أبحاث

إشكالية وقت الفراغ: ثقب في مشروعنا الحضارى

العدد 55- 56

تمهيد :

الحديث عن المشروع الحضارى الإسلامي يأخذ مكانته الصحيحة في مسار الصحوة الإسلامية ، وقد كان من المؤشرات الهامة على جدية الحديث عن المشروع الحضارى ، وعمق التصور الإسلامي لخطورته ، وقيمته لمستقبل الإسلامي لخطورته ، وقيمته لمستقبل الأمة ، أن برزت في السنوات الأخيرة بعض المجهودات الإسلامية الجماعية التي تتحرك وفق قاعدة مؤسسية معقولة ، تجاهد للحفاظ على المكتسبات الاجتماعية التي أفرزتها ظاهرة الصحوة الإسلامية ، وتعمل على تدعيم التواجد الإسلامي في مستويات الإدراك الفكرى والاجتماعى العالية في ديار الإسلام .

والأمر الهام في هذه الظاهرة الفكرية الإسلامية أننا أصبحنا نمتلك تراثاً نتاجاً فكرياً حديثاً معقولاً ، في معظم مباحث العلوم الاجتماعية إضافة إلى الجهد الفقهى التشريعى المستأنف ، بما يبشر باقتراب أكثر من إمكانية صياغة مشروعنا الحضارى الإسلامي المأمول ، صياغة جادة وجديدة ، تضمن التواصل مع جذور الأمة وأصولها ، تضمن – بالمقابل – دينامية التحرك المستقبلى الراشد والسابق للأمة في (ماراثون) التقنية المادية والاجتماعية ، الذى تشهده البشرية بصورة لم تحدث لها من قبل , ولا مرت بخاطرها .

ولقد كانت النقطة الأكثر إثارة وأهمية في الجدل الإسلامي الدائر حول ((المشروع الحضاري )) هي نقطة البدء , أعني ((توصيف مفهوم أزمة الأمة الإسلامية المعاصرة)) , وهو أمر طبيعي لأي جهد عقلي جاد , يبحث عن طريق للخلاص ,ولكن ؛ رغم التراث الجيد والمعقول : سعة وعمقاً , في تناول هذه النقطة والتركيز عليها , إلا أنه يؤخذ عليه غياب التكامل في الجهد الناقد ,أو الفاحص ,أو المتأمل في الأمة ’ إلي الدرجة التي تحتمل منا القول , بأن النطرات الإسلامية الجديدة إلي ((أزمة الأمة )) كانت تنزع إلي ((الأحادية )) في أبعاد الرؤية وزوايا النظر إلي الموضوع .

لقد ركزت بعض الجهود الفكرية علي إثارة موضوع ((العقيدة)) , وضعفها في الشخصية الإسلامية الحديثة , والخلل في أفهام كثير من العامة تجاهها, وأضاف بعض أنصار هذه الزاوية مسألة التشويش الذى أحدثته انحرافات بعض التيارات الصوفية ، طوال  القرون الأربعة أو الخمسة الماضية ، ورأت – من ثم – أن الحل يمكن في مواجهة ونقد هذا الانحراف العقائدى . (1)

بينما اتجهت أبحاث ومجهودات أخرى إلى عكس هذه الرؤية لأزمة الأمة ، طارحة تصورًا جديداً للأزمة ، يتمثل في “ضعف الإرادة ” وغياب الفعالية عن النشاط الإسلامي العام ، ومن ثم ؛ يصبح الجهد الإسلامي المطلوب العام ، ليس في تعليم المسلمين عقيدة ، هم يحملونها ابتدءاً ، وإنما المشكلة هى : كيف أرد إلى هذه العقيدة فاعليتها الاجتماعية ؟!(2)

وثمة مجهودات أخرى ترى أن أزمة الأمة تتمثل في “جروحها الفكرية “وترى أن الخلل الأساسى حين توقف عن العطاء المتجدد ، ثم حين اقتلعت أبوابه ونوافذه ليصبح في مهب الريح الفكرى والثقافي الغربى الذى أصبح يشكل الكثير من مفاهيمنا ويصوغ تصوراتنا وقيمنا ، ومن ثم ؛ يرى أصحاب الاتجاه “أن الأزمة الفكرية تصلح تفسيراً مقنعاً لكل ما نلحظه من اضراب ثقافي وفقدان للهوية ، واختلال في المفاهيم ، وازدواجية في التعليم ، وتشوش في المؤسسات ، وشلل عن استعمال الإمكانات ، وتنظيم الوسائل والاستفادة بها ” (3).

أيضاً هناك فريق من الإسلاميين يرى أن الأزمة تعود ، في أساسها إلى الخلل في منظومتنا السياسية ، مما ولد ظاهرة الاستبداد السياسى من جانب ذوى الحكم والسلطان ، وروح القهر والاستضعاف ، ومن ثم ؛ السلبية واللامبالاة من عامة الأمة ، الأمر الذى انعكس ضعفا وهشاشة في مختلف فعاليات الأمة الأخرى ، ويرى هذا الفريق – بالتالى – أن الحل يمكن في إصلاح منظومتنا الساسية ، بضبط الحاكمية وفق كتاب الله وسنة رسول الله ” صلى الله عليه وسلم ” من جهة ، وإزالة الاستبداد السياسى الذى يشل فاعلية الإرادة الإسلامية العامة ، ويحيط روح المشاركة في وجدان أبناء الأمة . (4)

وبالإضافة لما سبق من اجتهادات نافذة ومحاولات جادة لتحليل أزمة الأمة ، نشير إلى وجود آراء أخرى يعتريها الشذوذ والتطرف ، مما أصابها بالتقوقع والانغلاق بحيث لم يعد لها أى صدى على صعيد القاعدة الفكرية الإسلامية العامة في الأمة ، كتلك التي ترى الأزمة في إنتكاسة الحركة العلمانية ، أو التي ترى الأزمة تردد المسلمين أمام الإفادة من روح الحضارة الأوربية الجديدة ، وأفكارها ومنظومتها السياسية ، والاقتصادية والاجتماعية ، أو التي ترى أن الأزمة تتمثل في سقوط النموذج أو الخيار ” الاشتراكى ” في المجتمع الإسلامي (5) ذلكم التجاذب بين المجهودات الفكرية الإسلامية لتصويف الأزمة ، بقدر ما أفاد في تركيز نقاط الضوء على أجزاء محددة من رقعة الأزمة بدرجة عالية ، مما أتاح وضوح الرؤية فيها ، بقدر ما أثر – سلبياً – على الجهد البنائى التالى لتوصيف الأزمة ، حيث صعب على المبادرات الجديدة لصياغة المشروع الحضارى أن تمتلك التكاملية في العمل ، أو الشمولية في الحل ، وأتاحت هذه الظاهرة الفرصة لظهور ” ثقوب في مشروعنا الحضارى الجديد ” ، غاب عن الجهد الفكرى الإسلامي إدراكها أو إعطائها قدرها من التحليل والتوصيف والتقويم .

هذه تقدمة ، نوطئ بها لحديثنا عن ” إشكالية وقت الفراغ ” ، لبيان دلالتها العامة على وجود ” ثقوب ” في مشروعنا الحضارى ، نأمل أن يسرع الجهد البنائى الجديد برتقها ، ونحن مازلنا في “مسودات المشروع ” حتى تخرج الصياغة النهائية له ، في أكمل صورة يستطيعها جهد بشرى .

(1)

لم يعد من قبيل الطرافة ، أو من قبيل المبالغات الفكرية البعيدة ، ذلك التوصيف الجديد للحضارة المعاصرة ، بأنها ” حضارة وقت الفراغ “فإذا نظرنا إلى أن نصف المجتمع المعاصر تقوم – أساسا – على وجود ” وقت الفراغ ” حيث يتسع نطاق النشاط الخدمى بصورة عظيمة إضافة إلى أن النصف الآخر ” الإنتاجى ” يعتمد في حركيته الاجتماعية على فرضية وجود ” وقت الفراغ ” ، لأن النشاط الإنتاجى يصاب حتماً – بالشلل والانكماش ، إذا لم تواكبه حركة استهلاك نشيطة ، وهو الأمر الذى يعتمد بالدرجة الأهم على وجود ” وقت الفراغ ” ، الذى يسمح للجمهور بالتسوق والشراء نحوه ، إذا نظرنا إلى هذا الجانب وحسب ، قد نوافق أو يكون مقبولاً لدينا تصور وصف الحضارة الحديثة بأنها ” حضارة وقت الفراغ ” (6) .

وإذا كان التعاطى مع هذا الوقت الحيوى الهام في المجتمع الأوربى والصناعى المتقدم ، أصبح يتم بطريقة آلية ، استقرت فيها المواضعات الاجتماعية ، أو قوانين حركتها بدرجة معقولة ، تضمن استمرارية الحركة الاجتماعية متوازنة ، من غير خطورة كبيرة يشكلها هذا “الفراغ ” حتى لو اضطروا إلى استهلاكه في العبث ، ومالا فائدة عنه .

إلا أننا – نحن المسلمين – يسبب لنا هذا الجانب فزعاً كبيراً ، وخطورة حقيقة ، بالنظر إلى عدم الاستقرار المواضعات الاجتماعية ، وقوانين حركتها ، ولا يزال الصراع دائراً بين أنماط التأصيل وأنماط التغريب وأيضاً ، بالنظر إلى أن الأمة لم تحقق قاعدة إنتاجية صناعية وزراعية ، تقنية وفنية ، إدارية ومؤسسية ، تمنحها خصائص المجتمع الصناعى المتقدم ، وإنما عامة ديار الإسلام اليوم ، تصنف ضمن ما يسمى ” بالعالم الثالث ” ، أى : المتخلف ، وبالتالى يصبح أهدار فرص التعامل الإيجابى مع هذه الظاهرة الحضارية الجديدة والكبيرة “وقت الفراغ ” باتساعه الخطير ، الذى أفرزته ، وتعزز من وجوده ، وتوسع من حدوده كل يوم ، الحضارة المعاصرة ، يصبح خطراً كبيراً وعبئاً على حركة المجتمع ، ومنفذاً لإهدار الكثير من المجهودات البنائية لنهضة الأمة ، مهما كانت جدية مشروعها الحضارى الذى تبنى نفسها على أساسه ، بل إن غياب الضبط والتحليل والترشيد للظاهرة الحضارية الجديدة ” وقت الفراغ ” يمثل دليلاً على وجود ” خرق في المشروع الحضارى ،تؤتى الأمة من قبله .

هذا من جهة التصور العام ، بالإضافة إلى المخاطر العديدة التي تهدد الأمة من خلال هذا “الثقب ” وسوف نعرض لها من بعد حين ، بإذن الله .

لقد تحولت “إشكالية وقت الفراغ “في مدركات العقل الإنساني الحديث إلى علم اجتماع قائم بذاته ، هو ” علم اجتماع وقت الفراغ ” أو”سوسيولوجيا وقت الفراغ ” ، يتناول بالعرض والتحليل والمتابعة الميدانية والبرمجة الوظيفية ، كافة متعلقات موضوع “وقت الفراغ ” كفرع “علمى ” .

بل إن علم الإنسان ” الانثربولوجيا ” قد تقاطع هو الآخر ، مع علم الاجتماع في هذه الإشكالية ، حيث ظهرت أبحاث تتناول نشأة للظاهرة الحضارية الجديدة ” وقت الفراغ ” وتطورها منذ الإنسان القديم – ما قبل التاريخ – إلى أن تشكلت بهذا الحجم الذى تشهده الحضارة المعاصرة . (7)

هل من حق الباحث المسلم المعاصر ، أن يشتكى قلة الزاد ، في محاولته دراسة هذه الظاهرة أو تحديد موضعها من مشروعنا الحضارى المأمول ، ومن ضعف – بل غياب – المراجع الإسلامية الجديدة التي تتعامل بجدية وعمق ، مع هذه ” الإشكالية ” ، إلى الحد الذى يدفعه للترحال مع قرون الإسلام المبكرة ، بحثاً عن مجهود إسلامي يعين على فهم ومعالجة تلكم الظاهرة ، وصولاً إلى ينابيع الاسلام – القرآن والسنة – لمحاولة التأمل في الإشارات القرآنية والتوجيهات النبوية التي تعين على تفهم جوانب المسألة (8) .

وهل من حق هذا الباحث – أخيراً – أن يدعى بأن غياب بحث ” إشكالية وقت الفراغ ” عن العقل الإسلامي المعاصر ، تمثل ” ثقباً ” حقيقاً في مشروعنا الحضارى الجديد ؟!

(2)

ثمة مثل إنجليزى شائع يقول :”العربة الفارغة أكثر جلبة للضوضاء ” ، والأمثلة الشعبية – كما هو معروف – تمثل اختزالات فطرية بسيطة ، لمعانى اجتماعية كبيرة ، تثبت صحتها ببرهان التجربة التاريخية الطويلة .

والتأمل الفاحص في البناء النفسى للإنسان في البناء النفسى للإنسان ، أى إنسان لن يعييه ملاحظة أن أكثر الأوقات ضياعاً وتوتراً وخطورة في حياته ، هى تلك التي يشعر فيها من بالفراغ ، حيث دون قدرة على توظيفه ، أو استثماره أو ترشيده ، إنه يكون أكثر استعداداً للانحراف ، وأكثر توتراً وقابلية للإثارة . (9)

وما يصدق على الفرد يصدق على البناء النفسى للمجتمع ، حينما تتسع رقعة “الفراغ ” فيه ، دون تخطيط راشد ، يضمن السيطرة على فعالياته المتنوعة في هذا “الفراغ ” بما يضمن عدم تصادمها أو انفلاتها ، أو توجهها وجهة عدوانية ، وبالتالى ؛ تصبح السيطرة على

” وقت الفراغ ” شرطاً أساسياً لتحقيق السلام الاجتماعى للأمة ، وضمان سلامة شبكة علاقاتها الاجتماعية .

وعلى جانب آخر ؛ فإن السيطرة على “إشكالية وقت الفراغ ” ، تمثل شرطاً ضرورياً لسد منافذ الغزو الثقافي والقيمى الأجنبى للأمة ، لأن طبائع النفس تميل بها إلى كل جديد وطريف ، وكلما مالت النفس إلى الاسترخاء أو “الخواء ” كانت أكثر انجذاباً إلى هذا ” الذى يبدو طريفاً وبديعاً في ظاهره ” ، وقت الفراغ هذا أكثر الأوقات ملائمة لتحقيق الاسترخاء الفكرى ، أو هشاشة الضبط القيمى ، وبالتالى ؛ فهو أنسب الأوقات لنفاذ الطرائف والبدائع إلى النفس ، وهنا تكمن خطورته ، إذا ما تركت هذه النفوس والعقول الخاوية المسترخية ، أمام طوفان الطرائف والبدائع الوافدة بإلحاح من المجتمع الغربى ، في مجالات الثقافة ، والفن ، والأخلاق ، والأزياء ، والآداب وغيرها ، وعبر وسائل بالغة الجاذبية ، عبر الصحيفة ، أو المجلة الأنيقة ، أو عبر الإذاعة والتلفزيون بمستواهما الفنى الرفيع ، وعبر السينما ، وعبر أجهزة الفيديو، وعبر شبكات الإعلان والدعاية التي تحاصر الإنسان أينما ذهب .

فإذا لم يكن لدى الأمة ، ومشروعها الحضارى ، بديلا حاداً ومتفوقا يمتلك الجاذبية الفنية العالية ، ويتحرك على تقنيات فنية رفيعة المستوى ، أو اذا لم يكن بمقدور المشروع الحضارى أن يحقق موازنة جديدة بين النشاط العملى والنشاط الترفيهى ، أو لم يكن بمقدوره إعادة صياغة المدركات العامة للأمة ، بما يحقق وعياً جديداً لمفهوم الوقت ، وتقسيمه وقيمته ودوره ، أو تباين ذلك كله بين الأمم ، حسب متطلباتها الإنسانية ، وحسب مناهجها الفكرية العقائدية “الأيدولوجية ” ، وحسب مكانتها الحضارية ، وحسب تحدياتها التاريخية يكن لدى المشروع  خططه وبرامجه للسيطرة على  ” وقت الفراغ ” ، فسيكون ذلك بمثابة تأشيرة دخول مفتوحة ، للتيارات الثقافية والقيمية والأخلاقية والأجنبية ، لكى تنفذ إلى صميم الأمة من خلال ثقب . ” وقت الفراغ “.

أيضاً ، السيطرة على إشكالية وقت الفراغ ، تتيح للأمة القدرة على سد منافذ الانحراف السلوكى ، لأننا إذا قلنا بأن وقت الفراغ ، هو أكثر الأوقات ملاءمة لمشاعر الأربحية والميل إلى المتعة ، وهشاشة الضبط القيمى في النفوس ، فإن هذا الأمر من شأنه أن يسبب هاجساً مقلقاً على الصعيد الذاتى الداخلى للأمة ، لأن تعبير ” وقت الفراغ ” ليس مفهوماً مطلقاً ، وإنما هو نسبى ، بالقياس إلى أوقات العمل المنتج ، ولكن ؛ في حقيقة الحال ، لا يوجد وقت فراغ مطلق ، ومن ثم ؛ فإذا لم يملأ وقت الفراغ هذا ، وفق تخطيط حضارى – راشد وجذاب – ، فإنه سيملأ – حتماً – بطرق عبثية وعفوية عديدة ، بعضها ينبت تلقائياً ، وبعضها يكون بتوجيهات خبيثة .

وفي هذا السبيل يمكننا القول ، بأن ظاهرة  “المخدرات ” واستفحالها في مجتمع إسلامي – مازال الضمير العام فيه يحمل قيم الحلال والحرام في الإسلام – تمثل إحدى منافذ الخرق والثلم في المجتمع ، ناتجة عن غياب السيطرة الرشيدة على مشكلات وقت الفراغ ، ومما يدل على هذه الحقيقة ، أن ظاهرة انتشار المخدرات في “مصر ” في حقبة السبعينات ، كانت بارزة في القطاع الحرفي ، الذى شهد طفرة مالية كبيرة ، حققت له إمكانية أوسع للتمتع بوقت الفراغ ، لم يقابلها تخطيط جيد ، يضمن السيطرة على نوازع ” العامل الحرفي ” في وقت الفراغ ، ونفس الشيء يقال عن انتشار وباء ” الهيروين ” في الثمانينيات حيث برز انتشاره في أوساط الشرائح الاجتماعية المصرية ، التي تحصلت على درجة عالية من اليسار الثروى ، حققت مساحة أوسع من ” وقت الفراغ ” وإمكانية أكبر للتمتع فيه ، لم يقابلها تخطيط اجتماعى يضمن السيطرة الرشيدة على هذه الوفر الجديدة أو ” الطفرة ” في وقت الفراغ لدى تلكم الشرائح .

وكلامنا هنا لا نعنى منه حصر أسباب هذا الانحراف السلوكى في ” وقت الفراغ ” ، فلاشك أن ثمة مؤثرات أخرى تربوية وقيمية ونفسية ، إلا أننا نزعم أن وقت الفراغ كان الثقب الذى نفذت من خلاله كثير من المظاهر الانحرافية في المجتمع ، بحيث لو أمكننا السيطرة عليه لأمكننا – بالضرورة – تحجيم أو سد أخطر منافذ الانحراف السلوكى في المجتمع .

أيضاً ؛ السيطرة على ” وقت الفراغ ” تضمن للأمة اتقاء هدر طاقات أبنائها الفاعلة ، ومن المفارقات الغريبة هنا ، أنه بينما تتسرب مفاهيم الكثير من أبناء الأمة الآن أن ” وقت الفراغ ” هو من “البطالة ” ، فإن كانت التعريفات الغربية لوقت الفراغ – والتي سوف نعرض لها بعد حين – تتناوله كقيمة اجتماعية إيجابية ، بل إن الباحث الأمريكى ” فرانك جوبو ” يعتبره شرط التقدم ونتيجتة في آن (10) .

والتصور الحالى لكثير من أبناء الأمة لوقت الفراغ ، على أنه نوع من “البطالة ” هو ترجمة عفوية للشعور بعبثية النشاط الاجتماعى فيه ، وغياب أى تخطيط أو ترشيد حضارى له ، يتيح لهم الشعور بقيمته الإيجابية .

إن وقت الفراغ ، في تاريخ التقدم الإنساني ، كان يمثل المظلة النفسية الاجتماعية الوادعة ، التي تتيح للفكر الإنساني قدره أوسع وأعمق ، على ابتكار الجديد ، وتطوير ما هو كائن ، وتحسين ما هو موجود ، والبحث عن صورة أفضل للحياة (11) .

وغياب التخطيط والسيطرة على مشكلات “وقت الفراغ ” – حتى إذا اتقينا الاختراق الخارجى أو الانحراف السلوكى الداخلى – فإنه يتسبب في إهدار طاقات الأمة الفاعلة ، وحرمانها من نعمة التأمل والتفكر ، والبحث عن صورة أكثر إشراقاً للمستقبل المأمول .

هذا ؛ بالإضافة إلى ضرورة وعينا ، بأن الكثير من تقنيات شغل وقت الفراغ اليوم ، أصبحت تعمل – قصداً أو بدون قصد – على ترسيخ القيم السلبية في الإنسان ، لأنها تعتمد على فرض التلقى ، وليس على المشاركة الإيجابية ، فالمشاهد لا يشارك – في وقت فراغه- أمام “التلفزيون ” وإنما هو يتلقى فقط ، وباعتياد هذا الموقف تترسخ فيه قيم “السلبية ” في وقت الفراغ ، إن لم تتسرب إلى نشاطه العام ، إضافة إلى تأثير هذا الموقف في تسطيح مستوى الإدراك والوعى الإنساني ، حيث الفكرة والمشكلة والحل ، والحركة والفعل والنتيجة ، معروضة أمام المشاهد في يسر تام ، ودون بذل أى جهد منه ، اللهم إلا الصبر على المتابعة ، مما ينتهى به إلى الكساح الفكرى ، إن صح التعبير .

وأخيراً ؛ فإن السيطرة الرشيدة على “وقت الفراغ ” تتيح للأمة ضمان تجدد حيوية الفعل الإنساني ، وتنشيط طاقاتها ، وبالمقابل ؛ فغياب هذه السيطرة تفوت تلكم القيمة الهامة لوقت الفراغ ، مما يؤدى إلى استمرارية الإجهاد الذهنى والعصبى والعضلى لفعلها الإنساني العام ، الأمر الذى ينعكس سلبيا على إنتاجيتها فكرياً وفنياً ومادياً (12) .

وفي هذا السياق ، نشير إلى خطر جديد وخفي ، يتمثل في أن الكثير من تقنيات وآليات شغل “وقت الفراغ ” اليوم ، لم تعد تملك مجرد ملءالفراغ ، بل صناعة الفراغ كذلك ، مما ينتهى – عادة – بإثارة الارتباك في توازنات الحركة الاجتماعية للأمة ، ويرهق مجهودات البحث والتخطيط لتقدم المجتمع .

هذه مجالات متنوعة ، نعتبرها أمثلة ليست للحصر ، على خطورة غيبة ضبط ودراسة ، أو تخطيط وترشيد ، وقت الفراغ ، وآثاره ، وآثاره السلبية على الجهود الفكرية المستهدفة صياغة مشروع حضارى لإعادة البناء .

(3)

مفاهيم وقت الفراغ لا تختلف من غيرها من “المفاهيم ” ، في كونها منتوجات فكرية / نفسية ، تنتمى إلى موطن ، وتصوغها هوية حضارية ، وتتصل روافدها ” بأيديولوجية ” عامة توجه دلالاتها وإيحاءاتها ، ورغم وضع كثير من هذه  “المفاهيم ” من خلال مناهج علمية حديثة ، إلا أنها تبقى – رغم ذلك – منتوجات ذات هوية ، وهو الأمر الذى يتضح لنا من تأمل المفاهيم الأوربية لوقت الفراغ ، وهى توجه معظم النشاط البحثى الحديث في علم اجتماع وقت الفراغ .

ومن ثم ؛ فقد آثرنا أن نفصل بين المفهوم الأوربى لوقت الفراغ ، والتصور الإسلامي للإشكالية ، بحيث نفرد كلا المفهومين بحديث مستقل.

يعرف “ماكس كابلان ” وقت الفراغ بقوله :” إن وقت الفراغ في أفضل معانيه ، هو ما يسمح للفرد بتجديد الذات ، والتعرف عليها ، والوصول بها إلى الكمال ” (13) .

ويعتبر عنه “روزن هوير ” بأنه ” فاعلية تتجلى فيها كل طاقات الفرد الخلافة “(14) .

ومن الواضح أن كلا التعريفين ، يميلان إلى البلاغة الاصطلاحية ، أكثر من اتجاههما نحو الضبط العلمى ، وإن كان تعريف “كابلن ” يضع أيدينا عل أبعاد المفهوم ” الوظيفي ” لوقت الفراغ . وقد حاول الباحث الفرنسى (جان دوما سيدو ) أن يضع تعريفاً شاملاً لوقت الفراغ من خلال تحديده لطبيعة النشاط الذى يمارس خلاله ، فجعله متصفاً بصفات أربعة .

1- اتصافه بالطابع التحررى ، أى التحرر من بعض الواجبات ، وحرية اختيار بعض النشاطات .

2- انتفاء صفة النفعية عنه ، فوقت الفراغ ليس مكرساً لخدمة أية غاية مادية أو اجتماعية ، فهو يتصف – إذن – بالطابع المجانى .

3- اتصافه بطابع الامتاع ، فنشاط وقت الفراغ يرتبط دائما بالبحث عن السرور والمرح .

4- اتصافه بالطابع الشخصى ، إذا إن ظاهرة وقت الفراغ ترتبط مباشرة بالدفاع عن كمال الكائن الإنساني ، فهى تسمح للفرد بالتحرر من الضجر اليومى لتحقيق الإنسان الكامل (15) .

ويلاحظ هنا ؛ أن هذا التعريف الشامل ، يرتكز على قاعدة قيمية أوربية واضجة ، فمن حيث اتصاف نشاط ( وقت الفراغ ) بالطابع التحررى ، فذلك صدور عن تصور تجزيئ الفعل الإنساني بين الذات والمجتمع ، بافتراض غيبة القطب الأعلى المهيمن على كليمها ، والمنسق لفعالياتهما ، وبالتالى فوقت العمل هو الحق الازم للإنسان نحو المجتمع ، وبانتهائه يسقط أى آخر ، بل ينعدم .

أما انتفاء صفة النفعية عنه ، فهو بناء على ما سبق ، من تجزيئ للفعل الإنساني بغياب القطب الذى ينصاع له الضمير كما ينصاع له النظام الاجتماعى ، ونضيف هنا ؛ بأن تصور انتفاء (( النفع )) عن وقت الفراغ – كمردود يعود لصاحبه – هو إهدار لتصور عالم آخر غير الذى نعيش فيه ، أى أن ذلك التصويف هة بمثابة أحد الوجوه التطبيقية لمبدأ :

(( ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر )) (16) .

أما اتصافه بطابع الامتاع والطابع الشخصى ، فهو صدور عن غيبة تصور غرض الرسالة الإنسانية ذاتها ، بالإضافة إلى ما سبق من تجزيئ متناقض للفعل الإنساني ، باعتبار نشاط  ( وقت العمل ) يخلو من أية قيمة أو متعة أو كمال أو رسالة ، إلا في نطاق تحقيق عائد مادى على العامل ، وإنتاجية عامة المجتمع .

وقد تعرضت ( دائرة معارف العلوم الاجتماعية الأمريكية ) لمفهوم وقت الفراغ ، فعرفته بأنه : الوقت الذى يتحرر فيه الفرد من المهام الملزم بأداتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، نظير أجر معين ، وهذا يعنى  أن وقت الفراغ هو الوقت الزائد عن حاجة العمل الذى يقوم به الفرد لغرض كسب العيش ) (17) .

ويتضح من هذا التعريف أن ( الفصام ) في تصور الفعل الإنساني العام ، يهيمن على التعريف ، فالوقت الذى يوصف بأنه ( وقت عمل) هو ما يتقاضى عليه الإنسان أجراً ، وما يكون ملزماً بأدائه ، والإلزام هنا ليس ضميرياً ، وإنما موضوعيًا / قانونياً ، وهذا يعنى أمرين الأول : أن وقت الفراغ لا يتقاضى عليه الإنسان  أجراً مطلقاً ، وهذا يعدنا إلى التصور ( الدهرى ) الذى يصوغ المفردات القيمية للمجتمع الغربى ، والثانى : أن وقت الفراغ ، غير ملزم فيه الفرد بشيء ، أى أنه يملك هذا الوقت ملكية حقيقية ، وهذا مناقض – بالضرورة – للتصور الذى يجعل الوقت كله – العمر – ملكاً لله ، والإنسان مستخلف فيه ، كما سيأتى بيانه .

وقد تأثر كثير من الباحثين العرب ( المسلمين ) ، بهذه المفاهيم الغربية لوقت الفراغ ، حتى إن أحدهم أراد أن يختصر تصوره لمفهوم (وقت الفراغ ) فوصفه بأنه ( هو الوقت الذى يفعل الإنسان فيه ما يشاء !) (18) .

ولا تختلف التعريفات ( الماركسية ) كثيراً عن التعريفات الغربية ، اللهم إلا في حدة التعبير المادى واصطلاحاته ، وفي هذا الصدد يعرف الباحث الألمانى (روبلتز) وقت الفراغ بأنه ( الوقت الذى يتبقى بعد طرح ساعات العمل الإجبارى أو الدراسة الإجبارية للفرد ، ووقت النوم ليلاً ، والوقت الضرورى لأداء الواجبات اليومية الضرورية ) (19) .

ومن الواضح أن كافة هذه المفاهيم – الغربية والشرقية سواء – لا تصلح بحال لكى نبنى عليها تصوراً إسلامياً لإشكالية وقت الفراغ ، بل يصبح من الخطورة بمكان اعتماد هذه المفاهيم ، من حيث يمثل تحديد مفهوم القاعدة الأساسى ، التي تحكم وتوجه عملية ترشيد النشاط المرغوب في ذلك الاتجاه ، ويبقى على الباحث المسلم أن ينقب في أصوله العقائدية والحضارية عن مفهوم جديد ، أو تصور جديد للقضية برمتها .

(4)

يمكننا القول ؛ بأن اصطلاح ( وقت الفراغ ) بدلالاته ومفاهيمه المعاصرة ، هو اصطلاح غير إسلامي جملة وتفصيلا ، واللغة العربية – لغة القرآن – لا تعرف مركب هذا الاصطلاح ، بدلالاته وإيحاءاته المعهودة في الذهن المعاصر .

فالفراغ في اللغة ، من مادة ( فرغ ) بمعنى ( خلا ) ، وفيها ( تفرغ ) بمعنى ( خلا من الشغل )  (20) .

( والفيروز آبادى ) يضع ( الفراغ ) في مقابل ( الشغل ) ويفسر أحداهما بضد الآخر (21) ، والشغل غير العمل ، وهو كل ما يلهى في حياة الإنسان فكرياً / نفسياً ، عن مقصد عبادة الله وفعل الخير ، وقد جاء في التنزيل العزيز .

( سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا )(22)

وقد جاء في الحديث النبوى الكريم :

( بادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشتغلوا ) (23)

أى قبل أن تلهيكم هموم الحياة ومشكلاتها عن إخلاص العبادة وقصد الخير .

ومن ثم ؛ كان  ( الفراغ ) يعنى إسلامياً – سلامة القلب والنفس والفكر من كل ما يلهى عن الخير والعبادة ، وفي هذا المعنى جاء الحديث الشريف :

( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) (24)

فالصحة سلامة البدن ، والفراغ سلامة النفس والفكر ، وواضح أن ( الفراغ ) في الحديث يمتنع تأويله بمعنى ( اللا عمل ) وإنما معناه البسيط ( راحة البال ) ، وهى أمر عام قد يوجد في أوقات العمل المادى أو العمل العبادى (25) .

واصطلاح ( العمل ) في الإسلام يحمل من المعانى والإيحاءات ما يجعله مميزاً تماماً عن المفهوم الغربى المنتشر اليوم في ديار الإسلام ، إذا العمل في الإسلام هو كل جهد يحمل معنى  (العبادة ) وكل ( جهد ) لا يحمل معنى العبادة فهو( لهو  ) ( وشغل ) و (باطل ) في نظر الإسلام ، ولا يصح تسميته عملاً إلا تجاوزاً مع بيان أنه فاسد .

وقد جاء في الحديث :

( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، وعلم ينتفع به ، وولد صالح يدعو له ) (26) .

وفي الحديث أيضاً : ( كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به ) (27) وقد مر بك الحديث ( بادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشتغلوا )

والملاحظة الأولية للمتتبع لآى القرآن الكريم ، وحديث النبى صلى الله علية وسلم ، أنه لا توجد أية إشارة أو إيماءة إلى وجود وقت مستقطع من حياة المسلم يمكن وصفه بتعبير ( وقت الفراغ ) كمصطلح يعبر عن المفهوم المعاصر .

ومن هذا المنطق نطرح سؤالنا المبدئى :

هل يمكن وجود وقت فراغ في حياة المسلم ؟

ونحن نجيب على الفور : لا ، وذلك ، استناداً إلى القاعدة التصورية الإسلامية العامة ،والتي تشكل الإطار الموضح ، والمرجع الحكم ، لمختلف المفاهيم في حياة المسلم .

والتصور الإسلامي ، ينطلق من معنى أن ( الزمن ) ، ليس ملك الإنسان ، وإنما هو خلق الله وملكه :

(الله خالق كل شيء، وهو على كل شيء وكيل )(28)

( الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ، فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى )(30)

فالإنسان وعمره ، خلق من خلق الله ، ومستخلف في هذه الأرض ، ومستخلف – أيضاً – في ( الزمن ) / العمر ، ومن ثم ؛ فهو مطالب بطاعة الله الخالق للأرض وللزمان وللإنسان ، وعبادته وفق ما أمر وهدى ،وهذه هى الرسالة التي من أجلها خلق ، ومن ثم ؛ فقد حرم الإسلام تحريمًا قاطعاً . أن يهلك الإنسان وقته / عمره ، بأية صورة كانت ، ولأى سبب كان ، ويذكر – في هذا السياق – أن ( الانتحار ) جريمة منكرة في عرف الإسلام (31) ، يعاقب عليها مقترفها بأشد العقاب ، رغم أنه لم يقتل سوى ( عمره / وقته) ، والذى هو – وفق المفهوم الوضعى اللادينى – ملكه الخاص ، إلا أن الإسلام ، وفق قاعدته التصويرية العامة – لا يعتبر الإنسان مالكاً للوقت ملكية حقيقية ، وإنما هو مستخلف فيه أو مستأمن عليه .

وفي هذا السياق أيضاً ، نهى الله تعالى عن سب ( الدهر ) ، ( الزمن ) ، فقد جاء في الحديث القدسى :

( لا تسبوا الدهر فإنى أنا الدهر ) (32)

أى أنه – سبحانه – واضح سننه ومجريها (33) .

وحق الخلافة في الأرض ، وهى رسالة الإنسان ، تحتويها الآية الكريمة على سبيل الحصر : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )(34)

أى أن الإنسان مطالب باستفراغ الوقت كله في عبادة الله ، وهذا يعنى أن العبادة اصطلاح شمولى ، يتسرب في كل نشاطات الإنسان ، ويعيش معه في كل أوقاته ، ولا يصح – وفق هذا المفهوم – تصور وجود وقت مستقطع يفرغ فيه الإنسان من العبادة ، بوصفها التكليف الجامع لمختلف نشاطاته الحياتية ، ويصبح – من ثم – : العمل والفكر ، والسكون والحركة ، والجد والمرح ، والقتال واللهو، والأكل والشرب ، والنوم والعلم ، وكافة نشاطات الإنسان عبارة عن تنويعات على وتر واحد ، هو العبادة ، ويصبح الاختلاف بين نشاط وآخر ، لا يمكن في ( جوهر ) وإنما يتجلى في ( مظهر ) ولا يتناقض في ( الحقيقة ) وإنما يتابين في ( الهيئة ) .

قال تعالى : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى )(35)

والسدى هو الهمل ، لا يؤمر ولا ينهى (36)

وهذا يعطينا قاعدة إسلامية هامة ، وتلك أن الإنسان لا يمكن أن يعيش ( وقتاً ) بدون تكليف ( سدى ) ، وبالتالى ؛ فهو في كل حال من أحواله المعيشية ( مأمور ومنهى ) أى يجعل تكليفا ورسالة ، ولا يمكن أن يكون ثمة وقت هو فيه (  حر من التكليف ، وبالتالى ! حر في التصرف فيه كيف يشاء .

ووفق هذا السياق يفهم الحديث الجليل : ( إن لبدنك عليك حقاً ، وإن لأهلك عليك حقا ، وإن لزورك عليك حقا ،

فأعط كل ذى حق حقه )(37)

إذا إن ظاهر في بيان فساد تصور ( وقت الفراغ ) بالمفاهيم الغربية ، حيث وصف الحديث هذه النشاطات بأنها ( حقوق ) – تأمل – أى تكليفات للمسلم ، وليس له حرية مطلقة في التصرف فيها كيف يشاء .

ووفق هذا السياق – أيضاً – تأتى جملة من التوجيهات النبوية ، التي تعيد صياغة المدركات وضبط المفاهيم ، من خلال جزيئات عديدة في حياة الإنسان المسلم ، مثلما ورد في الحديث الشريف ( كل سلامى (38) من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها ، أو ترفع له عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة : صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق صدقة ) (39) .

بل إن التربية النبوية ، كانت تصل إلى الحد الذى يثير الدهشة في هذا المجال ، كما ورد في حديثه صلى الله عليه وسلم مع نفر من الصحابة الكرام يشتكون له عدم قدرتهم على الصدقة الواسعة فقال : ( وفي بضع أحدكم صدقة ! قالوا : يارسول الله أيأتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرايتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) (40) .

فلعب الرجل وعبثه مع أهله ، وإتيانه لهم ، ليس ( وقت الفراغ ) وإنما ( وقت عبادة ) يحاسب عليها ، ويصرف له مستحقاته كاملة ، باعتبارها (صدقة ) !

(5)

من تحصيل الحاصل أن نقول بأن المفهوم الإسلامي للوقت وملكيته وتقسيمه ووظائفه ، يغيب غياباً شبه تام عن روح المنظومة التشريعية والتنظيمية التشريعية والتنظيمية الضابطة لحركة الجتمع الإسلامي المعاصر ، بل ويغيب – أيضاً – عن مدركات كثير من المسلمين أنفسهم كأفراد .

وعلى الرغم من اتجاه الكثير من مظاهر النشاط الفكرى والمجتمعى نحو الصياغة الغربية ، إلا أن واقعنا الإسلامي المعاصر يشهد بأننا كثيراً ما نأخذ من ( النموذج الغربى ) سلبياته دون إيجابياته ، وربما قلنا بأن مخطط تزوير الواقع الإسلامي وتغريبه ، كان يهدف – بالأساس – إلى تعويقه وتقييده ، وإفقاده القدرة على الحركة المتوازنة ، وحرمانه من كل قيمة إيجابية يمكن أن تتسرب إليه خلال عملية التنميط .

وإشكالية ( وقت الفراغ ) خير شاهد على ذلك ، إذا التبعية للمفهوم الغربى له ، قد أصابها الفصام ، إذا إنها وقفت عند جزئية منه دون باقى إطار العام الذى يكشف قيمته في النشاط الاجتماعى ، أو بوجه آخر ، فإن التقليد الإسلامي للنموذج الغربى في فهم ( وقت الفراغ ) وقف عند حد التعريف ( الإجرائى ) له ، ولم يكمل النظرة إلى ( التعريف الوظيفي ) ، والذى هو القيمة الحقيقية من مجهودات الضبط للمفاهيم والاصطلاحات .

ومن ثم ؛ وقف مفهوم وقت الفراغ في مواصفات المجتمع الإسلامي المعاصر عند معنى ( الوقت الحر الذى يكون فيه الإنسان غير ملزم بعمل يتقاضى عليه أجراً (41) ، وهكذا أصبح ( وقت الفراغ ) مرادفاً لمفهوم ( البطالة ) أو وجهاً من وجوهها ، أو حالة من حالاتها .

ولقد مر بك الكثير من المفاهيم الغربية ، والتي تميل إلى ( البيان الوظيفي ) لمفهوم وقت الفراغ ، وعندما أراد الباحث الأمريكى المعاصر ( فرانك جوبو ) أن يختم بحثه الشيق عن نشأة وتطور وقت الفراغ في التاريخ ، كتب يقول :

( لقد كان أحد أفراد القبيلة في الأزمنة الغابرة ، هو الذى وضعنا في أول الطريق إلى وقت الفراغ ، عندما توقف عن عمله لحظة أو استغرق بعض الوقت عن عمله لحظة أواستغرق بعض الوقت في التفكير ، واليوم نجد أنفسنا نتمتع بوقت فراغ وفير ، فالآلات العجيبة ، ووسائل تقليل العمل اليدوى تعمل بانتظام على تخفيض الوقت الذى يلزمنا لإنتاج ما نحتاج إليه ، وغداً ، سوف تصل عجائب الآله بهذا الوقت إلى أدنى حد ممكن ، فإذا نحن أحسناً استغلال أوقات الفراغ كان معنى هذا مزيدًا من الوقت للتقدم ، وعالماً أفضل لكل إنسان )(42)

إن مفهوم ( وقت الفراغ ) وفق آلية الحركة الاجتماعية الغربية ، يأخذ وضعية جدلية مع مفهوم ( التقدم ) كلما اتسع ( وقت الفراغ ) ، كلما كان الإنسان أقدر على صنع التقدم ، ودفع مسيرة التقدم خطوة جديدة إلى الأمام (43)

وبغض النظر عن مصداقية هذا الفرض ؟ في الحالة الاجتماعية الأوربية الحاضرة ، فإن هذا المفهوم هو الذى قامت على أساسه صروح الحضارة الأوربية المعاصرة ، وهذا هو المهم في الموضوع .

أما الوقت وقت الفراغ في المجتمع الإسلامي الحديث ، فقد أصبح ( عمراً مهدوراً ) بل ؛ وعباً على حركة المجتمع نحو التقدم ، من حيث كونه يمثل طاقة استهلاكية ، أو يغذيها ، أو يمهد لها سلبها ، دون أن يقابلها دفعة إنتاجية ، أو تنمية ماهرة ، أو إبداع فكرى جديد يكشف للأمة آفاق المستقبل .

أما على المستوى السياسى / الاجتماعى ، فأصبح وقت الفراغ يمثل ( هاجساً ) يهدد الاستقرار العام في المجتمع ، وذلك منطق طبيعى ، طالما غابت الرؤية الجادة ، والفلسفة الأصلية ، لإدراك وظيفة ( وقت الفراغ ) فضلاً عن مفهومه العام وفق التصور الإسلامي ، فإن الناتج- إذا ذاك – يكون نظرة سلبية نحو تلكم الحالة ، ينتج عنها جهد سلبى بالضرورة ، بمعنى أن الهم السياسى العام يصبح محصوراً في كيفية (تطويق ) و( احتواء ) هذه المنطقة الزمنية ( الفارغة ) بحيث لا تتجمع قواها في اتجاهات محددة .

ويمكن للمتأمل ملاحظة آثار هذا ( الفصام ) المفهومى ، على اتجاهات وبرامج النشاطات الترفيهية في المجتمع ، في الرياضة والفن والأدب وغيرها ، حيث تحولت – في معظمها – إلى نوع من إهدار الطاقة ، أو ارهاق الأعصاب ، أو تستطيح المفاهيم والأفكار ، أو ( الهدم ) بالمعنى المباشر للكلمة .

(6)

البحث عن حل إسلامي لإشكالية وقت الفراغ – بناءاً على ما قدمنا – يصبح ضرورة حضارية ، لا يستطيع المشروع الحضارى الإسلامي أن يؤمن مسيرته دون إعطاء البديل الفكرى والعملى للأنموذج الغربى والشرقى في تشخيص هذه الحالة الاجتماعية وعلى جهاد السيطرة عليها .

والجهد الإسلامي لحل هذه الإشكالية ينبغى أن يصرف باتجاهين : فكرى ، وعملى .

والجهد الفكرى في هذه المسألة يتعلق بتصحيح المفاهيم ، المتعلقة بالوقت في حياة المسلم ، وملكيته ، وكيفية تقسيمه ، وحدود حرية التصرف فيه ، ونحو ذلك ، وفي هذا السياق ثمة محاور يلتزم بها الجهد الفكرى الإسلامي – فيما نرى – وهو بصدد معالجة وحل الإشكالية

المحور الأول ؛ ترسيخ معنى ملكية الوقت / العمر ، لله تعالى ، وأن الإنسان مستخلف فيه ، لأن ذلك المعنى يعزز من حضور القيم الرسالية في ضمير الفرد المسلم في مختلف نواحى نشاطه الإنساني ، ويعمق الإحساس لديه بجدية رسالته في الحياة ، وينفي عنها معنى العبث والتيه .

المحور الثانى ؛ العمل على استبدال المصطلحات الغريبة في هذه الاشكالية باصطلاحات بديلة ، تتوافق مع الروح الإسلامي والتصور الإسلامي ، وفي مقدمة تلك الاصطلاحات مصطلح ( وقت الفراغ ) ولا بأس بأن يطرح مكانه اصطلاح ( وقت النشاط ) أو وقت التنشيط ) أو ( وقت الترويح ) ، باعتبار أن النشاط الحقيقى في هذا الوقت فهو ( نشاط إنسانى ) وليس ( فراغًا ) ، وأيضاً ؛ هو بمثابة وقت موظف لاكتناز النشاط الإنساني وتجديده بما يعين على استمرارية مسيرة العطاء .

المحور الثالث ؛ تكثيف وترشيد الفكر الإسلامي في موضوع وقت ( الترويج ) بما يؤكد على ( الحق الاجتماعى ) في ( وقت الفرد ) ، وبما يكشف للإنسان المسلم بأن ( وقت الترويج ) هو جزء من نسيج البناء الاجتماعى للأمة ، وحلقة من حلقات عطائها الحضارى الفعال وليس جهداً مهدراً ، أو وقتاً زائداً عن الحاجة .

المحور الرابع ؛ توسيع آفاق التصور – لدى الإنسان المسلم المعاصر – فيما يتعلق بموضوع ( العبادة ) ومفهومها في الإسلامي ،لأن تحقيقنا لوجود هذا الفهم المستنير للعبادة في الضمير الإسلامي الفردى والعام ، سيضفي على كافة جزيئات النشاط الإنساني نوعاً من

( القداسة ) ، بما في ذلك ( وقت الترويح ) إذا يشعر الإنسان المسلم أن ما يقوم به من نشاط ( ترويجى ) هو عمل مقدس ، وقد يثاب عليه أحسن ، وقد يجازى إن أخطأ وانحراف ، وهذا كله مما يعزز حضور المعنى الوظيفي لوقت الترويح في حركة المجتمع .

أما الجهد الإسلامي العملى لحل إشكالية ( وقت الفراغ ) فهو الذى يتوجه إلى السيطرة العملية على النشاط الترويجى في المجتمع ، وذلك أن وقت الفراغ يرتبط ارتباطاً عضوياً وتلازمياً مبسألة ( الترويح ) ،ومن ثم فإن حديثنا ينصب على مايجب فعله  في ( النشاط الترويحي ) .

وبطبيعة الحال؛ فمثل هذا البحث ، ليس من شأنه أن يقدم أنموذجاً وافياً لأوجه النشاطات الترويحية ، و إنما حسبه أن يقدم المعالم الأساسية التي تحكم – بالضرورة – آليات النشاط الترويحي ، وهذه المعالم التي نرصدها في ختام البحث ، هى نابعة – بالأساس – من الفرض المبدئى القاتل ، بان ( وقت الترويح ) ليس منفصلاً عن الحركة الحضارية العامة للأمة ، ومن ثم ؛ فإن طبيعة النشاط الترويحي في المجتمع لابد وأن تنبثق وتتناغم مع نسيج المشروع الحضارى الإسلامي الذى تعلق عليه الأمة آمال النهضة .

وهذه المعالم نستطيع رصدها فيما يلى :

أولا : أن يكون النشاط الذى يمارسه المسلم في ( وقت الترويح ) داخلاً في حيز الإباحة الشرعية ، ولايكون من المحرم شرعاً عمله ، وذلك أن مشروعنا الحضارى ، مشروع إسلامي ، فسلامة الدين شرط أساسى لسلامة الحركة الحضارية للمجتمع ، فضلاً عن كون ذلك إلزامياً شرعياً لافكاك للمسلم منه ، وبغض النظر عن وضعه في المجهودات البنائية .

ثانياً : أن لا يكون ( نوع ) النشاط الترويحي الممارس مثلا لقنطرة من قناطر الغزو الثقافي والقيمى في الأمة ، لأن ذلك يثير الارتباك في توازنات المشروع الحضارى الإسلامي الذى يشترط فيه الاستقلالية والتميز والتناسق ، فالمرأة المسلمة على سبيل المثال في غنى عن ركوب الخيل ، ولعب كرة القدم .

ثالثاً : أن يكون ( نوع النشاط الترويحي مما يعزز قيم الانتماء إلى ويمهد للناشئة طريق الاعتزاز بدينها وشخصيتها الحضارية ، فاصطحاب الأطفال إلى الصلوات والأعياد لا يمثل عبادة بالمفهوم المباشر للأطفال ، وإنما هو – لهم – نوع من ( النشاط الترويحي ) ، ولكنه يوظف من أجل تعويد الناشئة على أداء الفروض واحترامها .

ونذكر هنا أن الكثير من ( لهو ) الأطفال ، وألعاب الصغار – من المسلمين – هى أمور ليس من شأنها تعزيز الانتماء واحترام الشخصية الحضارية ، حتى في أبسط الأمور ، فالدمية التي يلعب بها الطفل المسلم تصاغ على الهيئة الأوربية :

العيون الزرقاء والشعر الذهبى الأصفر ، مما يرسخ في الطفل المسلم مشاعر الانبهار والإجلال بهذا ( الأنموذج ) ، ومما يذكر – في هذا المجال – أن دولة مثل ( اليابان ) تخضع لعب الأطفال فيها لرقابة صارمة ، لضمان عدم تسرب المشاعر والمفاهيم الاجنبية عن طريقها إلى هناك .

رابعاً : أن يكون النشاط الترويحي مما يعزز القيم الإيجابية والتشاركية في المجتمع ، ويحاصر قيم السلبية فيه ، فالرياضة على سبيل المثال نشاط ترويحي الأصل فيه الممارسة الفعلية ، وليس المشاهدة و ( الفرجة ) لأن المشاهدة نشاط سلبى أما الممارسة فنشاط إيجابى ، يفيد منه الجسم عضوياً ، وروحيا ، وعقلياً ، ومن ثم ؛ فإن الدعم الإسلامي للرياضة – كمثال – ينبغى أن يتوجه باتجاه توسيع قاعدة المشاركة بين أبناء الأمة عن طريق إنشاء وتطوير مراكز الشباب ، والنوادى الرياضية في مختلف قطاعات المجتمع ، أما توجيه الهم الأكبر لدعم الأندية الكبرى والألعاب ذات الجاذبية ( الإعلامية ) ، فهو إنفاق نحو الهدر .

خامساً : أن يكون النشاط الترويحي متصلاً – وظيفياً – بالهموم المستقبلية للأمة ، بحيث يكون ( وقت الترويح ) محققاً ومشاركاً في تقريب الأهداف الاستراتجية للأمة ، ويذكر – في هذا السياق – المأثور الإسلامي الشهير ( عملوا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل)

لأن هذا ( النشاط الترويحي ) كان متصلاً – حينها – بطبيعة حركة الفتوح الإسلامية ومقتضياتها ، ومن ثم ، يمكننا اليوم أن نعزز من انتشار ( نوادى العلوم ) التي يؤمها الهواة من كل الأجيال ، وإن أى انفاق – ولو متواضع – على هذه النوادى ، يعود بالخير الكثير على مستقبل الأمة ، لأنها ( معامل حقيقة ) لاستثمار المواهب العلمية المؤهلة للابتكار والإبداع ، ولا شك أن حاجة الأمة اليوم ماسة إلى الطاقات الابتكارية في مجال التقنيات خاصة .

سادساً : مراعاة مستويات الإدراك في القطاعات المجتمعية المختلفة ونحن نوجه النشاط الترويحي ، فما يناسب المثقف المسلم قد لا يتفق ومكونات ( العامل ) المسلم أو ( الفلاح ) المسلم النقطة من الضرورى لفت الانتباه إلى الأزمة المعقدة فيما يتعلق بالقطاع الفلاحى في المجتمع ، وهو أوسع قطاعات المجتمع الإسلامي عدداً ، ورغم ذلك فإنه أكثر القطاعات المجتمعية سلبية ، وأكثرها إهداراً للوقت ، لأن طبيعة عمل ( الفلاح ) تجعل ( وقت الترويح ) عنده ممدوداً ومتسعاً ، ورغم ذلك فمن المشاهد أن ( الفلاح ) أكثر أفراد المجتمع بعداً عن( توجيه ) نشاط الترويحي ، وفي هذا ما فيه من إهدار لطاقات هامة ، من الممكن أن تفيد منها الأمة لو أحسن توظيفها .

هذه هى المعالم الأساسية التي نراها ضرورية للجهد الإسلامي العملى في السيطرة على أشكالية ( وقت الفراغ ) نأمل من خلال عرضنا لها ولهذا البحث برمته ، أن نكون قد وفقنا في نقل هذه القضية إلى ساحة همومنا الفكرية الكبرى ، عسى أن تأخذ مكانها الطبيعى ، كعضو حيوى وهام ، في نسيج مشروعنا الحضارى الإسلامي المأمول .

هوامش

1- يمثل الشيخ محمد عبده في ( رسالة التوحيد ) طليعة لهذا الاتجاه ، وقد تبنته كمنهج كامل الدعوات السلفية المعاصرة ، مثل جميعة أنصار السنة المحمدية .

2- يقول المفكر الإسلامي ( مالك بن بنى ) : ( ليس المطلوب أن نعلم المسلم عقيدة هو يمثلها ، وإنما المهم أن نرد إلى هذه العقيدة فاعليتها ، وقوتها الإيجابية )

انظر ( وجهة العالم الإسلامي ) ص 55 ، ترجمة عبد الصبور شاهين ،ط . القاهرة ( الأولى   1959 .

3- الدكتور طه جابر العلوانى ، من محاضرة له بعنوان ( الجذور التاريخية لأزمتنا الفكرية ) .

منسوخ على الآلة الطابعة – وانظر رسالته ( خواطر في الأزمة الفكرية – المأزق الحضارى للأمة الإسلامية ) ط . المعهد العالمى للفكر الإسلامي .

4- يمثل الشيخ جمال الدين الأفغانى طليعة هذا الاتجاه ، وتبعه عبد الرحمن الكواكبى ، واضع رسالة ( طبائع الاستبداد ) والأستاذ إبراهيم بن على الوزير ، وعدد من الحركات الإسلامية المعاصرة .

5- تمثل الكتابات الأخيرة للدكتور فؤاد زكريا ، وكتاب ( تجديد الفكر العربى ) للدكتور زكى نجيب محمود ، كتاب ( من التراث إلى الثورة ) للدكتور الطيب تيزينى – على الترتيب – نماذج واضحة لهذه الاتجاهات المتطرفة .

6- راجع : د . فرحان الديك ( الحاجة إلى حضارة شباب أصيلة ) ص 182

( الفكر العربى ) العدد الثامن والأربعون – آب / أغسطس 1987

7- من هذه الأبحاث ، كتاب ( وقت الفراغ ) نشأته وتطوره تأليف / فرانك جوبو وقامت بنشر ترجمته العربية مؤسسة فرانكلين بالتعاون مع دار نهضة مصر 1966  .

8- انظر – على سبيل المثال – الجهد ( البكر ) الذى بذله الدكتور يوسف القرضاوى في بحثه ( الوقت في حياة المسلم ) من مطبوعات دار الصحوة – القاهرة .

9- من المقولات الشائعة في تراثنا الإسلامي : ( الفراغ للرجال عقلة ، وللنساء غلمة ) أى : محوك للغرائز ، راجع ( الوقت في حياة المسلم ) ص 17

10- راجع ( وقت الفراغ ) .. نشأته وتطوره ) ص 80 .

11- المرجح السابق نفسه .

12- الجدير بالذكر هنا ، أن دراسة بإحدى الدول الاشتراكية الأوربية ، أثبتت أن الزيادة في وقت الفراغ – تحت ظروف معينة – أدت إلى زيادة ملحوظة في الإنتاجية العامة للمجتمع .

انظر : د . عطيات محمد خطاب ( أوقات الفراغ  والترويح ) ص 38

ط . دار المعارف  (الثانية) 1978

13- فرحان الديك ، المرجع السابق ، ص 174

14- نفسه ،

15- نفسه ، ص 174، 175

16- سورة الجاثية ، آية 24 .

17- ( أوقات الفراغ والترويح ) ص  17.

18- محمد عادل خطاب ( النشاط الترويحي وبرامجه ) ص 15.

ط . القاهرة الحديثة ، بدون تاريخ .

19- ( أوقات الفراغ والترويح ) ص 18.

20- القاموس المحيط ، مادة ( شغل ) .

22- سورة الفتح ، آية  11.

23- الحديث ، رواه ابن ماجة في سننه .

24- الحديث ، رواه البخارى في صحيحه .

25- يحسن مراجعة نقولات ابن حجر في كتابه (  فتح البارى بشرح صحيح البخارى ) ص 230 ص ج 11 ط  . دار المعرفة – بيروت ، بدون تاريخ .

26- رواه مسلم في صحيحه ، من حديث أبى هريرة .

27- رواه البخارى ومسلم .

28- سورة الزمر ، آية 63 .

29- سورة الحج ، آية 66.

30- سورة الزمر ، آية  42.

31- روى البخارى ومسلم وغيرهما من حديث أبى هريرة ، رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال : من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن قتل نفس بسم تردى به فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها ابداً ) وروياه – أيضا – بلفظ ( من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة )

32- رواه مسلم من حديث أبى هريرة .

33- ( الوقت في حياة المسلم ) ص 70 .

34- سورة الذاريات ، آية  56.

35- سورة القيامة ، آية 36 .

36- الحافظ ابن كثير ( تفسير القرآن العظيم ) ص 452  ج 4ط  . دار المعرفة ، بيروت ،  1403 هجريا ،  1983م

37- الحديث ، رواه البخارى .

38- السلامى : الأنملة من أنامل الأصابع ، وأريد بها هنا جميع عظام البدن ومفاصله ، راجع ( كتاب الأربعين النووية ، ص 77 تعليق د السيد الجميلى . ط . دار الفكر الإسلامي ، بدون تاريخ

39- الحديث ، رواه البخارى ومسلم من حديث أبى هريرة .

40 الحديث ، رواه مسلم من حديث أبى ذر .

41- راجع . محمد عادل خطاب ( النشاط الترويحي وبرامجه ) ص  15.

42- ( وقت الفراغ ) نشأته وتطوره ) ص 15.

43- راجع الدراسة الإحصائية التي أجراها الباحث ( تشارلز أ . بيوكر ) ، لتحديد وقت الفراغ من خلال ثلاثة أجيال متعاقبة ، في كتابه ( أسس التربية البدنية ) ، عن د . عطيات خطاب ( أوقات الفراغ والترويح ) ص  25.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر