاجتماعيين القائل بأن ( الإِنسان اقتصادى نفعى ) وبين المفهوم الإِسلامى القائل بأنه ( اقتصادى نفعى إسلامى ) خط رفيع للغاية.

بالرغم من أن كلا من الاقتصاديين الاجتماعيين والاقتصاديين الإِسلاميين قد اتفقوا على ضرورة المسئولية الاجتماعية للمستهلك بمراعاة مصلحة مجتمعه, إلا أنهم يختلفون فى النقاط التالية :

( أ ) يستند الاقتصاديون الاجتماعيون على مجموعة قيم أخلاقية, ليست دينية بالضرورة, بينما يستند الاقتصاديون الإِسلاميون على مجموعة معتقدات دينية نابعة من العقيدة الإِسلامية, وتكمن أهمية هذا الاختلاف بربطه بالنقطتين التاليتين.

( ب ) لا يوجد لدى الاقتصاديين الاجتماعيين منهج محدد ينتهجه المستهلك, ( فالأفراد أحرار فى اتخاذ النمط الاستهلاكى الذى يتمشى مع قيمهم الأخلاقية ), بينما يعرض الاقتصاديون الإِسلاميون منهج محدد وضعه الإِسلام.

( جـ ) يرمى المستهلك فى المدخل الاجتماعى الاقتصادى إلى تحقيق هدفين : تحقيق إشباع مادى من استهلاك السلع والخدمات, وتحقيق إشباع أخلاقى, بينما يرمى المستهلك فى المدخل الاقتصادى الإِسلامى إلى تحقيق ثلاثة أهداف هى : حصوله على المنفعة الاستهلاكية من السلع والخدمات, وتحقيق منفعة أخلاقية, إلى جانب الحصول على ثواب من الله فى الدنيا والآخرة.

النموذج الإِسلامى للاستهلاك :

على خلاف مدخل كل من الاقتصاديين التقليديين والاجتماعيين يمكن تصور هيكل المدخل الإِسلامى للسلوك الاستهلاكى كما فى الشكل (1).

يتكون هذا الهيكل من ثلاثة أجزاء رئيسية : الأسس, والمنهج, والأهداف.

وهى مبنية على مجموعة معتقدات إسلامية تحدد المنهج الإِسلامى الذى يرمى إلى تحقيق الأهداف الإِسلامية, وعلى الرغم من وضوح هذا الشكل, إلا أننا يمكن أن نوضح النقاط الثلاث على النحو التالى :

1 ـــ الأسس (المعتقدات) :

يقوم نمط الاستهلاك فى النموذج الإِسلامى على مجموعة معتقدات إسلامية تنظم العلاقة بين الاستهلاك والادخار والاستثمار. إلا أن افتراض توافر المعتقدات الدينية لا يستتبع بالضرورة افتراض وجود درجة موحدة من تقوى الله لدى المستهلكين.

فالأفراد يتدرجون بخصوص الالتزام بالمبادىء الدينية بين الحد الأدنى للالتزام وصولا إلى المستوى الأعلى. وعلى هذا فإن درجة التقوى يجب أن تؤثر على درجة التزام المستهلك بهذه المجموعة من المعتقدات التى تؤثر بدورها على نمط استهلاكه.

2 ـــ الأهداف :

تتكون دالة منفعة المستهلك المسلم من عنصرين رئسيين : المنفعة الدنيوية والمنفعة الدينية, وبينما تتأثر المنفعة الدنيوية باستهلاكة للسلع والخدمات, تتأثر منفعته الدينية بالعوامل التالية : ـــ

( أ ) مدى اعتداله فى استهلاك السلع والخدمات.

( ب ) التزامه بأداء الزكاة كفرض واجب الأداء.

( جـ ) إنفاقه للصدقات بهدف الرعاية الاجتماعية, كواجب تطوعى.

( د ) إدخاره للورثة.

( هـ ) استثمار مدخراته على أسس غير ربوية. وكل هذه العوامل لها علاقة بدخله.

3 ـــ المنهج :

يمكن القول أن المنهج الإِسلامى يقوم على مفهومين رئيسيين يرتبط أحدهما بالآخر وهما : مفهوم الاعتدال, ومفهوم الملكية.

( أ ) مفهوم الاعتدال : وهو ينظم العلاقات الداخلية بين استهلاك السلع والخدمات, والإِنفاق الاختيارى على أغراض الرعاية الاجتماعية والادخار.

ملحوظه : يوجد شكل توضيحي “هيكل المدخل الإسلامي للسلوك الاستهراكي” يصعب رفعه على الموقع

وبالنسبة لاستهلاك السلع والخدمات يجب اتباع نمط عدم الإِسراف وعدم التقتير ( القرآن الأعراف : 31, الإِسراء : 29). وبالنسبة للإِنفاق على أغراض الرعاية الاجتماعية يجب التمييز بين أنواع الإِنفاق الإِجبارية وأنواع الإِنفاق الاختيارية. ويتمثل الإِنفاق الإِجبارى أساسا فى الزكاة, وهو ليس محلا لاعتدال اختيار الفرد حيث يجب أداؤها على كل من يملك النصاب, بينما الإنفاق الاختيارى محل لهذا الاختيار ويتمثل فى الصدقات.

وهذا التمييز هام لأن الإِسلام لا يتطلب أن يكون الإِنفاق الاختيارى على الرعاية الاجتماعية متوقفا على مستوى الدخل وعلى إشباع الاحتياجات الأساسية ( القرآن : القصص : 77, البقرة : 200 ـــ 203). وبالنسبة للعلاقة بين الادخار وبين نوعى الإِنفاق السابقين ( على استهلاك السلع والخدمات وعلى الرعاية الاجتماعية ) يجب التمييز له الأولوية, ويؤدى إلى عائد أكبر بالمقارنة بالأنواع الأخرى, وكما يشير د. قحف ( قحف 1982), فإن الإِدخار يتم لأغراض مختلفة : تكوين مدخرات للوراثة ـــ الادخار لمواجهة الطوارىء فى المستقبل ـــ الاستهلاك المؤجل ـــ تكوين ثروة.

إن الإِدخار من أجل الورثة يؤدى إلى عائد أكبر من أى نوع آخر من الادخار. وبالإِضافة إلى ذلك, فإنه بعد إشباع الحاجات الدنيوية ـــ فى حدود متعدلة ـــ الأولوية على الإِنفاق الاختيارى على أغراض الرعاية الاجتماعية, وأن قصة النبى ــ صّلى الله عليــه وسلم ــ مع صاحبه سعد أشهر من أن نعيد ذكرها فى هذا الصدد.

( ب ) مفهوم الملكية : إلى جانب مبدأ العدالة الاجتماعية يقوم هذا المفهوم بتوضيح نظام الزكاة ويحدد مبدأ العلاقة بين الادخار والاستثمار.

إن المفهوم القائم على مبدأ الملكية باعتبار الإِنسان خليفة الله فى الأرض يشترط الآتى : ـــ

1 ـــ وجوب استخدام الثروة والحث على أداء الزكاة كحق واجب فى رأس المال.

2 ـــ وجوب استخدام المال لتحقيق الحياة الطيبة للأفراد, ومن أجل إقامة العدالة, وبدون أى عنصر من عناصر الاستغلال.

3 ـــ وجوب استثمار المال على أساس مبدأ المشاركة فى الربح والخسارة, وليس على أساس مبدأ الفائدة الثابتة ( تحريما للفائدة الربوية ).

ولوضع النقاط السابقة فى الصورة رياضية. فإن دالة المنفعة للمستهلك المسلم ( الذى يملك أكثر من النصاب ) يمكن أن تكون كما يلى :

تعظيم المنفعة د = دذ (س), د2 (د1 (س), ط, أ1, أ2, ز, (م), ف (ت).

خ = س + ط + أ1 + أ2 + ز ـــ

حيث أن : أ1 = خ ـــ (س + ط+ أ1+ زـــ م)

خ = الدخل.

د = دالة المنفعة.

د 1 = دالة المنفعة الدنيوية

د 2 = دالة المنفعة الدينية والأخلاقية.

س = استهلاك السلع والخدمات.

ط = الانفاق الاختيارى للرعاية الاجتماعية.

أ1 = الإِدخار للوراثة.

أ 2 = الإدخار لأسباب أخرى.

ت = التقوى.

ز = مدفوعات الزكاة.

م = العائد على رأس المال المدخر فى بداية السنة.

ثانيا : البحث الميدانى :

حاولت هذه الدراسة التعرف على نمط سلوك المستهلك من خلال عينة من المسلمين المقيمين فى بعض أجزاء اسكتلندة بالمملكة المتحدة.

ةعلى الرغم من أن المنطقة قد اختيرت بشكل نحكمى لأسباب قرب الموقع الجغرافى من الباحث إلا أنها كانت تشمل عددا كبيرا من المسلمين, ومع ذلك لا يمكن توقع اختلاف النتائج عن نتائج مناطق أخرى بالدولة, وبسبب صعوبات 150 فردا ويعتبر هذا العدد كافيا, نظرا لأن الدراسة استهدفت من البداية إجراء دراسة تمهيدية.

وبالرغم من أن العينة الأكبر قد تعطى مدى توزيع مختلف, إلا أن النتائج العامة قد تبدو مضطربة. وتتكون العينة من مسلمين من جنسيات مختلفة ومن فئات عمرية متنوعة :

من 20 إلى أقل من 30 سنة  35%

من 30 إلى أقل من 40 سنة 30%

من 40 إلى أقل من 50 سنة 25%

50 سنة فأكثر  10% تقريبا

أما بالنسبة للحالة الاجتماعية فإن العينة تشمل للآتى :

غير متزوجين 25%, متزوجين بدون أطفال 1%, متزوجين بأطفال 65%.

ولهذه الدراسة هدفان رئيسيان :

(1)  بحث أولويات الإِنفاق عند المسلمين.

(2)  اختيار نمط استثماراتهم فى ضوء تحريم الإِسلام للربــــا.

( 1 ) أولويات الإِنفاق :

طلب من عينة الدراسة ( بواسطة استبيان ) لترتيب أنواع الإِنفاق المختلفة طبقا لدرجة أولويتها. وقد استبعد مجالان للإِنفاق هما الاحتياجات الفسيولوجية ومدفوعات الزكاة.

بالنسبة للأولى, فإن الاحتياجات الفسيولوجية يجب إشباعها قبل أى وجه من أوجه الإِنفاق فى عملية الترتيب.

فمن المفترض أن هذه الاحتياجات تم إشباعها باعتدال ولذا فقد طلب من أفراد العينة ترتيب أوجه الإِنفاق مع مراعاة أن احتياجاتهم الفسيولوجية قد تم إشباعها أولا.

كذلك بالنسبة لمدفوعات الزكاة, فهى بطبيعتها من أوجه الإِتفاق الإِلزامية التى يجب أداؤها بصرف النظر عن سلمه التفصيلى, وبغير الاعتبار لحريته فى الاختيار. ولا يعنى ذلك أن المستهلك المسلم يدفع الزكاة مضطرا, وإنما هو تحديد للدراسة فى إطار أوجه الإِنفاق الاختيارية.

وعلى الرغم من هذا فعند السؤال عن أداء الزكاة أجاب كل أفراد العينة بأنهم يدفعون الزكاة.

أما عن أوجه الإِنفاق التى طلب من أفراد العينة ترتيبها فهى : ـــ

شراء لوازم المعيشة الخاصة بهم, شراء سيارة لتنقلاتهم, شراء أجهزة كهربائية منزلية, شراء أجهزة كهربائية أخرى, إنفاق على الرعاية الاجتماعية, ادخار لاحتياجات مستقبلية ( قضاء الاجازة وغير ذلك )

وبعد جدولة البيانات, فإن جدول المنفعة قد ظهر كالآتى : ـــ

1 ـــ تم تحديد رقم المنفعة لكل وجه من أوجه الإِنفاق عند كل درجة من درجات الفصل من الإِنفاق بالنسبة للمستهلك, وهو بمثابة وزن يفيد فى تقدير درجة أهمية كل نوع, باستخدام الصيغة التالية : ـــ

ع م ن =  =   100

حيث أن :

ع م ن = رقم المنفعة

ت = الترتيب ( من 1 ـــ 7 )

د = عدد الرتب ( 7 )

2 ـــ تم حساب  إجمالى عدد وحدات المنفع لكل وجه من أوجه الإِنفاق عند كل رتبة, وذلك بضرب رقم المنفعة المذكور فى ( 1 ) فى عدد الأشخاص فى الرتبة ( عدد التكرارات ) أو :

ع م و = ر (     100)

حيث أن :

ع م و = وحدات المنفعة

ر = عدد التكرارات

وبين العمود الأخير فى الجدول النسبة المئوية لوزن منفعة الإِنفاق منسوبة إلى إجمالى وحدات المنفعة ( حيث تقسمة عدد منافع الإِنفاق على العدد الإِجمالى لمنافع كافة أوجه الإِنفاق ) وتعكس النسبة المئوية درجة أهمية وجه الإِنفاق بالمقارنة بكافة الأوجه الأخرى.

وعلى الرغم من أن النتائج فى الجدول واضحة إلا أن النقاط التالية ربما تحتاج إلى توضيح :

أ / جاءت رتب الإِنفاق الكلية كالآتى :

شراء لوازم المعيشة الخاصة  39%

الإِنفاق الاختيارى على الرعايـــة الاجتماعية  22%

إدخار لاحتياجات مستقبلية  14%

شراء سيارة للتنقلات  9%

شراء أجهزة كهربائية منزلية  8%

شراء أجهزة كهربائية أخرى  4%

نفقات أخرى ( قضاء الاجازة … إلخ )

( ب ) إن الإِنفاق على الرعاية الاجتماعية يبدو متناسقا مع التحليل النظرى فهو يحتل مركزا مرموقا فى سلم تفصيل المستهلك المسلم, وهو 22%.

وعلى هذا يبدو الإِنفاق متمشيا مع درجة الوعى الدينى للمستهلك, ومع درجه كما هو مبين فى الجدول.

( جـ ) أما فى حالة اعتبار أن شراء لوازم المعيشة الخاصة أو على الأقل جزءًا كبيراً منها هو نوع من الادخار ( أو بمعنى أصح استثمار ), فإن نفقات الرعاية الاجتماعية تأتى فى مركز وسط بين هذا النوع من الادخار والادخار لأغلااض أخرى.

ومرة أخرى يتفق ذلك مع التبرير النظرى, خاصة إذا اعتبرنا أن جانب الادخار (الاستثمار فى شراء لوازم المعيشة ) يتضمن جزءا من الادخار للورثة. وهذا ليس افتراضا نظريا فقط حيث يجب النظر إلى سلوك المستهلك من خلال تركيبته الثقافية.

إن المجتمعات الإِسلامية فى اسكتلندة ما زالت متمسكة بثقافاتها الإِسلامية, كما هو الوضع فى معظم مناطق العالم, حيث تعتبر الروابط الأسرية مثلا واضحا على ذلك.

وعلى هذا فمن الممكن افتراض أن هذا النوع من الإِنفاق يتضمن ادخارا للورثة.

( د ) إن تأثير الوضع الاقتصادى على سلوك المستهلك ينعكس على نتائج الجدول.

وعلى سبيل المثال : فقد ظهرت فى شكل شراء سيارة لتنقلاتهم الخاصة بنسبة 9% وشراء سلع كهربائية بنسبة 12%.

ففى دولة مثل المملكة المتحدة, لا تعتبر السيارات والسلع الكهرائية سلعا كمالية, كما فى دول الشرق الأوسط أو دول الشرق الأقصى.

وبالتالى فإن مقارنة نتائج الدراسة بدراسة أخرى مشابهة أجريت فى إحدى هذه الدول سوف تعطى نتائج مختلفة.

( هـ ) وبشكل عام فإن سائر نتائج هذا الجزء من الدراسة تتفق مع التحليل النظرى.

( و ) أخيراً فإن اعتقادنا الخاص, أن أفراد العينة لم يبالغوا فى شعورهم الدينى عند ترتيب الإِنفاق على الرعاية الاجتماعية فى إجاباتهم.

لقد عبروا بحرية تامة, على سبيل المثال

جدول المنفعة

الرتبــــة

 

أنواع

رقم المنفعه 1x 100

الإِنفاق

1

100

2

50

3

33,333

4

25

5

20

6

16,667

7

14,29

المجموع
شراء لوازم المعيشة الخاصة بهم

 

شراء سيارة لتنقلاتهم

 

شراء أجهزة كهربائية منزليــــة

 

شراء أجهزة كهربائية أخرى

 

رعاية اجتماعية ( اختياريـــة )

 

ادخار لاحتياجات مستقبليــة

 

نفقــــات أخـــــرى

المنفعة

10,800

 

 

ــــــــ

ــــــــ

ــــــــ

3,800

400

ــــــــ

المنفعة

1,700

1,700

600

ــــــــ

1,750

1,750

ــــــــــــ

المنفعة

ــــــــ

500

633

ـــــــ

900

1,800

400

المنفعة

100

300

675

675

300

200

100

المنفعة

ـــــــ

260

540

300

160

140

140

المنفعة

ــــــــ

117

67

250

116

117

250

المنفعة

ــــــــ

ــــــــ

100

171

57

ـــــــ

443

المنفعة          %

12,600 39

2,877           8,9

2,615           8,1

1,396           3, 4

7,083          21,9

4,407          13,7

1,333           4,1

15,000 7,500 4,233 2,350 1,540 917 771 32,311        100

عند قولهم فى الجزء الثانى من الاستبيان بأنهم يحصلون على فائدة من استثماراتهم, ( كما سيذكر بعد قليل ) بالرغم من معرفتهم بأن الفائدة محرمة, ولو كان هناك أى مبالغة دينية فى إجاباتهم لكان من الواجب أن نشعر بذلك فى كل أجزاء الاستبيان وليس بالضرورة فى جزء محدد.

2 ـــ الادخار وتحريم الفائدة :

بداية لا تتفق نتائج هذا الجزء من الدراسة مع التحليل النظرى.

ولقد سئل أفراد العينة إذا كانوا يدخرون وأين يدخرون. ولقد أجاب معظم أفراد الاستثمار ذات عائد ثابت أو فائدة ثابتة, مثل شركات البناء, ودائع مصرفية ذات فوائد وسندات حكومية, وقد أجاب فقط ( 10% ) بأنهم يدخرون فى بنوك إسلامية, ولتفسير أسباب استثمارهم لمدخراتهم فى استثمارات ذات فائدة ثابتة, ذكر أفراد العينة النقاط التالية :

( أ ) أن البنوك الإِسلامية بعيدة جداً, وأن أفرب بنك إسلامى هو بيت التمويل الإِسلامى فى لندن, وهو يبعد حوالى 400 ميل.

( ب ) تشترط البنوك الإِسلامية حدا أدنى للوديعة الاستثمارية ( 500 دولار ) ولا يتيح ذلك للمستثمرين الصغار أصحاب المخرات الصغيرة أن يستثمروا أموالهم فى بنوك إسلامية. وهذا الوضع لا يوجد بالضرورة فى البلدان الإِسلامية حيث تقبل المدخرات الصغيرة.

( جـ ) الاستثمار فى شركات البناء أكثر أمانا عنه فى البنوك الإِسلامية (من ناحية العائد ومن ناحية استرداد رأس المال).

( د ) من الممكن تبرير الفائدة على أساس مبـدأ التبادل, لأن فى النظام الذى يقوم على الفائدة يدفع الفرد فوائد, وبالتالى يمكن الحصول على فوائد.

( هـ ) من الممكن للشخص أن يأخذ الفائدة ثم يتصدق بها, خاصة فى بلد لا يطبق الشريعة الإِسلامية فى نظامه المصرفى.

إن مناقشة درجة صحة أو خطأ هذه التبريرات لن تتم هنا, حيث يجب أن يقوم بها خبراء فى هذا المجال.

ولكن ما يمكننا قوله فى هذا الصدد أنه يجب على الهيئات الإِسلامية القيادية أن تمضى قدما إذا كان المطلوب إرساء المبادىء الإِسلامية بين المسلمين فى دول غير إسلامية بشكل خاص.

ويجب أن تبذل مجهود أكبر لتبصير المسلمين فى موضوع الربا.

كذلك يجب بذل مجهودات أكبر لنشر البنوك الإِسلامية وفروعها فى الأجزاء المختلفة من الدولة.

ويجب إعادة النظر فى الحد الأدنى للودائع الاستثمارية وتخفيضه بقدر الإِمكان.

يجب توفير المعلومات الخاصة بعمليات التمويل فى البنوك الإِسلامية للمسلمين وذلك لتخفيف ريبة المستثمرين المحتملين من عمليات تلك البنوك.

الهوامش

*El – Ashker, Ahmed / Anothr Islamic theory of consumer behavior : an empirical inquiry in an a non Islamice country. Durham (U.K.) for Middle Eastern & Islamic Studies, Univerity of Durham, 1985, p. 18 ( Economic Research paper No. 14)

** الباحث محلضر فى قسم الاقتصاد والإِدارة فى كلية بيزلى للتكنولوجيا, اسكتلنده, المملكة المتحدة. وقد تخرج فى جامعة الاسكندرية. جمهورية  مصر العربية. حيث حصل على شهادة البكالوريوس فى التجارة, وحصل على دبلوم عال فى الضرائب من جامعة برمنجهام انجلترا, كما حصل على ماجيستير فى العلوم الاجتماعية فى المحاسبة والمالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر