أبحاث

تحليل مضمون مقالات جريدة (العروة الوثقى)

العدد 77

إن قضية فهم الدين الإسلامى تفرض نفسها واقعاً حياً مستمراً ومتجدداً على أبناء الأمة الإسلامية فى مجتمعاتنا المعاصرة ،فهماً يبعث على تجديد آمال هذه الأمة فى انتماء إسلامى يبنى عرى الترابط ويوثقها ، فهما يزيد ويرسخ وعى أبناء هذه الأمة بعقيدتهم الإسلامية التى تقف بهم فى مواجهة تبعات التغير السياسى والاجتماعى ومتغيرات النظام العالمى التى تتواتر بشكل يمثل ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل .
وترتبط قضية فهم الدين الإسلامى بتوجيه النظام السياسى والنظام الاجتماعى والنظام الاقتصادى والنظام التعليمى توجيهاً يحقق أهداف المجتمعات الإسلامية فى النمو والتطور ،وأيضاً يعنيها فى مواجهة تبعات التغيير السياسى والاجتماعى فى هذه المجتمعات .

والنظرة الثاقبة فى تاريخ الأمة الإسلامية تبين لنا قيمة الدعوة إلى الإصلاح القائمة على فهم الدين الإسلامى ، والحرص على تربية أبناء هذه الأمة على فهم المستجدات ومواجهة المتغيرات واختيار البدائل الثقافية التى يطرحها الفكر المعاصر فى عالم متغير تطرح قضاياه وأفكاره بسرعة فائقة يحملها الإعلام بوسائله المتعددة إلى كافة أبناء الأمة الإسلامية .

وربط الأمة الإسلامية بتاريخها يساعد أبناءها على بناء الوعى وفهم وإدراك متغيرات الحاضر والاستعداد للمستقبل فى ظل تواتر هذه المتغيرات .

ولقد قيض الله لهذه الأمة الإسلامية “أشخاصاً غير عاديين ،استطاعوا أن ينفذوا إلى أعماق المشكلة ،ويجعلوا كوامن الغموض منها ،ويحللوا أبعادها فى ماضيها وحاضرها ،يشخصون الداء ويصفون الدواء ،فكانوا نجوم الهداية فى اليالى الحالكات والدليل الرائد فى خضم المتاهات ،لم يعرف الناس قيمتهم ويقدرونهم قدرهم إلا بعد موتهم ،شأن العظماء والمصلحين فى كل جيل “(1) .

وفى سنة 1817 وفد إلى مصر السيد جمال الدين الأفغانى ،وفى سنة 1876 وعلى أثر التدخل الأوروبى فى الشئون المصرية يعد وقوع مصر فى مصيدة الديون كان اتجاه أولى الرأى تشجيع الصحافة لإثارة الرأى العام ،فالخديوى أطلق الحرية للصحافة فى نقد التدخل الأجنبى ورياض باشا شجع جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده على كتابة المقالات ؛لنشر الوعى والتخذير من الأخطار (2) . وفى عام 1883 نفى محمد عبده إلى بيروت ،ثم لبى دعوة جمال الدين الأفغانى فى السفر إلى باريس ليشتركا معاً فى إصداره

“العروة الوثقى ” ،وهى الصحيفة التى أقلقت خواطر الإنجليز والفرنسيين ،فقد كانت مقالاتها تتسم بالشمول وعموم العالم الإسلامى ،وتوجه إلى الوقوف صفاً واحداً فى مواجهة الاحتلال الأجنبى (3) .

وصدر العدد الأول من الجريدة فى : 5 جمادى الأولى من عام 1301 هجرى (13 مارس 1884 م ) ،وكانت وتتولى الإنفاق عليها جمعية “العروة الوثقى ” ،وهى ذات فروع فى مصر والهند وغيرها من أقطار الشرق الإسلامى (4) . وتعمل على بث الوعى الإسلامى والانتماء للإسلام فى هذه الأقطار ؛حتى تنهض من ضعفها وتقوم على شئونها ،ويدخل فى هذا تنكيس دولة بريطانيا فى الأقطار الشرقية ،وتقليص ظلها عن رؤس  الطوائف الإسلامية ،وقد توقفت عن الإصدار بسبب محاربة الإنجليز لها ،وكان ذلك فى ذى الحجة من عام 1301 هجرى (17 أكتوبر عام 1884 م ) بعدما نُشر من مقالاتها ثمانية عشر مقالاً . و”لئن لم تمثر

(الجريدة ) ثمراً سريعاً ،فقد بذرت بذوراً لأبناء الأمة ينتظرون الجو الصالح لينبتوها نباتاً حسناً ويتفيأوا ظلالها حرية واستقلالاً وسيادة ” (5) .

وتحت عنوان “لماذا صدرت الجريدة ” ؟ حددت الجريدة الغاية من إصدارها بخطاب ،ولما كان نيل الغاية على وجه أبعد من الخطر وأقرب إلى الظفر يستدعى أن يكون للداعى فى قلب سليم نفثة حق ودعوة صدق طلبوا عدة طرق لنشر أفكارهم بين من خفى عنه شأنهم من إخوانهم ،واختاروا أن يكون لهم فى هذه الأيام جريدة بأشرف لسان عندهم ،وهو اللسان العربى ،وأن تكون فى مدينة حرة كمدينة باريس (باريس عام 1884 م ) ؛ليتمكنوا بواسطتها من بث آرائهم وتوصيل أصواتهم إلى الأقطار القاصية ؛تنبيهاً للغافل وتذكيراً للذاهل ،فرغبوا إلى السيد جمال الدين الحسينى الأفغانى أن ينشئ تلك الجريدة ،بحيث تتبع مشربهم وتذهب مذهبهم ،فلبى رغبتهم ،بل نادى حقاً واجباً عليه (لدينه ) ووطنه ،وكلف (الشيخ ) محمد عبده أن يكون رئيس تحريرها ،فكان ما حمل الأول على الإجابة ،حمل الثانى على الامتثال ..” (6) .

ويحدد تشارلز آدمز الهدف الذى كان الأفغانى يسعى إليه فى قوله : “كانت الغاية التى يرمى إليها جمال الدين والغرض الأول فى جميع جهوده التى لا تعرف الكلل ،ومن إثارته للنفوس وتهييجه المتواصل للناس ،توحيد كلمة الإسلام ،وجمع شمل المسلمين فى سائر أقطار العالم ،كما كانت الحال أيام الإسلام المجيدة ،وعصره الذهبى ،وقبل أن توهن منه الفرقة والانقسام …” (7) . وفد آلم الأفغانى أن يرى “الأمم الإسلامية يضعف أمرها وترث قواها ،وكان يعتقد أن الأمم الإسلامية لو نفضت عن نفسها كابوس الاحتلال الأجنبى ،وتحررت من تدخل الدول الأجنبية فى شئونها ،وصلح حال الإسلام ،وتوافق مع مقتضيات الحياة فى العصر الحاضر (فهم الدين ) ؛لأصبح المسلمون قادرين على تدبير أمورهم تدبيراً حسناً دون أن يعتمدوا على الأمم الأوروبية ويصطنعوا وسائلها ،وكان يرى أن الأسلام فى جميع مسائله الجوهرية دين عام للعالم أجمع ،قادر بما فيه من قوة روحية على ملاءمة الظروف المتغيرة فى كل جيل “(8) . وفى مقال “الوحدة والسيادة ” يؤكد الخطاب على أمرين خطيرين تحمل عليهما الضرورة تارة ،ويهدى إليهما الدين تارة أخرى ،وقد تفيدهما التربية وممارسة الآداب ،وكل منها يطلب الآخر ويستصحبه ،بل يستلزمه ،وبهما نمو الأمم وعظمتها ورفعتها واعتلاؤها ،وهما الميل إلى وحدة تجتمع ،والكلف بسيادة لا توضع . وإذا أراد الله بشعب أن يوجد ويلقى بوانيه (يثبت ويقيم ) إلى أجل مسمى أودع فى ضئاضئه (أصوله ) هذين الوصفين ..” (9) . ويستمر المقال فى ربط أبناء الأمة الإسلامية بأصول عقيدتهم وحثهم على الصدق فى العمل من أجل السيادة بالقول : “إن لأبناء الملة الإسلامية يقيناً بما جاء به شرعهم ،لكن أليس على صاحب اليقين بدين أن يقوم بما فرض الله عليه فى ذلك الدين ؟ {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ،ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } ..

وأى صدق تظهره الفتنة ويمتاز به الصادق من الكاذب إلا الصدق فى العمل ،هل يود المسلم لو يعمر ألف سنة فى الذل والهوان ؟ . أنرضى ونحن المؤمنون وقد كانت لنا الكلمة العليا أن تضرب علينا الذلة والمسكنة وأن يستبد فى ديارنا وأموالنا من لا يذهب مذهبنا ،ولا يرد مشربنا ،ولا يحترم شريعتنا ،ولا يرقب فينا إلا ولا ذمة ؟ “(10) .

وتبين جريدة “العروة الوثقى ” بالإضافة إلى ما سبق تناوله ،أن أهم المشكلات التى دفعت إلى إصدارها هى “الحالة السيئة التى أصبحت فيها الديار المصرية ،لم يسهل احتمالها على نفوس المسلمين عموماً . إن مصر تعتبر عندهم من الأراضى المقدسة ،ولها فى قلوبهم منزلة لا يحلها سواها ،نظراً لموقعها من الممالك الإسلامية ،ولأنها باب الحرمين الشريفين ،فإن كان هذا الباب أميناً ،كانت خواطر المسلمين مطمئنة على تلك البقاع ،وإلا اضطربت أفكارهم وكانوا فى ريب من سلامة ركن عظيم .. إن الخطر الذى ألم بمصر نفرت له أحشاء المسلمين وتكلمت به قلوبهم ،ولن تزال آلامه تستفزهم مادام الجرح نغاراً . وما هذا بغريب على المسلمين ،فإن رابطتهم الملية أقوى من روابط الجنسية واللغة ،ما دام القرآن يتلى بينهم ،وفى آياته ما لا يذهب على أفهام قارئيه ،فلن يستطيع الدهر أن يذلهم ،إن الفجعية بمصر حركت أشجاناً كانت كامنة ،وجددت أحزاناً لم تكن فى الحسبان ،وسرى الألم فى أرواح المسلمين سريان الاعتقاد فى مداركهم ،وهم من تذكار الماضى ومراقبة الحاضر يتنفسون الصعداء ،ولا نأمل أن يصير التنفس زفيراً ،بل نفيراً عاماً ،بل يكون صاخة تمزق مسامع من أصمه الطمع “(11) .

وتبين الفقرات السابقة اعتماد الجريدة فى خطابها على طرح قضية فهم الدين الإسلامى وبث روح الانتماء فى أبناء الأمة الإسلامية ،واعتبار ما حدث لمصر مدخلاً فى الدعوة إلى إصلاح ما أصاب كيان الأمة الإسلامية ككل ،وكان منهج الجريدة فى العمل من أجل الأمة متمثلاً فى (12) :

1 – بيان الوجبات الى كان التفريط فيها موجباً للسقوط والضعف ،وتضيح الطرق التى يجب سلوكها لتدارك ما فات والاحتراس من غوائل ما هو آت .

2 – البحث فى أصول الأسباب ومناشئ العلل التى قصرت بهم إلى جانب التفريط ،والبواعث التى دفعت بهم إلى مهانة حيرة عميت فيها السبل ،واشتبهت المضارب ،وتاه فيها الخريت (الدليل الحاذق بطرق الأرض ) وضل المرشد ،حتى لا يدرى السالكون من أين تفجعهم الطوارق المفزعة .

3 – تكشف الغطاء ما استطاعت عن الشبه التى شغلت أوهام المترفين ،ولبست عليهم مسلك الرشد ،وتزيح الوساوس التى أخذت بعقول المنعمين ؛حتى أورثتهم اليأس من مداواة علاتهم وشفاء أدواتهم .

4 – تحاول إشراب الأفهام أن لا حاجة فى الوصول إلى نقطة الخلاص المرغوبة إلى قطع دائرة عظيمة تصورها يوجب فتور الهمم وانحطاط العزائم .

5 – يهتم بدفع ما يرمى به الشرقيون عموماً والمسلمون خصوصاً من التهم الباطلة التى يوجهها إليهم من لا خبرة له بحالهم ولا وقوف على حقائق أمورهم وإيطال زعم الزاعمين أن المسلمين لا يتقدمون إلى المدنيه ما داموا على أصولهم التى فاز بها آباؤهم الأولون .

6 – تراعى فى جميع سيرها تتقوية الصلات العمومية بين الأمم وتمكين الألفة فى أفرادها وتأبيد المنافع المشتركة بينها والسياسات القويمة التى لا تميل إلى الحيف والإجحات بحقوق الشرقين .

7 – تتبع سير الداعين إليها، والحاملين عليها، لا تظهر إذا أدلجوا، ولا تنجد إذا غوروا، وتذهب مذاهب الرشد، وتصيب بجول الله مواقعه عند من سبق فى أذلى علم الله هدايته .

8-  ترسل إلى الذين تعرف أسماؤهم مجانآ بدون مقابل .

ومن هذا المدخل، نجد أن جريدة “العروة الوثقى” تمثل محتوى فكريًا فى مجالات العقيدة والسياسة والتربية والاجتماع والأخلاق، يرسم صورة للواقع الذى عاشتة الأمة الإسلامية فى فترة من فترات تاريخها . الجريدة تسمد مقومات منهجها من الأصول الأسلامية مع ربطة بواقع وحال الأمة فى هذه الفترة،كما يمكن للباحث أن يتعرف من خلال مقالاتها على ذلك التشخيص الواعى والاسبتصار العبق للصعوبت والمشكلات والمتغيراتالتى واجهت الأمة الإسلامية وعطلت مسيرتها وباعدت بينها وبين أصولها “ولا تستطيع أمة من الأمم تنشد التقدم أن تتخلى عن ماضيها ؛لأنها إن تخلت عن هذا الماضى ،تخلت معه عن أسباب تقدمها وازدهارها ،وإذا كانت هذه الحقيقة تنطبق على كل الأمم ،فهى أكثر انطباقاً على أمتنا (الإسلامية ) ، وماضى هذه الأمة هو الإسلام ،فضلاً عن كونه حاضرها ومستقبلها “(13) .

وتحليل مضمون مقالات “العروة الوثقى ” يبين للباحث أن هناك مواجهات رئيسية يقوم عليها محتواها الفكرى ،ومنها ،فهم الدين الإسلامى فهماً صحيحاً يوافق الكتاب والسنة ،وتربية أبناء الأمة الإسلامية على أصل الانتماء الإسلامى ،والوعى السياسى الاجتماعى القائم على أسس أسلامية صحيحة ،وتأكيد هدف الجامعة الإسلامية يقف بها فى مواجهة التحديات العالمية ،وغرس الفضائل الإسلامية ،وتأصيل المعارف إسلامياً ؛كل ذلك فى إطار العمل من أجل الأمة الإسلامية وعلاج عللها .

كما يبين هذا التحليل أيضاً ،أهم ملامح التغيير السياسى والاجتماعى المطلوب فى الأمة الإسلامية والذى يستمد مقوماته من أصول العقيدة الإسلامية ،وهذه بدورها تمثل منطلقات هامة فى تربية أبناء الأمة الإسلامية حيث إن ثبات هذه الأصول وصلاحيتها لكل زمان ومكان يعطى تلك الأفكار والقيم التى تطرحها جريدة “العروة الوثقى ” وزناً هاماً يجب الأخذ به عند التخطيط لبناء فلسفة التربية فى المجتمع المسلم المعاصر .

 

نتائج التحليل وتفسيرها :

لقد كان من أبرز توجيهات جريدة “العروة الوثقى ” الأخذ بالعقيدة الإسلامية محوراً لكل مقالاتها ،وبرز فى هذه المقالات “أن العقيدة كانت هى (الجنسية ) الأساسية ،وأنها هى التى أتاحت الفرصة لمحو الحدود بين بلدان المنطقة و (عربتها ) ؛لأن لغتها هى العربية “(14) .

أولا : الأفكار والقيم العقيدية :

أظهرت نتائج تحليل المضمون فى هذا المستوى ،أن فكرة “فهم الدين الإسلامى ” كان لها أعلى توزيع نسبى لها بين أفكار وقيم المستوى العقيدى (57 ,25% ) ،جدول (1) ويمكن تناول هذه الأفكار المبينة بالجدول رقم (1) كما يلى :

1 –فهم الدين الإسلامى : يرتبط فهم الدين الإسلامى ارتباطاً قوياً بتربية أبناء الأمة الإسلامية على العمل من أجلها ،وعلى الانتماء لها ،ويبرز جدول رقم (2) موقف “فهم الدين الإسلامى ” بعد فكرة “العمل من أجل الأمة ” وقيمة “الرشاد ” من حيث الترتيب التنازلى للإفكار والقيم فى عملية التحليل . وهذا يوضح توجه الجريدة السياسى والاجتماعى المنبثق من العقيدة الإسلامية ،كما يرتبط بأهداف إصدار جريدة

“العروة الوثقى ” ومنهجها . ويمكن بيان ذلك من خلال مقالاتها على النحو التالى : –

“إن بسطة ملك الوازعين فى المسلمين كان يسديها إليهم على حسب امتثالهم للأحكام الإلهية واهتدائهم بهديها وتجردهم عن الاعتلاء الشخصى “(15) .

وفى فقرة أخرى نجد : “أن بعض ما يطرأ على الممالك الإسلامية من الانقسام والتفريق إنما يكون منشأوه قصور الوازعين وحيدانهم عن الأصول القويمة التى بنيت عليها الديانة الإسلامية وانحرافهم عن مناهج أسلافهم ” (16) .

فالدين هو “ما يدين به الإنسان ،أى ،ما يؤمن به فى حياته ،إيماناً يوجه سلوكه ،فيجب على أساسه ،ويكره ،ويرضى ويغضب ،ويصادق ،ويخاصم ،ويسلك فى مختلف شئون حياته ،والدين بهذا الفهم ،هو الإيمان ،كما عرفه رسول الله (ص) ،بأنه ما وقر فى القلب وصدقه العمل ” (17) .

والدين بهذا الفهم ،سمة من سمارت الإنسان وموجه رئيسى لكافة أمور حياته التربوية منها ،والخلقية والسياسة والاجتماعية … لأن كل إنسان – مهما بلغ مستواه العقلى والفكرى – يسير فى حياته وفق مجموعة من الأفكار والآراء والمعتقدات و (القيم ) التى تتعلق بالحياة والأحياء ،والطبيعة وما وراءها ،وبالمجتمع بكافة مراحله ،ولا يمكن أن نصدق أن هناك إنساناً يعيش بغير هذه الآراء والأفكار والمعتقدات “(18) . وفى العروة الوثقى : هل تعجب أيها القارئ من قولى : إن الأصول الدينية الحقة المبرأة عن محدثات البدع ،تنشئ للأمم قوة الاتحاد وائتلاف الشمل ” ،إن عجبت فإن عجبى من عجبك أشد ،هل نسيت تاريخ الأمة العربية وما كانت عليه قبل بعثة الدين .. حتى إذا جاءها الدين فوحدها وقواها وهذبها ونور عقولها وقوم أخلاقها وسدد أحكامها فسادت على العالم “(19) . وتضيف العروة الوثقى فى مقال آخر . “تمسك المسلمين بتلك العقائد وإحساسهم بداعية الحق فى نفوسهم مع هذه الحالة التى هم عليها مما يقضى بالعجب ويدعو إلى الحيرة ، ويسبق إلى بيان السبب “(20) .

وتلتقى العروة الوثقى فى فكرة فهم الدين الإسلامى ،مع الأصول العقيدية فى التربية الإسلامية ودورها فى بناء الأهداف التربوية أو الدعامة الحقيقية التى ينبنى عليها العمل التربوى ،فهذه هى الواسطة بين طرفين : الأول : العقيدة التى يؤمن بها المجتمع ،ونظرته للحياة ومكوناتها المنبثقة من هذه العقيدة ،والثانى : المكونات الأساسية للعمل التربوى ،وتشكل همزة الوصل بين الاثنين ؛لأنها تعمل على ترجمة أهداف العقيدة ،إلى سلوك واقع “(21) ،فالإنسان إنسان بفكره وعقائده ،إلا أنا ما ينعكس إلى مرايا عقله من مشاهده نظره ومدركات حواسه يؤثر فيه أشد التأثير ،فكل شهود يحدث فكراً ،وكل فكر يكون له أثر فى داعية ،وكل داعية ينشأ عمل ،ثم يعود من العمل إلى الفكر ،ولا ينقطع الفعل والانفعال بين الأعمال والأفكار (22) .

ويتسم واقع اشتقاق الأهداف التربوية فى مجتمعاتنا المعاصرة بالتضارب ؛نظراً لعدم استقرار الفلسفة العامة للمجتمع ،وبعدها عن أصول العقيدة وفهمها ،ثم انعكاس ذلك على فلسفة التربية ،فمعالجة “الأهداف التربوية فى مجتمعنا (العربى ) المعاصر خليط عجيب من الأفكار التى تجمع بين شتات فكر العالم “(23) .

2 –الإصلاح :  وتأتى فكرة (الإصلاح ) فى الترتيب الثانى بعد فكرة “فهم الدين الإسلامى ” وهذا تسلسل منطقى ،فبعد الفهم يأتى العمل به ،وتشخيص الواقع ؛لإدراك أسباب العلل ،تقول “العروة الوثقى ” : نعم رأيت كثيراً من الأمم لم تكن ،ثم كانت وارتفعت ،ثم انحطت وقويت ،ثم ضعفت وعزت ،ثم ذلت وصحت ،ثم مرضت ،ولكن أليس لكل علة دواء ؟ بلى “(24) . ويستمر المحرر فى رسم خطوط الإصلاح : “كيف يمكن تنبيه المستغرق فى منامه المبتهج بأحلامه وفى أذنه وقر فى ملامسه خدر ،هل من صيحة تقرع قلوب الآحاد المتفرقة من أمة عظيمة تتباعد أنحاؤها وتتنائى أطرافها وتتباين عاداتها وطبائعها (25) .

ثم يستمر المحرر فى تبصير طالب الإصلاح وتوعيته وتوسيع دائرة بصيرته وتجنيبه الأخطاء ،ولفت نظره إلى التاريخ الإسلامى ،فيقول : “فمن له حظ فى الكمال الإنسانى ولم يطمس من قلبه موضع الإلهام الإلهى ،لا يجرؤ على القيام بما يسمونه تربية الأمم وإصلاح ما فسد منها ،وهو يحس من نفسه أدنى قصور فى أداء هذا الأمر العظيم علماً أو عملاً (26) . وتتبنى جريدة “العروة الوثقى ” منهج التغيير العلمى المنظم كأسلوب للإصلاح ،هذا المنهج القائم على المعرفة ونشر العلم والتعليم بإنشاء المدارس فى أقطار الأمة الإسلامية ،إلا أن الجريدة تحدد عدداً من المحاذير التى يمكن معالجتها على النحو التالى (27) :

– إن إنشاء المدارس (نظام تعليمى حديث ) دفعة واحدة فى أقطار الأمة الإسلامية على الطراز الحديث المعروف بأوربا ،بهدف تعميم المعارف بين جميع الأفراد فى زمن قريب مما يؤدى إلى كمال الأخلاق واتحاد الكلمة واجتماع القوة ،قد يكون هدفاً مرغوباً ،وإن هذا العمل العظيم ،أى ،بناء نظام تعليمى حديث – إنما يقوم به سلطان قوى قاهر ،”يحمل الأمة على ما تكره أزماناً حتى تذوق لذته وتجنى ثمرته ،ثم يكون ميلها الصادق من بعد نائباً عن سلطته فى تنفيذ ما أدراد من خيرها ،ويلزم له ثروة وافرة تفى بنفقات تلك المدارس ” ،ولكن هل يتوفر ذلك المال وهذه السلطة ؟

إن التدرج مع الاستمرار والثبات شئ مطلوب ،ولكن هل يترك الأقوياء السبيل للأمة الإسلامية كى تستنشق نسيم القوة “فأين الزمان لنجاح تلك الوسائل البطيئة الأثر ؟ ” .

– إذا توفر الزمان المطلوب لأنشاء هذا النظام التعليمى وتزود الأفراد بعلومه هلى تهيئ هذه العلوم للمتعلمين من أبناء الأمة تعليم الباقين وإرشادهم ،ويتفق المحرر هنا مع ما قال بعد بعده فى عام 1900 مايكل إيرنست سادلر فى التربية المقارنة حول استعارة نظام تعليمى ؛لينبت فى أرض غير أرضه ،وفشل الاستعارة الكلية لهذا النظام (28) .

وحيث أن “النموذج التربوى لابد أن يراعى فى تصميمه ما يراعى فى تصميم النموذج الاجتماعى أو المجتمعى العام ،من استفادة من النماذج الأخرى الموجودة خارج الحدود على أن المواءمة بينها – أو بين واحد منها ،وهو أقربها إلى هذا النموذج المنشود – وبين (التراب ) الوطنى ،يجب أن تكون هدف الأهداف ، لأنه بدون هذه المواءمة يغدو النموذج المرسوم عبثاً على البلد فى تقدمه الذى ينشده ” (29) .

يؤكد المحرر على أن “الأمة فى بعد عن معرفة تلك العلوم الغريبة عنها ،وكيف بذرت بذورها وكيف نبتت واستوت على سوقها وأينعت وأثمرت ،وبأى ماء سقيت ،وبأى تربة غذيت ،ولا وقوف لها على الغاية التى قصدت منها فى مناشئها “(30) .

إن ناقلى العلوم من دول الغرب مع تربيتهم ونشأتهم وما رسخ فى نفوسهم على عهد الصبا وتعظيمهم لأمر الأمة التى درسوا فيها “يكونون بين أمتهم كخلط غريب لا يزيد طبائعها إلا فساداً (31) .

الناشئون فى علوم لم تكن ينابيعها من صدورهم ولو صدقوا فى خدمة أوطانهم ،يكون منهم ما تعطيه حالهم ، يؤدون ما تعلموه كما سمعوه ،لا يراعون فيه النسبة بينه وبين مشارب الأمة وطباعها ،فيستعلمونه على غير موضعه – يرمون من الصغير ما لا يرام إلا من الكبير وبالعكس ،غير ناظرين إلى صور ما تعلموه ،ولا مفكرين فى استعداد من يعرض عليهم ،هم نقلة وحملة (32) .

يعطى المحرر مثالاً لذلك بتجربة العثمانيين والمصريين ،حيث “شيد العثمانيون والمصريون عدداً من المدارس على النمط الجديد وبعثوا المبتعثين إلى بلاد الغربية “ويثير العديد من التساؤلات حول

قيمة ذلك ..(33) .

وتجيب “العروة الوثقى ” على هذه التساؤلات : نعم ،ربما وجد بينهم أفراد يتفيقهونبألفاظ الحرية الوطنية والجنسية وما شاكلها ” “ومنهم آخرون عمدوا إلى العمل بما وصل إليهم من العلم ،فقلبوا أوضاع المبانى والمساكن وبدلوا هيئات المآكل والملابس ” .. وتستطرد الجريدة ” .. فأماتوا أرباب الصنائع من قومهم ،وأهلكوا العاملين فى المهن ؛لعدم اقتدارهم أن يقوموا بكل ما تستدعيه تلك العلوم الجديدة من الحاجيات الجدية والكماليات الجديدة لأن ؛مصانعهم لم تتحول إلى الطراز الجديد وأيديهم لم تتعود على الصنع الجديد وثروتهم لا تسع جلب الآلات الجديدة ” ،”وهذا جدع لأنف الأمة يشوه وجهها ويحط بشأنها ،وما كان هذا إلا لأن تلك العلوم وضعت فيهم على غير أساسها وفجأتهم قبل أوانها ” (34) .

فإصلاح الأمة يكون بالعودة إلى أصولها ،والعودة إلى ما يرشد إليه الدين ،وما أعدته الحكمة الإلهية ،أى أن علاجها الناجح ” إنما يكون برجوعها إلى قواعد دينها والأخذ بأحكامه على ما كان فى بدايته وإرشاد العامة بمواعظه الوافية بتطهير القلوب وتهذيب الأخلاق وإيقاد نيران الغيرة وجمع الكلمة وبيع الأرواح لشرف الأمة “(35) ،وفى عبارات واضحة يؤكد المحرر أن “من طلب إصلاخ أمة شأنها ما ذكرنا بوسيلة سوى هذه فقد ركب بها شططاً ،وجعل النهاية بداية ،وانعكست التربية ،وخالف فيها نظام الوجود ،فينعكس عليه القصد ، ولا يزيد الأمة إلا نحساً ولا يكسبها إلا تعساً “(36) .

3 – 4 الإيمان والعمل بالكتاب والسنة :

ويرتبط كل من فهم الدين الإسلامى والإصلاح بالإيمان ،وكذا بالعمل بالكتاب والسنة ،وإن كان التحليل يظهر توزيعاً نسبياً (19.03 %) فى الإيمان ،( 17.20 %) فى العمل بالكتاب والسنة ،وذلك بسبب الاعتماد على حساب التكرار الذى يظهر فى التحليل المباشر منه أو غير المباشر بغض النظر عن الارتباط بفكرة فهم الدين الإسلامى أو الإصلاح التى جاءت فى الترتيب قبل الإيمان ،وكذا قبل العمل بالكتاب والسنة .

والإيمان هو أصل العمل ومحور الدعوة إلى الوعى الإسلامى والانتماء الإسلامى ،سواء فى مفهومه أو ارتباطه بفهم الدين الإسلامى والإصلاح ،كما يظهر من تحليل مضمون مقالات جريدة “العروة الوثقى ” ، {لقد من الله على المؤمنين إذا بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ،يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين }(37) . والإيمان هو العامل الرئيسى فى تشكيل فلسفة التربية الإسلامية {ومن يسلم وجهه إلى الله هو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى }(38) ،ذلك أن المؤمن “يقيم  وجه للدين حنيفاً ،ابتغاء وجه الله ،يحرص على أن تبقى بينه وبين الغيب ،دوماً ،هذه “العروة الوثقى ” “لا انفصام لها ” والتى بها يزداد الإيمان ويقوى ” (39) . وكان الإيمان هو الوجه الأساسى لعمل جمال الدين الأفغانى من أجل الأمة الإسلامية ،وأبرز ما كانت تتسم به عقلية الأفغانى من أجل الأمة الإسلامية ،وأبرز ما كانت تتسم به عقلية الأفغانى وروحه الحى .. هو تجاوبه مع كل مشكلة من مشكلات البلد الذى يحل فيه ، وتفانيه فى كل قضية من قضاياه .. حتى لكأنك تحسب الرجل ما خلق إلا من أجل هذه المشكلة عينها .. ولا لشئ سواها .. وليس هذا بالأمر الغريب ،فالرجل أدرك حقيقة إسلامية ،وآمن منذ أن قام بدعوته – إيماناً عميقاً بقوله الرسول صلى الله عليه وسلم : “من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ” (40) .

وتقول “العروة الوثقى ” : “انظر نظرة انصاف إلى ما أودعته آيات القرآن من غرر الفضائل وكرائم الشيم ، وإلى حرص المسلمين على احترام كتابهم وتبجيله ،تحد من نفسك حكماً باتاً بأن علماء الديانة الإسلامية لو نشطوا لأداء وظائفهم المفروضة عليهم بحكم وارثتهم لصاحب الشرع ،والمحتومة على ذمتهم بأمر الله الموجه إلى الذين يعقلونه ،وهم هم فى قوله الحق :

{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وألئك هم الفلحون } وبالحصن الإلهى الفمهوم من قوله :{فلولا نفر من كل فرقة منهم “المؤمنين ” طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } ولو قاموا يعظون العامة بما ينطق به القرآن ويذكرونهم بما كان عليه صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الناهجون عى سنته …،لرأيت الأمة الإالسلامية ناشطة من عقالها ،متصافرة إلى أعادة مجدها وصيانة ولايتها العامة من الضعف …”(41) . وتناولت “العروة الوثقى ” الإيمان فى مقال آخر بالقول : “صدق الله وصدقت كتبه ورسله ،إن للعقائد الراسخة آثاراً تظهر فى العزائم والأعمال وتأثيراً فى الأفكار والإرادات لا يمكن للمعتقدين أن يزيحوها عن أنفسهم ما داموا معتقدين “،لا سعادة إلا بالدين ،ودون حفظ الدين تتطاير الأعناق ،إن للإيمان تكاليف شاقة وفرائض صعبة الأداء إلا على الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى … وأول ما يوجبه الإيمان ؛خروج الإنسان عن نفسه ،وماله وشهواته ،ووضع جميع ذلك تحت أوامر ربه ،لن يكون المؤمن مؤمناً ؛حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من نفسه “(42) .

ثم تؤكد “العروة الوثقى ” على “أن المسلمين لم يزالوا على أصول الفضائل الموروثة عن أسلافهم ،ولهم حسن الإذعان بما جاء به شرعهم ،وكتاب الله متلو على ألسنتهم ،وسنة نبيهم يتناقلونها رواية ودراية ،وسير الخلفاء الراشدين والسلف الصالح مرسومة على صفحات نفوس الخاصة مرسومة على صفحات نفوس الخاصة منهم ،فليس ما طرأ على بعضهم من الغفلة عن متابعة الشرع وما تسبب عنه من الضعف فى القوة إلا عرضاً لا يبقى وحالاً لا يدوم “(43) ،”إن القرآن حى لا يموت ،ومن أصابه نصيب من حمدٍ ،فهو محمود ، ومن أصيب من مقتة ،فهو ممقوت ،كتاب الله لم ينسخ ،فارجعوا إليه ،وحكموه فى أحوالكم وطباعكم “(44) .

وأول أساس تبنى عليه التربية الإسلامية هو الإيمان ،الذى يقضى بتربية عقل الإنسان وتمييزه بين الخير والشر ،فله أدوات القدرة على التعلم والتفكير والتمييز والمحاكمة العقلية (45) .

5 – بناء الوازع الدينى :

وتأتى هذه الفكرة متعاضدة مع باقى الأفكار والقيم المصنفة تحت المستوى الأول (العقيدى ) وتوزيعها النسبى (14.16 %) ،وهى متطلب رئيس من متطلبات التربية الإسلامية فى كافة مراحل النمو الإنسانى ،وفى هذا السياق تعرض “العروة الوثقى ” فكرة الوازع الدينى : “الدين الإسلامى لم تكن أصول قاصرة على دعوة الخلق إلى الحق ،وملاحظة أحوال النفوس من جهة كونها روحانية مطلوبة من هذا العالم الأدنى إلى عالم أعلى ،بل هى كما كانت كافلة لهذا جاءت وافية بوضع حدود المعاملات بين العباد وبيان الحقوق كليها وجزئيها ،وتحديد السلطة الوازعة التى تقوم بتنفيذ المشروعات وإقامة الحدود وتعيين شروطها ؛حتى لا يكون القابض على زمامها لأمته أشد الناس خضوعاً لها ،ولن ينالها بوارثة ولا امتياز فى جنس أو قبيلة أو قوة بدنية وثروة مالية ،وإنما ينالها بالوقوف عند أحكام الشريعة والقدرة على تنفيذها ورضاء الأمة ،فيكون وازع المسلمين فى حقيقتهم شريعتهم المقدسة الإلهية “(46) . والتربية الإسلامية فى بنائها لضمير الإنسان المسلم فى كافة جوانب حياته إنما تبى “الوازع النفسى القوى الذى يكون للإنسان بمثابة مرشد لسلوكه فى حياته يبصره بعواقب أفعاله ،وإذا كان هذا الضمير يضعف أحياناً ،فإنه كذلك ينمو ويشحذ بالتربية “،و “أكبر مقومات الضمير هو الاعتقاد بإله قادر يحاسب على الكبائر والصغائر ويطلع على ما تكنه السرائر (47) . وبهذه التربية يتم “خلق الوازع الداخلى الذى يجعل محاسبة الإنسان نابعة من ذات نفسه ،فهو يشعر أبداً بالرقابة على تصرفاته ،رآه الناس أو كان بعيداً عن أعين الناظرين “(48) .

ثانياً : الأفكار والقيم السياسية

أظهرت نتائج تحليل المضمون فى المستوى الأول – أى ،الأفكار والقيم السياسية – أن فكرة “الوعى ” كان لها أعلى توزيع نسبى بين أفكار وقيم هذا المستوى على ( 37 .19 ) ،جدول (3) ويمكن تناول أفكار وقيم هذا المستوى على المنهج التالى : –

1 –الوعى : فبث الوعى السياسى وما ينبثق عنه من وعى أخلاقى واجتماعى كان من الأفكار الرئيسية فى جريدة “العروة الوثقى ” ،جدول (2) ،وكانت الجريدة تهدف إلى تبصير أبناء الأمة بحقوقهم وواجباتهم وفهم أحوال وشئون الأمة والإحاطة بالمخاطر السياسية والفكرية التى تواجه أمتهم ،أى أن التربية من أجل الوعى يمكن أن تمثل فكراً بارزاً فى دعوة “العروة الوثقى ” ،حيث إن تربية الأفراد “بالنسبة للمفكرين السياسين ، هى الوسيلة التى تجعل من الإنسان مواطناً صالحاً يعرف حقوقه ويمارسها ،يؤدى واجباته بوعى وخلق ومسؤولية “(49) . وقناعة المواطن ووعيه بالمبادئ التى تقوم عليها النظم السياسية وأهدافها “لا يتحقق بكفاية إلا بالتربية “(50) ،وتربية الفرد على هذا ،لابد أن تتضمن تزويده “بالحساسية الاجتماعية والسياسية وإعداده فى إطار سياسى ،وأن يتمثل أهداف مجتمعه ،ويتحرك فى إطارها ويعمل على تطويرها “(51) ،كما أن التربية السياسية “فى أية أمة من الأمم هى محصلة النظام التربوى فى اتصاله بتنمية الشعور بالانتماء إلى الوطن ، ترابه وتراثه ،بالمسئولية الوطنية والقومية حيال الواجب المقدس فى مجال العمل ،والاعتزاز بالشخصية القومية “(52) .

ولقد أخذت “العروة الوثقى ” بأسلوب بث الوعى من أجل تربية الفرد فى الأمة الإسلامية ،كما يبدو من مقالاتها : “ومن تتبع التواريخ التى تمثل أحوال الأمم الماضية ،وتحكى لنا عن سنة الله فى خليقته وتصريفه لشئون عباده ،رأى أن الدول فى نموها وبسطتها ما كانت مصونة إلا برجال يعرفون لها حقها كما تعرف لهم حقهم “(53) . وفى هذا حث على القراءة ،أى قراءة التاريخ الإسلامى والوعى بدروسه وفى صلته بتاريخ الأمم والشعوب ،كما يربط المحرر بين التربية وبين قوة النظام السياسى فى : “وقد يكون من الملكات العارضة على الأنفس ترسمها على ألواحها الضرورات ،فإن الإنسان فى أى أرض له حاجات جمة وفى أفراده ميل إلى الاختصاص والاستئثار بالمنفعة إذا لم يصبغوا (بتربية ذكية ) ،وسعة المطمع إذا صحبها اقتدار تدعو بطبعها إلى العدوان ..” (54) ،ويتضمن بث الوعى دعوة الأفراد إلى التفكر فى أحوال الأمة ،مما يولد الإحساس بضرورة العمل من أجلها ، “فيجعل جزءاً من زمنه للبحث فيما يرجع إليها بالشرف والسؤدد …، ولا يكون همه بالفكر فى هذا أقل من همه بالنظر فى أحواله الخاصة ،ثم لا يكون نظراً عقيماً حائزاً بين جدران المخيلة ،دائراً على أطراف الألسنة ،بل يكون (استبصاراً ) تتبعه عزيمة يصدر عنها عمل “(55) . ثم تتناول “العروة الوثقى ” دور العلماء فى بث الوعى ،فتقول : “وإن كان للعامة عذر فى الغفلة عما أوجب الله عليهم ،فأى عذر يكون للعلماء ،وهم حفظة الشرع والراسخون فى علومه “(56) .

2 – الانتماء الإسلامى :  ويأتى “الانتماء الإسلامى ” فى الترتيب الثانى بين أفكار وقيم هذا المستوى (9 0 ,19 % ) ،جدول (3) ،وتركز جريدة “العروة الوثقى ” كثيراً على قيمة “الانتماء الإسلامى ” ،وتربط بينه وبين باقى أفكار وقيم هذا المستوى ،ويود الباحث أن يؤكد هنا على حقيقة ،وهى أن أفكار وقيم هذا المستوى متداخلة ومترابطة ،أى متعاضدة بعضها البعض ،وذلك بهدف توصيل الفكرو أو الاتصال مع قارئ الجريدة بطرية ميسرة ،فكما تقع قيمة “الانتماء الإسلامى ” فى الترتيب السادس (جدول 2) ،أى بعد “العمل من أجل الأمة ” و “الرشاد ” و “فهم الدين الإسلامى ” و “الإصلاح ” و “الوعى ” تجدها تتخلل كل هذه الأفكار والقيم تخللاً واضحاً ،كما أن قيمة “الانتماء الإسلامى ” ترتبط بالأفكار والقيم التى تأتى بعدها فى الترتيب العام (جدول 2 ) ،وذلك مثل : الإيمان ” ،و “الجامعة الإسلامية ” ، و “الأخوة الإسلامية ” و “بناء الوازع الدينى ” و “الشرف ” والتأصيل الإسلامى للمعارف ” . ففى “العروة الوثقى ” نجد : “فإن المتدين بالدين الإسلامى متى رسخ فيه اعتقاده يلهو عن جنسه وشعبه ،ويلتف عن الروابط الخاصة إلى العلاقة العامة وهى علاقة المعتقد “(57) ،وفى هذا المقتبس نجد وضوح قوة العلاقة بين الانتماء الإسلامى وبين الإيمان ، وفهم الدين الإسلامى ،والعمل من أجل الأمة الإسلامية . والوعى .

وأيضاً بالنظر فى : “هذا ما أرشدنا إليه سير المسلمين من يوم نشأة دينهم إلى الآن لا يعتدون برابطة الشعوب وعصبات الأجناس ،وإنما ينظرون إلى جامعة الدين … “(58) ،نجد العلاقة الوطيدة بين الانتماء والجامعة الإسلامية وبين الإيمان ،وكذا فهم الدين . وفى “أن بعض ما يطرأ على الممالك الإسلامية من الانقسام والتفريق ،وإنما يكون منشؤه قصور الوازعين وحيدانهم عن الأصول القديمة التى بنيت عليها الديانة الإسلامية وانحرافهم عن مناهج أسلافهم .. فإذا رجع الوازعون فى الإسلام إلى قواعد شرعهم وساروا سيرة الأولين السابقين لم يمض قليل من الزمان إلا وقد آتاهم الله بسطة فى الملك وألحقهم فى العزة

بالراشدين ..”(59) . نجد الارتباط بين الانتماء وبين الجامعة الإسلامية والإصلاح والأخوة وبناء الوازع الدينى والرشاد .

وتظهر العلاقة بين الانتماء الإسلامى والقوة والحق والوعى والجامعة الإسلامية والأخوة فى مقولة الجريدة : “إذا بلغ الإحساس من مشاعر الأمة إلى الحد الذى بيناه ،رأيت فى الدهماء منهم والخاصة همماً تعلو ،وشيماً تسمو ،وإقداماً يقود ،وعزماً يسوق ،كل يتطلب السيادة والغلب ،فتتلاقى هممهم ،وتتلاحق عزائمهم ،فى سبيل الطلب ،فيندفعون للتغلب على الذين يلونهم ،كما تندفع السيول على الوهاد “(60 )،وتتأكد العلاقة بين الانتماء الإسلامى والتأصيل الإسلامى للمعارف والأخلاق الإسلامية من : “كذب الخراصون ،الدين أول معلم ، وأرشد أستاذ  ،وأهدى قائد للأنفس إلى اكتساب العلوم والتوسع فى المعارف ،وأرحم مؤدب  ،وأبصر مروض بطبع الأرواح على الآداب الحسنة ،والخلائق الكريمة ،ويقيمها على جادة العدل ،وينبه فيها حاسة الشفقة والرحمة  ،…” (61) .

ومن هذا يظهر لنا ،أن “العروة الوثقى ” ،قد أخذت من قيمة “الانتماء الإسلامى ” محوراً لتربية أبناء الأمة على أصوله  ،بمعنى ربطه بأصول الإيمان وتحصيل المعارف والخلق والوعى والقوة والوحدة الإسلامية والسيادة والشرف والرشاد وبناء الضمير الموجه السلوك ،كل ذلك مع الدعوة والعمل على فهم الدين الإسلامى فهماً رشيداً .

وهذه الدعوة لها قيمتها فى تربية إنسان المجتمع المسلم المعاصر ،فلقد “تغلغلت أفكار أعداء الإسلام ودعايتهم فى الأوساط العلمية الحديثة فى العالم الإسلامى ،وتجلت بصورة واضحة فى الدعوة إلى فصل الدين عن السياسة ،وأن الدين قضية شخصية لا شأن له بالمجتمع ،وأن الدين عقيدة وعبادة وخلق لا شأن له بالسياسة والحكم … ” (62) .

3 –الجامعة الإسلامية : أوضح تحليل المضمون أن ترتيب فكرة “الجامعة الإسلامية ” هو الثالث بين أفكار وقيم المستوى الثانى وبتوزيع نسبى (16,21%)  ،(جدول 3)وتبرز فقرات التحليل التالية مضمون “الجامعة الإسلامية ” كفكرة احتوتها صفحات مقالات “العروة الوثقى ” : … بعد تدبر هذه الأصول البينة والنظر فيها بعين الحكمة يظهر لك السبب فى سكون المسلمين إلى ما هم فيه مع شدتهم فى دينهم ،والعلة فى تباطؤهم عن نصرة إخوانهم ،وهم أثبت الناس فى عقائدهم ،فإنه لم يبق من جامعة بين المسلمين فى الأغلب إلا العقيدة الدينية مجردة عما يتبعها من الأعمال “(63)– “بدأ هذا الانحلال والضعف فى روابط الملة الإسلامية عند انفصال الرتبة العلمية عن رتبة الخلاف وقتما قنع الخلفاء العباسيون باسم الخلافة دون أن يحوزوا شرف العلم والتفقه فى الدين والاجتهاد …،ثم انثلمت وحدة الخلاف فانقسمت إلى أقسام : خلافة عباسية فى بغداد ،وفاطمية فى مصر والمغرب ،وأموية فى أطراف الأندلس ،تمزقت بهذا كلمة الأمة وانشقت عصاها “(64)– “وكان من الواجب على العلماء قياماً بحق الوراثة التى شرفوا بها على لسان الشارع أن ينهضوا لإحياء الرابطة الدينية ويتداركوا الاختلاف الذى وقع فى الملك بتمكين الاتفاق الذى يدعو إليه الدين ، ويجعلوا معاقد هذا الاتفاق فى مساجدهم ومدارسهم حتى يكون كل مسجد وكل مدرسة مهبطاً لروح حياة الوحدة ” (65) .

وتبين الدراسة هنا أن طرح فكرة “الجامعة الإسلامية ” ،يأتى علاجاً لمشكلة التفرقة وما تبعه من ضعف والبعد عن الدين وفهمه التى تعانى منها كافة الأقطار الإسلامية ،حيث أوقعتها مشكلات الانقسام منذ هذا القرن الثالث الهجرى فى مشكلات عديدة ،وإن اختلفت حدتها ،حتى وصلت إلى درجة الانشقاق الذى يحتاج إلى إصلاح جذرى ،وتصور الجريدة بعضاً من الحلول الواجب اتباعها لرتق صدع الانقسام والتفرق ، ويعرض المحرر لذلك فى “التعصب ،قيام بالعصبية ،والعصبية من المصادر النسبية ،نسبة إلى العصبية ، وهى قوم الرجل الذين يعززون قوته “(66)– “وهذا الوصف هو الذى شكل الله به الشعوب  ،وأقام بناء الأمم ، وهو عقد الربط فى كل أمة “(67)– “وكلم ضعف قوة الربط بين أفراد الأمة بضعف التعصب فيهم استترخت الأعصاب  ،ورثت الأطناب  ،ورقت الأوتار ، وتداعى بناء الأمة إلى الانحلال ” (68)– والتعصب ” وصف كسائر الأوصاف ، له حد اعتدال ،وطرفا إفراط وتفريط  ،واعتداله هو الكمال … والإفراط فيه مذمة تبعث على الجور والاعتداء … وكل قوة لا تخضع للعدل ؛فمصيرها إلى الزوال ،وهذا الحد من الإفراط فى التعصب هو الممقوت على لسان الشارع “(69) .

“ليس منا من دعا إلى عصبية ” رواه أبو داود – وتوضح “العروة الوثقى ” تلك العلاقة الطيبة التى حددها الدين الإسلامى لمعاملة أبناء الطوائف الأخرى : “أما أهل الدين الإسلامى ،فمنهم طوائف شطت فى تعصبها فى الأجيال الماضية ،إلا أنه لم يصل بهم الإفراط إلى حد يقصدون فيه الإبادة وإخلاء الأرض من مخالفيهم فى دينهم ،وماعهد ذلك فى تاريخ المسلمين بعد ما تجاوزوا حدود جزيرة العرب ،ولناالدليل الأقوم على ما نقول ،وهو وجود الملل المختلفة فى ديارهم إلى الآن حافظة لعقائدها وعوائدها “(70) .

وفى مواضع أخرى من مقالات الجريدة نجد الدعوة واضحة أيضاً لضرورة الجامعة الإسلامية والحث عليها كوسيلة للإصلاح : “إن الله تعالى يجعل من الركون إلى من لا يصح الركون إليه  ،والثقة به  ،سبباً فى اختلال الأمر وفساد الحال ،فمن وثق فى عمله بمن ليس منه فى شئ  ،ولا تجمعه معه جامعة حقيقية  ،ولا تصله به رابطة صحيحة … فلا ريب يفسد حاله  ،ويسوء مآله … “(71)– “علمنا  ،وعلم العقلاء أجمعون أن المسلمين لا يعرفون لهم جنسية إلا فى دينهم واعتقادهم “(72)– “واعتصموا بحبال الرابطة الدينية التى هى أحكم رابطة ،واجتمع فيها التركى بالعربى ،والفارس بالهندى ،والمصرى بالمغربى “(73) .

وتضيف “العروة الوثقى ” فى مجال حثها على الوحدة الجامعة للمسلمين “ولكنى أرجو أن يكون سلطان جميعهم القرآن ،ووجهة وحدتهم الدين ،… هذا آن الاتفاق ،هذا آن الاتفاق ،ألا إن يكون الزمان يواتيكم بالفرص ،وهى لكم غنائم فلا تفرطوا …إن العمل مفتاح النجاح ،إن الصدق والإخلاص سلم الفلاح …”(74) كانت الجريدة فى فكرها تجاه الجامعة الإسلامية واضحة تمام الوضوح ،مثل شدة جسم جمال الدين الأفغانى تجاه هذه الفكرة وبلوغه حد الروعة فى الجلاء والوضوح (75) . كما نجد هوية هذه الجامعة واضحة تماماً فهى الرابطة أو الصلة التى تجمع المسلمين ،فالمسلمون على اختلاف أجناسهم وألوانهم أمة واحدة من دون الناس بخلاف الجامعة القومية ،التى ترتبط بعيداً عن الدين برابطة العصبية الجنسية والوطن (76 ) .

ويمكن القول أن هذا “اللون من ألوان التضامن ،وهذا النمط من أنماط الروابط الروحية المتخطية للألوان واللغات والأجناس والقوميات ،إنما يبدو طبيعياً بل وبديهياً ،إذا انطلقنا من موقع أن الإسلام عقيدة  ،وبين معتنقى كل عقيدة قدر من التضامن ،وأن الإسلام وتعاليمه على أهله سلطان كبير قد أورثهم قدراً كبيراً من العوامل والظروف والعادات والملابسات والتقاليد المكونة لما نسميه التكوين النفسى المشترك للإنسان “(77) .

4 ،5 – “الحق ” و”القوة “ وتأتى قيمة “الحق” فى الترتيب الرابع بين أفكار وقيم المستوى الثانى وبنسبة (13,05%) يليها قيمة “القوة ” وبنسبة (10,99%) والحق فى عمومه “مقصد مهم من أصول النظام الذى سنه الإسلام للمجتمع الإسلامى وله مزيد ارتباط بأصل الحرية إطلاقاً وتحديداً ؛لأن استعمال الحرية محوط بسياج الحقوق .

وتحديد الحرية مرجعه إلى مراعاة الحقوق التى تدحض الانطلاق فى استعمال المرء حريته كما يشاء “(78) ، وضد الحق الباطل “وهو الاعتداء على ما ليس للمعتدى فيه حق ،وإذا قد كان الاعتداء مما تؤثره النفوس غالباً بدافع الشهوة أو الغضب ،لم تأل الشرائع جهداً فى تكريهه للناس وتبين سوء عواقبه ،ويقول أفلاطون : “التعدى مأثور وعاقبته رديئة “(79) وقد جعل الإسلام من الحق قوام نظام العالم {وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق }(80) .

وتحليل مضمون مقالات “العروة الوثقى ” يظهر قيمتى “الحق ” و “القوة ” على النحو التالى : “وكل فخار تكسبه الأنساب وكل امتياز تفيده الأحساب لم يجعل له الشارع أثراً فى وقاية الحقوق و … بل كل رابطة سوى الشريعة الحقة “(81)– ” … بالسير على نهج الخلفاء الراشدين والرجوع إلى الأصول الأولى فى الديانة الإسلامية القويمة ،ومن سيره هذا تنبعث القوة وتتجدد لوازم المنعة “(82)– “أرسل فكرك إلى نشاة الأمة التى خملت بعد النباهة وضعفت بعد القوة واسترقت بعد السيادة ..”(83) “فلو فرطوا فى إعداد لوازم الدفاع ،أو تساهلوا فيما يكف عنهم سيل الأطماع  ،أو تهاونوا فيما يشد قوتهم ،ويقوى شوكتهم ،بأى وجه كان ،ومن أى نوع كان ،فقد عرضوا ملكهم للهلاك “(84)– “أعطاء كل ذى حق حقه ،ووضع الأشياء فى مواضعها ، وتفويض أعمال …”(85) .

وهذا يبين لنا كيفية تسخير الفكر فى “خدمة الشعب ” ،يطالب بحقوقه ،ويدفع الظلم عنه ،ويهاجم من اعتدى عليه كائناً من كان ،يبين للناس سوء حالهم ومواضع بؤسهم ،ويبصرهم بمكن كانوا سبب فقرهم ،ويحرضهم على أن يخرجوا من الظلمات إلى النور ،وألا يخشوا بأس الحاكم فليست قوته إلا بهم ،ولا غناه إلا منهم وأن يلحوا على حقوقهم المغصوبة وسعادتهم المسلوبة “(86) .

6 – الحكم الإسلامى : يعطى تحليل المضمون الترتيب السادس لفكرة “الحكم الإسلامى ” بين أفكار وقيم هذا المستوى ،وبتوزيع نسبى (10,85%)  ،(جدول رقم 3) . وتدعو “العروة الوثقى ” إلى التمسك بأحكام الشريعة الإسلامية التى وردت فى القرآن الحديث وعلى أساس أن الحكم المنصوص فيها تفصيلى مسهب فإننا سنجد أنه يعترض لأمر يتعلق بوجودنا الفردى أو الاجتماعى المستقل كل الاستقلال عن التأثر بالتغيير الزمنى ،كالعناصر الجذرية للطبيعة البشرية أو العلاقات الأساسية بين الناس على سبيل المثال ،ولكن فى الأمور التى لابد أن يشملها التغيير الزمنى ،كالشئون المتعلقة بشكل الحكومة  ،أو الفنون الصناعية ،أو القوانين الاقتصادية  ،أو ما شابه ذلك  ،فإن الشريعة لا تنص على أحكام مسهبة ،ولكنها تكتفى إما بإرساء قواعد عامة فحسب أو تصمت إزاءها كل الصمت فلا تسن أى تشريع  ،وهذا هو الموضوع الذى يجوز وينبغى لنا ،أن نجتهد فيه “(87) . وتقول “العروة الوثقى ” : “وأما السعى لإعلاء كلمة الحق وبسطة الملك وعموم السيادة فلا تجد آية من آيات القرآن الشريف إلا وهى داعية إليه ” ، “وفى السنة المحمدية والسيرة النبوية ،مما يضافر آيات القرآن ما جمعه العلماء فى مجلدات يطول عدها ،هذا حكم ديننا لا يرتاب فيه أحد من المؤمنين به والمستمسكين بعروته “(88) . وفى موضع آخر من نفس المقال : “هل يمكن لنا ونحن على ما نرى من الاختلاف والركون إلى الضيم أن نرعى القيام بفروض ديننا . كيف ومعظم الأحكام الدينية موقوف إجراؤه على قوة الولاية الشرعية “(89) . كما تضع “العروة الوثقى ” تصوراً للصفات التى يجب أن يتحلى بها رجال الدولة فى الحكم الإسلامى عندما تقول : “يسهل على حاكم فى قبيل أن يكتب الكتائب ويجمع الجنود ويوفر العدد … ولكن من أين يصيب بطانة من أولئك الذى أشرنا إليهم . عقلاء رحماء  ،وأباه أصفياء ،تهمهم حاجات الملك كما تهمهم ضرورات حياتهم “(90) .

وتضيف العروة الوثقى فى صفات رجال الحكم : “فعلى ولى الأمر فى الدولة أن لا يكل شيئاً من عمله إلا إلى أحد رجلين : إما رجل يتصل به فى جنسية سالمة من الضعف والتمزيق موقرة فى نفوس المنتظمين فيها محترمة فى قلوبهم يحملهم توقيرها واحترامها على التفانى فى وقايتها ” وإما “رجل يجتمع معه فى دين قامت جامعته مقام الجنسية ،بل فاقت فى منزلته من القلوب منزلتها “(91) . وتحث أيضاً على نفس النهج : “ألا أيها الأمراء العظام ما لكم وللأجانب عنكم … سارعوا إلى أبناء أوطانكم وإخوان دينكم وملتكم … ورعوا حكمته البالغة فيما أمركم وما نهاكم كيلا تضلوا ويهوى بكم الخطل إلى أسفل سافلين ،ألم تروا ،ألم تعلموا ،ألم تحسوا ألم تجربوا ،إلى متى ؟ … “(92) .

كما تضع “العروة الوثقى ” بعض الصفات للحاكم المسلم مع ضوابط مشروطه : “فإن كان حاكمها عالماً حازماً أصيل الرأى ،على الهمة ،رفيع المقصد ،قويم الطبع . ساس الأمة بساسة العدل . ورفع فيها منار العلم ومهد لها طرق اليسار والثروة . وفتح لها أبواباً للتفنن فى الصنائع …”(93) ،وعلى نقيض هذا نجد : “وإن كان حاكماً جاهلاً سئ الطبع ،سافل الهمة ،شرهاً مغتلماً جباناً ،ضعيف الرأى ،أحمق الجنان ،خسيس النفس ، معوج الطبيعة .

أسقط الأمة بتصرفه إلى مهاوى الخسران . وضرب على نواظرها غشاوات الجهل . وجلب عليها

غائلة الفاقة ..(94) ثم تربط الجريدة مرة أخرى بين الحكم الإسلامى وبين تمسكه بأصول العقيدة والشريعة ، فتقول : “من كان له قلب يعقل وعين تبصر ،وعقل يفقه ،وتتبع حوادث العالم ،وتدبر كيفية انقلاب الأمم ، وخاض فى تواريخ الأجيال الماضية ،واعتبر بما قص الله علينا فى كتابه المنزل ،يحكم حكماً لا يخالطه ريب بأنه ما حاق السوء بأمة نزلت بها نازلة البلاء ،وما مسها الضر فى شئ إلا وكانت هى الظالمة لنفسها ،بما تجاوزت حدود الله وانتهكت حرماته ،ونبذت أوامره العادلة وانحرفت عن شرائعه الحقة …”(95) .

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : “ذرونى ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم . فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه ” – رواه مسلم عن أبى هريرة .

7 – العلاقات الدولية : وتأتى فى الترتيب السابع فى هذا المستوى وبتوزيع نسبى (5,77%) (جدول رقم 3) . وقد تناولت “العروة الوثقى ” موضوع “العلاقات الدولية ” من زاويتين :

الأولى : زاوية النقل عن الدول الغربية بالتقليد فقط دون الابتكار والإبداع فى مجال النقل ،وبيان مخاطر ذلك . فتقول الجريدة : “علمتنا التجارب ونطقت مواضى الحوادث بأن المقلدين من كل أمة المنتحلين أطوار غيرها يكونون فيها منافذ وكوى لتطرق الأعداء إليهاوتكون مداركهم مهابط الوساوس ومخازن الدسائس ، بل يكونون بما أفعمت أفئدتهم من تعظيم الذين قلدوهم واحتقار من لم يكن على مثالهم شؤما على

أبناء أمتهم “(96) .

الثانية : زاوية أخذ دول أوروبا بكل أسباب القوة بمجالاتها المختلفة – وفى هذه تقول “العروة الوثقى ” : “… يسارعون إلى افتتاح الممالك والتغلب على الأقطار الشاسعة ،ويخترعون كل يوم فناً جديداً من فنون الحرب ،ويبدعون فى اختراع الآلات الحربية القاتلة ويستعملها بعضهم فى بعض ،يصولون بها على

غيرهم “(97) . وفى الجهة الأخرى نجد أبناء الأمة الإسلامية ،الذين ابتكروا الآلات الحربية والقلاع وغيرها من أدوات القوة العسكرية ،ربى فقد تغيرت أحوالهم ،ثم يشخص المحرر لذلك فيقول : “أما المسلمون فبعد أن نالوا فى نشأة دينهم ما نالوا ،وأخذوا من كل كمال حظَا ،وضربوا فى كل فخار عسكرى بسهم ،بل تقدموا سائر الملل فى فنون المقارعة ،وعلوم النزال والمكافحة ” ، “ظهر فيهم أقوام بلباس الدين وأبدعوا فيه ، وخلطوا بأصوله ما ليس منها “(98) . فالديانة الإسلامية ،كما تقول “العروة الوثقى ” : “وضع أساسها على طلب الغلب والشوكة والافتتاح والعزة …”(99){وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة }(100) .

وبعد عقد هذه المقارنة بين حال الأمة الإسلامية وبين الدول الأوروبية ،تحث على أن يكون للأمة الإسلامية وضعها فى الإطار الدولى فتقول الجريدة : “فإننا لا نرتاب فى عودتهم إلى مثل نشأتهم ،  ونهوضهم إلى مقاضاة الزمان ما سلب منهم فيتقدمون على من سواهم فى فنون الملاحمة والمنازلة والمصاولة؛ حفظاً لحقوقهم .وضنا  بأنفسهم عن الذل وملتهم من الضياع “(101) .

8 ,9 – الحرية والشورى :

ويكشف تحليل المضمون عن توزيع نسبى قدره (4,12%) فى قيمة “الحرية ” وتوزيعاً نسبياً قدره (55,%) فى قيمة “الشورى ” (جدول رقم 3) ،وحرية الفرد هى منطلقه إلى الأخذ بالإخاء مسلكاً له فى حياته وإلى تمسكه بالمساواة في الحقوق وفي أداء الواجبات ،كما أن حرية الفرد هى منطلقه إلى الإيمان وفهم الدين فهماً صحيحاً ،والحرية تتغلغل إلى ميدان التربية وإلى الاعتقاد والتفكير ،وقد وضع الإسلام حدوداً لهذه الحرية . فشرع “الحجر على السفهاء الذين يبذرون أموالهم (حرية الفعل ) فى غير سُلبها المشروعة ،والتى تضر الجماعة ،كما حرم الترف على أنقاض الحرمان ،كما حرم الطغيان السياسى فى حكم الفرد ،وجعل الأمر شورى والحكم للجماعة خدمة لمصالحها وحقوقها “(102)  ،كما أن قصور التفكير والغرور به وجهالة المفكر بعواقب عمله تقتضى أن يكون “للحرية حدوداً ولا يتجاوزونها فى الاسترسال على الأعمال “(103) .

وتعرضت “العروة الوثقى ” إلى قيمة “الحرية ” فى مواضع عدة منها : “أن الذين ضرجوا بدمائهم فى طلب المجد لمللهم ،هم الذين خشعت لذكرهم الأصوات ،وأجمعت على فضلهم خواطر القلوب ” ،إن الذين قضوا نحبهم فى غيابات الجب ،وانتهت حياتهم فى ظلمات السجن ،لطلب حق مسلوب أو حفظ مجد موجود ،هم الين سما ذكرهم إلى شرف الشمس الأعلى “(104) . وتوضح الجريدة فى منهجها التحررى ،حثا لأبناء الأمة الإسلامية على التمسك بقيمة “الحرية ” : “ماذا يبتغون من الحياة إن كانت فى ذل وإهانة وفقر وفاقة وشقاء دائم بيد عدو غاشم ؟ أيطمئنون وهم بين أجنبى حاكم ،وبغيض شامت ومقبح غبى ،ومشنع دنى ،ومعير

خيس ،…”(105) ،وهكذا تبرز العروة الوثقى قيمة الحرية والعمل عليها وتربية أبناء الأمة الإسلامية على أصولها من حفظ للحقوق واسترداد لما سلب منها وعدم الرضا بالذل والعبودية .

أما الشورى فتحليل المضمون يوضح تعرض “العروة الوثقى ” لها فى مواضع قليلة وهذا نظراً لطبيعة المقالات وموضوعاتها وإن كان ذكرها يأتى متمماً لإحدى الموضوعات الهامة وهو “أسباب حفظ الملك ” ، وأيضاً تظهر قيمة الشورى واضحة فى ارتباطها بفكرة الحكم الإسلامى التى وردت من قبل . وتربية الحاكم على قيمة الشورى والعمل بهافى الإسلام . وتوضح الجريدة أهمية الشورى على النحو التالى “فكيف لو كان شخص ولاه الله رعاية أمة ،وألقى إليه بزمام شعب مصالحه التامة تحت إرادته ،وهو الوازع فيه الواضح والرافع ،لاريب أن مثل هذا الشخص أحوج إلى المشورة والاستفادة من آراء العقلاء “(106) وقد أمر الله نبيه المعصوم من الخطأ تعليماً وإرشاداً فقال : {وشاورهم فى الأمر } وقال فيما امتدح به المؤمنين {وأمرهم شورى بينهم } فأى بصر يوزع عن هذا الصراط المستقيم  ،وأى بصيرة لا تهتدى إلى هذا المنهج القويم . وتربط “العروة الوثقى ” بين الشورى وتواريخ الأمم ،فتقول : “من سار فى الأرض ،وتتبع تواريخ الأمم وكان بصير القلب ،علم أنه ما ينهدم بناء ملك ،ولا انقلب عرش مجد ،إلا لشقاق واختلاف ،أو ثقة بمن لا يوثق به ،وتخلل العنصر الأجنبى ،أو استبداد فى الرأى ،واستنكاف عن المشورة “(107) .

ويمكن القول أن فئات تحليل المضمون فى مستوى الأفكار والقيم السياسية فى مجتمعات الأمة الإسلامية وفى مصر “يجب أن تبدأ بين شبابها وأن تقوم على صيانة حرية الشباب فى أن ينمى شخصيته ويبنى رأيه على الممارسة والمشاركة بكل ما تسمح له تجربته فى حياة عامة يرعى المجتمع فيها للشباب حرية الممارسة والخطأ “(108) ولكن على أن يكون ذلك فى إطار مبادئ العقيدة الإسلامية وفهمها للواقع المعاصر والتى تظهر تحليل مضمون جريدة “العروة الوثقى ” جانبها الرئيسى .

والباحث يود أن يشير إلى بعض أهداف التربية السياسية التى تعارف عيها كثير من النظم التربوية فى دول العالم ،وإن كانت لا تخرج عن إطار الأبعاد التالية : (109) :

1 – الولاء والانتماء والاعتزاز الواعى والعميق الذى لا يتزعزع للأمة ولعقيدة الأمة وفكرها وتراثها ومثلها وقيمها .

2 – التحرر من التعصب والتحيز بجميع أشكالها الطائفية والمذهبية والعرقية (الجنسية ) والإقليمية .

3 – الثقافة السياسية المناسبة التى تمكن المواطن  من أن يلعب دوره السياسي بوعى وخلق وكفاية ومسئولية.

4 – الإيمان بالمنهج العلمى كوسيلة لمعالجة قضايا الإنسان والمجتمع السياسية .

وبمقارنة هذه الأهداف المعاصرة بما أظهره تحليل مضمون مقالات جريدة “العروة الوثقى ” ورغم صدورها فى 1884 م ،نتبين كيف أن هذا الفكر الذى تبينه الجريدة كان فكراً بعيد النظر ثابت بانتمائه إلى الأصول الإسلامية الصالحة لكل زمان ومكان .

ثالثا : الأفكار والقيم الاجتماعية :

بينت نتائج تحليل المضمون فى المستوى الثالث “الأفكار والقيم الاجتماعية “أن فكرة “العمل من أجل الأمة ” كان لها أعلى توزيع نسبى بين أفكار وقيم هذا المستوى (40,11%) (جدول رقم 4) ،كما كان لها أعلى توزيع نسبى بين كل أفكار وقيم وفئات تحليل مضمون الجريدة كلها ،أى كان موقع هذه الفكرة هو الأول فى الترتيب التنازلى 7,53% (جدول رقم 2) .

ويمكن تناول أفكار وقيم هذا المستوى على النحو التالى ،لنتبين فكر جريدة “العروة الوثقى ” فى مجال هذه الأفكار والقيم :

1 – العمل من أجل الأمة : عندما نعود فنلق نظرة خاصة على أهداف إصدار الجريدة فإننا نجد أن أهداف هذا الإصدار هو “العمل من أجل الأمة الإسلامية ” وتمكين الألفة بين أفرادها والحث على تبنى السياسات القويمة وتأييد المنافع المشتركة بين الأفراد والأمم ،كما تبين الجريدة دور العلماء فى الأخذ بأيدى العامة وإرشادهم إلى الفهم السليم لأمور دينهم ودنياهم والقيام بحاجات الأمة والعمل على قوتها فى كافة المجالات الحياتية . “فالجريدة تراعى فى سيرها تقوية الصلات العمومية بين الأمم وتمكن الألفة فى أفرادها وتأييد المنافع المشتركة بينها والسياسات القويمة التى لا تميل الحيف والإجحاف “(110) .

كما تبين “العروة الوثقى ” دور العلماء فى توعية أبناء الأمة ،وتربيتهم على العمل من أجلها فتقول : “ويأخذون بأيدى العامة إلى حيث يرشدهم التنزيل وصحيح الأثر ،ويجمعوا أطراف الوشائج إلى معقد واحد يكون مركزه فى الأقطار المقدسة وأشرفها معهد بيت الله الحرام ،حتى يتمكنوا بذلك من شد أزر الدين وحفظه من قوارع العدوان ” ،”لنشر العلوم وتنوير الأفهام وصيانة الدين من البدع ،فإن إحكام الربط إنما يكون بتعيين الدرجات العلمية وتحديد الوظائف “، “وليس بخافٍ على المستبصرين ما يتبع هذا من قوة الأمة وعلو كلمتها واقتدارها على رفع ما يغشاها من النوازل “(111) .

2 – السمات الاجتماعية الإسلامية : ويأتى ترتيبها الثانى بين أفكار وقيم هذا المستوى وبتوزيع نسبى (25,58%) (جدول رقم 4) .

ويقصد بها الصفات التى يجب أن يكون عليها أبناء مجتمعات الأمة الإسلامية ،والتى تستمد مقوماتها من أصول العقيدة الإسلامية ،والتى تقوى مناهج العمل من أجل الأمة والانتماء إليها ،كما ترتبط هذه السمات بقضية الإصلاح التى سبق تناولها فى الدراسة الحالية . والباحث يؤكد على أن الإصلاح يجب أن يرتكز على العقيدة الإسلامية ،وذلك بالفهم الصحيح والتربية على مبادئها ،أى أن يكون إصلاح الفرد والجماعة أولاً ،ثم يأتى الإصلاح السياسى وما يتبعه ،وقد تتباين وجهة النظر هذه مع ما أراده محرراً “العروة الوثقى ” فالشيخ محمد عبده يرى أن (مشكلة ) الإصلاح يجب النظر إليها كمشكلة اجتماعية ،على حين أن السيد جمال الدين الأفغانى ،يؤكد على حتمية تناولها من (الزاوية ) السياسية أولاً (112) . والدراسة الحالية ،فى اعتمادها على نتائج تحليل المضمون ،فإن شاهدها الأول على الأفكار والقضايا المطروحة هو ما ورد فى أية سياق من سياقات التحليل التى وضح حدودها البحث ،ومن ثم فإننا نجد من السمات الاجتماعية التى أوردتها المقالات وربطتها بالعقيدة ،”لا جرم أن العقيدة أساس التفكير ،وهى للفكرة الأولى للإنسان فيما هو خارج عن حاجته ، فإذا ربى العقل على صحة الاعتقاد تنزعه من مخامرة الأوهام الضالة فشبت على سير الحقائق والمدركات الصحيحة فنبا عن الباط وتهيأ لقبول التعاليم الصالحة والعمل الحق “(113) .

{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم }(114) . ففى ذلك تعزيز للوازع النفسانى الفردى بإيجاد وازع نفسانى فى كافة الشئون الاجتماعية (115) ،كما جعل الإسلام رابطه دينه الحق رابطة مقدسة ،تصغر أمامها الروابط كلها ،ودعا الناس لاتباعه ليكونوا أمة واحدة تجمعها وحدة الاعتقاد والتفكير والعمل الصالح ؛حتى يستتب للمسلمين إقامة هذه الجامعة فلا تخترقها جامعة أخرى تثلها (116) والسمات الاجتماعية الإسلامية والتأكد على ضرورة التمسك بها أبداً تمثل سياجاً منيعاً ضد الغزوات مستهدفة أبناء الأمة الإسلامية .

ومن هذه السمات الاجتماعية التى تناولتها “العروة الوثقى ” تربية للمسلم عليها وعلى التمسك بها ،ومن واقع التحليل ،العمل من أجل الجماعة والتعاون والتعاضد “وتبدد ما كان مجتمعاً وانحل ما كان منعقداً وانفصمت عرى التعاون وانقطعت روابط التعاضد وانصرفت عزائم أفرادها عما يحفظ وجودها ،ودار كل فى محيط شخصه المحدود بنهايات بدنه “(117) ومنها أيضاً طلب الكرامة ” … فإن كل واحد بما أودع فى جبلته يطلب الكرامة والتمكن فى طلب الآخر ،فكل طالب ومطلوب ،ولم تبلغ سعة العقل الإنسانى إلى درجة تعين لكل فرد من الأفراد عملاً تكون له المنزلة ؛حتى يكون جميعهم أمجاداً شرفاء بما يأتون من أعمالهم ” ،”… حدث فى الهمم ضعف وأصابها انحطاط وحصل الفساد فى هاتين الخلتين الشريفتين (الرجاء ،وطلب المجد ) كما يحصل الفساد فى سائر الأخلاق الفاضلة بسوء التربية ،وربما يؤول الضعف إلى اليأس والقنوط “(118) . والفضائل أيضاً من هذه السمات الاجتماعية وعروة الاتحاد بين الآحاد “(119) ،والفضائل فى المجتمع الإنسانى

كقوة الحياة المستكملة فى كل عضو ما يقدره على أداء عمله مع الوقوف عند وظيفته “(120) والأثرة والإيثار ، “فيسعى جهده لإبلاغ كل واحد من الأمة أقصى ما يؤهله استعداده ،ليأخذ بسهم مما يناله فلا يهمل ولا يخون فى الدفاع عن فرد من أفرادها فضلاً عن هيئتها العامة وإلا فقد خان نفسه “(121) .

3 –الأخوة الإسلامية : إن تساند المجتمع أفراده وجماعاته ،بحيث لا تطغى مصلحة الفرد على مصلحة الجماعة ،ولا تذوب مصلحة الفرد فى مصلحة الجماعة هيبتها وسيطرتها ،هو أصل فكرة الإخاء فى الإسلام يعاضدها المساواة ،والمجتمع الإسلامى ،يكره “أن تكون الفوارق بين الطبقات بحيث تعيش منها جماعة فى مستوى الترف وتعيش جماعة أخرى فى مستوى الشظف “(122) ،ولا جرم أن الأخوة أصبحت رابطة وثيقة بين المسلمين ،وبها بطلت عصبيات : النسب ،والحلف والوطن (123) ،وللعروة الوثقى فى منهجها الإسلامى إشارات وكلمات فى الأخوة الإسلامية : “أى أمة يكون الواضع فيها والدافع والحارس ،والوازع ،والجالب ، والدافع ،وجميع من يدير أمورها ،ويسوسها فى شئونها إنما هم أفراد منها هاماتها أو من لهازمها “من الأعلياء والأوساط ،بل سائر الأطراف ” ويكون كل واحد منها قائماً بحق الكل ولا يختار مقصداً يعكس مقصد الكل …”(124)  ،إن أمة هذا شأنها لا يتخالف أفرادها إلا للتآلف ،ولا يتغايرون إلا للاتحاد ،فمثلهم فى اختلاف أعمالهم ،كمثل المتدابرين على محيط دائرة يتفرقون فى مبدأ السير ليتلاقوا على نقطة من المحيط “(125) ،”إن المؤمن ينزل منزلة أحد أعضائه إذا مس أحدهما ألم تأثر له الآخر “(126) . والتوزيع النسبى لفكرة الأخوة الإسلامية “21,32% (جدول 4) .

4 – العدل الاجتماعى : واسم العدل مشتق من المعادلة بين شيئين فهو مقتض شيئاً ثالثاً وسطاً بين

طرفين (127) .

والظلم فى تقسيم الحقوق وإعطاء كل ذى حقه يسبب البغضاء والتفكك فى أى مجتمع من المجتمعات الإنسانية فما بالك بالمجتمع المسلم ،يقول صلى الله عليه وسلم :

“إنما أنا بشر ،وإنه يأتينى الخصم ،ولعل بعضهم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضى له ،فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هى قطعة من النار ،فليحملها أو ليذرها “(128) ،وأبرزت “العروة الوثقى ” قيمة العدل فى بعض مقالاتها كما بين تحليل المضمون على النحو التالى : “العدل قوام الاجتماع الإنسانى ،وبه حياة الأمم ،وكل قوة لا تخضع للعدل ،فمصيرها إلى الزوال “(129) ،”قد يطرأ على العصب الدينى من التغالى والإفراط مثل ما يعرض على التعصب الجنسى ،فيفضى إلى ظلم وجور ،وربما يؤدى إلى قيام أهل الدين لإبادة مخالفيهم ومحق وجودهم “(130) . وهذا مثلما قامت به الدول الغربية فى غاراتها على بلاد الشرق الإسلامى فى الحروب الصليبية ،وكما فعل الأسبان فى الأندلس ،وكما يحدث الآن من الصرب فى البوسنة والهرسك ،ويضيف المحرر “إلت أن هذا العارض (التعصب الدينى ) لمخالفته لأصول الدين قلما تمتد له مدة ثم يرع أرباب الدين إلى أصوله القائمة على قواعد السلم والرحمة والعدل “(131) . والتوزيع النسبى للعدل الاجتماعى 12,98% (جدول 4) .

رابعاً : الأفكار والقيم الخليقة : أظهرت نتائج تحليل المضمون فى المستوى الرابع (الأفكار والقيم الخليقة ) أن قيمة “الرشاد ” كان لها أعلى توزيع نسبى بين أفكار وقيم هذا المستوى 35,32% (جدول 5) .

كما أوضحت عملية تحليل المضمون أيضاً أن قيمة “الرشاد ” كان موقعها الثانى فى الترتيب 6,56% بين كل أفكار وقيم المستويات الخمس للتحليل (جدول 2) .

وقد اشتمل هذا المستوى (الأفكار والقيم الخلقية ) على :

1 – الرشاد : ويعنى فى اللغة “الرَشد والرُشد ،والرشاد : نقيض الغى . رشد الإنسان بالفتح يرشدا رشدا ، بالضم .

ورشد بالكسر يرشدا رشدا ورشادا ،فهو راشد ورشيد ،وهو نقيض الضلال ،إذا أصاب وجه الأمر

والطريق “(132) ،وفى الحديث الشريف : “عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى ” ،والراشد : اسم فاعل من رشد يرشد رشدا ،وأرشدته أنا ورشد أمره : رشد فيه ،وأرشده الله وأرشده إلى الأمر ورشده :

هداه ،واسترشده : طلب منه الرشد … وراشد ومرشد ورشيد ورشد ورشاد : أسماء “(133) . وفى دعوة “العروة الوثقى ” إلى أخذ أبناء الأمة الإسلامية بالرشاد أفراداً أو مجتمعات ،تربية للمسلمين على فهم الدين والوعى بمطالب الحياة ومتغيراتها ومواجهة التحديات المعاصرة ،حيث بينت العقيدة الإسلامية أطر ومعايير ذلك ،{كان الناس أمة واحدة ،فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ،وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه }(134) . وإيصال المربى إلى درجة الكمال (الرشاد ) التى هيأه الله لها ،هو الذى يهيئه للقيام بحق الخلافة فى الكون وتنفيذ منهج الله (135) .

ونتبين قيمة “الرشاد ” فى مقالات “العروة الوثقى ” ،على النحو الآتى :

“ابيضت عين الدهر وامتقع لون الزمان حتى أصاب أن بعضاً من المسلمين على حكم الندرة يعز عليهم الصبر ويضيق منهم الصدر لجور حكامهم وخروجهم فى معاملتهم عن أصول العدالة الشرعية فيلجأون للدخول تحت سلطة أجنبية ” ،فإذا رجع الوازعون فى الإسلام إلى قواعد شرعهم وساروا سيرة الأولين السابقين لم يمض قليل من الزمان إلا وآتاهم الله بسطة فى الملك وألحقهم فى العزة بالراشدين “(136) . وهنا نجد الجريدة توضيح للمسلم ضرورة أن يكون رشيداً واعياً يفهم أن يدخل الأجنبى فى بلاده هو عين الضرر ، كما أن الحكام يجب أن يسيروا على طريق الرشاد ،أى بالبعد عن الشبهات التى تبعدهم عن أصول العقيدة وقواعد شرعها ،وأن أخذهم بالرشاد هو طريق المجد والعزة ،وأن العزة ليست بفتح الأبواب للأجنبى والأخذ من قشور حضارته .

وفى موضع آخر ،يتحدث المحرر عن العلوم الغربية والأخذ بها فى العالم الإسلامى دون مراعاة لطبيعتها ومدى حاجة الأمة الإسلامية لها ،وإمكانية إدخالها إلى نظامها التعليمى ،ويدعو إلى ضرورة الرشاد فى الأخذ من هذه العلوم بما يناسب أفراد وعقيدة الأمة وهو ما يدخل فى الوقت الحاضر فى برامج التوجيه التربوى للنظام التعليمى ،وفى هذا السياق تورد الجريدة : “فهل مع هذا يصيب الظن بأن مفاجأة بعض الأفراد بها وسوقها إلى أذهانهم المشحونة بغيرها يقوم أفكارهم ويعدل من أخلاقهم ويهديهم طرق الرشاد “(137) .

وفى الربط بين العقيدة والتخلق بالرشاد تقول الجريدة : “إن الدين وضع إلهى ..،فلهالسلطة الأولى على الأفكار وما يطاوعها من العزائم والإرادات ،فهو سلطان الروح ومرشدها إلى ما تدبر به بدنها ،وكأنما الإنسان فى نشأته لوح صقيل ،وأول ما يخط فيه رسم الدين ،ثم ينبعث إلى سائر الأعمال بدعوته

وإرشاده “(138) . ونلاحظ هنا ارتباط قيمة “الرشاد ” بالعقيدة والأخلاق الإسلامية وطلب العلم وفهم الدين والوعى السياسى والاجتماعى .

2 – الفضائل : الأخلاق الإسلامية والتربية عليها محور هام من المحاور التى تخللت كافة مقالات “العروة الوثقى ” ،ومن الفضائل الإسلامية التى تكون خلق المسلم والتى تناولتها الجريدة ،العفة والصبر والتواضع والوقار وعظم الهمة والحلم والشجاعة والإيثار النجدة والسماحة والصدق والوفاء وسلامة الصدر من الحقد والحسد والعفو والرفق والمروءة والحمية والفقه وحب العدالة وقد أفردت الجريدة مقالاً بعنوان “الفضائل والرذائل وأثرهما ” وربطت بينها وبين أصولها فى العقيدة وقيمة تحلى أفراد الأمة الإسلامية بها ، وضرورتها لقيام الجامعة الإسلامية ،وبينت ذلك على النحو التالى :”الفضائل سجايا للنفس من مقتضاها التأليف والتوفيق بين المتصفين بها ،كالسخاء والعفة والحياء ونحوها ،فالسخيان لا يتشاحنان ولا يتنازعان فى التعامل ،فإن سجية كل منهما البذل فى الحق ،والمنع إذا اقتضاه الحق ” وتضيف الجريدة “فإذا اجتمعت الفضائل أو غلبت فى شخصين مالت نفوسها إلى الاتحاد والالتئام فى جميع الأعمال والمقاصد أو جُلها ودامت الوحدة بينهما بمقدار رسوخ الفضيلة “(139) ،كما يبرز المحرر دور الفضائل فى تماسك المجتمع وتعاضده خادماً فكرة الجامعة الإسلامية التى يدعو إليها ،فالفضائل “هى مناط الوحدة بين الهيئة الاجتماعية وعروة الاتحاد “(140) . وفى موضع آخر يقول المحرر : “ألا ترى لو عمت هذه الصفات الجليلة أمة من الأمم أو غلبت فى أفرادها يكون بينها سوى الاتحاد والالتئام التام ؟ “،ويبرز المحرر أيضاً دور الفضائل والخلق الإسلامى فى تربية الحكام محدداً ذلكم فى عبارات واضحة جلية : “وإن كان حاكمها جاهلاً سئ الطبع ،سافل الهمة ،شرهاً مغتلماً جباناً ،ضعيف الرأى ،أحمق الجنان ،خسيس النفس ،معوج الطبيعة ،أسقط الأمة بتصرفه إلى مهاوى الخسران ،وضرب على نواظرها غشاوات الضعيف ،ويختل النظام وتفسد الأخلاق “(142) .

3 – تزكية النفس : من الحقائق التربوية الثابتة ،أن النفس الإنسانية يمكنها أن تكتسب أخلاقاً جديدة بترويضها عليها ،{أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار }(143) . ويقول صلى الله عليه وسلم فى توجيهه التربوى لمعاذ لما بعثه إلى اليمن : “يا معاذ اتق الله حيثما كنت ،وأتبع السيئة الحسنة تمحها ،وخالق الناس بخُلق حسن ” .

فتزكية نفس المسلم من الأصول التربوية الإسلامية ،وقد دعت إليها جريدة “العروة الوثقى ” ،تربية للمسلم على الخلق الحميد واكتساب الخصال الحميدة والتمسك بالفضيلة ،ففى معرض حديث الجريدة عن نمو الدولة الإسلامية وأفنان العزة فيها وثبات أصولها ،ورسوخ جذورها وعلو كلمتها وكمال قوتها ،تقول : “فاستعلت آدابها على الآداب وسادت أخلاقها وعاداتها “(144) ،وتضيف موضحة فكرتها فى تربية المسلم على السمو وفى ربط رائع بين الأفكار العقلية والعقيدة الدينية والمعلومات والمدركات وبين تطبيقها فتقول : “إن الأفكار العقلية والعقائد الدينية وسائر المعلومات المدركات والوجدانيات النفسية ،وإن كانت هى الباعثة على الأعمال وعن حكمها تصدر بتقدير العزيز العليم ،لكن الأعمال تثبتها وتقويها وتطبعها فى الأنفس عليها ،حين يصير ما يعبر عنه بالملكة والخلق ” (145) .

4 – الشرف : يوضح تحليل مضمون المقالات ،أن جريدة  “العروة الوثقى ” قد ربطت بين التخلق بقيمة “الشرف ” والانتماء الإسلامى والمجد والرفعة للأمة الإسلامية ،وكذا بين الشرف وبين محاربة الاحتلال الأجنبى ،كما حثت الجريدة على سلوك الأخذ بالعزة والكرامة منهجاً وطريقاً فى الحياة وتأصيل ذلك من التاريخ الإسلامى الذى يجب أن يربى عليه أبناء أمتنا الإسلامية فى الوقت الحاضر ،كما خصصت الجريدة إحدى مقالاتها ليكون بعنوان “الشرف ” . ومن الجريدة نجد منهجها المتميز فى التربية من أجل الشرف وعلى قيمة  “الشرف ” ،والذى يتضح فى قولها : “ولكن يمتاز بالكرامة والاحترام من يفوق الكافة فى التقوى واتباع الشريعة “(146) . “فكيف بمن يريد مداومة ملة طويلة الأجل وافراة العدد ،لهذا يندر فى أجيال أمة أو إرجاع شرفها ومجدها إليها “(147) ،”إن الأصول الدينية الحقة … تنشئ للأمم قوة الاتحاد وائتلاف الشمل وتفضيل الشرف على لذة الحياة “(148) .

خامساً : الأفكار والقيم المعرفية :

أظهرت نتائج تحليل المضمون فى هذا المستوى أن قيمة “التعليم ” كان لها أعلى توزيع نسبى ،بين أفكار وقيم هذا المستوى 37,97% (جدول 6) يليها التأصيل الإسلامى للمعارف ونشر العلم والبحث عن المعرفة ، وواقع تحليل المضمون يبين موقع كل فكرة أو قيمة من هذه الأفكار والقيم (الأربعة ) على النحو التالى :

1 –التعلم : تربط جريدة “العروة الوثقى ” بين قوة الأمة الإسلامية وعلو كلمتها وبين التعلم والتعليم ونشر العلم والتزود بالمعرفة ،ويتفق هذا مع أصل هام من أصول التربية الإسلامية وهو دعوة “كل فرد فى أن ينفق عمره متعلماً أو ومعلماً ،وأن يعمل بما يتعلم وأن يطابق سلوكه ما تعلمه ،وأن يستزيد من العلم دون أن

يشبع “(149) ،كما تربط بين التعلم وبين إصلاح حال الأمة وعلاج العلل التى أصابتها – كما حددت الجريدة فلسفتها فى هذا المنحنى – ونظراً للارتباط الشديد بين التعلم والتعليم ونشر العلم وبين إصلاح حال الأمة ،فقد عالجها البحث فى إطار فكرة “الإصلاح ” فى المستوى الأول (الأفكار والقيم العقيدية ) (150) .

2 – التأصيل الإسلامى للمعارف :

يظهر تحيليل المضمون أن جريدة “العروة الوثقى ” لها مرئياتها فى التأصيل يبرز فى الأخذ من علم الغرب بما يناسب الأمة الإسلامية : “هذا جدع لأنف الأمة يشوه وجهها ويحط بشأنها وما كان هذا إلا أن تلك العلوم وضعت فيهم على غير أساسها وفجأتهم قبل أوانها “(151) . وأيضاً نجد دعوة الجريدة إلى التدرج فى أخذ العلوم عن الغرب ،وذلك حتى يمكن قولبتها أو وضعها فى الإطار الإسلامى الذى يناسب الأمة ،فلكل أمة أطوار فى نموها ،وكل طور يحتاج إلى قدر معين من المعارف وتطبيقاتها ،يجب أن تأخذ به لا أن تأخذ بكل العلوم دفعة واحدة ،فلا تحقق شيئاً منها ،يعود بالنفع على أبنائها ،بل تعود إلى الوراء بقدر عدم مقدرتها على استيعاب وتطبيق هذه العلوم – كما تبين الجريدة أن القضية ليست قضية تقليد فقط ،بل يجب أن يكون لهذه العلوم المأخوذة قواعد راسخة للتطبيق ،كما يحذر المحرر من بعض مخاطر التقليد وسلوك المقلدين ، “المقلدين من كل أمة ،المنتحلين أطوار غيرها يكونون فيها منافذ وكوى لتطرق الأعداء إليها “(152) ،”وكل ما يسمونه تمدناً ،وهو فى الحقيقة تمدن للبلاد التى تنشأ فيها على نظام الطبيعة وسير الاجتماع

الإنسانى “(153) .  وفى إشارة واضحة إلى ضرورة التمسك بالأصول الإسلامية عند الأخذ بالمعلومات والمعارف تقول الجريدة : “فالتعصبصفة للنفس فى معلوماته ومعارفها “(154) ،ويربط المحرر بين تاريخ الأمة الإسلامية وبين دعوته إلى تأصيل المعارف إسلامياً والوحدة الإسلامية عندما يقول : “ومدنهم كانت آهلة مؤسسة على أمتن قواعد العمران تباهى مدن العالم بصنائع سكانها وبدائعهم ،وتفاخرها بشموس الفضل وبدور العلم ،ونجوم الهداية ،من رجال لهم المكان الأعلى فى العلوم والآداب “(155) ،وتشير الجريدة إلى ابن سينا والفارابى والرازى ومن يشاكلهم فى المشرق الإسلامى ،وإلى ابن ماجة وابن رشد وابن طفيل ومماثلوهم فى المغرب الإسلامى (156) .

3 ،4 – نشر العلم والبحث عن المعرفة : حيث توجه الجريدة عقول أبناء الأسلامية إلى أن البحث عن المعرفة ونشر العلم من الأصول التى تدعو إليها الشرعية الإسلامية وآيات دينها “وبعد أن كانت عقول أبنائها فى غفلة عن لوازم المدنية ومقتضياتها ،نبهتها شريعتها وآيات دينها إلى طلب الفنون المتنوعة والتبحر فيها ، ونقلوا إلى ديارهم طب بقراط وجالينوس وهندسة أقليدس وهيئة بطليموس وحكمه أفلاطون وأرسطو..”(157) ، وتدعو الجريدة إلى لقاء العلماء وإلى تواصل أفكارهم فى الأمة الإسلامية وترك تلك الجفوة وذاك الهجران بينهم ،”فالعلماء وهم القائمون على حفظ العقائد وهداية الناس إليها لا تواصل بينهم ولا تراسل ،فالعالم التركى فى غيبة عن حال العالم الحجازى ،فضلاً عمن يبعد عنهم “، “بل العلماء من أهل قطر واحد لا ارتباط بينهم ، ولا صلة تجمعهم “(158) ،كما تدعو العلماء إلى نشر العلم فى المساجد والمدارس “حتى يكون كل مسجد وكل مدرسة مهبطاً لروح حياة الوحدة ،ويصير كل واحد منها كحلقة فى سلسلة واحدة إذا اهتز أحد أطرافها اضطرب لهزته الطرف الأخر ،ويرتبط العلماء والخطباء والأئمة والوعاظ فى جميع أنحاء الأرض بعضهم ببعض ويجعلونلهم مراكز فى أقطار مختلفة “(159) ،وهذه المراكز تكون قائمة على حاجات الأمة بما فيها من علماء ومتخصصين ،وتقف ضد تطرق الأجانب للتداخل فيها بما يحط من شأن الأمة ،وكذلك تكون “أدعى لنشر العلوم وتنوير الأفهام وصيانة الدين من البدع “(160) .

وفى مفهوم الجريدة للتعصب الدينى بمعنى رفع شأن الدين الإسلامى ،والعمل من أجل الأمة ومساعدة الإخوان فى الدين ،والتضافر “لدفع ما يلم بدينهم من غاشية الوهن والضعف ” ،تدعو إلى السير فى كمال المدينة ،والاستفادة من نور العلم والمعرفة ،وتوضح أن الدين الإسلامى بعيد كل البعد عن دفع أبنائه إلى الظلم والعدوان على من يخالفهم فى دينهم ،كما تبين الجريدة وتفند دعوى المثقفين والمترندفة الذين يثغثغون بضرورة انحلال العصبة الدينية ومحو أثرها وتخليص العقول من سلطة العقائد ،فتقول : “كذب الخراصون ، إن الدين أول معلم وأرشد أستاذ “(161) . وتوضح الجريدة أن المسلمين وتاريخهم حافل بآثار قوتهم التى بنيت على العلم ،وبما “ساخ (غاص ورسب ) فى نفوس من جذور المعارف التى أرشدهم إليها دينهم ،ونالوا منها النصيب الأعلى فى عنفوان دولتهم ،يعدون أنفسهم أولى الناس بالعلم وأجدرهم بالفضل “(162) .

كما تشخص الجريدة – وفى هذا التشخيص دعوة إلى تحصيل المعارف – أسباب التقصير فى إنماء العلوم وترجعه إلى تعدد أغراض وغايات الحكام فى الأمة الإسلامية مما شغل أفكار الكافة عن العلوم والفنون ؛مما أدى إلى الذهول عما نالوا من العلوم والصنائع “،وعقبه “الضعف العام فى القوة والخلل فى النظام “، “فضلاً عن التقصير فى طلب ما لم ينالوا من العلوم ،والإعسار دون الترقى فى عواليها “(163) ،وفى إطار هذا التشخيص أيضاً تقول الجريدة : “قبح ما صنعوا وبئس ما كانوا يعملون ،أولئك اللاهون بلذاتهم ،العاكفون على شهواتهم ،هم الذين بددوا شمل الملة وأضاعوا شأنها وأوقفوا سير العلوم فيها ،وأوجبوا الفترة فى الأعمال النافعة من صناعة وتجارة وزراعة بما غلوا من أيدى بنيها “(164) .

وتحث جريدة “العروة الوثقى ” على السعى فى سبيل تحقيق قوة الأمة وبناء مجدها معتمدة على العلم والمعرفة والعناية الإلهية ،فتقول : “لم تنل أمة من الأمم مزية من المزايا المحمودة عند بنى البشر سواء فى العلوم والمعارف ،والآداب والفضائل ،أو القوانين والنواميس العادلة ،أو العسكرية وقوة الحماية ،حتى خرج آحاد منها إلى ما تخشاه النفوس وتهابه القلوب ،وسلكوا تلك المسالك الوعرة ،فبلغوا بأممهم ،أقصى ما بلغت بهم هممهم ،مع الاعتماد على العناية الأزلية فى جميع سيرهم “(165) .

النتائج والتوصيات :

إن تحليل مضمون مقالات جريدة “العروة الوثقى ” ،قد كشف للباحث عن منهج متميز للجريدة فى توجهها الإسلامى الإصيل لعلاج قضايا الأمة الإسلامية ،وإن كان الاحتلال الإنجليزى لمصر يعتبر مدخلاً لذلك المنهج المتميز ،فالجريدة جاءت لتعبر عن حصيلة فكر فى فترة تاريخية من فترات تحديد هوية الأمة الإسلامية . وجاءت الجريدة لتبين بفكرها هذا مدى الوعى والتشخيص والفهم الدقيق لمشكلات الأمة – فلقد بين هذا الفكر كيفية انفصال أبناء الأمة عن تاريخهم الإسلامى ،كما بين هذا الفكر أهم خطوط الإصلاح وطرق رأب الصدع .

كما سيرت الجريدة أغوار مشكلة الاضمحلال فى عمليات التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية وضعف نظم الحكم ،وتدهور أوضاع الأمة وانفصال الأمة عن أصول عقيدتها الإسلامية . ونبهت إلى ضرورة إقامة عرى الترابط الوثيقة بين علماء الأمة .

كما أشارت – فى دروس ذات مغزى – إلى المحاولات غير المتأنية فى الإصلاح والتغيير ،خاصة إصلاح النظام التعليمى كمدخل رئيسى لإصلاح شئون الإمة الإسلامية . وأشارت أيضاً إلى نقل واستعارة علوم الغرب ومظاهر مدنيته دون روية ودراسة ووضع الأسس وتغيير ما يلزم فى النظم القائمة .

وأكدت على ضرورة أن يكون الإصلاح منتمياً إلى أصول العقيدة المبرأة من كل خطأ وشبهة . كما بينت فى عبارات وأسلوب لغوى واضح ضرورة العمل على بناء الأخلاق والفضائل الإسلامية والتزام أبناء الأمة وحكامها بتلك الأخلاق .

وارتبطت جذور الإصلاح فى قضيته فى خطاب الجريدة إلى الأمة حول قضية من أهم قضايا تربية الأمم ، هى بث روح الانتماء الإسلامى بين أبناء الأمة ،انتماًء لعقيدتهم وأوطانهم جميعاً تحت راية الجامعة الإسلامية

ويمكن القول أن الجريدة ،قد تعرضت لبعض القضايا التى تواجه مجتمعنا المعاصر فى مصر على وجه الخصوص ،والتى تواجه أبناء الأمة الإسلامية على وجه العموم . وطرح هذه القضايا مع بيان ما فيها ودور التربية ومؤسساتها المتعددة فى فهم هذه القضايا ومواجهة تلك المشكلات ،وفى هذه الفترة بالذات يفيد كثيراً فى عملية إنضاج المستوى الفكرى للشباب ،وما يتبعه من فهم دقيق لكافة أمور حياتهم ودينهم .

وتراثنا ،وإن بعد عن حاضرنا فهو يرتبط بقضايانا ولا ينفصم عنها ،خاصة إذا كانت العقيدة شاهداً ومؤسساً لهذا التراث فى مجالات التربية والسياسة والاجتماع وغيرها ،والتى تزيدنا الأيام فهماً لها – كما تبين لنا هة لأيضاً طرق المواءمة والمواجهة لهذه القضايا .

والعروة الوثقى ،جريدة ولكنها ليست كأى جريدة ،فهى صحيفة وليدة عصر ووليدة متغيرات وواقع تاريخى ، كما أنها وليدة منهج وأسلوب فى التغيير السياسى والاجتماعى ،كلماتها وفقراتها التى شملها تحليل المضمون فى فئاته المتعددة تبين ذلك ،كما أن العروة الوثقى قطعة من تاريخ مصر والأمة الإسلامية ،فكرها ينطبق شاهداً على ذلك ،ومنهجها يدل على ذلك ،فالجريدة بفكرها المتميز وفكر زعماء الإصلاح فى هذه الفترة جزء من تاريخ الأمة يجب دراسته وإعادة النظر فيه بعمق .

والوطن – عند “العروة الوثقى ” – هو جميع الأراضى التى تضم الأمة الإسلامية ،كما أن الوطنية والقومية لا وجود لها فى فكرها ،ولكن الجامعة الإسلامية هى الأصل والمآل ،والتعصب لا يعنى السلوك العدوانى والتطرف ضد غير المسلمين ،وإنما يعنى التمسك بالعقيدة واصولها وربطها بكافة أمور الأمة الإسلامية . ومن هنا نستشف ضرورة ربط نظام التعليم ومناهجه بأصول العقيدة والتربية الإسلامية .

كما كان من أبرز توجهات “العروة الوثقى ” توجيه الدعوة إلى أبناء الأمة لفهم أصول دينهم كأساس موجه لشئون حياتهم فى نواحيها كافة . ذلك أن شباب الأمة الإسلامية يعد كركيزة حيوية فى بنائها ،ولذا فهم فى حاجة إلى مد يد العون بالتربية كوسيلة ضرورية لهذا الفهم . والتوجيه التربوى للشباب أصبح خياراً حتمياً لا بد منه – خاصة فى الوقت الحالى – يجب أن تتضافر فيه كافة جهود المؤسسات التربوية ووسائل الإعلام . وعلماء الدين ،لهم مسئوليتهم فى إعداد برامج هذه التوجيه التربوى والإرشاد الدينى ،وأيضاً دورهم فى ربط عملية فهم الدين الإسلامى ومبادئه بالمتغيرات الثقافية العالمية وكافة المتغيرات الثقافية العالمية وكافة المتغيرات الأخرى التى يواجهها المجتمع المسلم المعاصر .

وشباب الأمة الإسلامية فى حاجة إلى توجيهه تربوياً فى مجال القراءة ،وقراءة التاريخ الإسلامى ،هى أم القراءات التى يجب تربية الشباب عليها .

والشباب فى حاجة إلى أن يسأل ويناقش فى مجالات نظام الحياة الذى يعيش فى مجتمعه . ولكن يجب أن يكون واضحاً واعيا فاهماً صريحاً . يوضح انتماءاته الفكرية ومطالبه ،وتوجهاته .

كما أن جمعيات الشباب وجماعاته فى حاجة إلى رعاية وأن يشرف عليها العلماء وعلماء الدين ،وهؤلاء عليهم مناقشة أهدافها وأغراضعا ووسائلها ومدى اتفاقها مع أصول العقيدة الإسلامية ومطالبها . فمن حق الشباب أن ينتمى إلى فكر دينه ،كما أن من حق الأمة أن تعرف أصول هذا الفكر ،وهذه الانتماءات ومشاربها وقيمتها بالنسبة للشباب وبالنسبة للأمة معاً ،وكذا دور هذا الفكر فى بناء الأمة ونموها وتطورها وتطوير غاياتها ووسائلها .

لقد ران على الأمة الإسلامية مشكلات تداخلت وتشابكت وتعقدت ،وجاءها إلى عقر دارها عناصر غريبة عنها ومتغيرات وتوجهات بعيدة عن روح الإسلام . يجب بيانها ومواجهتها وتربية أبناء الأمة على فهمها – بروح الإسلام – أصبح من أقوى الضرورات التى تلقى عبثاً جديداً على طرق ووسائل التربية الإسلامية .

 

جدول رقم (1)

المستوى الأول / الأفكار والقيم العقيدية (مرتبة تنازلياً )

 

م

 

أفكار وقيم التحليل

 

تحليل أول(التكرار)

 

تحليل ثان(التكرار)

 

المجموع

 

المتوسط

 

التوزيع

النسبى

التوزيع النسبى بين المستويات
1 فهم الدين الإسلامى 75 93 168 84 25.7% 6.11%
2 الإصلاح 62 94 156 78 23.74% 5.67%
3 الإيمان 57 68 125 62.5 19.03% 4.45%
4 العمل بالكتاب 54 59 113 56.5 17.20% 4.11%
5

 

بناء الوازع الدينى 42 53 95 47.5 14.46% 4.45%
  مجموع التكرارات 290 367 657 328.5 100% 23.88%

 

 

جدولرقم(2)

الترتيب التنازلى للأفكار فى عملية المتوسط ككل

النسبة المئوية المتوسط المجموع تحليل ثان تحليل أول الأفكار والقيم / التكرارإجمالى م
7.53% 103.5 207 105 102 العمل من أجل الأمة 1. 
6.56% 89 178 106 72 الرشاد 2. 
6.11% 84 168 93 75 فهم الدين الإسلامى 3. 
5.67% 78 156 94 62 الإصلاح 4. 
15.13% 70.5 141 83 58 الوعى 5. 
5.05% 69.5 139 75 64 الانتماء الإسلامى 6. 
4.8% 66 132 70 62 السمات الاجتماعية الإسلامية 7. 
4.54% 65.5 131 80 51 التعليم 8. 
4.54% 62.5 125 68 57 الإيمان 9. 
4.54% 61 122 72 50 الفضائل 10.    
4.29% 59 118 66 52 الجامعة الإسلامية 11.    
4,14% 57 114 70 44 تزكية النفس 12.    
4.11% 56.5 113 59 54 العمل بالكتاب والسنة 13.    
4% 55 110 57 53 الأخوة الإسلامية 14.    
3.45% 47.5 95 53 42 بناء الوازع الدينى 15.    
3.45% 47.5 95 56 39 الحق 16.    
3.27% 45 90 56 34 الشرف 17.    
2.94% 40.5 81 44 37 التأصيل الإسلامى للمعارف 18.    
2.91% 40 80 46 34 القوة 19.    
2.87% 39.5 79 42 37 الحكم الإسلامى 20.    
2.47% 34 68 38 30 نشر العلم 21.    
2.44% 33.5 67 40 27 العدل الاجتماعى 22.    
2.36% 32.5 65 32 33 البحث عن المعرفة 23.    
1.53% 21 42 18 24 العلاقات الدولية 24.    
1.09% 15 30 12 18 الحرية 25.    
0.14% 2 4 2 2 الشورى 26
100% 1375 2750 1537 1213 مجموع التكرارات  

 

 

جدول رقم (3)

المستوى الثانى : الأفكار والقيم السياسية (مرتبة تنازلياً)

التوزيع النسبى بين المستويات التوزيع النسبى المتوسط المجموع تحليل ثان

(التكرار)

تحليل أول (التكرار) أفكار وقيم التحليل م
15.13% 19.37 70.5 141 83 58 الوعى 1)  
5.05% 19.09 69.5 139 75 64 الانتماء الإسلامى 2)  
4.29% 16.21% 59 118 66 52 الجامعة الإسلامية 3)  
3.45% 13.05% 47.5 95 56 39 الحق 4)  
2.91% 10.99% 40 80 46 34 القوة 5)  
2.87% 10.85% 39.5 79 42 37 الحكم الإسلامى 6)  
1.53% 5.77% 21 42 18 24 العلاقات الدولية 7)  
1.53% 4.12% 15 30 12 18 الحرية 8)  
    2 4 2 2 الشورى 9)  
26.46% 100% 363 728 400 328 مجموع التكرارت  

 

 

جدول رقم (4)

المستوى الثانى : الأفكار والقيم الاجتماعية (مرتبة تنازلياً )

م أفكار وقيم التحليل تحليل أول (التكرار) تحليل ثان

(التكرار)

المجموع المتوسط التوزيع النسبى التوزيع النسبى بين المستويات
1 العمل من أجل الأمة 102 105 207 103.5 40.11% 7.53%
2 السمات الاجتماعية الإسلامية 62 70 132 66 25.58% 4.80%
3 الأخوة الإسلامية 53 57 110 55 21.32% 4.00%
4 العدل الاجتماعى 27 40 67 33.5 12.89%  
  مجموع التكرارت 328 400 728 364 100% 26.46%

 

 

جدول رقم (5)

المستوى الرابع : الأفكار والقيم الخلقية (مرتبة تنازلياً )

م أفكار وقيم التحليل تحليل أول

(التكرار )

تحليل ثان

(التكرار )

المجموع المتوسط التوزيع النسبى التوزيع النسبى بين المستويات
1 الرشاد 72 106 178 89 35.32% 6.56%
2 الفضائل 50 72 122 61 24.21% 4.44%
3 تزكية النفس 44 70 114 57 22.62% 4.14%
4 الشرف 34 56 90 45 17.86% 3.27%
  مجموع التكرارت 200 302 504 252 100% تقريباً 18.41%

 

 

جدول رقم (6)

المستوى الخامس : الأفكار والقيم المعرفية (مرتبة تنازلياً)

م أفكار وقيم التحليل تحليل أول

(التكرار )

تحليل ثان

(التكرار )

المجموع المتوسط التوزيع النسبى التوزيع النسبى بين المستويات
1 التعليم 51 80 131 65.5 37.97% 4.76%
2 التأصيل 37 44 81 40.5 23.48% 2.94%
3 نشر العلم 30 38 68 34 19.71% 2.47%
4 البحث عن المعرفة 33 32 65 23.5 18.84 2.36%
  مجموع التكرارت 152 194 345 172.5 100% 12.53%

 

 

المراجع والهوامش

 

  • محمد عبده : رسالة التوحيد : قدم لها وعرف عنها وعن مؤلفها ،حسين يوسف الغزال – ط2 – دار إحياء العلوم – بيروت – 1977 م ،ص 7 .
  • المرجع السابق ،ص 9 -11 .
  • المرجع السابق ،ص12 – 13 .
  • جمال الدين الأفغانى ،محمد عبده : العروة الوثقى والثورة التحريرية الكبرى – ط1 – دار العربى للبستانى – القاهرة 23 يوليو 1957 ،ص1 . وانظر : محمد عمارة : الأعمال الكاملة عن الأفغانى فى الحقيقة الكلية  – دار الكاتب العربى للطباعة والنشر ،ص 17 ،26 ،271 .
  • محمد عبده : رسالة التوحيد ،ص 13 .
  • العروة الوثقى : مقال : “لماذا صدرت الجريدة ” ،ص 6 .
  • محمد عمارة ،مرجع سابق ،ص 34 . وانظر – تشارلز آدمز : الإسلام والتجديد فى مصر – ترجمة : عباس محمود العقاد – لجنة التأليف والترجمة والنشر – القاهرة ،1935 ،ص 24 ،25 .
  • المرجع السابق ،ص 34 .
  • العروة الوثقى : مقال : “الوحدة والسيادة ” ،ص 74 .

10 – المرجع السابق ،ص 78 .

11 – العروة الوثقى : مقال : “لماذا صدرت الجريدة ” ،4 – 5 .

12 – المرجع السابق ،مقال : “الجريدة ومنهجها ” ،ص 7 – 8 .

13 – عبد الجواد بكر : فلسفة التربية الإسلامية فى الحديث الشريف – ط2 – دار الفكر العربى – القاهرة – 1991 ،ص 51 .

14 – سعد إسماعيل على : الفكر التربوى العربى الحديث– عالم المعرفة – عدد (113) سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب – الكويت – 1987 ،ص 190 .

15 – العروة الوثقى : مقال : “الجنسية والديانة الإسلامية ” ،ص 11 .

16 – المرجع السابق ،ص 12 .

17 – عبد الغنى عبود : فى التربية الإسلامية – ط1 – دار الفكرالعربى – القاهرة – 1991 ،ص 2221

18 – المرجع السابق ،ص 22 .

19 –العروة الوثقى : مقال : “ماضى الأمة وحاضرها وعلاج عللها “ ،ص 21 .

20 – المرجع السابق ،مقال : “انحطاط المسلمين وسكونهم وسبب ذلك ” ،ص 31 .

21 – على خليل مصطفى أبو العنين : أهداف التربية الإسلامية ،مصادر اشتقاقها ومعايير صياغتها للمجتمع الإسلامى المعاصر– بحوث فى التربية الإسلامية (2) – ط1 – مكتبة إبراهيم الحلبى – المدينة المنورة – 1987 ،ص 15 .

22 – العروة الوثقى : مقال : “انحطاط المسلمين وسكونهم وسبب ذلك “ ،ص 32 .

23 – على خليل مصطفى أبو العنين : (المرجع الأسبق ) ،ص 21 .

24 – العروة الوثقى : مقال : “ماضى الأمة وحاضرها وعلاج عللها ” ،ص 14 .

25 – المرجع السابق ،ص 14 .

26 – المرجع السابق ،ص 15 .

27 – المرجع السابق ،ص 16 – 17 .

28 – مايكل إيرنست سادلر : أعمل سادلر التربوية– جلاسجو – جامعة جلاسجو ، د . ت ،ص 40 .

29 – عبد الغنى عبود : “فى التربية الإسلامية ” (مرجع سابق ) ،ص 264 .

30 – العروة الوثقى : مقال : “ماضى الأمة وحاضرها وعلاج عللها “ ،ص 17 .

31 – المرجع السابق ،ص 17 .

32 – المرجع السابق ،ص 17 .

33 – المرجع السابق ،ص 18 .

34 – المرجع السابق ،ص 18 .

35 – المرجع السابق ،ص 20 – 21 .

36 – المرجع السابق ،ص 21 .

37 – قرآن كريم : سورة آل عمران ،آية (164) .

38 – قرآن كريم : سورة لقمان ،آية (22) .

39 – الشاذلى القليبى : من قضايا الدين والعصر– الدار التونسية للنشر – جويليه – 1979 ،ص 52 .

40 – يوسف عبد العظيم : الإيمان وأثره فى نهضة الشعوب– ط4 – الدار السعودية للنشر والتوزيع – جدة – 1398 ،ص 105 .

41 – العروة الوثقى : مقال : “الفضائل والرذائل وأثرهما ” ،ص 66 .

42 – العروة الوثقى : مقال : “امتحان الله للمؤمنين ” ،ص 112 – 113 .

43 – العروة الوثقى : مقال : “الوحدة والسيادة “ ،ص 65 .

44 – المرجع السابق ،ص 72 .

45 – عبد الرحمن نحلاوى : التربية الإسلامية والمشكلات المعاصرة– ط2 – المكتب الإسلامى – بيروت – 1988 ،ص 36 .

46 – العروة الوثقى ،مقال : “الجنسية والديانة الإسلامية “ ،ص 10 .

47 – عفيف عبد الفتاح طباره : روح الدين الإسلامى– ط16 – دار العلم للملايين – بيروت ،1977 ،

ص 173 .

48 – سعد الدين الجيزاوى : فصول فى تربية الشخصية الإسلامية– سلسلة دراسات فى الإسلام – يصدرها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – العدد 81 – السنة السابعة – القاهرة – 1968 ،ص 13 .

49 – سعيد التل : مقدمة فى التربية السياسية لأقطار الوطن العربى– دار اللواء للصحافة والنشر – عمان ،1987 ،ص 39 – 40 .

50 – المرجع السابق ،ص 40 .

51 – فاروق عبده فليه : “التثقيف السياسى وعلاقته بالمستوى التعليمى – دراسة تحليلية ” –مجلة كلية التربية بدمياط– عدد 11 – يناير 1989 ،ص 73 .

52 – المجالس القومية المتخصصة : التربية السياسية ،وتنمية الشعور الوطنى بالانتماء والمسئولية – تقرير المجلس القومى للتعليم والبحث العلمى والتكنولوجيا – الدورة الرابعة (أكتوبر 1976 – يوليو 1977 ) ،ص 13 .

53 – العروة الوثقى : مقال : “رجال الدولة وبطانة الملك : كيف يجب أن يكونوا “ ،ص 90 .

54 – المرجع السابق ،مقال : “الجنسية والديانة الإسلامية “ ،ص 9 .

55 – المرجع السابق ،مقال : الأمل وطلب المجد “ ،ص 86 .

57 – المرجع السابق ،مقال : “الجنسية والديانة الإسلامية ” ،ص 10 .

58 – المرجع السابق ،ص 11 .

59 – المرجع السابق ،ص 12 .

60 – العروة الوثقى : مقال : “الوحدة والسيادة ” ،ص 75 .

61 – المرجع السابق ،مقال : “التعصب “ ،ص 43 .

62 – أبو الحسن على الحسنى الندوى : ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين – ط 14 – دار القرآن الكريم – دمشق – 1978 ،ص 388 .

63 – العروة الوثقى : مقال : “انحطاط المسلمين وسكونهم وسبب ذلك ” ،ص 33 .

64 – المرجع السابق ،ص 34 .

65 – المرجع السابق ،ص 34 – 35 .

66 – المرجع السابق ،مقال : “التعصب “ ،ص 40 .

67 – المرجع السابق ،ص 40 .

68 – المرجع السابق ،ص 41 .

69 – المرجع السابق ،ص 41 .

70 – المرجع السابق ،ص 43 – 44 .

71 – المرجع السابق ،مقال : “أسباب حفظ الملك ” ،ص 116 .

72 – المرجع السابق ،مقال : “التعصب “ ،ص 45 .

73 – المرجع السابق ،مقال : “التعصب “ ،ص 48 .

74 – المرجع السابق ،مقال : “الوحدة الإسلامية “ ،ص 72 .

75 – سعيد إسماعيل على : (مرجع سابق ) ،ص 81 – وانظر : محمد عمارة (مرجع سابق ) ،ص 35 .

76 – محمد محمد حسين : أزمة العصر– دار عكاظ للطباعة والنشر – جدة – 1978 ،ص 32 .

77 – محمد عمارة : (مرجع سابق ) ،ص 31 – 32 .

78 – محمد الطاهر عاشور : أصول النظام الاجتماعى فى الإسلام– الشركة التونسية للتوزيع – تونس – 1978 ،ص 178 .

79 – المرجع السابق ،179 .

80 – قرآن كريم : سورة الحجر ،آية (85) .

81 – العروة الوثقى : مقال : “الجنسية والديانة الإسلامية “ ،ص 10 .

82 – المرجع السابق ،ص 11 – 12 .

83 – العروة الوثقى : مقال : “ماضى الأمة وحاضرها وعلاج عللها ” ،ص 20 .

84 – العروة الوثقى : مقال : ” أسباب حفظ الملك “ ،ص 118 .

85 – المرجع السابق ،ص 118 .

86 – سعيد إسماعيل على : الفكر التربوى العربى الحديث (مرجع سابق ) ،ص 85 .

87 – محمد أسد : منهاج الإسلام فى الحكم – ترجمة : منصور محمد ماضى – ط6 – دار العلم للملايين – بيروت – 1983 ،ص 38 – 39 .

88 – العروة الوثقى : مقال : “الوحدة والسيادة ” ،ص 77 .

89 – المرجع السابق ،ص 77 .

90 – العروة الوثقى : “رجال الدولة وبطانة الملك “ ،ص 89 .

91 – المرجع السابق ،ص 90 .

92 – المرجع السابق ،ص 92 .

93 – المرجع السابق ،ص 104 .

94 – المرجع السابق ،ص 104 – وانظر بقية المقال ،ص (104 – 105 ) .

95 – العروة الوثقى : مقال ” “أسبابا حفظ الملك ” ،ص 115 .

96 – العروة الوثقى : مقال : ماضى الأمة وحاضرها وعلاج عللها ، “ص 16 .

97 – العروة الوثقى : مقال : “النصرانية والإسلام وأهلها ” ،ص 25 .

98 – المرجع السابق ،ص 28 .

99 – المرجع السابق ،ص 26 .

100 – قرآن كريم : سورة الأنفال ،آيه (60) .

101 – العروة الوثقى : مقال : “النصرانية والإسلام وأهلها “ ،ص 29 .

102 – بكرى شيخ آمين : “آداب الحديث النبوى – ط2 – دار الشروق – بيروت – 1975 م ،ص 146 – 147 .

103 – محمد الطاهر بن عاشور : (مرجع سابق ) ،ص 169 .

104 – العروة الوثقى : مقال : “الشرف ” ،ص 100 .

105 – العروة الوثقى : مقال : الأمل وطلب المجد ” ،ص 86  .

106 – العروة الوثقى : مقال : “أسباب حفظ الملك ” ،ص 117 .

107 – المرجع السابق ،ص 119 .

108 – المجالس القومية المتخصصة : (مرجع سابق ) ،ص 17 . وانظر أيضاً صفحات 19 – 21 (نفس المرجع ) .

109 – ملحم قربان : الواقعية السياسية– ط2 – المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع – بيروت – 1981 م ،ص 122 – 124 . وانظر ص 162 أيضا ً .

110 – العروة الوثقى : مقال : “لماذا صدرت الجريدة ؟ ” ،ص 8 .

111 – العروة الوثقى : مقال : “انحطاط المسلمين وسكونهم وسبب ذلك ” ،ص 35 .

112 – مالك بن نبى : وجهة العالم الإسلامى– ترجمة : عبد الصبور شاهين – دار الفكر – طرابلس / لبنان – 1954 ،ص 54 .

113 – محمد الطاهر بن عاشور : (مرجع سابق ) ،ص 51 .

114 – قرآن كريم : سورة الأحزاب ،أية (36) .

115 – محمد الطاهر بن عاشور : (مرجع سابق ) ،ص 82

116 – المرجع السابق ،ص 108 .

117 – العروة الوثقى : مقال : “ماضى الأمة وحاضرها وعلاج عللها ” ،ص 13 .

118 –العروة الوثقى : مقال : “الأمل وطلب المجد ” ،ص 83 .

119 – العروة الوثقى : مقال : “الفضائل والرذائل وأثرهما ” ،ص 59 .

120 – المرجع السابق ،ص 60 .

121 – المرجع السابق ،ص 61 .

122 – على عبد الحليم محمود : الدعوة الإسلامية ،دعوة عالمية– ط1 – كتاب (48) – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – لجنة التعريف بالإسلام – القاهرة – 1969 م ،ص 240 .

123 – محمد الطاهر بن عاشور : (مرجع سابق ) ،ص 120 .

124 – العروة الوثقى : مقال : “الفضائل والرذائل وأثرهما ” ،ص 60 .

125 – المرجع السابق ، ص 61 .

126 – العروة الوثقى : مقال : “الوحدة والسيادة “ ،ص 76 .

127 – محمد الطاهر بن عاشور : (مرجع سابق ) ،ص 186 .

128 – رواه البخارى ومسلم وأبو داود الترمذى والنسائى ومالك – ابن الدبيع الشيبانى : تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم – الجزء الرابع – شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر – القاهرة – د . ت ،ص 48 .

129 – العروة الوثقى : مقال : “التعصب ” ،ص 41 .

130 – المرجع السابق ،ص 43 .

131 – المرجع السابق ،ص 43 .

132 – ابن منظور : لسان العرب .

133 – المرجع السابق .

134 – قر آن كريم : سورة البقرة ،آية : (213 ) .

135 – على أحمد مدكور : المفاهيم الأساسية لمناهج التربية– دار أسامة للنشر والتوزيع – الرياض – 1989 ،ص 50 .

136 – العروة الوثقى : مقال : “الجنسية والديانة الإسلامية “ ،ص 12 .

137 – العروة الوثقى : مقال : “ماضى الأمة وحاضرها وعلاج عللها “ ، ص 17 .

138 – العروة الوثقى : مقال : “النصرانية والإسلام ” ،ص 24 – 25 .

139 – العروة الوثقى : مقال : “الفضائل والرذائل وأثرهما ” ،ص 59 .

140 – المرجع السابق ،ص 59 .

141 – المرجع السابق ،ص 62 .

142 – العروة الوثقى : مقال : “الأمة وسلطة الحاكم المستبد “ ،ص 104 .

143 – قرآن كريم : سورة التوبة ،آية (109 ) .

144 – العروة الوثقى : مقال : ماضى الأمة وحاضرها وعلاج عللها ” ،ص 13 .

145 – العروة الوثقى : مقال : “انحطاط المسلمين وسكونهم وسبب ذلك “ ،ص 31 .

146 – العروة الوثقى : مقال : “الجنسية والديانة الإسلامية ” ص 11 .

147 – العروة الوثقى : مقال : “ماضى الأمة وحاضرها وعلاج عللها “ص 15 .

148 – المرجع السابق ،ص 21 .

149 – عبد الفتاح جلال : من الأصول التربوية فى الإسلام– المركز الدولى للتعليم الوظيفى للكبار فى العالم العربى – سرس الليان – 1977 ،ص 22 .

150 – ارجع إلى ص 16 – 18 من الدراسة الحالية .

151 – العروة الوثقى : مقال : “ماضى الأمة وحاضرها وعلاج عللها “ ،ص 18 .

152 – المرجع السابق ،ص 19 .

153 – المرجع السابق ،ص 18 .

154 – العروة الوثقى : مقال : “التعصب “ ،ص 40 .

155 – العروة الوثقى : مقال : “الوحدة الإسلامية “ ،ص 67 .

156 – المرجع السابق ،ص 67 .

157 – العروة الوثقى : مقال : “ماضى الأمة وحاضرها وعلاج عللها “ ،ص 21 .

158 – العروة الوثقى : مقال : “انحطاط المسلمين وسكونهم وسبب ذلك “ ،ص 33 .

159 – المرجع السابق ،ص 35 .

160 – المرجع السابق ،ص 35 .

161 – العروة الوثقى : مقال : “التعصب ” ،ص 42 – 43 .

162 – العروة الوثقى : مقال : “الوحدة الإسلامية “ ،ص 68 .

163 – المرجع السابق ،ص 69 .

164 – العروة الوثقى : مقال : “كم حكمة الله فى حب المحمدة الحقة ” ،ص 95 .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر