أبحاث

نحو نظرية إسلامية في الإعلام

العدد 10

تمهيد:

(عم يتساءلون، عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون، كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون). صدق الله العظيم.

المقدمة: مثل متخيل:

عام ألفين استطاعت نخبة إسلامية متخصصة في مجالات علوم الاجتماع والإعلام والنفس والعقائد والعلاقات الإنسانية والطب و”الجهاز العصبي بالذات” أن تحدث تغييرا شاملا في مدينتين: إحداهما في أفريقيا –المجتمع الواقف على أبواب التصنيع- والأخرى

في أمريكا الشمالية -مجتمع ما بعد التصنيع- وأن تنقل الناس إلى حياة جديدة في التصور والأفكار والبواعث والعادات والعلاقات العامة بين الأفراد والأسر والمؤسسات التجارية وفي علاقات الإنتاج والفن وأهداف الحياة وغاياتها.

وكان مجلس الشورى الفنية –وهو أحد أجهزة مجلس الشورى المركزي في الدولة الإسلامية- قد انتدب هذه النخبة للقيام بهذه التجربة؛ استجابة للنداء الإنساني الذي ناشد فيه أمين عام هيئة التنسيق الدولي رئيس الدولة الإسلامية أن يبذل جهوده للمساهمة في حماية المجتمع الإنساني من ثلاث مشكلات تنذر بتقويض البناء الحضاري كله وهي:

التدهور المتلاحق في الإنتاج، فقد سجل الخط البياني لحركة التنمية في معظم دول العالم انخفاضا مخيفا في الإنتاج العالمي. ففي السنوات الخمس الماضية كان التدهور في الإنتاج –وفق الترتيب الزمني- 12%، 14%، 18%، 23%، 28%.

المشكلة الثانية هي: الانحطاط الأخلاقي والنفسي المتلاحق كذلك. ويرد كثير من خبراء التنمية أزمة الإنتاج إلى المشكلة الآنفة: الانحطاط الأخلاقي والنفسي. من جهة أخرى يخشى علماء التربية ونفر من المفكرين العالميين أن يقضي هذا التدني المتتابع في الأخلاق على البقية الباقية من القيم التي تمسك الإنسانية أن تزول.

وثالث المشكلات: تلوث الجو. ليس تلوث الهواء. وإنما تلوث الجو الثقافي والفكري والتربوي والفني.

فأجهزة الإعلام –الصحافة والسينما والتليفزيون والإذاعة والمسرح والملصقات والكتاب- تصبح الناس وتمسيهم بالرديء من الأفكار، وبالشرير من الآراء. وبالهابط من الاهتمامات.

ولقد أغرى الربح تجار الإنتاج الإعلامي وجمهرة الكتاب والمخرجين والصحفيين ومعدي البرامج بوضع خطة جديدة تزيد الجو تلوثا.

وأخذ الناس في غدوهم ورواحهم. في بيوتهم ودور التثقيف والترفيه يستنشقون هذا الجو الملوث.

في هذه الظروف المحشوة والمكسوة بالكآبة استطاعت النخبة الإسلامية المتخصصة أن تنجح في تجربتها وتحدث تغيرا شاملا في مدينتين كاملتين هما الآن دليلان ناطقان على أن السمو أمر ممكن.

كيف وقع هذا التحول؟

في المؤتمر الصحفي الذي نقلته الأقمار الصناعية لخص قائد الفريق الإسلامي المنتدب لإجراء التجربة. الجواب في نقطتين فقال:

استخدمنا –أولا- قانون التحكم والاتصال في السيطرة على حياة الناس اليومية. وهو قانون يعد من أهم دعائم الإعلام الحديث.

“فعلى مستوى هندسة الاتصال أصبح واضحا –كما يقول (فينز) أحد رواد هذا العلم- أن مسائل هندسة التحكم وهندسة الاتصال غير منفصلة عن بعضها البعض وأنها لا تتركز حول تكنيك الهندسة الكهربية، وأنها حول الفكرة الأساسية بدرجة أكبر وهي فكرة “الرسالة” سواء نقلت بوسائل كهربية أو ميكانيكية أو عصبية”.

ومعنى الاتصال: بث المعلومات وتلقيها وهضمها ومعنى التحكم: استعمال هذه المعلومات في تغيير مجرى التفكير ودفع الاتجاه النفسي إلى وجهة مقصودة.

وطبقنا –ثانيا- المبدأ الصحي في حماية البيئة من تلوثات الهواء والماء. فسخرنا التليفزيون والسينما والمحاضرة والملصقات وقصص الأطفال والمسرح والدعاية والمسجد والمناظرة. والصحابة ومناسبات الأعياد. وأعراف الزيارات. ابتغاء تهيئة مناخ صحي. وتوفير جو نقي يعينان على الاستقامة والاستواء وفي مدى زمني طوله ثمانية أشهر طفق الناس في المدينتين يجدون معني الإيمان والفضيلة والسمو والمسئولية ورعاية حقوق الآخرين. وإحسان الأعمال والإبداع فيها.. مصاغة بعناية وجمال في مسلسلات عن الأسرة وأفلام ملونة عن غبطة الركض نحو الله. ومسرحيات تصور مفهوم علاقات الإنتاج في مساره السليم ومستواه الراقي. وتحقيقات صحفية تبشر برسوخ دعائم الأمن النفسي والاجتماعي والوطني والإنساني. وأفلام كرتونية تمحو العادات والمفهومات الرجعية التي غرسها الآباء في نفوس الأطفال وتبعث فيهم قيما جديدة تجلو فطرهم وتؤيد براءتهم بإخلاص الدين ونقائه.

وأنهى قائد الفريق الإسلامي مؤتمره الصحفي –وقد بدا عليه السرور- بقوله “وهكذا نجحت التجربة. ولله الحمد من قبل ومن بعد”.

هذا مثل متخيل قضت بإثباته في مطلع البحث اعتبارات خمسة:

1-   تطبيق المبدأ الإعلامي الذي يلح على ضرورة البداية المثيرة للانتباه.

2- التوكيد على أن الإعلام إنما هو علم الأفعال والتحكم وهو بالتالي وسيلة التغيير والتوجيه والصعود بالناس إلى أعلى أو الهبوط بهم إلى القاع.

3- بعث الإحساس بأهمية الإعلام وأنه وسيلة جديدة لتوسيع نطاق البلاغ المبين وتنويع فرص الصدع بالحق بين العالمين.

4- المبتغى –إسلاميا- ليس انتقالا جاهلا من مرحلة إلى مرحلة. ولا انقلابا أميا لا يقرأ ولا يكتب. إنما المبتغى فيضة مبصرة تتجه رأسا إلى قلوب الناس ونفوسهم وأفكارهم وتدير الصراع الحقيقي في هذه المناطق الطبيعية للصراع.

ووسائل الإعلام هي أدوات هذا الصراع وأسلحته الثقيلة والخفيفة.

5- من حق الإنسان أن يحلم في نطاق الخيال الممكن التحقيق. إن أمة بلا خيال هي أمة بلا طموح. لأنها لا تملك قوة الأبصار الممتدة إلى الأمام ولا شفافية التطلع إلى الكمال المتاح.

من حق المسلم –كإنسان من الناس- أن يحلم بالمساء العظيم أو بالصبح الجميل الذي يذهب الروع ويجيء بالبشرى. فلقد حلم ماركس بدولة الشيوعية، وحلم هرتزل بدولة اليهود، وعبرا عن حلميهما في وسائل إعلامية هي الكتب والبيانات ومن حق المسلم –بصفته- أن يوقن بمستقبل مفعم بالاحتمالات الحسنة. بل بالإنجازات المباركة. فالقرآن العظيم بشر المسلمين في مكة –وهم يومئذ قلة تواجه واقعا عصيبا- بمستقبل يحمل الفكر والنصر والتمكين.

وفتح نوافذ الأمل ومد البصر خارج أسوار الواقع عزائم نفسية وفكرية مدغومة في جوهر خصائص النظرية الإسلامية الإعلامية.

وسيأتلق المعنى في مقطع قادم تحت عنوان: “أبعد من الواقع: الفرصة المفتوحة”.

ومن الحقائق المقررة: أن ارتياد الآفاق الجديدة واستشفاف المستقبل من وظائف الإعلام ومن أهدافه الثابتة.

سطور في المنهج

لئن كان الإعلام –أمس واليوم وغدا- في هذه المرتبة العليا من الجدوى والنفاذ فلماذا أهمله الفكر الإسلامي من الناحيتين: النظرية والتطبيقية؟

فيمكن التقرير –بهدوء وعدالة: أنه ليس لدى الأمة بحوث نظرية متخصصة في هذا المجال. ولا رجال متخصصون يتغلغلون في أجهزة الإعلام المتنوعة فيخدمون قيمهم. ويلمعون من خلال كفاءتهم الحقلية وأدائهم المبدع.

هنا نبتدئ معضلة منهجية تتمثل في:

(أ) المدخل.

(ب) الوسيلة.

المدخل إلى الناس. والتكيف السريع مع وسائل العصر وتسخيرها لخدمة الحقيقة.

فلم يقم الفكر الإسلامي بما ينبغي أن يقوم به تجاه المدخل والوسيلة.

وهما من دعائم المنهج الإسلامي في التغيير والتحول. والاتصال بالناس وما يكتنفهم من هم وحاجة.

وكان من نتائج هذا التقصير المنهجي ما يرى اليوم من نقص من الثمرات أو تعثر في الخطوات. ومن غياب عن الصراع الإعلامي العالمي.

وإنه لعجز غير معلل ثقافيا. وغير مسبب منطقيا.

فالقرآن –وهو المصدر الأول لثقافة المسلمين- تناول مسألة المدخل في حديثه عن مشكلات الناس وهمومهم. وفي حديثه عن العقل كمدخل إلى التوحيد والإيمان وأمر المسلمين بأن يبتغوا إلى الله الوسيلة.

وبالمنطق البشري العرفي: ما كان ينبغي أن يقصر الفكر الإسلامي عن هاتين القضيتين، وذلك أن البشر باجتهاداتهم الذاتية، وبحكم الضرورة والحاجة توسلوا إلى غاياتهم بوسائل ابتدعوها ونفذوا إلى الناس من مداخل شتى.

ويتعين –وفق قاعدة جلب المصالح- الانتفاع بما ينتفع به سائر الناس. ولو لم يكن هناك نص هاد، أو قاعدة مرشدة.

بيد أن للإسلام نظرية كاملة في الإعلام والعلاقات الإنسانية، لها مضمونها الكلي، وخصائصها المفصلة.

المضمون الكلي

بانتهاء الطور السري للدعوة الإسلامية في مكة –وهو طور قصير واستثنائي- بدأت مسيرة الإسلام الإعلامية والإعلانية.

فالعلن هو منهج الوحي وأسلوبه في خطاب الناس. ونشر الحقائق فالوحي هو النبأ العظيم.

“عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم مختلفون”.

“قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون”.

والنبأ لا يكون خفية ولا سرا لأن طبيعته الظهور والعلانية. والإنباء –أي الإعلام بكلام الله- هو وظيفة الأنبياء والرسل.

“يا آدم أنبئهم بأسمائهم”.

“ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر”.

“واتل عليهم نبأ إبراهيم”.

“واتل عليهم نبأ نوح”.

“وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون”.

وكما بدأت رحلة الإنسان بالإنباء “أنبئهم بأسمائهم” ستنتهي بالإنباء كذلك “ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وآخر”.

وقرأ الحجازيون: النبيء والنبيئون… من الإنباء والإخبار عن الله تعالى.

ويتفق خبراء الإعلام على أن الإعلام إنما هو “رسالة” بما ينطوي عليه هذا التعبير من شعب مترابطة:

جهة البث والإرسال.

وجهة التلقي والاستقبال.

وموضوع البث أو محتوى الرسالة.

وحاملي الرسالة.

والإسلام -بطبيعته، وبمقياس هذا المفهوم المتفق عليه- رسالة بالمعنى العلمي للتعبير.

فالله سبحانه هو المرسل: “إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا”.

والناس هم جهة التلقي والإرسال “وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا”.

والحق هو مضمون الرسالة “وبالحق أنزلناه وبالحق نزل”.

وحامل الرسالة هو رسول الله: “يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك” وينتظم في هذا المفهوم الإعلامي الإسلامي واجب أداء البلاغ المبين. تبليغ الناس كافة دعوة الإسلام… ومن شروط البلاغ أن يكون مبينا. أن يقدم الإسلام في أجمل أسلوب. وأحسن وسيلة. وأدق وأوضح بيان. فلا يجوز أن يصاغ المعنى العظيم في شكل دميم ولا أن تقدم الحقيقة في إطار يطفئ بهاءها والاعتبار العصري أو الظرفي له وزنه الراجح في تحديد أساليب التبليغ.

كان موسى –عليه السلام- يؤدي أمانة البلاغ المبين وهو يلقي عصاه ويجابه فتنة السحرة.

“قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين. قال ألقوا. فلما القوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم. وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين. وألقى السحرة ساجدين”.

إن سجود السحرة وإيمانهم بالله من نتاج البلاغ المبين الذي نجح فيه موسى. واختار موسى أن يكون هذا الصراع في حشد من الناس. أو في تجمع إعلامي عام: “قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى”.

وسحر عصرنا هذا هو الإعلام بوسائله التقنية وفنونه المختلفة وسرعة بثه. وقوة تأثيره وبراعته في تزيين ما يريد تزيينه.

وبما أن خبر السماء قد انقطع عن الأرض بانتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى وترتب عن ذلك انقضاء زمن معجزات الدعوة. فليس أمام المسلمين غير إتقان فنون الإعلام. أداء لواجب البلاغ المبين. وإبطالا لصنع السحرة المعاصرين. والبلاغ المبين بمقوماته الثلاثة: التوصيل- والتعريف- والإقناع. يستغرق ثلاث قواعد أساسية في الإعلام المعاصر هي: الاتصال والتحكم. وبث المعلومات. والحجة المنطقية.

ويدخل في دائرة المضمون الكلي للإعلام الإسلامي: مبادئ البشارة والنذارة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدع بالحق.

فالتبشير إعلام بالخير.

والإنذار إعلام بالخطر.

والصدع بالحق. إعلام للناس بالحق الذي ينبغي أن يلتزموا به. وإعلام بالباطل الذي ينبغي أن يفارقوه.

حين نزلت الآية “وأنذر عشيرتك الأقربين” صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي، فلما اجتمعوا أعلمهم الرسول صلى الله عليه وسلم بما بعث به.

والشواهد التي تؤكد وتوضح المضمون الكلي للإعلام الإسلامي.. جهة متعاضدة منها:

قل:

قل يا أيها الكافرون.

قل يا أهل الكتاب.

قل هو الله أحد.

قل لعبادي الذين آمنوا.

قل إن هدى الله هو الهدى.

قل أمر ربي بالقسط.

قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا.

قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا.

قل إنما الآيات عند الله.

(قل هذه) أداة إعلامية ذات ثلاثة عناصر متحدة: القول والقائل والمخاطب. وصياغتها في فعل أمر إلزام من الله للمسلم بأن يقول الحقيقة ولا يكتمها. والتزام من المسلم بأن ينطق ولا يصمت. ويعلن ولا يسر.

ومنها:

أن الله أمر إبراهيم –عليه السلام- أن يؤذن في الناس بالحج. والأذان –لغة- هو الإعلام.

وبراءة الله ورسوله من المشركين كانت أذانا يوم الحج الأكبر.

وفي كل صلاة أذانان: أذان الإعلام بالوقت وأذان إقامة الصلاة. ومنها:

إن الراغب في الإسلام يبدأ الدخول فيه بموقف إعلامي مشهود: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.

ومنها:

رفع الصوت بالتلبية في الحج فذلك إعلام فردي وجماعي كالإقامة على طاعة الله والتزام أمره وليس لك حاجة في أن يرفع المؤمنون أصواتهم بالتلبية. فهو سميع عليم. يعلم الهمس ويعلم السر وأخفى.

لكن الإعلام بذلك ينبثق من طبيعة الإسلام الإعلامية. وجمعه المعجز بين الإخلاص الخفي والمظهر العلني.

والاهتمام بالحدث، والتعبير المناسب عن هذا الاهتمام، شرطان علميان بنى عليهما الإعلام المعاصر فرض نجاحه حين كانت المعركة دائرة بين الفرس والروم ودارت الدائرة على الروم تابع المسلمون هذه المعركة واهتموا بأنبائها وأحداثها.

ثم تنزل القرآن الكريم ينبئ المسلمين بما وقع في أدنى الأرض ويبشرهم بغد أفضل: “آلم. غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله”.

وحين يطرأ على القمر أو الشمس خسوف أو كسوف يسارع المسلمون لأداء الصلاة جماعية معلومة.

ذاك ارتباط بحدث بشري مقرون بالتعبير الإعلامي المناسب عنه. وهذا ارتباط بحدث كوني مقرون بالتعبير الإعلامي الملائم له.

فإذا علم هذا ينبغي عدم حصر معاني صلاة الكسوف والخسوف في هذا الإطار وحده. فموضع الشاهد هنا أمران:

الارتباط بالحدث.

التعبير الظاهري الإعلامي.

بعد تقرير المضمون الكلي للنظرية الإسلامية في الإعلام تأتي مرحلة الدخول في التفاصيل.

خصائص النظرية… تفصيلا

أولا: الوسيلة:

ما يظنه الناس صعوبة في طريق تطبيق الإسلام إنما هو المهاد عينه. والتيسير ذاته. فالإعلام المعاصر مجموعة أجهزة ووسائل تختصر مساحات المكان ومسافات الزمان. وتخاطب أكبر عدد من الناس في أسرع وقت ممكن.

في حجة الوداع حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعون ألفا من المسلمين. وهو أكبر حشد إسلامي في ذلك العصر. ولقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحشود وصايا النبوة بواسطة رجال هم أقرب إليه من غيرهم ينقلون كلامه إلى من فصلت الحشود بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم.

أليس التليفزيون وسيلة تعين على توصيل كلام الله وكلام النبي إلى ملايين الناس.

فبلد عدد سكانه مليون إنسان. متوسط الدخل والثقافة يشاهد التليفزيون ربع مليون مشاهد من سكانه.

والصوت والصورة والحركة واللونان الأبيض والأسود أو الألوان المتعددة. جواذب تشد الناس إلى الجلوس أمام هذه الشاشة الصغيرة.

الشيخ سحنون سافر من المغرب قاصدا المدينة المنورة لتلقي العلم عن الإمام مالك. فطال سفره وأدركه الموت في الطريق.

المذياع كان يغنيه عن ذلك إذ ينقل علم مالك –بصوته- إلى المغرب. لكن المذياع لم يكن من وسائل ذلك العصر.

ينبغي ابتداء أن يحدد الموقف بوضوح وصدق من الوسيلة الجديدة.

والمواقف ثلاثة:

هدم الوسيلة الجديدة وتحطيمها.

مقاطعتها والإعراض عنها.

أو تحويلها وتسخيرها لخدمة الحق والخير.

والموقف الثالث هو اللائق بأمة راشدة تملك معيار الاختيار والانتقاء.

الإسلام لم يخترع السيف ولا الخيل ولا اللغة العربية. ولا الخطبة. ولا النطق. ولكنه استخدم هذه الوسائل في سبيل أهدافه وغاياته. بعد أن منحها المضمون الحق. والضابط الأخلاقي.

الوسيلة الإعلامية عن الركن الثاني من أركان الإسلام ترك اختيارها لاجتهاد المسلمين. فاقترحوا بوقا. واقترحوا ناقوسا ولكنهم عدلوا عن الوسيلتين ثم رأى عبد الله بن زيد بن ثعلبة النداء للصلاة في النوم فأخبر النبي فأقر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوسيلة. التي رآها في النوم –كذلك- عمر بن الخطاب.

الجيل الإسلامي المعاصر والأجيال القادمة حظها عظيم في الوسائل أن هي أقبلت عليها إقبال من يتحرى التقرب إلى الله بكل وسيلة متاحة. وتكيفت معها تكيف من يأخذ من قوله تعالى “وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم” فقها يترجمه إلى قاعدة ناطقة بشعار متجدد دوما: كل مسلم مكلف بمخاطبة جيله بلسان عصره.

الجيل الذي نضج في الستينات أو السبعينات ليس مسئولا عن وسائل عصور نسخ الكتب باليد أو نقل البريد بالإبل. إنه مسئول عن موقفه من وسائل عصره أتقن. أم أهمل.

السينما: وسيلة إعلامية ذات تأثير عميق في حياة الناس وأفكارهم ومشاعرهم وآرائهم المذهبية والسياسية.

ولم يكن ممكنا –مثلا- حجب السينما عن مصر ولكن كان من الممكن أن تبدأ الحركة السينمائية بداية أفضل عن طريق الإحساس المبكر –لدى الإسلاميين- بجدوى هذه الوسيلة.

خطب لينين في مؤتمر شيوعي فقال “السينما هي مدخلنا الثقافي والفني إلى الجماهير وعشرة سينمائيين مهرة يدعمون الحزب في حقلهم يرجحون بعملهم هذا تأثير مليون كتاب” وصناعة السينما في الولايات المتحدة الأمريكية تطورت حتى أصبحت سلطة نافذة وجسرا تعبر فوقه الحياة الأمريكية إلى العالم كله.

بعد أن ينهي هذا اللقاء أعماله سقيم الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة –وفي القدس بالتحديد- مهرجانا باسم المهرجان اليهودي الدولي للسينما والتليفزيون. يمول هذا المهرجان عدد من رجال الأعمال اليهود.

وسيعرض في المهرجان أكثر من 300 فيلم عن اليهود تم إنتاجها في الدول الغربية في عامي 1974 – 1975م.

في المهرجان ندوة خاصة موضوعها: “صورة اليهود في وسائل الإعلام” ويعلم المطلعون على شئون السينما أن بلايين الدولارات اليهودية موظفة في صناعة السينما وأن مدارسهم الفكرية والفنية تعني تخريج كتاب قصة، ومخرجين وممثلين عالميين.

ولعل للمقارنة مكان هنا.

كان ذلك مثل اليهود في السينما. أما مثل بعض المسلمين في الهند فقد اختلف.

اشتغل قطاع من مسلمي الهند بالسينما. فما خدموا مبادئهم ولا دعموا وجودهم الثقافي والفكري في شبه القارة.

سبب ذلك أن هؤلاء لم يبرعوا في فن كتابة القصة. ولم يعززوا اتجاههم الفني بمؤسسات مالية للإنتاج السينمائي. وقبل ذلك لم يحددوا لأنفسهم قضية ولم يرقوا وعيهم السياسي.

وهذه المقارنة جزء من المقارنة العامة بين وزن الأقلية اليهودية في أمريكا. ووزن الأقلية المسلمة في الهند.

وقبل الانتقال إلى وسيلة أخرى: من اللازم ضبط الكلمات لكي لا توضع على غير مواضعها.

الحديث عن السينما وصفي لا حكمي، وتصويري لا تقريري.

فليس من شأن هذه الدراسة الدخول في جدل متسائل: السينما أهي حرام أم حلال؟ خير من ذلك كله وأجدى: العمل الجاد على دفع الشباب الإسلامي إلى النبوغ في هذا المجال. فالحكم ينصب على المستوى والمحتوى.

وحين توجد النخبة الإسلامية الممتازة في هذا الحقل. ينتهي الإشكال عفوا.

التليفزيون:

اقتحم التليفزيون الجدار والأسوار واتصل بالناس وهم في بيوتهم. تستطيع الأسرة أن تستمع إلى محاضرة أو تشاهد فيلما أو تطلع على حدث عالمي أو تتابع مناظرة فكرية. دون أن تنتقل من مكانها.

وهذا تيسير ثقافي لم يحدث في التاريخ البشري المكتوب وغير المكتوب.

وفي التيسير التليفزيوني توفير للوقت واختصار للمتاعب. وإلغاء للامتيازات الثقافية التي كان الكهان والنبلاء يحتكرونها. وتعميم للمعرفة.

التليفزيون ينقل نفرة الحجيج من عرفة أو ينقل لقطات من بدائع الله في الكون من خلال رحلات الفضاء فيشرك المشاهدين في نعمة الدين ونعمة الإعجاب بما خلق الله من شيء.

وينقل الجريمة والعنف والشخصيات المشوهة نفسيا وأخلاقيا فينقل التخلف ويصيب المجتمع بهذه البوائق.

إدراك هذا الواقع يوقد في العزم رغبة تحويل التليفزيون إلى أداة تساهم في تمكين الدين في الأرض وتحسين مستوى الإنسان.

ومما يزيد هذه الرغبة توهجا العلم بأن أثر التليفزيون يتعمق ويمتد أكثر في طائفتين من الناس.

الأميين.

والأطفال.

وأسباب التأثر مشتركة بين الطائفتين تقريبا وهي: الانبهار وفقدان الحصافة الثقافية. وعدم القدرة على الانتقاء والاختيار.

والأمة الإسلامية تنتمي كلها –بلا استثناء- إلى العالم المتخلف: فإذا أخذ الوطن العربي كمثال من العالم الإسلامي. تبين مدى أثر التليفزيون في أمييه وأطفاله. تتراوح نسبة الأمية بين 70% و 75% في معظم الأقطار العربية وترتفع هذه النسبة حتى تصل إلى 95% في بعض البلاد العربية.

عام 1980 سيكون عدد الأطفال الذين هم بين الخامسة والرابعة عشر سنة 43 مليون طفلا.

فالمسارعة إلى تحويل التيلفزيون إلى وسيلة خير وهدى تحمي هذه الجموع من التأثير السيئ. بل تجعل التليفزيون جهاز تعليم ناجح بمحو الأمية ويعجل بإنضاج الأطفال نفسيا وفكريا. ويحرر العقل العربي الإسلامي من قيود الخرافات مثلا. ففي إحدى البلدان العربية أثبت استفتاء طبق على القادة الثقافيين –وفيهم رجال إعلام- أن 68% منهم يعتقدون بوجوب زيارة الأضرحة وتقديم النذور لأصحابها مجموعة من التمثيليات التليفزيونية الناجحة تستطيع تحرير هذه العقول من هذه الخرافات إذ تضع الخرافي القبوري في صورة شخصية تعيسة. مختلة المعيار والتصور ينفر منها كل مشاهد ويدعو الله أن يعصمه من الوقوع في مثل هذا الضلال.

الإذاعة:

في العصور الماضية كانت درجات الصوت تتفاوت بين الخفيض والمتوسط والجهوري وهي درجات محكومة بقوة الصوت المحدودة. أما اليوم فقد تغير الحال.

تضاعف مدى الصوت بلايين المرات، وامتد حتى اخترق القارات ونفذ إلى سكانها. هذا التمديد العلمي لوظائف الحواس يقدم للدعاة وسائل جديدة تعينهم على أداء رسالتهم، كان الطغاة والكهنة والخائفون من الحقيقة يمنعون الدعاة من تبليغ كلمة الله إلى الناس فجاء المذياع لينهي هذه الوصاية ويثب فوق الحجب والموانع.

الذين لم تبلغهم الدعوة في العالم: يمكن أن تبلغهم من خلال الإرسال الإذاعي القوي المبثوث بمختلف اللغات واللهجات. أو –على الأقل- تبعث فيهم فطرة البحث عن الحقيقة فتكون وظيفة الدعاة –من ثم- تثبيت الاقتناع والدخول في تفاصيل العبادة والسلوك.

لا شك في أن هذا العمل الإيجابي يفيد الإسلام ويحفظ طاقة المسلمين من أن تضيع في جدل: موجزة: ما مصير الذين لم تبلغهم الدعوة. أهم هالكون أن ناجون؟ في هذه اللحظة يموت خلق كثير من بني آدم.

وفي كل يوم. وكل ساعة. وكل ثانية. يموت كثير من الناس –إلا من رحم الله- على سوء الخاتمة وعلى الكفر والضلال.

ومن الرحمة بالبشر إنقاذهم من هذا المصير. وسرعة الإنقاذ توجب سرعة الوسيلة، أي استخدام الإذاعة في خطة الهداية.

المؤذن يثاب بمدى صوته. كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم “لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا انس ولا شيء. إلا شهد له يوم القيامة”.

كذلك الداعية يثاب بمدى صوته، وبعد بلاغه ودعوته.

وكالة الأنباء:

من الملاحظات غير السارة أن أمة النبأ العظيم والأنباء ليس لديها وكالة أنباء عالمية في مستوى رويتر الإنجليزية والوكالة المتحدة الأمريكية. وتاس السوفيتية ووكالة الأنباء برس الفرنسية.

وهي ملاحظة شبيهة بملاحظة انتشار الأمية في أمة كانت “اقرأ” أول كلمة في أول سطر من قرآنها الكريم.

فأنباء العالم الإسلامي وأحداثه وقضاياه يطلع عليها العالم. بل المسلمون أنفسهم في البرقيات والتقارير الإخبارية التي تذيعها الوكالات الأجنبية.

وأصبحت وظيفة الصحافة والإذاعة والتليفزيون –خبرا وتعليقا- في العالم الإسلامي محصورة في إعادة نشر تقارير الوكالات الأجنبية باللغة العربية أو باللغات الأخرى المحلية. نتيجة لهذا الغياب الإخباري: طمست قضايا المسلمين في الفلبين وعفر وتايلاند وجزر القمر وألبانيا. وغير ذلك. كما شوهت صورة العربي النفطي. وحقيقة الصراع بين هذه الأمة ويهود.

وهو غياب يعبر عن ضعف الإحساس بمكانة الإعلام وتأثيره. فلم يعبأ المسلمون بالبحث عن الخبر ولا بفن صياغته وتقديمه وفن توقيت إذاعته.

الصحافة:

ما تزال الصحافة تحتفظ بمركزها بين وسائل الإعلام لكن بعد أن طورت نفسها وبدلت وسائلها. في الطباعة والتحرير والإخراج والتوزيع. وانتفعت بالأقمار الصناعية في نقل الكلمات والصور.

لقد بلغ عدد النسخ الصحفية المطبوعة في العالم 400 مليون نسخة يوميا. وهذا العدد يوزع على ثلثي سكان هذا الكوكب تقريبا فهناك مليار ونصف إنسان لا تصل الصحف إليهم بسبب الأمية وتدني الدخل وتخلف المواصلات.

غزا الناس –من غير المسلمين- هذا المجال- كذلك- وتمكنوا فيه. لدى اليهود 244 صحيفة في الولايات المتحدة وحدها منها 158 دورية. ولديهم 30 ثلاثون دورية في كندا. ولهم 118 صحيفة في أمريكا اللاتينية. وفي أوربا 348 دورية. ولهم في العالم كله صحف ومجلات ودوريات يبلغ عددها 760 صحيفة ومجلة دورية. في الولايات المتحدة وكندا تصدر 1861 صحيفة يومية.

ونص دستور الاتحاد السوفيتي على إنشاء شبكة صحفية هدفها تدعيم النظام الشيوعي وخططت منظمة الصحافة العالمية التي تضم 130 بلدا لإقامة مركز علمي للأبحاث الصحفية يشرف على هذا المركز ويديره أكثر من ألف عالم وفني. فكم نسبة المسلمين بين هؤلاء العلماء والفنيين؟

في الظروف الطبيعية ينبغي أن يكون الخمس هو نصيب المسلمين في تأسيس هذا المشروع وإدارته –إذ بين كل خمسة من سكان الأرض نجد مسلما- بينما الواقع لا يعطي المسلمين أكثر من 1% كتعبير عن التخلف الصحفي في العالم الإسلامي:

الكتاب:

حفظ ابن تيمية مسند الإمام أحمد كله.

ويسر باحث غير مسلم –وهو الدكتور أ. ي. ونشنك بالاشتراك مع لفيف مع المستشرقين- الاطلاع على السنة. وسهل على الباحثين والمحدثين وطلبة العلم الحصول على ما يبتغون من العلم النبوي. إذ رتب أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم –في سبعة مجلدات- ترتيبا مكتبيا علميا يستخرج الحديث من أوله أو وسطه أو آخره. فقول الرسول لأبي بكر وعمر “لو اجتمعتما على رأي ما خالفكتما” تجده في: لو وجمع وعلى ورأى وما وخلف.. تجده في أصل الكلمة وفي التصريف والاشتقاق.. ومع الحديث ذكر مصدره.

والمقصود من هذين المثلين إبراز الفرق الكبير بين عصر ابن تيمية الذي يلزم العالم بجعل ذاكراته كمبيوتر فوق العنق والكتفين وبين عصرنا الذي يسر العلم وأدنى قطوفه بوسائل الطباعة الحديثة وبفنون التنسيق والترتيب والتنظيم. وهي وسائل لم ينفع بها المسلمون –كما ينبغي- في نشر دينهم وعرف أفكارهم وثقافتهم.

منذ أن أبرق عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق –في مطلع العام الهجري الثاني- وقال للعلماء وأهل الرواية: “انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعوه “وحتى الآن لم يبذل مجهود علمي يماثل أو يقارب مجهودا ها الباحث الهولندي. ولئن وجدت معاذير شتى للأقدمين. فإن المحدثين لا عذر لهم، ولو ألقوا معاذيرهم. فهؤلاء وجدوا في عصر زاخر بإمكانات الترتيب الفني.

الكتاب الإسلامي يحتاج إلى مراجعة في شأنه كله القديم الموثق يحتاج إلى ترتيب وإخراج جديدين، والقديم غير الموثق يحتاج إلى توثيق وضبط وتنظيم جديد أيضا.

وما برح احترام الدين والعقل يلح على ذوي الفكر الإسلامي الخالص. بأن يتحملوا مسئولية نفضة ثقافية شاملة في تراث المسلمين الثقافي. لأنه من الإهانة للكتاب أن يجعل ناقل خرافات.

يواجه الكتاب الإسلامي الحديث عددا من العوائق المتداخلة: بعضها ذاتي وبعضها خارجي.

فمن العوائق الذاتية: الأفكار المتطابقة في المؤلفات الحديثة، ولا يعيب الناس أن تكون بينهم وحدة فكرية. إنما الخطأ في انعدام التنوع والإبداع. وهو خطأ أشاع روح التقليد والمحاكاة. فمعظم المؤلفات الحديثة يبدأ بالضوابط والقيود والكوابح. في أمة قهرتها القيود والضغوط.

البدايات الصحيحة في عالم هذا واقعه: الدعوة إلى التحرر والانطلاق في إطار التصور والمعيار الإسلاميين. وهذه قضية منهجية يصعب على الفكر الإسلامي أن يتقدم قبل أن يعالجها.

ومن العوائق الخارجية: أن الكتاب الإسلامي يعيش اليوم في عصر التليفزيون والإذاعة والصحافة. وهذه أجهزة تنافس الكتاب منافسة قوية حادة. ولا يستطيع الكاتب الإسلامي أن يعيش بين هذه الأجهزة إلا إذا كان قويا متجددا. يقدم للناس –للصفوة على الأقل- ما لا تجده في تلك الأجهزة.

ومن العدل تقرير ما قدمه الكتاب الإسلامي الحديث من فكر أصل فأبطل شبهة. ورسخ حقيقة. وما المآخذ التي ذكرت إلا تحديد لنقص قوم قادرين على التمام.

وسائل أخرى:

لقد أرجئ الحديث عن خطبة الجمعة –كوسيلة إعلامية- لسببين الأول: أن العمل بهذه الوسيلة يتحقق كل أسبوع. والسبب الثاني أن خطبة الجمعة سترد في فقرة تالية من هذا البحث.

وهناك المسرح. والمعرض. والبريد. والدوريات. والكاسيت. وكلها مما يجب الانتفاع به. لم تذكر مفردة. لأن إتقان العمل بالوسائل الآنفة يحتويها ويستغرضها.

ولا يكون استخدام هذه الوسائل سليما إلا بشرطين:

الكفاءة التقنية.

القضية المختارة بعناية.

في الكفاءة لا بد من التخصص الفني بمعناه العلمي والجمالي. لقد تطورت الطباعة وأصبح الحرف ينضد الكترونيا. وأوشك الخبراء أن يفرغوا من تصميم عقل صناعي اسمه “الجامعة العالمية”. يخزن هذا العقل في ذاكرته جميع المعلومات الإنسانية منذ بدء الخليقة إلى اليوم وغدا. ويوضع هذا العقل في صاروخ يدور حول الكرة الأرضية دورات غير منقطعة. ويستطيع أي إنسان أن يتصل به من الأرض بواسطة قلم الكتروني يعمل بأشعة ليزر.

وتقدم فن التصوير السريع والبطيء ففتح آفاقا جديدة في هذا المجال. بهرت الناس وسحرت أعينهم في السينما والتليفزيون والصحافة الملونة.

يضاف إلى ذلك. كتابة النص بأسلوب فني. والمهارة في السيناريو والمونتاج والإخراج والتمثيل.

والتلازم في القصد والعمل يقضي بالتعاون المنظم بين المال والفكر والكفاءة الفنية وفن القضية. تدور المحاولات الإسلامية في الإنتاج الفني –السينمائي أو المسرحي- حول التراث. ولا ضير في تجديد التاريخ. لكن الإسراف في هذا الجانب يقطع صلة المسلمين بعصرهم وقضاياهم الحاضرة. قضايا التخلف العلمي، والعقم الإداري، والمعايير المضطربة في الرفض والقبول وتقديم الرجال وتأخيرهم، وعلاقات الإنتاج، والتطفيف في المكيال والميزان، والصراع بين الإسلام ويهود، والأسرة وما تتعرض له من نزاع ضار منه ما يجرها إلى التقاليد المهترئة بدون عقل أو منطق ومنه ما يقذفها في الواقع الضال بلا عقل أو منطق.

لقد تغير الحال. وتغيرت المشكلات وأدوات الصراع.

كانت الحضارات –في الماضي- تنتقل من بلد إلى بلد مع المشاة وفرسان الخيول. أما اليوم فإنها قد اتخذت من التليفزيون والإذاعة والصحافة والسينما ووكالات الأنباء وسائل للانتقال والاقتحام والتمكن.

ثانيا: المدخل:

وهو شعبتان:

1- الشعبة الأولى: الجاذبية والجمال:

جذب الانتباه وأثارته وتحريك الإحساس الجمالي. مداخل إلى نفوس الناس ومفاتيح لعقولهم وأفكارهم.

كيف تثير الانتباه؟

هذا السؤال موضع اتفاق بين علماء الإعلام. والعلاقات الإنسانية والإعلان. من أجل ذلك نبغ في فن الشعار السياسي والتجاري والإعلاني أناس كثيرون إذ أن الشعار الجديد مثير للانتباه.

والملصقات. واللافتات. والضوء. هذه أيضا وضعت في خدمة هذا المدخل والبدايات الملفتة. في الكتاب. والتحقيق الصحفي. والفيلم استحضار للوعي. وجذب للانتباه.

أحد وجوه الإعجاز القرآني. جذب الانتباه الإنساني. وتحريك وعيه بالبدايات الملفتة. كثير من سور القرآن كانت بداياته توقظ في العربي –بقوة وعمق- إحساسه اللغوي ووعيه العقلي.

“ألم. ذلك الكتاب. لا ريب فيه”.

“ن. والقلم وما يسطرون”.

“ص. والقرآن ذي الذكر”.

“الر. تلك آيات الكتاب المبين”.

“ألهاكم التكاثر”.

“والذاريات ذروا”.

“ق. والقرآن المجيد”.

“حم. تنزيل من الرحمن الرحيم”.

“كهيعص. ذكر رحمة ربك عبده زكريا”.

“طس. تلك آيات القرآن وكتاب مبين”.

“الحاقة ما الحاقة. وما إدراك ما الحاقة”.

“لا أقسم بيوم القيامة”.

الحروف عربية مما يألفه الناس ويحركون ألسنتهم به. لكن الإعجاز في التركيب وفي البداية المحركة للانتباه الموقظة للحس اللغوي والعقلي لهذا الكتاب المبين.

هذا معنى واحد من معاني البدايات القرآنية التي هي وجه واحد من وجوه الإعجاز التي لا تنقضي.

يعرف الفرنسيون الإعلام بأنه: “إعطاء الشكل” أو “الوضع في الشكل” أن الإحساس بالجمال فطرة في الإنسان، وتحريك هذا الإحساس مدخل إلى عمقه النفسي والفطري، ويتم التحريك بطرق متعددة: منها تقديم الحقائق والمعاني والقيم في وعاء جميل وشكل جذاب وكساء أنيق، يبث الإعلام المعاصر من الباطل أكثر مما يبث من الحق، وهو يخدع الناس بهذا الباطل، إذ يزينه لهم بالصورة واللون والحركة والإخراج والمكياج والبسمة والتظرف.

الشيطان ذاته يفعل نفس الشيء فهو يزين لأوليائه أعمالهم ويجملها.

“وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم”.

“فزين لهم الشيطان أعمالهم”.

“قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين”.

حكاية عن ممثلة تخرج في برنامج تليفزيوني ملون، يحف بها ديكور أنيق، ويقدمها مذيع لبق، بينما يعرض الإيمان في كتاب ذر ورق رديء، وتنفيذ مضطرب، وفهارس متعبة، وتغليف قبيح، وعنوان باهت، أو يعرض الإيمان في خطبة تفتقر إلى قوة المعنى وجمال الأداء.

وليس هكذا منهج القرآن.

فالنص القرآني فصل في جمال لغوي معجز. وتألق هذا الجمال في الآيات التي تحدثت عن الكون مثلا.

“ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين”.

ويعرض القرآن الكريم “الإخراج” الرباني للكون في صورة بديعة: “وهو الذي نزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات وأعناب والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه. انظروا إلى ثمره وينعه إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون”.

كما يعرض الإخراج الرباني للبشر خلقة وخلقا:

“والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والبصر والأفئدة قليلا ما تشكرون”.

“كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”.

والحسن والسرور به. مداخل قرآنية إلى نفوس الناس:

“والأرض مددناها وألقينا فيها من كل زوج بهيج”.

“وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة”.

والبهجة الحسن. والابتهاج: السرور.

2- الشعبة الثانية من المدخل: الهم والمشكلة:

مشاركة الناس همومهم والتعاطف مع مشكلاتهم. مداخل إلى نفوسهم وأبواب لشخصياتهم. ويستطيع كل إنسان أن يجرب ذلك ويلمس أثاره بيده حين يحادث إنسانا آخر –ويترك انطباعا في نفسه- في ما يهمه من أمر أسرته وفي المشكلات التي تضايقه في وظيفته أو في مستقبله الاقتصادي. أو في أمور الزواج والحب إن كان شابا.

غرائز الإنسان وحاجاته ينبغي أن تكون مدخلا إعلاميا إسلاميا إلى أعماق الإنسان. لقد أتقن الإعلام المعاصر هذا العمل. حيث خاطب الإنسان واتصل به من خلال غرائز التملك والطموح والمحافظة على الصحة. وغرائز الأبوة والأمومة. وتوكيد الذات. والخوف. وحواس النظر واللمس والشم والذوق والسمع. وربط الإعلام خطاب هذه الغرائز والحواس بما يريد أن يقوله للناس. اقتصاديا واجتماعيا وفلسفيا وسياسيا. فكان التأثير، وكان التفاعل، وكانت الاستجابة.

الإعلام الروسي والصيني يشتق من المجاعات. والتفاوت الطبقي. والبؤس العام مادة يدندنون حولها.

والإعلام الأمريكي جعل فكرة “الركض نحو السعادة المادية” بمفهومها المالي والجنسي والترفيهي مساهمة لنشاطه.

والإعلام التجاري استمد فلسفته من رغبة الناس في الاستهلاك وتلبية حاجات غرائزهم ولا ينجح الإعلام الإسلامي إلا إذا جعل هذه الغرائز والحاجات والهموم أحد مداخله إلى الناس. فالتجريد الفكري –والفكر طاقة الإعلام- ليس من منهج الإسلام ولا أساليبه في الدعوة وكسب الناس.

وليقعن للإعلام الإسلامي ما وقع لطائفة المعطلة في التاريخ المذهبي لهذه الأمة. فإن هؤلاء القوم زاغوا فكريا فعطلوا صفات الله سبحانه.

ومع حسبان الفارق بين المستويين فإن معطلة اليوم يجردون قيم الإسلام ويسكتون نبضها، وذلك بعزلها عن هموم البشر وبلائهم ومشكلاتهم وهو اتجاه يباعد بين الدعوة والناس.

كانت الهموم والمشكلات أحد مداخل آيات القرآن المكي إلى نفوس الناس وحياتهم الشخصية والاجتماعية.

وصل القرآن حركة السوق والمظالم التي تكتنفها بقضية الإيمان بالبعث “ويل للمطففين. الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون. وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون. ليوم عظيم. يوم يقوم الناس لرب العالمين”.

ووصل مشكلة دع اليتيم. وعدم الحض على طعام المسكين بالتكذيب يوم الدين “أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين”.

وأنه لاقتحام العقبة الكبرى: إن تحرر الرقاب ويطعم الساغبون واليتامى والمساكين “فلا اقتحم العقبة. وما إدراك ما العقبة. فك رقبة. أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة. أو مسكينا ذا متربة” وهي هموم ومشكلات كانت تعنت العرب. وتشقى وفي وحدة موضوعية اتسق الحديث عن عبادة الله مع الحديث عن الأسفار التجارية والجوع والخوف “لإيلاف قريش. إيلافهم. رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”.

آيات القرآن المدني فصلت التشريع في مشكلات الربا والخمر والسرقة والطلاق. وغير ذلك.

الهم الفردي كان سببا في نزول آيات بينات:

في مكة: “عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى”.

في المدينة: “قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله. والله يسمع تحاوركما”.

ومنهج ربط قضايا الناس بالتوحيد والدعوة وتقوى الله. وبالدار الآخرة إنما هو منهج الأنبياء جميعا.

مثلا: في سورة الشعراء:

هود وصالح ولوط وشعيب –عليهم السلام- دعوا إلى توحيد الله من خلال المشكلات الاجتماعية التي تموج بها مجتمعاتهم. وهي مشكلات صناعية وزراعية وخلقية وتجارية. الإعلام النازي استغل العقد النفسية في ترويج أفكاره. والإعلام اليهودي استغل هذه العقد كذلك في كسب الرأي العام للفكرة الصهيونية.

فلماذا لا يستغل الإعلام الإسلامي الدوافع الفطرية الطبيعية لدى الإنسان في ضم أكبر عدد ممكن من البشر إلى صف الإسلام.

ثالثا: الاتصال:

إذا صحت الوسيلة. وصح المدخل. صح الاتصال الإعلامي.

فما هو الاتصال؟

هو جهد إنساني هدفه إنشاء صلة بالناس أو تحسين صلة أو تغيير صلة. على أساس عقائدي أو مهني أو مصلحي.

والاتصال نمطان: فردي وجماعي. ولقد امتدت خيوطه في نسيج التاريخ الإنساني كله. ثم جاءت المواصلات الحديثة وأجهزة الإعلام الجديدة فنشطته ووسعت مداه. فالمؤتمرات الدولية العلمية السياسية والثقافية. والتليفزيون والإذاعة والطائرة والأقمار الصناعية والتليفون والصحافة. جسور جديدة للاتصال بالناس.

ويعد خبراء الإعلام حسن الاتصال من أقوى وأنجد الخطط الإعلامية. من خصائص النظرية الإسلامية الإعلامية: فن الاتصال بالناس.

الأنبياء والرسل –عليهم السلام- كانوا يحرصون على الاتصال ببني آدمز وكان الطغاة يخشون هذا الاتصال، ويعملون على تقطيع خطوطه: بالتضييف على الأنبياء مرة، وبعزل الناس عن الرسل مرة أخرى.

كل رسول مكلف بأن يوصل كلمات الله إلى البشر: “ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون”.

الإنسان هو موضوع الدين. والاتصال به يعبر عن الوظيفة الجوهرية للدين. وبعد أن يتلقى رسل الله الوحي يتوجهون كفاحا إلى الاتصال بالناس ابتغاء هدايتهم.

مشركو مكة وكفارها اقترحوا على أبي طالب أن يمنع ابن أخيه –محمدا رسول الله- من الاتصال بمن يخافون عليهم الفتنة من الدعوة الجديدة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يترك مكانا يتجمع أو يمر به الناس إلا ذهب إليه ووصل للقوم رسالة الإسلام.

في دائرة المسلمين تكاثرت أواصر الاتصال وتوطدت. في الصلاة والحج.. حتى العطسة يعطسها المسلم فتكون مناسبة للاتصال المتمثل في الحمد والتشميت. في المجال الإنساني العام يقرر القرآن أن الله جعل الناس شعوبا وقبائل من أجل التعارف. الأمم المتحدة بمنبرها العام وبمنظماتها الفرعية الثقافية والصحية والغذائية والقضائية والزراعية. والحوار العربي- الأوربي. ومنظمة الوحدة الأفريقية. وتبادل البرامج والخبرات العلمية في الجماعات ومراكز البحوث. واللقاء العابر في الطائرة والمهرجانات الرياضية. هذه فرص قد هيئت للتعارف والاتصال الهادف.

رابعا: الظهور الإعلامي:

الظهور. أحد الأركان الثلاثة للدعاية:

تعريفه: أن يتفوق شعار تجاري أو سياسي على شعار آخر منافس له في عالم الأفكار والعقائد، يسعى كل صاحب مذهب وفكر على ظهور مذهبه أو فكره. ويقوم ظهور الإعلام الإسلامي على حقيقة كلية أساسية نزل بها قرآن محكم.

“هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله”.. والنص ذاته جاء في سور ثلاث هي: التوبة والفتح والصف.

والظهور على الدين كله يتضمن الظهور على الفكر كله. والثقافة كلها. والإعلام كله.

ما هو هدف الدولة الإسلامية؟

ما هو هدف الجهاد الإسلامي؟

ما هو هدف الانتصار العسكري؟

أما جواب القرآن فهو: “فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا”.

وأما جواب الرسول فهو: “من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله”. فغاية نشاط المسلمين: اعلاء كلمة الله. ولو أن مسلمين انتصروا في كفاح عسكري أو مالي أو سياسي ثم عجزوا أو استخفوا بقضية الظهور الإعلامي لدينهم. فإنهم بعملهم الناقص هذا يهزمون غايتهم الكبرى.

قضى الله أن يكون القرآن مهيمنا على ما سبقه من كتب سماوية. ينبثق من هذه الحقيقة: معنى هيمنة الثقافة الإسلامية على ثقافات أهل الكتب السماوية. وعلى ثقافات الموضعين. وأجهزة الإعلام الحديثة هي منابر الظهور والهيمنة والتفوق.

ولقد ضاق الجاهليون بالظهور الإسلامي للإسلام، فلجئوا إلى التشويش الإذاعي: “وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون”.

خامسا: إذاعة الحقيقة في إبانها:

الحالة النفسية المهيأة. وظروف الزمان والمكان المواتية مناخ إعلامي لبث لآراء والمعلومات والأفكار. وترويج السلعة.

رجل الإعلام الناجح هو الذي يدرس اللحظة وينظمها في سياق التأثير والإقناع، لا تتقدم ولا تتأخر، بل تحري الوقت الملائم لإذاعة الحقيقة. كما يفعل المؤذن وهو يتحرى وقت الصلاة. فإذا حان رفع صوته بالآذان.

الأوقات التي تعقب الغداء أو العشاء. لا تلائم الإعلان عن الأطعمة لأن الشهية تكون فاترة أو مغلقة.

التليفزيون يجري استفتاءات لمعرفة أنسب الأوقات. لبث البرامج ومراعاة الظروف الزمنية للمشاهدين. ومن المعروف أن أسعار الإعلانات في التليفزيون تختلف باختلاف الأوقات.

في السياسة يوصف الشعار بأنه “علم اللحظة الراهنة”.

القرآن الكريم تنزيل منجما على الحوادث –والنجم الوقت المضروب كما في مختار الصحاح- وهناك فرع ذو بال من علومه لا يستطيع المفسر أن يتجاهله أو يتجاوزه وهو “أسباب النزول”.

إذاعة الحقيقة في أبانها في الإعلام الإسلامي تستمد من أسباب النزول معناها وعمقها: ففي الوقت المناسب كان القرآن يتنزل فيتصل الآي بالحادث الذي تشكل اللحظة الراهنة وعاءه الزمني –فيقرر الحقائق ويعالج المشكلات ويجيب على الأسئلة.

سورة “عبس وتولى” لم تتقدم حادث ابن أم مكتوم، ولم تتأخر عنه، وإنها نزلت في الوقت المناسب.

“يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع.. إلى آخر السورة” حقيقة أذيعت في وقتها حين آثر رجال التجارة واللهو على خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظهر الجمعة.

“قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله”. حقيقة أذيعت في أبانها: لحظة أن نقول أهل مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له.

“يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله”.. حقيقة أذيعت في أبانها. حين تمارى صحابيان –بين يدي رسول الله- في شأن تأمير القعقاع بن معبد والأقرع بن حابس.

“قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها…” حقيقة أذيعت في أبانها حين أتت خولة بن ثعلبة تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآيات.

“لا إكراه في الدين” حقيقة أذيعت في أبانها حين هم نفر من الأنصار بإكراه أبنائهم على الدخول في الإسلام، وكان هؤلاء الأبناء قد هودتهم أمهاتهم ليعيشوا… وتلك خرافة جاهلية.

“وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا” حقيقة أذيعت في وقتها حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا.

والحقيقة المنزلة فعلا يمكن أن تذاع في سياق زمني مناسب. كما فعل أبو بكر رضي الله عنه يوم وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. وعندما صعق عمر رضي الله عنه لحظة سماع النبأ. لقد تلا أبو بكر: “وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم”؟ تلاها وكأن الحادث سبب ثان من أسباب النزول.

أهل الباطل يجتهدون في تحري الوقت المناسب كذلك.

في 3 مارس 1924 ألغى كمال أتاتورك نظام الخلافة وطويت رايات الإسلام.

أول أبريل 1925 أصدر علي عبد الرازق كتابه المعروف “الإسلام وأصول الحكم” وهو تأصيل فكري لإجراءات الردة في تركيا.

انتهز كاتب شيوعي وقتا اتسم بحلول سياسية معينة فأصدر كتابه “بعد أن تسكت المدافع” والكتاب دعوة صريحة إلى التعاون الحضاري بين الوطن العربي والكيان الصهيوني.

منذ أن قام هذا الكيان الاحتلالي. والشيوعيون يؤيدونه سرا. فلما رأوا وقتا مناسبا جهروا بآرائهم.

سادسا: أبعد من الواقع الفرصة المفتوحة:

أفاد الإعلام المعاصر من الدراسات المستقبلية عن الاقتصاد والسكان والصحة ونوع التعليم ومواطن الغد. وأقام صلة بين حاضر الناس ومستقبلهم.

فمن مهام الإعلام فتح آفاق جديدة أمام عقل الإنسان ونفسه وطموحه.

ومن خصائص الإعلام الإسلامي مخاطبة السلوك الإنساني على أساس “الفرصة المفتوحة” التيئيس والقرارات المطلقة والأحكام النهائية. والطرق المسدودة. اتجاهات لا يقرها الإعلام الإسلامي. لأنها تحجر ما وسعه الله، وتحبس الناس في سجن الواقع، وتخيب آمالهم.

من الحق أن تقرر الأحكام وترسي القواعد. لكن لكل قاعدة استثناء. أي فرصة مفتوحة والقرآن مفعم بالاستثناءات.

“إلا الذين تابوا”.

“إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان”.

“إلا عابري السبيل”.

“إلا الذين يصلون إلى لقوم بينكم وبينهم ميثاق”.

“إلا أن تتقوا منهم تقاة”.

“إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان”.

والفرصة المفتوحة –على المستوى الفردي- أمل في مستقبل نفسي وخلقي وسلوكي أفضل والتوبة في الإسلام أعظم أمل يطمح إليه إنسان. فمهما كان الواقع سيئا وخانقا فإن التوبة نشأة جديدة وحياة غضة.

فما انحرف منحرف إلا بعد فقدان الأمل، وإحساسه بأنه يحاصر من كل جانب، وإنه غريق فلا يضيره البلل أو هكذا تبدو معظم الانحرافات. أما التوبة فهي أمل مبشر وإحساسهم قوي بقدوم الضوء.

والفرصة المفتوحة –على المستوى الجماعي- أمل في كسب العالم. وهنا تتبدد النظرية الخاطئة التي.. يعتنقها كثير من المسلمين وهي: العالم كله ضدنا أمس واليوم وغدا. وهذه النظرية سبب الانسحاب الإعلامي الإسلامي من الكرة الأرضية.

“ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين” هذا احتمال قائم بالنسبة للكافرين وهناك احتمالات أقوى بالنسبة لمئات الملايين من الناس الذين يريدون الهدى ولا يعرفون طريقه.

والفرصة المفتوحة –على المستوى الجماعي- أمل في تغيير الواقع وتبديله وتحسينه. وينبغي أن يهتدي الإعلام الإسلامي بالقرآن الكريم. فهذا الكتاب بشر المسلمين في مكة بمستقبل ينتصر فيه الإسلام. والأمل في المستقبل من أقوى الدوافع إلى الكفاح والحركة في الحاضر.

سابعا: الاستخدام الأرقى للوسائل المتقدمة:

الأردأ بضاعة كانوا هم الأسرع إلى التكيف مع وسائل الإعلام الحديثة. فمنهم من كتب القصة ومنهم من تعلم الإخراج والتمثيل والتقديم التليفزيوني والتحقيق الصحفي وصناعة الكتاب.

وانحصر الخيار في المفاضلة بين الأردأ والأقل رداءة.

الأجهزة الإعلامية القوية المؤثرة سخرت لخدمة الأكاذيب السياسية والجاسوسية والجنس. وإفساد الذوق العام. ونشر اللغو.

لقد أمر الله المؤمنين بالقول السديد: “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا”.

والقول السديد نتيجة للتفكير السديد. لأن القول تعبير عن التفكير.

والإنسان يحاسب على مدى النطق العادي “ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد” والحساب يشتد ويتضاعف إذا مدت الحواس الطبيعية بوسائل إعلامية تغطي القارات.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم “رأيت الليلة رجلين أتياني قالا لي: الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة”.

وليس الكذب وحده هو الذي يعيب الكلام أو المادة الإعلامية فقد يكون الكلام غير كاذب ولكنه قليل الجدوى والنفع.

وهنا يأتي دور النخبة الإسلامية ذات العطاء الفكري الراقي.

يتعين على هذه النخبة أن تتقدم وتأخذ مكانها الطليعي في قيادة الرأي العام. كما يتعين عليها أن تزاحم طبقات الفنانين والصحافيين ومعدي البرامج ومصممي الشعارات الذين يزعمون أنهم قادرة الرأي العام.

تزاحم هؤلاء حتى يخلص لها لواء القيادة الإعلامية.

ما لم تقم النخبة بهذا الدور في الاستخدام الأرقى لوسائل الإعلام الحديثة فإن أثرها سيضعف. وصوتها سينخفض.

والسلطة بعد اليوم قد لا تطرد المفكرين ولا تمنعهم من التفكير والتعبير ولكنها ترضى بمنافستهم في حوار غير متكافئ بين الكتاب والمحاضرة من جهة. والتليفزيون والإذاعة وسائر وسائل الإعلام من جهة أخرى.

ويتعين على النخبة الإسلامية أن تنظر من جديد في شأن خطبة الجمعة.

تؤدى صلاة الجمعة في أكثر من 100 ألف مسجد في العالم الإسلامي. بيد أن ثمار هذه الخطبة ونتائجها لا تعدل ذلك العدد الضخم من المساجد والمصلين. وهو واقع يستنفر النخبة الإسلامية المفكرة ويدعوها إلى الاضطلاع بمسئولية خطبة الجمعة.

ثامنا: العلاقات الإنسانية:

أدمغت العلاقات الإنسانية وانساب معناها فيما تقدم من خصائص. ولما كانت هذه العلاقات علما له شروطه وقواعده أفردت له هذه السطور.

كيف تعامل الناس؟

كيف تبتسم في وجوه الآخرين؟

كيف تقدم التحية وتستقبلها؟

كيف ترحب بالضيوف؟

كيف تتكلم وكيف تتنبه لمحدثك؟

كيف تدير المناقشة بلباقة؟

كيف تفصل بين النقد الموضوعي والتحامل الشخصي في مواقفك تجاه الناس؟

كيف تعاتب وكيف تغضي؟

هذه أسئلة انتشر الجواب عليها في الأدب الإسلامي. ولم تلم هذه النثارات في خيط واحد ينتفع به الدعاة والإعلام الإسلامي.

في وزارات الخارجية. وشركات الطيران. والجامعات. والمؤسسات الصحفية. والفنادق والكنائس. والمعارض الموسمية والدائمة. بل في كل مؤسسة حديثة أنشئت أقسام وظيفتها العلاقات الإنسانية.

من شروط توظيف البائع في مؤسسة تجارية للملابس أو موظف بيع التذاكر في شركة طيران أن يكون اجتماعيا لبقا في تكوين الأصدقاء وأن يكون متعاونا وذا قدرة على التحمل وأن يكون بشوشا وذا مظهر حسن. أو ليس هذا من أساليب الدعوة الإسلامية؟

الإدارة الحديثة قسمان:

قسم التعامل مع الأشياء: الورق والكمبيوتر. والمكتب. وقسم التعامل مع الناس وهو ما يسمى بالعلاقات العامة أو العلاقات الإنسانية. ونجاح المؤسسة رهين بنجاح القسم الأخير. في فن التعامل مع الموظفين داخل المؤسسة. وإقامة علاقات إنسانية دافئة مع من يريد القسم جذبهم من خارج المؤسسة.

ولقد نجحت الفنادق وشركات الطيران في وضع قواعد رقية للتعامل مع الناس وهي قواعد تعتبر من أساليب الدعوة الإسلامية بعد إسقاط عنصرين منها:

الجفاف التجاري.

والتكلف.

وبإسقاط هذين العيبين تكون الجاذبية أقوى نظرا لصدقها ودفئها. ما منعنا أن نشبع هذه الخصائص بالبحث والترشيح وما منعنا أن نضيف إليها الخصائص الباقية إلا الخشية من الطول.

ولعل الله يأذن بإخراج النظرية كاملة في كتاب. وله الحمد من قبل ومن بعد.

صيغة التطبيق

لا يتم تمام النظرية الإسلامية في الإعلام والعلاقات الإنسانية حتى تصاغ في خطة تطبيقية تجعل خصائصها وحقائقها عملا منظما في الإعداد البشري الإعلامي وفي المادة الإعلامية. وفي إحسان التعامل مع الوسيلة الإعلامية الجديدة.

إن اللقاء الثالث للندوة العلمية للشباب الإسلامي. إيمانا بجدوى الإعلام وعمق أثره. واقتناعا بأن للإسلام نظريته الإعلامية المتميزة. والتزاما بالمنهج الإسلامي في الجمع بين النظرية والتطبيق.. يوصي بـ:

1- إنشاء كليات إعلامية مستقلة في جامعات العالم الإسلامي تؤسس على قواعد إسلامية في الإعلام والعلاقات الإنسانية. وأن تدرس العلاقات الإنسانية في كليات الطب والزراعة والإدارة… الخ حيث أن هذه الخدمات قد أصبحت مداخل إنسانية تنفذ منها الدعوة إلى نفوس الناس.

2- إنشاء أقسام للإعلام الإسلامي في جميع كليات الجامعات الإسلامية. فاللغة –بفنون تعبيراتها- ذات صلة وثقى بالتعبير الإعلامي –نطقا وكتابة وآدابا- حيث أن اللغة هي كسوة المعاني والقيم ووعاء إخراجها وأداة خطاب الناس. وتدرس اللغات الحية اليوم وتعلم بوسائل إعلامية في الإذاعة والتليفزيون وعلى الاسطوانات وبالنغم. ولقد نجحت البرامج اللغوية التعليمية المصورة التي تخرج كل حرف في ومضة ضوئية. وكل نبر مصحوبا بالنغمة الموسيقية.

والصلة العضوية والمعنوية قائمة بين أساليب كليات الدعوة ووسائل الإعلام.

وللشريعة وجهها الإعلامي الذي يوجب على كليات الشريعة إخراج الفقه الإسلامي في شكل إعلامي جديد: “وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب”.

أو أن تقر النظرية الإسلامية الإعلامية مادة أصلية في كليات الدعوة والشريعة واللغو. وفي الجامعات الإسلامية التي تضم كليات في الطب والزراعة والتجارة… الخ ينبغي تدريس العلوم الإنسانية لنفس السبب الذي ورد في آخر الفقرة الأولى.

3- أن يقترن تدريس الإعلام بتدريس العلوم الإنسانية لما بين الحالتين من اتساق موضوعي. فالداعية أولى من البائعين في المؤسسات التجارية ومن المضيفين في الطائرات بإحسان فن التعامل مع الناس.

4- تنظيم دورات تدريبية –لا تقل عن 12 شهرا- لخريجي الجامعات الإسلامية تزودهم بوسائل جديدة في الدعوة وتبوؤهم مرتبة الصدارة في قيادة الرأي العام.

5-   توجيه الشباب الإسلامي وتشجيعه على أن ينصر الدين في ثغرة الإعلام.

ويتحقق التشجيع بعزائم ثلاث:

(أ) ترسيخ الاقتناع بأن الإخراج التليفزيوني أو التحرير الإذاعي والصحفي هو لسان عصرنا وأن من فقه الدعوة خطاب الناس بلسان عصرهم. ووسائل زمانهم وأن أجهزة الإعلام الحديثة تيسير جديد أمام التطبيق الإسلامي إذا أحسن الدعاة التكيف معها وتطويعها للإسلام.

(ب) في التخطيط التعليمي –العالي وما بعد الثانوي- يوجه شباب إسلامي إلى دراسة الإعلام في الخارج وأن يكون هذا الأمر برنامجا ثابتا في نظام الابتعاث.

(ج) كفالة توظيف هذا الشباب –بعد التخرج- في أجهزة الإعلام الرسمية. تماما كما هو الحال بالنسبة لخريجي الفيزياء والإدارة واللغات.

6- أن تكون التخصصات الإعلامية الإسلامية متكاملة في التحرير. والإخراج. والتمثيل. والتصوير. وفنون كتابة النص وإعداد البرامج والإدارة الإعلامية بأقسامها المختلفة. العمل المكتبي والعلاقات العامة. والتوزيع.

فقد يفلح المسلم في كتابة قصة. ولكن كاتب السيناريو يشوهها فإذا أفلح الاثنان يجئ المخرج فيحرف النص ويغير الهدف.

ويوصي اللقاء الثالث للندوة العالمية للشباب الإسلامي بـ:

7-   توظيف مالي إسلامي ضخم في:

(أ) صناعة الطباعة بأنواعهما المتعددة: الورق والحبر وأجهزة التنفيذ والمونتاج والمطابع والهندسة والإدارة. وأن تكون هذه الصناعة متقدمة تتخطى طريقة صف الحرف باليد أو المونوتيب واللينوتيب وتدخل عصر الطباعة الباردة أو الجمع بالتصوير وما يتبعه من تطورات أخرى.

(ب) صناعة إنتاج الأفلام التليفزيونية والسينمائية. صناعة تغطي العالم الإسلامي وتلبي حاجاته. وتصدر ألوف الأفلام إلى العالمين المتقدم والمتخلف.

(ج) صناعة الصحافة. بتحريرها وإخراجها ومراكزها التي تتولى تدريب الشباب الإسلامي صحفيا وتربي قيادات صحفية.

وتلحق بالصناعة الصحفية دور نشر كبرى تنقي التراث وتعيد نشره في أشكال جذابة وتترجمه إلى اللغات العالمية والإقليمية وتجتذب عددا من المفكرين الإسلاميين فتفرغهم لإجراء البحوث في القضايا المعاصرة الإسلامية والعالمية وتتولى هي طباعة وتوزيع تلك البحوث.

وهي صناعات تربح مرتين:

تربح المال. فالاستثمار في صناعة الصحافة –مثلا- خلال الأعوام العشرة الماضية زاد بنسبة 100% بينما أقصى زيادة في نسبة الاستثمار في الصناعات الأخرى وقفت عند حدود 28%. وهذا التوسع الاستثماري الصحافي مبني على أساس الربح الأوفر.

وتربح ما عند الله عز وجل إذ تتقرب إليه بتوسيع نطاق البلاغ المبين بين العالمين. وتتوسل إلى رضاه بالعمل الصالح.

ويوصي اللقاء الثالث للندوة العالمية للشباب الإسلامي بـ:

8-   استخدام الكاسيت في تبليغ الدعوة:

تسجيلات صوتية جميلة بنطق فصيح في لغات مختلفة. تحكي هذه التسجيلات:

قصة إنسان يبحث عن الحق بعد أن أعنته الضلال “تفاصيل حياة الخمر والزنا والاستهتار وعدم الإنتاج والإساءة إلى الزوج والوالدين”.

يسأل عن الإسلام وهو في طريق البحث عن الحق.

يرغب في الدخول في الإسلام.

يحكي موقفه وهو ينقل خطوطه الأولى نحو الإسلام ثم يدخل فيه ويعبر عن غبطته بانتقاله إلى حياة جديدة.

أسلم فواجهته مشكلات جديدة في بيئته نتيجة لإسلامه. الحلال والحرم من الطعام. علاقته بأبويه. الصلاة في العمل. الحب والزواج. ارتباطاته السابقة في المال ومجالس الشراب.

وفي الكاسيت نفسه: لكل سؤال جواب.

توزع هذه الكاسيتات على أوسع نطاق. ولا يجوز أن يسجلها من لا يعرف ظروف ومشكلات المخاطبين في السويد وأمريكا وكينيا وروسيا وألمانيا واليابان لأن معرفة أحوال المبلغين شرط جوهري من شروط البلاغ المبين.

9-   استخدام التصوير البطيء في تعليم الوضوء والصلاة والحج والأداء الإداري الجيد.

10- استخدام البريد –كوسيلة من وسائل الإعلام- في الدعوة والهداية.

حتى الآن لا يزال البريد يستغل في الأمور الشخصية أو الأعمال التجارية والوظيفية ويستغل في توزيع الصور العارية وملخصات الإنجيل.

ينبغي استخدام البريد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفي الإصلاح بين الناس وتقديم النصح. والخدمات العامة إليهم. ومشاركتهم همومهم وأفراحهم.

ويوصي اللقاء الثالث للندوة العالمية للشباب الإسلامي بـ:

11- تكوين اتحاد إسلامي إعلامي عالمي تتشكل خليته الأولى من الإسلاميين العاملين الآن في مجال الإعلام. يضم هذا الاتحاد نقابات ينبغي أن يشكلها بمجرد تكوينه:

نقابة الصحافيين الإسلاميين.

نقابة التليفزيونيين الإسلاميين.

نقابة السينمائيين الإسلاميين.

نقابة رجال الطباعة ودور النشر الإسلاميين.

نقابة الكتاب الإسلاميين.

نقابة أئمة المساجد والوعاظ –بالتعاون مع المجلس العالمي الأعلى لرسالة المسجد- يتبع ذلك أن يقوم الاتحاد الإسلامي العالمي للإعلام بتكوين:

جمعية “الدفاع عن كرامة الإنسان” وهي جمعية مؤلفة من مفكرين إسلاميين أساسا ضمت إليها نفرا من المثقفين –غير المسلمين- ذوي الإحساس الإنساني العام. الذين لهم جهود معروفة في مقاومة المظالم بشتى صنوفها.

تكافح هذه الجمعية: التعصب العنصري. واستغلال المرأة في الإعلان وتجارة الرقيق الأبيض. والتفاوت الطبقي بين الدول الصناعية. والدول المصابة بسوء التغذية وفقر الدم والمجاعات. وغير ذلك من القضايا الإنسانية. فالتجاوب مع هم الإنسان ورد الظلم عنه مداخل إلى شخصيته وقرب نفسي من أعماقه. والقرب النفسي فرصة للدعوة إلى الله.

جمعيات الصداقة التي ينبغي أن يشكلها الاتحاد كذلك. إما على أساس جغرافي عالمي. أي أن يكون التمثيل فيها قاريا شاملا. وإما على أساس التخصص الفني: في الهندسة والطب والفيزياء والتجارة والعلوم الإنسانية. وسائر التخصصات الأخرى.

ويوصي اللقاء الثالث للندوة العالمية للشباب الإسلامي بـ:

تسخير وسائل الإعلام للتنمية: تغيير عادات تضييع الوقت والكسل وضعف الإحساس بالأخذ بالأسباب. إلى جانب تنظيم برامج طويلة الأجل للتثقيف الصحي والعلمي والإداري والزراعي والصناعي تبث في المدائن والقرى مع التركيز على الإذاعات والصحافة الريفية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر