لكل حضارة إنسانية, ولكل نظام قانونى مدخله الذى يحدد فلسفته ويضح تسلسل أفكاره, وإطاره المرجعى الذى يجمع شتات الجزئيات فى خط واضح المعالم, وإن كانت كل محاولة للتنظير من هذا القبيل لا تخلو من مجازفة خروج بعض الجزئيات عن الخط العام.
أ ـــ ومفتاح موضوع حقوق الإِنسان فى الإِسلام هو مبدأ الكرامة الإنسانية الذى قرره القرآن والسنة :
ـــ والكرامة الإِنسانية نعمة من الله للإنسان يستحق عليها الشكر, وشكرها يكون بحسن استخدامها بعد حسن فهمها.
ـــ إن الله كرم الإنسان بوصفه إنساناً بصرف النظر عن عنصره أو ديانته, وأسلوب القرآن فى تناول هذا الموضوع صريحة فى هذا المعنى, فهى لا تتحدث عن العرب أو المسلمين أو الذين آمنوا وإنما تتحدث عن الإنسان, عن بنى آدم : ( لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم ), ( التين : 4 ).
( يا أيها الإِنسان ما غرك بربك الكريم الذى خلقك فسواك فعدلك فى أى صورة ما شاء ركَّبَكَ ) ( الانفطار : 6 ـــ 8 ).
( خلق السموات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير ) ( التغابن : 3 ).
( خلق الإنسان, علمه البيان) ( الرحمن : 3 ـــ 4 ).
( ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً ) ( الإسراء : 70 ).
آيات القرآن كثيرة فى هذا المعنى, وأحاديث الرسول كذلك وأفعاله, ونكتفى هنا بالإشارة إلى واقعتين لهما دلالة واضحة فى الموضوع, فقد رُوٍى أن أبا ذر قال : ساببت رجلاً فعيرته بأمه, فقال لى النبى يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية .. ” مسلم : إيمان 38, البخارى : إيمان 23, عتق 15 “.
والواقعة الثانية : حين مرت به جنازة فقام فقيل : إنه يهودى, فقال : أليست نفساً, “البخارى : جنائز 50, مسلم : جنائز 81 “.
ـــ ولقد أكدت النصوص القرآنية على مظاهر التكريم التى نوجزها فيما يلى :
أولا : النواحى المادية الخاصة باعتدال قامة الإنسان, وبرقى أجهزة الجسم المختلفة ووظائفها المعقدة.
ثانيــاً : النواحى المعنوية الخاصة بقدراته من حيث التمييز والتذكر والتصور والتفكر وباقى وظائف العقل, ومن حيث العواطف المختلفة.
ثالثـاً : المرتبة التى رفع الله إليها الإنسان وميزه على المخلوقات الأخرى, من حيث جعله خليفة فى الأرض, ومن حيث تسخير ما فى السموات وما فى الأرض له.
رابعــاً : الأمانـة التى حملها الإنسان والمتمثلة فى عنصر الاختيار المبنى على حرية الإرادة والتى هى شرط التكليف والمسئولية عن تصرفات الإنسان فى هذه الحياة.
ب ـــ ويتصل بمبدأ كرامة الإنسان بوصفه إنساناً مبــدأ آخر هو أن النــاس جميعاً أمةٌ واحدة : ربهم واحد, وأصلهم واحد : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء .. ) ( النساء : 1 ).
ـــ واختلاف اللغات والألوان ليس مانعاً من وحدة الإنسانية, بل هو آية من آيـات الله كـى يتعارف الناس ويتعاونوا رغم تنوعهم : ( ومن آياته خلق الســموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين ) ( الروم : 22 ).
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفواً إن أكرمكم عنـــد الله أتقـــاكم ) ( الحجرات : 13 ).
ـــ والتعارف والتعاون ضرورة لبقاء جنــس الإنسان لأن الله وزع أنــواع الخيرات فى أقـــاليم الأرض ونبه إلى أنه خلقها للناس جميعاً :
( هو الذى خلق لكم ما فى الأرض حميعاً ) ( البقرة : 29 ).
وحث على البحث عنها : ( هو الذى جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه ) ( الملك : 15 ).
مما يجعل تبادل المنافع ومنع الاحتكار أصلين من أصول نظرة الإسلام إلى الاقتصاد العالمى.
وإذا أضفنا إلى ذلك أن الإسلام حـارب التفرقــة فى المعاملـة بسبب اختلاف الألوان والأجناس, كما حارب العصبية الوطنية والقومية.
من قــاتل تحت رايـة عميـة ) أي مجهولة ( يدعو إلى عصبية أو يغضب لعصبية فقتلته جاهلية. ( النسائى : تحريم 28 (.
وإذا انهــدم التميـــيز العنصــرى والعصبية القومية انهدم أساس الاستغلال والاستعمار.
جـ ـــ نأتى بعد ذلك إلى بيان مدخـل آخر هام من مداخل حقوق الإنسان فى الإسلام, وهـو ارتبـــاط الحقـــوق بالواجبات, فما من حق إلا ويقابلــه واجب, والتركيز على بيان الحقوق, دون ترتيب كيفية أداء الواجبات التى تقابلها يؤدى إلى خلق الإنسان المدلـل الذى لا يفكر إلا فى حقوقه وينفر من أى تذكـير بواجباته ومسئولياته التـى بدون أدائها لن يصل أحـد إلى حقوقـه, وهذا هو المدخــل الذى اختاره الإسلام : لقد شدد على أداء الواجبات, وجعل بعضها فردية وبعضها جماعية تضامنية, وأضاف إلى صفتها الدنيوية التى يترتب على إهمالها جـــزاء أخروى, كما يترتب على أدائها ثواب أخروى كذلك.
ومن هنا يجد الباحث عن حقوق الإنسان فى الإسلام من الناحية النظرية بغيته فى بابين من أبواب أصول الفقه أحدهمــا عن الحقوق, والتى تصنفها المراجع التقليدية إلى حقوق المجتمع ( تسمى الأخيرة حقوق الله تعظيماً لها ), والثانى عن الواجبات, والتى تصنفها المراجع التقليدية كذلك غلى واجبات فردية وواجبات جماعيــة تضامنية ( فروض كفاية ).
5 ـــ أما الباحث عن حقوق الإنسان فى الإسلام من الناحية التطبيقية فلا يجدها مجموعة فى بيان أو ميثاق وإنما يجدها منبثة فى كافة فــروع القــانون الإسلامى حيث يكون تفصيل الحق وضمانات تطبيقيه, إذ لا جدوى من إعلان مبادىء عامة فى صدر الدستور أو فى مواثيق دولية إذا لم تكن مرعية فى القوانين واللوائح, فعلـى سبيل المثال لا يكفى النص فى الدستور على حرية الرأى وحرية الاجتماع وحرية الصحافة إذا كانت القوانين تشترط صدور رخصة حكومية قبل إصدار الصحيفة وتعتبر اجتماع أكثر من أربعة أشخاص دون إذن السلطان جريمة وتبيح تقديم صاحب الرأى المعارض للسلطة إلى المحاكم العسكرية بتهمة محاولة قلب نظام الحكم أو الإرهاب أو غير ذلك من الممارسات, ناهيك عن فرض حالة الطوارىء ووجود حاكم عسكرى ومحاكم عسكرية للمدنيين لعشرات السنين.
هـ ـــ ولا يعنى هذا الغض من أهمية النص على مبادىء حقوقالإنسان فى الدستور وفى المواثيق الدولية إذ يضعها هذا النص فى مرتبة أعلى من القوانين بشرط ألا يحوى النص إحالة أو تفويضاً إلى القانون بما يسمح بإهدار المبــدأ بدلاً من حمايته وضمان تطبيقه, وبشرط وجود محكمة دستورية ترعى احترام تدرج القواعد القانونية.
و ـــ وجدير بالذكر أن مــن مزايـا النص فى دساتير البلاد الإسلامية على اعتبــار الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ضمان احترام القانون ـــ بل والدستور نفسه فى رأى من يرى أن حقوق الإنسان أعلــى مرتبــة من الدستور ـــ لنصوص القرآن والسنة الى نص الكثير منها على حقوق الإنسان.
مما سبق يتبين الأهمية التى يوليها الإسلام لحقوق الإنسان.
وهنا يــأتى التساؤل عن مكان الإسلام فى منظومة حقوق الإنسان هل يكون فى البــلاد الإشلامية هو مصدر هذه الحقوق, أم تكون المواثيق الدولية هى المصدر ويقف دور الإِسلام على كونه رافداً داعماً لهذه الحقوق ؟
وللرد على هذا التساؤل عدة جوانب نتناولها تباعاً :
أ ـــ أول جانب جدير بالدراسة هو العلاقة بــين عالمية حقــوق الإنسان وخصوصيات كل حضارة وكل نظام قانونى منبثق عن هذه الحضارة.
لقد كثر الحديث عن عالمية حقوق الإنسان منذ الإعلان العالمى سنــة 1948م.
1 ـــ والأمر الجدير بالتقدير فى هذا الإعلان هو تعبيره عن اتجاه المجتمع الدولى إلى اعتبار مسألة حقوق الإنسان هَمًّا دوليًّا وليس مجرد مسألة داخلية تحتمى فيه كل دولة بمبدأ السيادة, ومن المهم هنا أن نوضح أن الإسلام الذى حرم العدوان قبل ميثاق بريان ـــ كيلوج 1928م بثلاثة عشر قلاناً ونصفٍ أباح اللجوء إلى القتال فى حالتين : أحدهما حالة الدفاع الشرعى الفردى والجماعى, والثانية ما يسمى : بحماية الدعـوة أى لضمان حرية الفكر والعقيدة حيث أباح إزالة السلطة التى تنتهك هذه الحرية, وهذا هو نفس ما نسميه الآن الحماية الدولية لحقوق الإنسان, وهو الأمر الجدير حقاً بالتقدير, والذى يعبر عن بداية مرحلة هامة فـى مسيرة هذه القضية.
2 ـــ أمـا الأمر الثــانى فـى إعلان 1948م فهو تعداد مفردات حقوق الإنسان, والذى كما نعلم جميعاً لم يحظ مستواه ولا آليات تطبيقه برضاء الدول الأوروبية فأصدرت الاتفاقيـة الأوروبية لحقوق الإنسان سنة 1950م, الأمر الذى نبه المنظمة الدولية إلى استكمال وثيقتها فأصدرت سنة 1966م الميثاقين الخــــاصين بــالحقوق الاقتصاديـــة والاجتماعية والثقافية وبالحقوق المدنية والسياسة والبروتوكول الاختيارى, ثــم تتـــالت الجهود وتعـــددت المواثيق المتخصصة لحقـــوق المـــرأة والطفــل وغيرهمــا حتـى إعــلان فيينــا ســـنة 1993م, وفى هذا السياق يـأتى إعــلان القاهرة ســنة 1990م حـول حقوق الإنسان فى الإسلام ـــ الصادر عن منظمة المؤتمر الإسلامى ـــ ليطرح التساؤل : هل يراد لمفرادات حقوق الإنسان أن تكون عالمية, وما هو المنهج الواجب الاتباع للوصول إلى العالمية.
3 ـــ أما عن عالمية حقوق الإنسان من حيث المبدأ فأمر لا مجال لمناقشته إذا أردنا تعاوناً دوليَّا لضمان احترام حقوق الإنسان, ولكن مــا ينبغى مناقشته هو مفردات حقوق الإنسان التى يراد لها أن تكون عالمية : هل هى القاسم المشترك المتفق عليه بين الجميع, وبالضرورة يمثل الحد الأدنى بين الأمم, أم هو القيــم الجوهرية الأساسية التى تؤكد أننا مجتمع إنسانى واحد ؟ لقد وضع الأمين العام للأمم المتحدة المسألة بهذه الصورة فى كلمته الافتتاحية لمؤتمر فيينا 1993م, ولكنه لم يبين لنا من الذى يحدد هذه المفردات :
ـــ إذا أخذنــا بــالبديل الأول وهــو القاسم المشترك المتفق عليه, فسنجد أنفسنا أمام نفس الآلية الخاصـة بتحديد المبادئ العامـة المتفق عليها بين الأمم المتمدنة, والمنصوص عليها فى المادة 38 من النظام الأساسى لمحكمة العـدل الدولية كأحد مصادر القانون الدولى, ويلزمنا حينئذ الكثير من العمل المقارن فى النظم القانونية الكــبرى للوصول إلى هذا القاسم المشترك.
أما إذا أخذنا بالبديل الثانى وهو ما يبدو أن الأمين العام يفضله فسوف نظل ندور فى حلقة مفزغة من توصيات وقرارت المؤتمرات ومـن العديــد مت المواثيق والمنظمات والمراكز والمكاتب واللجان دون أن نجد صدى فعليًّا على أرض الواقع سوى العديد من تحفظات الدول على هذه الوثائق, والتى إن دلت على شئ فإنما تدل على أن هذه الوثائق لا تعكس الاقتناع الجماعى للمجتمع الدولى, وهذا ما يرجح الفكـرة السائدة من أن هـذه الوثائق تعكس التصـور الغربى لهذه القيم والـذى يراد لـه أن يصبح التصور العالمى لها.
قد يقـال إن هذه الوثــائق أُعــدت بواسطة ممثلــين لمختلف الـدول, ولكن تجربة مؤتمرالسكان بالقاهرة 1994م ومؤتمر المــرأة فى بكين 1995م قد أوضحت أن مندوبى دول العالم الثالث بعضهم من النخبة التى درست فى الغرب, وأصبحت تمثل وجهة نظــره أكثر مما تمثل وجهة نظر شعوبها, والبعض الآخر من البيروقراط الذين لا يهمهم فى أى اتجاه تسير الأمور, فلما شاركت مؤسسات هــذه الــدول الحكوميــة منها والشعبية فى هذين المؤتمرين تغير الموقف وتبين أن ربـان السفينة لا يسير وفق رغبة ركابها.
4 ـــ هناك لا شك أمور كثيرة متفق عليها بين مختلف الحضارات, ولكن هنـاك كذلك أمـور تختلف نظــرة الحضارات إليها, وليس مطلوباً أن نزيل الفوارق بين الحضارات وأن نجعل العالم كله حضارة واحــدة. تلك قضية ليس هنا مجال بحثها, والذى يهمنى توضيحه هو أن خصوصية الحضارات والمحافظة على تميزها وتنوعها لا تعوق مســألة العالمية, وإنما تفرض أسلوباً خاصًّا فى التوصل إليهـا. وسأضرب مثــالين : أحدهما عن موضوع التبنى والذى لا تجد الحضارة الغربية بأساً بـه, ولكن الشريعة الإسلامية تمنع انتساب الإنسان إلى غير أبويه, ولا يعنى هذا عدم اهتمام الشريعة الإسلامية بالعناية بالأطفال اللقطاء أو ذوى الظروف الصعبة, بل بالعكس هى توليهم عناية خاصة بما فى ذلك توفير الجو الأسرى لهــم, فلماذا لا تكون القيمة المتفق عليـها وهى رعاية هؤلاء الأطفال وتوفير الجو الأسرى لهم هى ما ينص عليـه فى الوثيقة الدوليــة ويترك لكل حضارة أن تنفذ ذلـك وفقاً لمفاهيمها ؟
مثل آخر : عقوبة الإعدام والتى ترى شريحة كبيرة من الدول الغربية إلغائها, بينما تحرص على بقائها شريحة أخــرى بعضها من الدول الغربية ذاتها, لـماذا لا يكون القدر المتفق عليه وهو الغاء عقوبة الإعدام فى الجرائم السياسية هو ما ينص عليــه وتترك باقى الحالات لكل نظام قانونى يعالجها وفقاً لمفاهيمه ؟
5 ـــ إن مفهومـــى الديمقراطيـــة والتعددية لم يعوقا الدول الأوروبيــة إلى ثلاثـة أنظمــة قانونيــة : الجرمانية واللاتينية والانجلوسكسونية, اقتضى ألا تفكر فـى توحيد نظمها القانونية, وكـل ما توصلوا إليــه هو إصدار توجيهات Directives بالمبـــادئ العامة التى ينبغى مراعتها تاركين لكل دولة المرونة الكافية لتعديل نظامها وفقاً لهذه التوجيهات. والولايات المتحدة الأمريكية التى تضم خمسين ولاية ما زالت تحتفظ كل منها بنظامها القانونى : البعض ألغى عقوبة الإعدام والبعض حافظ عليهــا, البعض حــرم الخمــر والبعض أباحها, البعض أباح الطلاق لأتفه الأسباب والبعض ما زال يتشدد فى أسباب الطلاق, فالتعددية قائمة وهم حريصون عليها رغم أنهم يُكونون دولة واحدة. لماذا لا نتفيد من هذه التجارب عند معالجة موضوع حقوق الإنسان فنجمع بين عالمية مستوى معين ومفرادات معينة وبين الحفاظ على خصوصية كل حضارة وكل ثقافة فى تناول باقى المستويات وباقى المفرادات ؟
6 ـــ خلاصة ما أريد أن أقوله فى هذا الموضوع هو ضرورة التعاون الدولى فى الأمور المتفق عليها, وأن تعالج الأمور المختلف عليها بصورة أكثر تجريداً بأن ينص على الاعتبارات المشتركة فيها وتترك التطبيقات والتفصيلات المختلف عليها.
ب ـــ إن اتباع هذا الأسلوب سوف يحفظ لكل نظام قانونى نسيجه المتكامل الذى يتقبل فيه الجديد من الصور التى تناسبه ويرفض الصور التى لا تناسبه, ويظل محتفظاً بحيويته وقدرته على القيام بالدور المرجعى, حيث يسد الفراغ التشريعى وفقاًَ لآلياته فى الاســتنباط والإحالة, وحيث يفسر النصوص وفقاً لمناهجه فى التفسير, وحيث يسهم بآلياته الخاصة فى بلورة حقوق جديدة قد يتقبلها المجتمع الدولى ويثرى بها قائمة مفردات حقوق الإنسان التى يتولى رعايتها وحمايتها.
ولا يتسع المجال هنا لسرد الأمثلة من الشريعة الإسلامية, ولكن لا بأس من الإشارة إلى نفقة الأقارب وحقوق الجار وحقوق الصحبة وحقوق الضيف وحقوق الطريق وحقوق الخادم وحقوق الموظف, والقائمة لا تنتهى.
جـ ـــ وأخيراً لابد من التــأكيد ونحن بصدد بيان أهمية المحافظة على مرجعية الشريعة الإسلامية كأحد النظم القانونية العالمية ـــ على بيان خاصتها الدينية حيث تُؤدَّى الكثير من الحقوق بوازع دينى أى بهدف الثواب الأُخروى دون أن يقابلها أى مقابل دنيوى, ولهذا الأمر أهمية مزدوجة : فهو من ناحية يسهل أداء الحقوق بصورة سمحة كريمة دون اللجوء إلى المطالبة بها والصراع حولها, ويحفظ بذلك ترابط المجتمع وأمنه, وهو من ناحية أخرى يخفف من النزعة المادية التى طغت على كل مظاهر الحياة الحديثة فأفسدت النفوس ولوثت العلاقات الاجتماعية.