أبحاث

التربية الصحية في ضوء الإسلام

العدد 32

إن الصحة تكاد تكون أهم شيء في حياة الإنسان , ذلك أنه بغيرها لا يستطيع تحقيق آماله فيها. فبغير الصحة لا يستطيع الإنسان أن يعمل ولا يستطيع أن يؤدي حتى واجباته الدينية ويحقق الفضيلة, فيمن هنا قيل المثل المشهور : (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المريض) . ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم (خذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك)[1]. ولهذا أيضا دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى اغتنام الصحة قبل المرض فقال : (اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك صحتك قيل سقمك وفراغك قيل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك).[2]

مفهوم الصحة في الإسلام لا يقتصر على الصحة الجسمية كما هو متبادر في أذهان الناس بل يشمل الصحة الجسمية والنفسية والعقلية أيضا وهناك علاقة وثيقة بين هذه الجوانب إذ أن الصحية الجسمية تؤثر على الصحة النفسية والعقلية والعكس صحيح أيضاً, وسوف نعالج هذا الموضوع في مرحلة البلوغ ولهذا لا ينبغي أن تقتصر التربية الصحية على التربية الجسمية فقط بل يجب أن تشمل الجوانب الأخرى أيضاً.

والتربية الصحية لا تقتصر أيضا على تربية الطفل في مرحة لمعينة من مراحل نموه فقط بل تشتمل كذلك على جميع مراحل نموه. وأساسيات تكوين الصحة قد ترجع إلى ما قبل الميلاد. والنقص الحاصل في بناء الصحة قبل الولادة لا يمكن تفاديه فيما بعد ذلك . ولهذا يقول بعض المربين (هذه التجربة الخاصة التي يحصل الجنين عليها أثناء تطوره والتي يجلبها معه حين بأتي إلى الدنيا تشكل أساسا لا يمحي تدخل فيه جميع الانطباعات التالية)[3].

وعلى ذلك يجب أن تنظم التربية الصحية حسب مراحل النمو. لأن لكل مرحلة مبادئ وأساليب لهذه التربية يجيب مراعاتها.

وبالتالي نقسم نظام التربية الصحية حسب تلك المراحل على النحو التالي:

أولا – مراحل الحمل أو ما قبل الولادة:

نحن نعلم أن من معاني التربية والرعاية والحماية والتغذية والتنمية وهذه المعاني متصلة بهذه التربية في هذا المرحلة التي هي الأساس فإذا لم يكن الأساس سليما فلا يمكن أن يكون ما بني عليه سلميا أيضاً , بل قد لا يمكن البناء عليه على الوجه المطلوب.

والمبادئ التربوية لهذه المرحلة هي الآتية :-

1-    أن يكون الأبوان خاليين من الأمراض الوراثية سواء كانت تلك الأمراض الجسمية  أو عقلية أو نفسية روحية. وأن يكون خاليين أيضا من الأمراض المعدية ولو لم تكن ارثيه مثل الأمراض الزهرية, لأنها تتعدى إلى الجنين ولأن صحة الوالدين أساس لصحة الولد, ذلك أن الطفل كالنبتة فإذا أردنا أن ننبت نباتا حسنا فال بد من اختيار بذرة صالحة لهذه البذرة وزرعها فيا , ذلك أنه مهما كانت البذرة صالحة فإذا كانت الأرض غير صالحة فلا ينفع الزرع وبقدر صلاحهما يكون صلاح الزرع.

ولهذا نرى أن الله سبحانه وتعالى قد عبر عن هذه الحقيقة بالإنبات في حق مريم فقال (وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا) [4]وكما تكون الشجرة تكون الثمرة ؛ ولهذا قال الرسول عليه السلام (إن لكل شجرة ثمرة وثمرة القلب الولد)[5] ولا ينبغي أن ننسى هنا قول أحد المتخصصين في هذا الصدد حيث يقول (نخن نعرف اليوم أن الزواج بين أولاد الأشقاء أو السكيرين أو المصابين بالزهري أو حاملي العيوب العقلية الوراثية يعتبر جريمة جديرة بالعقاب .. ولذا يعتبر إنتاج ذرية من المرضى أو المنحلين أو اللصوص أو المعتوهين جريمة كبرى وهكذا يعد سوء الذرية من أكبر الخطايا.[6]

لذا أمر الإسلام باختيار شريك صالح لإنتاج ذرية صالحة وسليمة من العاهات فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (تخيروا لنطفكم )[7] وقال (تزوجوا في الحجز الصالح فأن العرق دساس)[8] ولهذا نرى بعض الصحابة مثل عمر بن الخطاب وعلى بن أبي طالب , وبعض علماء الشريعة أمثال الشافعي والحنابلة قد أجازوا فسخ النكاح إذا وجد في أحد الزوجين بعض الأمراض المعدية والعيوب العقلية مثل الجذام والرص والجنون[9].

ثم إن الوراثة أمر ثابت علميا كما أيدها العلماء وكما أثبتها أخيرا الدكتور كارينتيه عميد أكاديمية العلوم في بلجيكا وقرر أن الخصائص الجسمية والنفسية تنتقل بالوراثة[10] وهو أمر معقول في نفس الوقت ذلك أن الإنسان له كيان نفسي ومادي معا وكما تنتقل الصفات الجسمية إلى الذرية فان الصفات النفسية يجب أن تنتقل أيضا. كل هذا أساسيات أولية لبناء الصحة الكاملة عليها وهو أفضل عمل مبدئي يقوم به الآباء نحو أبنائهم في هذا المرحلة التي تعد التربية الصحية فيها أساس لجميع مراحل هذا التربية , فهي تبدأ أصلا منذ التلقيح الأولي إذ يجب أن تكون نفسية الوالدين ونياتهما صافية سليمة عند التلقيح وان يكونا متفائلين وألا يختلج في نفوسهما شيء من الغضب وسوء الظن والشر من الناحية النفسية ولا يكونا مخمورين فإن الدكتور كاربنتيه رئيس أكاديمية بلجيكا قرر في مؤتمر زبوريخ (أن من يقترب من زوجته ويخيل إلى نفسه أنه مصاب بمرض خطير فيأتي بودل به مركب النقص , والسكران أو المنفعل يأتي بولد أحمق عصبي المزاج والمتفائل ينجب أولادا متجردين من الخوف والهواجس والعادات السيئة والغاضب يورث طفلا عصبي المزاج, وحالة المرأة الجسمية والنفسية تؤثر على الحمل )[11] وهذا ما يقرره أيضا الدكتور ألكسيس كارل حيث يقول (لكن جودة الصفات الوراثية لا تكفي لإنجاب أطفال من نوع جيد , بل يجب فضلا عن ذلك آلا يكون الأبوان المستقبلان نفسيهما مصابين بالزهري أو من المدمنين للخمر أو المورفين أو الكوكايين فسكر الزوج أو الزوجة في لحظة التلقيح جريمة حقيقية, لأن الأطفال الذين يولدون من مثل هذا التلقيح كثيرا ما يعانون أمراضا عصبية وعقلية لا يرجى له شفاء)[12].

2-    أن تتجنب المرأة أثناء الحمل الإرهاق والتوترات النفسية والعصبية : ذلك أن حال المرأة الجسمية والنفسية والعصبية تؤثر على الجنين كما يقرر الدكتور كارينتيه[13] وكم يقرر علماء النفس أن القلق النفيس والضعف الشديد للمرأة مد الحمل يؤثران على الجنين[14] ومعلوم علميا ن حمل الأثقال يؤدي إلى سقوط الجنين أحيانا. فهناك قواعد صحية للحمل يجب أن تعرفها المرأة ويجب أن تتعلم الفتيات تلك القواعد قبل الزواج. يقول هنا الدكتور ألكسيس كارل ( فهناك قواعد علمية لصنع السيارات أو تربية المواشي وكذلك هناك قواعد لحمل الأطفال وتكوينهم , يجب أن تعلم هذا القواعد لجميع العنصر النسوي من السكان في مدارس متخصصة )[15].

والمبادئ الإسلامية المتعلقة بالنكاح والحقوق الزوجية ضامنة لحماية الجنين من مثل هذه المخاطر لأن الإسلام أمر أولا الزوج بحسن معاشرة زوجته لكي لا تصاب الزوجة وهو حامل مثلا باضطرابات نفسية وعصبية فيتأثر بها الجنين من جراء سوء معاملة الزوج لزوجته . فقال تعالى مثلا (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[16], كما أن الإسلام ضمن رزق المرأة وجعل نفقتها على الزوج لكي لا تعمل المرأة وترهق نفسها بالبحث عن الرزق وخاصة أيام الحمل, لهذا قال تعالى (وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نُفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا)[17]وكذلك جعل مؤنه السكن على الزوج فقال تعالى (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ)[18], وذلك لتكون آمنة النفس مطمئنة القلب من هم المسكن والمأوى والرزق ومرتاحة الجسم.

3-     أن تتناول الحامل الغذاء الكامل والضروري وأن تتجنب الأغذية الضارة لأن الجنين يتغذي بغذاء الأم فإذا نقص الغذاء في هذا المرحلة يؤثر هذا النقص على نمو الجنين بقدر نقصه وإذا زاد النقص قد يولد الطفل ناقص النمو أو مسوه الخلقة.

4-     أن يكون الأبوان سليمين من الأعراض والحالات المرضية النفسية . وذلك مثل حالات التشاؤم والمخاوف وسوء الظن والنية , إذ يجب أن يتجرد الأبوان من هذا الحالات قبل حدوث الحمل , كما يجب على الأم خاصة أن تكون متجردة منها أثناء الحمل كله.

لأن حالة المرأة النفسية تؤثر على الجنين من حيث الصحة النفسية أكثر والمبادئ الإسلامية المتعلقة بهذا الجانب ضامنة لأن تكون المرأة على الحالة النفسية الحسنة لأن الإسلام أمر أن يكون المسلم بصفة عامة متفائلا لا متشائما ولا يائيا من رحمة الله,  فكان الرسول (يعجبه الفأل يكره الطيرة) [19] وكان يقول (بشروا ولا تنفروا)[20]وقال ( من أساء الظن بأخيه فقد أساء بربه إن الله تعالى يقول : (اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)[21]وقال أخيرا ( حسن الظن من حسن العبادة)[22].

لأن التشاؤم أصلا حالة نفسية مرضية ضارة على الصحة الجسمية أيضا ولهذا يقول بعض علماء النفس (أنه يتحمل بفعل اتجاهه التشاؤمي هذا متاعب هي أشد وقعا على نفسه وأعصابه من وقع الكوارث أو الملمات أو المآسي التي يتوقع حدوثها ويستهلك اتجاهه التشاؤمي من الطاقات عبئا لأنه لا يستطيع أن يتحكم في اتجاهه الخاطئ بأعمال قوة الإرادة , ذلك أن بواعث التشاؤم هي أبعد أعمق من أن تنالها الإرادة الواعية)[23].

5-     أن يتجنب الأبوان قبل الحمل والأم أثناء الحمل المشروبات الروحية والمواد المسكرة: لأن الخلية التي يتكون منها الجنين إذا كانت متأثرة بمثل هذه المشروبات بأثر الجنين خاصة من الناحية العقلية؛ ولهذا يقول التربويون إذا أردنا أن نكون جيلا سليم العقل يجب أن يتجنب الآباء تناول المشروبات الروحية كما ذكنا وبخاصة الأمهات أثناء الحمل. ويقول أحد هؤلاء (يجب أن ينبهن إلى الخطر الذي يتعرض له الطفل من جراء إسرافهن في التدخين وشرب القهوة وتعاطيهن المورفين والمشروبات الروحية أثناء الحمل والرضاعة)[24].

ونحن نعرف أن المبادئ الإسلامية الصحية قد حرمت مثل هذه المشروبات والأمثلة على ذلك كثيرة منها قول الرسول (كل مسكر خمر وكل خمر حرام)[25].

ثم إن الإسلام حرم كل الأغذية الضارة وأحل كل الأغذية الطيبة فقال تعالى : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ)[26].

ويجب أن تنبه الحاملات إلى أنه كلما نما الجنين في بطن أمه زاد تأثره بحياة الأم الجسمية والنفسية والعقلية معا.

ثانياً – التربية الصحية في مرحلة الرضاعة :

ومدة الرضاعة في الإسلام سنتان , ويمكن إجمال أهم مبادئ التربية الصحية في هذه المرحلة بما يلي:

1-    الاهتمام بإرضاع الطفل وتغذيته بانتظام مناسب لعمر الطفل.

ذلك أن أرضاع الأم فيه غذاء مادي وغذاء عاطفي وكلا الأمرين مهم من الناحية التربوية لا يستغنى عنه ما لم تكن هناك ضرورات كموت الأم أو المرض أو انقطاع اللبن, وعلى الأب في هذه الحالات أن يستأجر مرضعة إن وجد وإلا فعليه إرضاعه بلبن صناعي أو إعطائه غذاء مناسبا لعمر الطفل وإن يحتوي اللبن أو الطعام الخاص على الفيتامينات المتنوعة ولقد تكلم المربون عن أهمية إرضاع الأم من الناحية التربوية ورأوا أنه لا يصح العدول عنه إلى غيره من الناحية التربوية وتكلموا أيضا عن أضرار الرضاعة الصناعية.[27]

ولهذا كله قال تعالى : (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)[28]ومن الأمور المهمة أن يكون الإرضاع وإعطاء اللبن والطعام في أوقات منتظمة تتناسب مع عمر الطفل بالشهور لأن تناول الغذاء بانتظام من مبادئ التغذية الصحية ومن الخطأ إعطاء الرضعة والوجبات كلما بكيي الطفل.

2-    أن تكون المرضعة جيدة الصحة سليمة من الأمراض الجسمية والعقلية والنفسية:

ذلك أن الطفل يتأثر بصفات المرضع عن طريق لبنها, فإن اللبن هو الغذاء الوحيد للطفل في هذه المرحلة فإذا كان اللبن ليس جيدا فلا يكون النمو سليما أيضا وكما أن الناس يتأثرون بالأغذية من الناحية الصحية والعقلية كذلك الطفل يتأثر بالأم عن طريق اللبن بما تمتاز به من الخصائص الجسمية والعقلية.

والسر في ذلك أن الأم بمثابة الأرض التي يتغذي الإنسان بحبوبها وثمارها فالأرض بما تمتاز به من خصوبة ترابها وبما تحوي من فيتامينات وبروتينات وأملاح معدنية تؤثر على صحة الناس ونمو عقولهم. ولما لاحظ بعض العلماء أن سكان بعض المدن يصبحون أذكى من غيرهم ودرسوا سبب ذلك وجدوا أن إنتاج بعض الأراضي الزراعية تكون غنية بالفيتامينات والبروتينات أكثر من غيرها, ولما درسوا السبب وجدوا الأمر يرجع إلى الأرض وترابها بما تمتاز بمحتوياتها الغنية بتلك الفيتامينات المهمة والضرورية.

وجدير بالذكر أن بعض علماء الشريعة أدركوا هذا السبب عندما دعوا إلى أن تكون المرضع عاقلة وألا تكون حمقاء ويعلل ذلك أبن قدامه بقوله (كيلا يشبهها الولد في الحمق لأن الرضع يعير الطباع)[29], وعلل ابن سينا من الناحية التربوية بأن اللبن يعدي وينقل الطباع من المرضع إلى الطفل فيقول هنا مثلا (إن من حق الولد على والده إحسان تسميته ثم اختيار ظئر له كيلا تكون ورهاء {أي ذات خرق وسوء رأي} ولا ذات عاهة فإن اللبن يعدي)[30]ومن المربين الغربيين من أدرك أهمية الموضوع أيضا فيقول أحدهم مثلا (ويجب أن تكون المرضع جيدة الصحة حسنة المزاج هادئة فإن العنف والانفعالات والكدر كلها تفسد اللبن)[31]

ومن قبل هؤلاء جميعا قد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية الرضاعة وعبر عن تأثير اللبن بتعبير علمي وتربوي بأن اللبن يورث الطباع والخصائص العقلية فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تسترضعوا الورهاء {الحمقاء} ) وفي راية أخرى (ولا تسترضعوا الحمقاء فغن اللبن يورث)[32] وروي عن عمر بن الخطاب أن الرسول نعي عن إرضاع الحمقاء).[33]

3-    الوقاية من الأمراض:

إن في التربية وخاصة تربية الصغار ثلاث أمور مهمة وهي الحماية والتنمية والتغذية, والحماية أو الوقاية من الأمور المهمة في ميدان المحافظة على صحة الطفل وخاصة في هذه المرحلة التي لا قبل له فيها بوقاية نفسه من الأمراض وأسبابها وقد تتسرب بعض الأمراض إلى الأطفال وتظهر نتائجها الخطيرة في المستقبل وقد تتسرب إليه بعض الجراثيم وتظل في جسمه مدة طولية دون أن يصاب بمرض إذا كانت عنده مناعة وبنية قوية , وحتى إذا ما ضعف وزالت المناعة كثرت تلك الجراثيم وأصيب الطفل لأمراض مختلفة , ولأهمية الوقاية قال الأطباء الوقاية خير علاج.

وسف نتكلم كثيرا عن أهمية الوقاية وخاصة في مرحله المراهقة ونذكر كثيرا من النصوص عند الكلام عن تكوين الوعي الصحي لدي الشباب.

4-    الاهتمام بنظافة الطفل:

والنظافة من أسباب الوقاية من الأمراض لأن أكثر الأمراض ناشئة من القذارة كما أنها من أسباب النمو الصحي وخاصة في هذا المرحلة , ولهذا نجد الأطباء ينصحون بغسل الطفل بالماء الدافئ يوميا أن أمكن في الشهور الأولى من الولادة أو في فترات قصيرة على الأقل وأن يكون الغسل قبل الإرضاع أو قبل الأكل في حال عدم الرضاعة.

ونحن نعلم أن الاهتمام بالنظافة من الأمور المهمة في الإسلام  لدرجة أنه عدها من الإيمان أو شطرا من الإيمان كما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : (الطهور شطر الإيمان)[34].

ولا نجد دينا أن نظاما يهتم بالنظافة لهذه الدرجة التي تصبح النظافة جزءاً من الإيمان بالله وينال ثوابا من الله بطهره ونظافته إن فلع ذلك لوجه الله تعالى.

5-    إضفاء العطف والحنان والشفقة:

إن أكثر الأمهات يطنن خطأ أن الحاجة الأساسية للطفل في هذه المرحلة هو الغذاء والنوم وقضاء الحاجة. ويطنن أيضا أن الطفل إذا بكى بعد ذلك إما لمرض أو لشكوى, ولا يعلمن أن الأطفال في المرحلة بعد شهور من الولادة يحتاجون إلى العطف والحنان ويبكون أحيانا إذا شعروا بالحرمان من الغذاء العاطفي. فإذا بكي الطفل في هذه الحالة آخذته في حضنك وقبلته وأبديت له الاهتمام والتودد له سكت وسكن وهدأ لأنه أخذ غذاءه أيضا وإذا استمر على الصراخ والبكاء بعد ذلك قد يكون الصراخ لشكوى في جسمه وألم ألم به.

وإذا حرم الطفل من غذائه العاطفي سوف يترتب عليه حالات نفسية مرضية تقاس درجتها بدرجة حرمانه من هذه العاطفة وإذا حرم تماما يظهر آثاره على تصرفاته الشاذة وخاصة في المرحلة التالية .

ولهذا كله نجد الإسلام يأمر بالعطف والرحمة على الصغار بصفة عامة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم مثلا (من لم يرحم صغيرانا ويعرف حق كبيرنا فليس منا)[35]. وهناك نصوص عديدة في هذا الموضع سترد في مواضعها في المراحل القادمة.

ثالثا : التربية الصحية في مرحلة الحضانة :

وهذه المرحلة تبدأ من نهاية السنة الثانية وتستمر إلى السنة السابعة . وهذا رأي معظم أهل الفقه والشريعة .[36]

في هذه المرحلة يتصرف الأطفال ويتكلمون عن أنفسهم ويأكلون ويشربون ويلعبون ويعاشرون الأطفال, ثم يذهبون إلى المدرسة الحضانة ويبدءون بتعلم ما هو حسن وما هو قبيح من الكلام ومن الأفعال, وعلى هذا الأساس تختلف مبادئ التربية الصحية هنا عن المرحلة السابقة بعض الشيء.

فمن حيث المبادئ الصحية الأساسية التي ذكرناها في المرحلة السابقة من التغذية والوقاية والنظافة, تستمر في هذه المرحلة أيضا لكن أسلوب التربية يختلف هنا من حيث أن الطفل هنا يمارس بنفسه تلك المبادئ ويعتاد عليها حتى تصبح تكل المبادئ أسلوب سلوك ونظام صحة في حياته اليومية . فينبغي أن يبدأ الطفل بعد السنة الثالثة بغسل اليدين قبل الأكل وبعده وأن يأكل بنظام في أوقات معينة. وألا يأكل كثيرا لأن كثرة الأكل تضر بالصحة أيضا ولهذا قال تعالى هنا (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ)[37]. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات تضمن صلبه فإن كان لا محالة فثلثه لطعامه وثلثه لشرابه وثلثه لنفسه).[38]

وينبغي أن يبعد عن الأكلات والمشروبات الضارة بالصحة سواء ما حرمها الإسلام بالنص أو أثبت الأطباء ضرره من الأطعمة والأشربه المستجدة لأن الإسلام أحل الطيبات وحرم الخبائث الضارة , ولهذا قال تعالى : (يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ)[39].

كذلك ينبغي أن ينظم نوم الطفل وذلك لأن ينام مبكرا وأن ينام الساعات الضرورية لأمثاله, لأن النوم غذاء للطفل كما هو غذاء للكبير لكن حاجة الأطفال إلى النوم أكثر من حاجة الكبار إليه.

ومن ناحية الصحة النفسية: يجب عدم تخويف الأطفال بأشياء وهمية كالتشاؤم بأشياء ليس له أصل مثل الطيرة وغيرها والتي كانت موجودة في الجاهلية وأبطلها الإسلام.[40]

وقد أصبي كثيرة من الأطفال بالخلل العقلي نتيجة للتخويف بمثل هذه الخرافات . كذلك يجب إضفاء الحنان والرحمة وذلك لينشأ الطفل عطوفا رقيقا رحيما بالناس لأن من عُومل بالقسوة في الصغر يكون قاسيا في الكبر ومن حرم من عطف الأبوين لا يكون عطوفا على الناس في الكبر. ولهذا لما عمل علماء التربية والنفس إحصاءات ليروا الفرق بين الأولاد الذين عاشوا في الملاجئ بعيدين عن عاطفة الآباء والأمهات وبين الذين عاشوا في ضن أمهاتهم وبين دفء عاطفة الآباء ورحمة الأمهات وجدوا فرقا شاسعا في صحتهم وتصرفاتهم فوجودا أن معظم الأطفال من النوع الأول قد أصيبوا بالأمراض النفيسة والاضطرابات العصبية والنقص في النمو الطبيعي في ناحية من نواحي النمو أو كلها[41]. ولهذا كان الرسول رحيما بالأطفال في معاملته لهم وعطوفا عليهم وكان يقبلهم ويحتضنهم فقد روي أنه مرة قبل الحسن فقال له أحد أصحبه أن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فقال الرسول صلى لله عليه وسلم عندئذ (من لا يرحم لا يُرحم)[42]هذا إشارة لطيفة سبق بها الرسول صلى الله عليه وسلم علماء النفس لأن من لا يرحم صغيره لا يرحمه عند كبره لأنه لم يجد منه رحمة ليرحمه بل يعاديه فنحن إذا حرمنا الأطفال من العطف والرحمة في صغرهم فهم لا يرحموننا ولا يعطفون علينا عند كبرهم , (وروي أنه خرج يوما إلى المسجد وعلى عاتقه وإمامة بنت أبي العاص فصلى إذا ركع وضعها وإذا رفع رفعها)[43].

ولأن الطفل الذي لا يجد العطف والحنان والرحمة والتقدير خاصة في هذا لمرحلة التي يشعر بالحاجة إليها أكثر من المرحلة السابقة يشعر بالحرمان وفقدان الذات التي تؤدي في النهاية إلى الحالات التي ذكرناها.

رابعاً: التربية الصحية في مرحلة التمييز:

ومدة هذه المرحلة تبدأ من السنة السابعة وتمتد إلى البلوغ لأن بداية السابعة بداية الأمر بالصلاة وبعليم أحكامها. كما ورد في الحديث المشهور [44] وتقابل هذا المرحلة مرحلة التعليم الابتدائي.

وتمتاز هذه المرحلة بأن الطفل يزداد منوا من الناحية الجسمية والنفسية والعقلية أكثر من المرحلة السابقة ويستطيع أن يتعلم أشياء كثيرة كما يستطيع أن يقوم ببعض الأعمال والواجبات والمسئوليات.

ولهذا كانت هذه المرحلة أول مرحلة تربوية وتعليمية جادة وأخذت معظم الدول بنظام التعليم الإجباري لهذا المرحلة.

وعلى هذا الأساس تتميز التربية الصحية في هذه المرحلة بما يلي:

1-    تكوين الوعي الصحي لديهم بتبصيرهم بأسباب الأمراض المختلفة بالوسائل العلمية الحديثة , وينبغي تنفيرهم من القذارة وذلك بإظهار الجراثيم الموجودة فيها بالمجر والآلات الحديثة وبعرض الأفلام والإعلانات الصحية في المدارس.

2-    إلزامهم بالسلوك الصحي وفقا للوعي والمعرفة الصحية في البيت والمدرسة والمجتمع حتى ينشأ عليه ويعتاده.

3-    تكوين الشعور بالمسئولية الصحية عن أنفسهم وغيرهم في البيت والمدرسة والمجتمع وذلك ببيان كيف أن الإنسان بإهماله المبادئ الصحية قد يكون سببا لمرضه ولمرض غيره وكيف أن بعض الأمراض تحصد الأفراد وتهدم البيوت والأسر كما ينشئون على ممارسة هذه المسئولية فيها بينهم فيأمرون غيرهم بالالتزام بالمبادئ الصحية إذا وجدوهم يهملونها وينهونهم عن الخروج عليها في المدرسة والبيت.

4-    يجب الاهتمام بالتغذية اللازمة والنظامية :

لأن نقص الغذاء في هذه المرحلة يؤدي إلى النقص في النمو الصحي كذلك الالتزام بنظام التغذية الصحية من مبادئ التغذية الصحية وينبغي أن يتناولوا الأغذية التي تحتوي البروتينات والفيتامينات والنشويات والسكريات والدهنيات والأغذية التي تحتوي هذه الأشياء مذكورة في الكتب الطبية بالتفصيل وعالجناها في بحث آخر[45]. كما ينبغي الاهتمام بطريقة الطهي في التغذية لأن هناك طرقا خاطئة في الطهي تؤدي إلى زوال الفيتامينات والبروتينات.

كما يكون هناك تسمم غذائي يحصل نتيجة الأخطاء أو الجهل بطرق التغذية وقد يكون هذا التسمم قاتلا وقد يكون من أسباب الأمراض. فيجب أن تعرف الأمهات وصانعو الأطعمة في المدارس الطرق الصحية لعمل الأغذية ولا يد من الرجوع إلى الكتب الطبية في هذا الميدان [46]. وهذه الأمور العلمية يجب الرجوع إلى مصادرها وقد أمرنا بالسلوك العلمي دينا . وإذا أقدم الإنسان على شيء بدون علم كان مسئولا أما الله لهذا قال تعالى : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا)[47] وقال الرسول (الحكمة ضالة المؤمن أني وجدها فهو أحق بها)[48] وفي رواية أخرى (الكلمة الحكمة ضالة المؤمن)[49].

5-    التشجيع على الرياضة والنزهة:

فالرياضة تساعد على النمو وعلى نشاط الدورة الدموية وعلى النشاط الذهني وإراحته من عناء المذاكرة والتعلم وقد تتم عن طريق الأنشطة المدرسية وخير الرياضة التي يمكن أن يقوم بها لأطفال بأنفسهم السباحة فالسباحة منشطة ونطهر للجسم إذا كان الماء طاهرا وهي خير الرياضة من حيث أنها تجعل جميع أطراف الإنسان وجميع عضلاته ومفاصله تتحرك في آن واحد كما أنها تفيد الإنسان في مستقبل حياته فقد تكون وسيلة النجاة من المغرق في حالات الوقوع في المياه ولهذا روي عن بعض الصحابة قولهم : (فلموا أبناءكم السباحة والرماية …)[50].

ومن الأهمية بمكان أيضا بيان أهمية النزهة والخروج بالأطفال إلى البساتين والحدائق والغابات من حين إلى آخر لأن في ذلك تجديد للهواء النقي, إذ من المعلوم أن الأشجار تمتص الغازات السامة وتنشر الأكسجين وهو مهم للصحة , وكذلك الاستراحة تحت ظلال الأشجار مفيد للأعصاب ومريح للبال وراحة للنفس.

6-    ومن مبادئ الصحة العقلية إشباع الحاجة إلى الاطلاع وتجنب التناقضات:

إن الأطفال يدركون التناقضات في هذه المرحلة سواء كان التناقض بين الآراء والأقوال أو كان بين الأقوال والأفعال ؛ ذلك أن التناقض يضع الطفل في حيرة من أمره ويعوق نموه العقلي وإذا زادت التناقضات في الأسرة وفي المدرسة أو بين الآباء وبين البيت والمدرسة زادت درجة النقص ي النمو العقلي, وقد يؤدي الأمر إلى الجنون في النهاية إذا كان شديدا وكثيرا وإذا بئس منه.

ولهذا فمن الخطأ أن يأمر أحد الآباء الطفل بشيء وينهاه الآخر عنه , أو تأمره المدرسة بأمر وتنهاه عنه الأسرة , كذلك من الخطأ الشنيع أن ينهي الآباء الطفل عن فعل شيء أو تناول شيء هم يفعلونه. ولهذا قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ )[51].

ومن الأهمية بمكان أيضا إشباع حاجة الطفل إلى الاطلاع , فكما أن أية حاجة أساسية إذا لم تشبع تؤثر في النمو الطبيعي بدرجة حرمان الإنسان منها , فكذلك الحاجة إلى الاطلاع فإنها من الحاجات العقلية , والأطفال مولعون إلى معرفة كل ما يرونه ويشاهدونه باللمس أحيانا والذوق والشم أحيانا أخرى, ويحاولون فتح الأشياء والعلب المقفولة, وكلما كانت درجة ذكائهم عالية كانت درجة بحثهم وتنقيبهم عن الأشياء أكثر أيضا وإذا منع الأطفال من حب الإطلاع هذا قد يصابون بالتجمد العقلي أو التبلد الذهني, وذلك بالرغم ن وجود الاستعداد الوراثي المتفوق عندهم .

خامساً : التربية الصحية في مرحلة البلوغ والشباب:

 وقد اختلف العلماء والمربون في تحديد بداية هذه المرحلة ونهايتها وكان الاختلاف طبيعيا ذلك أن هناك فروقا من الناحية البيولوجية والسيكولوجية بين الذكر والأنثى أولا كما أن هناك فروقا داخل الجنس الواحد ومن هنا يقول الدكتور فؤاد البهي السيد : (يختلف المدى الزمني لمرحلة البلوغ تبعا لاختلاف الجنس ذكرا كان أم أنثى ويختلف أيضا تبعا لاختلاف العوامل الوراثية التي تحدد السلالة التي ينحدر منها الفرد وتبعا لاختلاف البيئة الجغرافية الطبيعية التي يعيش الفرد في إطارها , إذ من المعروف الآن أن سكان المناطق المعتدلة يبلغون أسرع من سكان المناطق الحارة والبارة ومن المعروف أن أيضا أن سكان المدن يبلغون قبل سكان القرى[52].

وأما علماء الشريعة فيقرر بعضهم بأن الحد الأدنى من إمكان البلوغ بالنسبة للولد بعد استكمال التاسعة أي في بداية العاشرة وقيل في نصف العاشرة , أما بالنسبة للبنت قيل في أول التاسعة وقيل في نصفها [53]. وأما بالنسبة للحد الأقصى فاختلف أصحاب المذاهب بناء على اختلاف أحاديث مروية فقال أو حنيفة : سن البلوغ تسع عشرة أو ثمان عشرة للغلام وسبع عشرة للجارية , وقال أكثر المالكية حده فيهما سبع عشرة أو ثمان عشرة وقال الشافعي وأحمد وابن وهب والجمهور حده فيهما استكمال خمس عشرة سنة [54] على ما في حديث ابن عمرو وهو أنه لما عرض على رسول لله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يقبل أو فلم يجزه ثم لما عرض يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة أجازه[55]. ولما علم عمر بن عبد العزيز هذا الحديث جعل هذه السن حدا بين الصغير والكبير[56].

بعد هذا كله نقرر بداية هذه المرحلة بالسن العاشرة بصفة مبدئية ونهايتها بالثامنة عشرة بصفة نهائية والتكاليف في نظر الإسلام محددة بالبلوغ وبالبلوغ محدد بالاحتلام وبه يصبح الإنسان مسئولا عن تصرفاته ويدخل تحت طائلة القانون فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (رفع القلم عن ثلاث عن المجنون حتى يعقل وعن المبتلى حتى يفيق وعن الصبي حتى يحتلم وفي رواية أخرى حتى يشب)[57] وفي رواية لأبي داود حتى يكبر [58]وكذلك رواه أحمد والنسائي وابن ماجه [59].وليس هذا الاختلاف غلا في اللفظ في نظري, لأن من يحتلم فقد أصبح شابا ومن أصبح شابا فقد كبر ودخل في عداد الكبار, ولهذا فقد خاطب الرسول صلى الله عليه وسلم البالغين بالشباب عندما قال (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)[60] وإذا حددنا الآن مرحة البلوغ بين بدايتها ونهايتها ما بين (10 – 19) نكون قد جمعنا معظم الآراء كان ذلك من حيث تحديد بداية المرحلة ونهايتها وحد التكاليف أما من حيث التربية في هذا المرحلة فإن هذه المرحلة أهم مراحل التربية عامة وهي اخطر مرحلة لنمو الدافع الجنسي ولاحتمال انحرافه من سواء السبيل ولتعرضه نتيجة لذلك للإصابة بالأمراض التناسلية الخطيرة أو هبوط صحته نتيجة الانغماس في الحياة الجنسية.

ومن ناحية أخرى باعتبار أن النمو العقلي الطبيعي يصل إلى كماله في نهاية هذه المرحلة كما يقرر ذلك المربون[61] فإنه يمكن تكوين وعي صحي وعقلي وعلمي معا ويستطيع أن يدرك الأمور التجريدية والمعنوية والعلاقات الفكرية والعلمية والأسباب والمسببات ويتعقل الأشياء والحكم على ما لا يدركه ويتعقله الأطفال في المرحلة السابقة .

ولهذا نستطيع أن نشرح أسباب جميع الأمراض الجسمية والنفسية والعقلية, والعلاقات بين هذه الأمراض المختلفة من حيث التأثير والتأثر.

وعلى هذا الأساس يتمكن عرض أساليب ووسائل التربية الصحية لهذه المرحلة على النحو التالي:

1-    مبادئ التربية الصحية التي عرضناها في المرحلة السابقة مثل التغذية اللازمة والوقاية من الأمراض. وتكون الوعي الصحي, والالتزام بالسلوك الصحي , يستمر في هذا المرحلة أيضاً.

2-    بيان الأضرار والأمراض الناتجة عن كل المحرمات التي حرمها الإسلام مثل أكل لحم الخنزير ولحوم الحيوانات المتوحشة, ومثل الخمور والمخدرات ووطء المستحاضة , وما إلى ذلك.

3-    بيان الأمية والقيمة الصحية للمبادئ الإسلامية في ضوء الطب الحديث وذلك مثل بيان الأهمية الصحية للاغتسال بصفة عامة والغسل بعد الجنابة بصفة خاصة. وكذلك أهمية الوضوء والاستنجاء ونظافة الثياب وتقليم الأظافر. ثم المبادئ الخاصة بالأكل , مثل غسل اليدين قبل الأكل وبعده, ومضغ الطعام جيدا وبرودة الطعام, وعدم النفخ في الطعام والاعتدال في المأكل والمشرب , ويطول بنا المقام لو بينا ذلك بالتفصيل مدعما بآراء وتقرير الأطباء المسلمين وغير المسلمين في ذلك كله, ويحتاج الأمر إلى كتابة كتاب مستقل في ذلك.

4-    بيان الأمراض التناسلية والشذوذ والجنسي والزنا والتصرفات الأخرى غير الصحية الخاصة بالحياة الجنسية كالاستمناء وغيرها. وقد صدرت كتب طبية حديثة عن الأمراض التناسلية والحياة الجنسية, نجد فيها دعما علميا لما حرم الإسلام من الزنا والشذوذ والتصرفات الأخرى الخاصة بالحياة الجنسية. فيجب بيان ذلك بالوسائل العلمية الحديثة وسف نذكر طرفا منها عند الكلام عن التربية الأخلاقية.

5-    تكوين الوعي بالمسئولية الدينية عن الصحة.

إن المعرفة العلمية للأمراض وأسبابها لا تكفي , ذلك أن هناك أطباء يعرفون جديا أضرار المشروبات الروحية ومع ذلك يشربونها ز وهناك المدمنون للسجائر وعرفوا أضرارها ومع ذلك يدخنونها ويقول بعضهم إنني أضر بذلك صحتي ولا أضر غيري, هذه الفكرة ناشئة أصلا عن الاعتقاد بالحرية الشخصية بغير مسئولية. ففي نظر الإسلام الإنسان مسئول عن صحته أولا ومسئول عن صحة الآخرين إذا كانت تصرفاته الخاطئة تؤدي إلى الإخلال بصحة الآخرين.

وذلك بناء على قوله تعالى (وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[62]  وبناء على ذلك حرم الإسلام الانتحار لأن الانتحار يقوم على إعدام الصحة والحياة. وجعل الإسلام عقاب الانتحار العذاب الدائم في الآخرة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد (من قبل نفسه بحديده فحديدته ي يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها ومن تردي من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها)[63].

وبالنسبة للصحة العامة فإن الإسلام اعتبر المسلمين كجسد واحد.

فقال الرسول – صلى الله عليه وسلم – (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)[64]  وقال (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)[65] ومن وسائل المحافظة على صحة الأفراد والجماعة التداوي والإسراع إليه, ولهذا نجد الرسول يأمر بالتداوي ويقول (تداووا عباد الله فإن الله تعالى لم يضع داء إلا ووضع له دواء غير داء واحد الهرم)[66].

ولهذا ينبغي أن نربي الشباب على الإسراع إلى الأطباء عندما يمرضون أو عندما يشعرون بحالات مرضية لأن الأمراض في بدايتها تكون سهلة العلاج بصفة عامة, ولكن عندما تكون مزمنة يصعب علاجها, وإذا وصل الداء إلى درجة من التمكن قد لا يمكن علاجه.

كذلك ينبغي أن نكشف لهم عن علامات الأمراض المختلفة , ليعرفوا العالمات الدالة على خطورة الأمراض, حتى إذا ما شعروا بها بأنفسهم يسرعون إلى الأطباء.

6-    تكوين بصيرة علمية عن طريق تحقيق الصحة الكاملة وعن طريق بيان أسباب الأمراض المختلفة وأهم جوانب الصحة الكاملة : الصحة العقلية والصحية النفسية والصحة الجسمية أو العضوية ولنذكر الآن كل واحدة منها بشيء من التفصيل مع بيان العلاقة بينهما ومع بيان الأسباب المرضية لها:

أ‌-       تحقيق الصحة العقلية:

وتتحقق أولا بالوقاية من الأسباب التي تؤدي إلى الأمراض العقلية وهذا الأسباب تنقسم بصفة عامة إلى أسباب بيولوجية وأخرى سيكولوجية (نفسية).

فالأولى كثيرة منها تجنب المسكرات والمخدرات بجميع أنواعها القديمة والحديثة: ولقد قرر المؤتمر العلمي الدولي المعقد في بلجيكا عام 1929 أضرار ذلك كله على عقول المدمنين وعقول ذرياتهم, وما ينتج عن ذلك من الأمراض الأخرى وقد دون تلك الأمراض الدكتور أحمد غلوش الذي اشترك في هذا المؤتمر ممثلا الحكومة المصرية في كتاب خاص له [67] ثم أنشأ جمعية خاصة باسم جمعية مكافحة المخدرات ولا زالت هذه الجمعية مستمرة في نشاطها.

ويفند أحد الأطباء المزاعم بان الخمور تنشط الجسم وتقلل العب وتعالج الضعف الجنسي وتبعث الدفء والراحة في الجسم, فيقول ( هو أمر شائع خطأ , بل هي مثيرة فقط …. فهي توهم النشاط لأنها تثير الإسكانيات الجسيمة والعقلية [68] لأنها تحرقها وتشعلها مرة واحدة ثم تخمد بعد ذلك مرة واحدة. ولهذا يصاب الناس في البلاد الباردة بالبرودة القاتلة نتيجة هبوط الحرارة مرة واحدة واحتراق الطاقة الواقية للجسم , كما يقتل ارتفاع الحرارة الناتجة عن الخمر بعض المدمنين في البلاد الحارة , ثم يقول : (ويمكن أن توهم الخمر بأنها تقلل التعب … فإن زوال الشعور بالتعب عن طريق الخمر هو شيء مؤقت ومتى وانتهى تأثير الخمر عاد الشعور بالتعب مرة أخرى وبشكل أقوى.

وليس للخمر أي تأثير مباشر على النشاط الجنسي وتأثيرها ينحصر في إزالة الخجل … فقد تضعف هذا النشاط بشكل مؤقت وتجعل الإنسان عنيفا, والخمرة بكمياتها القليلة تضعف جميع الإمكانيات العقيلة … والخمرة تهيج قرحة المعدة وهي تضعف مركز التفكير الأعلى وتضعف العقل أو تفقده بصورة مؤقتة[69].

وهناك أضرار صحية كثيرة يطول شرحها . ولهذا حرم الإسلام الخمر تحريما قاطعا وحرم بيعها وتجارتها وصناعتها. وعبر عنها القرآن بالرجس وعبر عنها الرسول بأم الخبائث. ومن وسائل تحقيق الحصة العقلية وقاية الإنسان نفسه من بعض الأمراض مثل الزهري الذي يؤدي إلى الجنون إذا انتقلت جراثيمه إلى خلايا المخ. هذا المرض الخبيث يرجح الإصابة به 98% بسبب انتشار الفاحشة في المجتمع كما أنله أعراضا أخرى مثل الشلل ويؤدي إلى تشويه الجنين إذا حملت الأم المصابة به [70] لذا قال تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) [71] .

ومنها أيضا سوء التغذية سواء كان بعدم تناول الأغذية اللازمة أو تناول الأغذية الضارة[72] ولذلك أباح الإسلام تناول ما يحتاج غليه الإنسان من الطعام وحرم ما يضره منها (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ)[73] (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا)[74].

هذا إلى أن هناك بعض الأسباب النفسية والروحية قد تؤدي إلى الأمراض العقلية فهي كثيرة أيضا منها الاختلاف في التوازن العاطفي ويرجع ذلك الدكتور ألكسيس كارل إلى عدم تبني المرء نظام اعتقادي أخلاق سليم أو لعدم وجود مصل هذا النظام في الحياة الاجتماعية [75].

ومنها تزعزع العقيدة أو فقدان الإيمان بالمبادئ الروحية الثابتة [76] ولذا صور الله هذا الحالة في قوله تعالى (مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِى بِهِ الرِّيحُ فِى مَكَانٍ سَحِيقٍ)[77] ويؤيد ذلك الفيلسوف الألماني ليبنتز قائلاً : (ولإزالة القلق النفسي والروحي أن يؤمن (المرء) بالله عن طريق العقل وأن يملأ نفسه بسرور عقلي لأن القلق ناتج عن اشك والشك وسيلة لتفتيت القلب)[78] كذلك يؤيده وليم جيمس بقوله : (إن الإيمان بالله هو الذي يجعل للحياة قيمة وهو الذي يمكننا من أن نستخرج من الحياة كل ما فيها من لذة وسعادة )[79].

ومنها كذلك وجود تناقضات في حياة المرء الفردية والاجتماعية مثل التناقض بين مسلكه وبين عقيدته أو عجم استطاعة المرء اختيار اتجاه معين بين الاتجاهات المتضاربة في المجتمع, وتصديقا لهذه الفكرة فقد رأيت شابا عندما وقع في مثل هذا التناقض ولم يستطع إنقاذ نفسه منه أقدم على الانتحار ثم أنقذوه , وقال لي معبرا عن نفسه بأن الحياة أصبحت صعبة علىَ حتى رجحت الموت عليها . ولهذا ينصح علماء النفس بتوحيد شخصية المرء. وتقويتها وانسجام عناصرها وتوحيد وجهتها لتكوين شخصيات قوية متماسكة[80] ويؤيد ذلك المفكر الألماني لينبتز بقوله : ( يرتكب أسعد الناس من مجموعة متناسقة من أوجه النشاط العقلي والخلقي)[81] ويقول الدكتور ألكسيس كارل مؤيدا كل ما قلناه في هذا الصدد (إن الأحوال التي تساعد على تزايد الضعف العقلي والجنون الدوري تظهر على الأخص في البيئات الاجتماعية التي تكون فيها الحياة قلقة مضطربة وغير منظمة ويكون الغذاء فقيرا أكثر مما ينبغي والزهري منتشرا والجهاز العصبي مترنحا , حياة اختفت فيها الرياضة الخلقية وسادت الأثرة وعدم الشعور بالمسئولية والتشتت , ولم يعد للاختيار الطبيعي مكان فيها)[82] ومما لا يشك فيه دارسو الإسلام أنه لو طبقت المبادئ الإسلامية في الحياة لما وجد مكان لهذا الحالات المرضية في الحياة.

ب‌-    تحقيق الصحة النفسية الروحية :

وتحقيق مثل هذه الصحة يتم تجنيب الإنسان نفسه الأسباب التي تؤدي إلي شقاء النفس وأمراضها وهذه الأسباب يمكن تقسيمها إلي ستة أقسام نوعية :

الأولى أسباب أخلاقية والثانية عقلية والثالثة روحية والرابعة اجتماعية والخامسة عضوي والسادسة نفسية .

أما الأسباب الأخلاقية فقد عالجناها بالتفصيل ي بحث مستقل[83]  وأما الأسباب العقلية التي تؤدي إلى اختلال الصحي النفسية فقد سيق ذكراها. وأما الأسباب الصحية النفسية فقد سبق ذكرها. وأما الأسباب الروحية فيرجع بعضها إلى المشكلات الخلقية كما يرجع بعضها الآخر إلى اختلال الحياة الروحية ذاتها؛ لأن الحياة المادية لأنها حاجة الروح كما أن الأغذية حاجة الجسم وكما تختل الحياة المادية إذا لم يتناول الإنسان حاجته من تلك الأغذية , ولهذا يرجع بعض العلماء انتشار القلق وفقدان الطمأنينة والصراع النفسي المنتشر في بعض البلاد إلى تغافل الناس المحضرين الماديين هذا الحياة الروحية [84] , فيقول سير رتشرد لفنجستون مثلا في هذا الصدد (هذا العنصر الروحي هو بالذات ما نميل إلى إهماله ومع ذلك فليس ثمة شيء نحن في حاجة إليه اليوم أشد من حاجاتنا إليه)[85] ويرجع الدكتور ألكسيس كارل كثيرا من أسباب الانحطاط الخلقي إلى اختلال الحياة الروحية أو تجاهلها في حياة الإنسان فيقلو (ولم يكتشفوا بعد أن هناك إلى جانب التفكير المنطقي ضروريات أخرى من النشاط الروحي الضروري حتى يكون السلوك في الحياة سلوكا عقليا وقد ردت الحياة على هذا الجهل بجواب بطيء صامت بدت مظاهره جلية في الزحف التدريجي للقبح والقذارة والفظاظة والسكر وشهوة الترف وحب السلامة , والحسد والنميمة والبغض المتبادل والنافق والكذب والخيانة وهكذا أجابت الحياة بطريقة آلية على رفض الخضوع لقانون الارتقاء الروحي فقضت على نفسها بالانحطاط والانحلال)[86].

ولهذا فقد جعل الإسلام الحياة الروحية عنصرا هاما في الحياة الإسلامية ومن يعشها لا يصاب بما يصاب به أولئك الذين يهملونها وصدق الله العظيم إذ قال : (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)[87] (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)[88].

أما الأسباب الاجتماعية التي تؤدي إلى الحالات النفسية المرضية فيه كثيرة أيضا منها تضارب الاتجاهات وتناقضها وسرعة تغيرها [89]. ومنها أيضا انتشار الانحطاط الخلقي الذي يؤدي إلى التعدي على أمال الناس وأعراضهم وأنفسهم وتفش الخدعة والخيانة والغدر والعداوة , الأمر الذي يؤدي إلى انعدام أهم مقومات الصحة النفسية وهو الشعور بالأمن والأمان ؛ ولهذا يرجع علماء النفس كثرة انتشار الأمراض النفسية في الحضارة إلى تكل الأسباب أيضاً.

ويقول بعضهم بعد ذكر تلك الأسباب (فلا عجب إذن أن اقترنت هذه الحضارة باعتلال الصحة النفسية واختلال الصحة الخلقية وذيوع الاضطرابات السيكوسوماتية والجريمة والانتحار والمخدرات والطلاق وغير ذلك من المشكلات الاجتماعية . هذا إلى ما تزخر به من أفراد فقدوا سعادتهم واتزانهم النفسي وغشيهم اليأس والقنوط والتوجس والسخط وعدم الرضي بشيء . من هنا بدت الحاجة ماسة إلى تحقيق الإنسان وقايته من شر هذه الحضارة التي لم تزوده بأساس ثابت للطمأنينة والاستقرار, بل حفلت بالعوامل التي تعطل النمو وتخنق الشخصية )[90].

أما الإسلام فقد جاء بمبادئ اجتماعية ثابتة تكون اتجاها واحدا في المجتمع وتكفل لأفراده كل الأمن والسلام والحياة والاستقرار والطمأنينة والحياة التي كلها حب ومودة وإخاء , وإذا طبقت تلك المبادئ في المجتمع يصبح هذا المجتمع خير (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ)[91]( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)[92] ذلك إن الإسلام أمر بكل سلوك حسن نافع ونهي عن كل سلوك سيء مضر نفسيا وعقليا وجسمياً.

وأما الأسباب العضوية فمن المقرر في ميدان علم النفس أن العلل العضوية تؤثر على الحالات النفسية كما أن الصحية العضوية الكاملة يكون لها تأثير في ضروب النشاط النفيس ثم في الصحة النفسية عموما , فقد ذكرت الدكتورة إليزابيث سيفرن بعض تلك العلاقات بين الصحية العضوية والنفسية قائلة : (إن هناك علاقة بين مرض القلب والاضطرابات والوجدانية , وبين مرض الطحال ومرض الكسل الخمول , وبين اضطرابات المعدة والكآبة وضيق الصدر. وبين مرض الكلية أو عجز الأمعاء عن القيام بوظيفتها والتراخي أو التباطؤ في السلوك وعقم التفكير وضيق أفقه , وبين مرض الكبد وسوء الظن وضيق الصدر والخشونة في معاملة الناس وبين وجع الركب والتردد, وبين وجع الساق أو القدم وعدم القدرة على الابتكار, وبين الروماتزم والتراخي في تحديد الغرض من العمل والسعي نحوه)[93] .

وسيأتي بيان كيف أن الإسلام جاء بمبادئ تكفل أهم مبادئ الصحة العضوية أو الجسمية .

أما الأسباب النفسية فأهمها الشعور بالخوف والشعور بالضعف أو العجز وأخيرا الشعور بالتشاؤم, أما الشعور بالخوف فقد يكون نتيجة الانحطاط الخلقي في المجتمع لأن الفرد لا يأمن على نفسه ولا على ماله ولا على عرضه وقد يرجع إلى الرد نفسه لأنه إذا كان مجرما أو في نيته الإجرام فإنه يخاف عندئذ باستمرار من أن ينكشف جرمه أو نيته المجرمة وقد يكون خوفه من الله من أن ينزل به النكبة نتيجة جرمه وعصيانه إياه . لأن المجرم – كما يقول الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون – (وإن ظفر بإخفاء جرمه عن الناس فلا يستطيع أن يخفيه عن نفسه) [94] إذاً كل هذه الأسباب ترجع أساسا إلى سوء الأخلاق المنتشرة في الحياة الفردية الاجتماعية.

وأخيرا قد يرجع الخوف إلى سوء التربية وذلك إذا تمت تربيته بالتخويفات والوهمية مثل التخويف بأشياء ليست مخيفة في ذاتها أو ليس لها  وجود أصلا مثل الغول والهامة وما إلى ذلك من الأمور التي قد تؤدي في النهاية إلى أمراض نفسية تخويفية عصابية تكلم عنها علماء النفس [95] ولهذا نفي الرسول مثل تلك الأمور الوهمية فقال (لا طيرة ولا هامة ولا غول ولا صفر)[96].

أما الشعور بالضعف أو العجز عن القيام بأعمال يمكن أن يقوم به أو حل مشكلة تواجهه فهو مرض من الأمراض النفسية يسميه بعض علماء النفس بالحراض [97] وهذا المرض يؤدي إلى الاضطرابات النفسية كما يؤدي إلى الانهيار العصبي أما الشدائد والمشكلات ومن ثم يفقد الشخص إحساسه بالسعادة وهذا بدوره قد يؤدي إلى العدوان أو الانغماس في حياة السكر والرذائل أو إلى المرض الهستيري أو الوسواسي كما يعبر عنها علماء النفس [98].

ولهذا فقد جاء الإسلام بمبادئ إذا ربي الإنسان على أساسها ينجو من مثل تلك الأمراض منها ما جاء في الحديث من الأمر بالقوة والنهي عن العجز ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير أحرض على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)[99] ومنها مبدأ الصبر في البأساء والضراء فقال (وَالصَّابِرِينَ فِى البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ)[100]. وشبه الرسول المؤمن بالنبتة الطرية, فكما أن مثل هذه النبتة تنحني إذا جاءت الرياح ولا تنكسر وتستقيم إذا ذهبت فكذلك المؤمن في المشكلات . وشبه الفاجر بشجرة الأرز التي لا يجد فيه استعداد للتحمل ومن ثم تنكسر مرة واحدة أمام المشكلات فقال (مثل المؤمن كالخامة من الزرع من حيث أتتها الريح كفأتها فإذا اعتدلت تكفأ بالبلاء والفاجر كالأرزة لا تزال حتى يكون انجعافها مرة واحدة)[101] وفي رواية أخرى مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ومثل المنافق (وفي وراية ) مثل الكافر كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد [102] بل الإسلام عد الضعفاء من الظالمين فقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)[103] .

ومن أسباب الأمراض النفسية التشاؤم فالتشاؤم أكثرا ضرار على الحياة النفسية من الخوف والشعور بالضعف بل لا يمكن أن يشعر الإنسان بأية بهجة في هذه الحياة إذا كان معتنقا الاتجاه التشاؤمي والمعروف لدي بعض رجال الفكر مثل شهوبنور الذي كان يرى (إن الحياة وهم أليم والتشاؤم صبغة الوجود وجوهر الحياة)[104] وكان يرى أن الألم يستغرق كل شيء وأن الإرادة الكونية عمياء ولا خلاص إلا بالتغلب على هذه الإرادة [105] ويتكلم علماء النفس كثيرا عن أضرار التشاؤم فيقول مثال الدكتور عزيز فريد (إنه يتحمل بفعل اتجاهه التشاؤمي لهذا متاعب الهي أشد وقعا على نفسه وأعصابه من وقع الكوارث أو الملمات أو المآسي التي يتوقع حدوثها … ويستهلكه اتجاهه التشاؤمي من الطاقات عبثا لأنه لا يستطيع أن يتحكم في اتجاهه الخاطئ بأعمال قوة الإرادة , ذلك لأن بواعث التشاؤم هي أبعد وأعمق من أن تنالها الإرادة الواعية )[106].

أما موقف الإسلام من التشاؤم فهو موقف مضاد لأنه يدعو إلى التفاؤل بدل التشاؤم فقد جاء في ابن ماجه أن الرسول (كان يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة)[107] وكان يدعو إلى التبشير ويقول : (بشروا ولا تنفروا)[108] وبين أن الشؤم من سوء الأخلاق فقال (سوء الخلق شؤم)[109] ونفي أصلا التشاؤم الذي كان يتشاءم به أو يتطير به العرب في زمانه مثل التطير وقال (لا طيرة وخيرها الفأل) [110].

ولما كان من عوامل التشاؤم سوء الظن دعا الرسول إلى حسن الظن والناس فقال (من أساء الطن بأخيه فقد أساء بربه إن الله تعالى يقول (اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)[111] وقال أيضا (إذا ظننتم فال تحققوا وإذا حسدتم فال تبغوا وإذا تطيرتم فامضوا وعلى الله فتوكلوا وإذا وزنتم فأرجحوا)[112] وقال (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا …..الخ)[113] كذلك دعا إلى حسن الظن بالله لأن من يسئ الظن بالله يعش في رعب مستمر. فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث قدسي روايا عن ربه (إن الله تعالى يقول أنا عند ظن عبدي بي أن خيرا فخير وأن شرا فشر)[114] وقال أيضا (حسن الظن من حسن العبادة)[115].

ولتحقيق التفاؤل والشعور بالبهجة وجه الإسلام نظر الإنسان إلى ما في الكون من بديع الصنع وفي المخلوقات من جمال المنظر والصور , لأن ذلك يحقق حاجة من حاجات النفس الإنسانية ألا وهي إشباع عاطفة الجمال , إذ أن بعض علماء النفس يضع هذه الحاجة في الدرجة السابعة من الحاجات الأساسية للطبيعة الإنسانية [116] والدليل على وجود هذه الحاجة أننا نبتهج بالجمال كما ندفع رائدا عند شراء المصنوعات إذا كان فيها جمال وبديع صنع ونرجح الجميل على غير الجميل.لذا نجد كثيرا من الآيات وجهت نظرنا إلى جمال المخلوقات المحيطة بينا ففينا يتعلق بخلق النباتات قال تعالى : (وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ)[117] (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ)[118]  وفيما يتعلق بخلق الحيوانات قال تعالى مثلا (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ْوَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ْوَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ْوَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)[119].

ثم إن من يتأمل الإبداع والجمال في الكون يدرك أن الله خلق العالم لصالح الإنسان ولتمتعه وليس فيه ما يثير الشؤم والشعور بأن العالم والطبيعة ضد الإنسان, كما يظن المتشائمون.

ج – تحقيق الصحة الجسمية أو العضوية :

وأهم المبادئ التي يجب مراعاتها بصفة عامة لتحقيق هذه الصحة هي الآتية:

1-    تحقيق الصحة النفسية لأن الأعراض النفسية قد تكون سببا للأعراض الجسمية , [120]فالكدر والحزن والغم كل ذلك قد يؤدي إلى الإصابة بقرحة المعدة , لأن المعدة في هذه الحالة لا تهضم الطعام ومن ثم يلتصق الطعام بجدار المعدة نتيجة عصر الهضم , ثم يحصل الالتهاب في جدار المعدة ثم يؤدي هذا الالتهاب إلى الإصابة بقرحة المعدة, ولهذا كان خير العلاج لمن أصيب بالقرحة نتيجة لمثل الحالة النفسية هو إزالة مثل هذه الحالات , أما إذا كان سببه عضويا فيكون العلاج الأساسي بالدواء. وقد ذكرنا كثيرا من الأمثلة لوجود مثل هذه الصلة بين الأمراض النفسية والجسمية . وذكرنا رأي الأطباء المحدثين في ذلك.

ومن قبل هؤلاء نرى الرسول قد أثبت هذه الحقيقة حين بين أن بعض الحالات النفسية تؤدي إلى سقم الجسم. فقال (من ساء خلقه عذب نفسه ومن كثر همه سقم بدنه)[121]

2-    الوقاية من أسباب الأمراض بصفة عامة وهذا يقتضى الابتعاد عن المرضى المصابين بالأمراض المعدية وتجنب الأماكن الموبوءة وأخيرا تجنب القذارة ؛ لأن أكثر الأمراض تأتي أو تتولد عن القذارة , ولهذا ينصح الأطباء بالنظافة كما ينصح بذلك الإسلام , فقال الرسول : (إن الله نظيف يحب النظافة .. فنظفوا أفنيتكم )[122] وكان ينصح بتغطية المطعم والمشرب [123] كما أمر بالابتعاد على الأماكن الموبوءة والناس المصابين بالأمراض المعدية فقال : (وفر من المجذوم فراركم الأسد)[124] وقال : (إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها ) [125] وقال : (لا يورد ممرض على مصح)[126] , وينبغي أن نشير هنا على حدث آخر (لا عدوى ولا طيرة ) [127] فإن هذا الحديث مخصص بغيره وهذا صادق لأنه ليس كل الأمراض معدية وكذلك أكله مع المجذوم [128] فإنه يريد بذلك أن لا يلغي إرادة الله وقدرته لكن هذا شيء خاص به فالعبرة باتخاذ الأسباب أساسا. ولهذا أيضا كان يتعوذ من الأمراض المعدية الخطيرة وكان بقول ( اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيء الأسقام)[129] .

3-    تحقيق الحاجات الأساسية من المأكل والمشرب , لأن كثيرا من الأمراض تنتج عن نقص الأغذية [130] والإسلام أيضا نصح بتناول ما يحتاجون إليه من الأطعمة الطيبة فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ)[131] .

4-    عدم الإسراف في المأكل والمشرب , لأنه كما أن هناك أمراض يصاب بها الإنسان نتيجة نقص الأغذية فإن هناك أمراض أيضا يصاب به الإنسان نتيجة تناول الأغذية أكثر من حاجة الجسم مثل الجلطة الدموية وتصلب الشرايين والتخمة والسكتة القلبية وارتفاع ضغط الدم وما إلى ذلك [132] ولهذا قال تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ)[133].

5-    الاعتدال في الأعمال : لأن الإفراط في العمل يؤدي إلى الإرهاق والإرهاق ينتج عنه أمراض جسيمة وعصبية ونفسية وعقلية [134] ولهذا قال الرسول (إن المنبت لا أرضا قطع وال ظهرا أبقى)[135].

وقال الرسول أيضا (عليكم بالقصد عليكم بالقصد)[136], ولهذا أيضا منع الرسول – صلى الله عليه وسلم – ومواصلة الصوم فقال : (إياكم والوصال)[137].

وكما أن كثرة الأعمال أو الإرهاق ضار بالصحة فإن قلة العمل أو الكسل ضار بالصحة أيضا, لأن بذل المجهود شرط ضروري أيضا للصحة , فالصحة كالآلة إذا بقيت تصدأت, فالسيارة إذا بقيت مدة بدون التشغيل ضرها ذلك . ولقد شرح الأطباء الأضرار الناجمة عن الكسل أو عدم العمل [138] لذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الكسل فيقول : (اللهم أني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم)[139] وكان يقول : (أخشى ما خشيت على أمتي كبر البطن ومداومة النوم والكسل)[140] وغير ذلك من الأحاديث ما يوحي بما نقرر ونقول وندعو إليه.



[1]صحيح البخاري 7 170 كتاب الرقاق, المكتبة الإسلامية . اسطنبول 1969م.

[2]الجامع الصغير 148 جلال الدين السيوطي. دار الكتب العلمية ج4 . القاهرة 1954م.

[3]التربية العامة ص 160 ورنيه أوبير , ترجمة الدكتور عل الله عبد الدائم. دار العلم للملايين . بيروت.

[4]آل عمران :37

[5]مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 8 155 كتاب البر والصلة, للحفاظ نور الدين على أبن أبي بكر الهيثمي . مكتبة القدس, القاهرة 1352هـ.

[6]تأملات في سلوك الإنسان ص87, الدكتور ألكسيس كارل , ترجمة دكتور محمد القصاص , مكتبة مصر القاهرة.

[7]كشف الخفاء 2432, رواه ابن عباس مرفوعاً , إسماعيل محمد العجلوني, مكتبة القدس القاهرة 1351.

[8]منتخب كنزل العمال ي هامش مسند الإمام أحمد 6364 المطبعة الميمنية ط1 . القاهرة.

[9]المغني لأبني قدامة 60650 كتاب النكاح مكتبة الرياض الحديثة . الرياض.

[10]أسس الحصة والحياة ص335 . دكتور عبد الرزاق الشهرستاني, مطبعة الآداب النجف – العرق 1971م.

[11]أسس الصحة والحياة ص336,. دكتور عبد الرزاق الشهرستاني.

[12]تأملات في سلوك الإنسان ص109 . دكتور ألكسيس كارل.

[13]أسس الصحة والحياة ص336 . دكتور عبد الرزاق الشهرستاني.

[14]علم النفس والتربية الحديثة ص 419 س. ل.برسي. ترجمة أحمد زكي محمد . مكتبة الأنجلو المصرية . القاهرة 1954م.

[15]تأملات في سلوك الإنسان ص 110 دكتور ألكسيس كارل

[16]النساء الآية 19

[17]البقرة الآية 233

[18]الطلاق الآية 6

[19]سنن انب ماجه 2: 1170 كتاب الطب.

[20]التاج الجمع للأصول في أحاديث الرسول 171 كتاب العلم منصور على ناصف مطبعة عيسى البابي الحلبي القاهرة 1961م.

[21]منتخب كنز العمال في هامش مسند الغمام أحمد 1280

[22]التاج 5: 72.

[23]الأمراض النفسية العصابية ص 348 . الدكتور عبد العزيز فريد, الشركة العربية للطباعة والنشر. القاهرة.

[24]تأملات في سلوك الإنسان ص110 . الدكتور ألكسيس كارل.

[25]التاج الجامع الأصول في أحاديث الرسول 2110.

[26]الأعراف الآية 157

[27]الأخلاق والسلوك في الحياة ص67 وليم مكدوجل , ترجمة جيران سليم إبراهيم مكتبة مصر , 1961م.

[28]البقرة الآية 233

[29]المعني لابن قدامه ص 563.

[30]كتاب السياسة لابن سينا ص12 , نشر صمن مجموعة مقالات فلسفية .

[31]أميل ص56. جان جاك رسو

[32]مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 4: 262 كتاب النكاح – باب الرضاع.

[33]المرجع السابق 4262.

[34]صحيح مسلم – كتاب الطهارة 3100

[35]الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير, 3238, جلال الدير السيوطي, مطبعة البابي الحلبي . القاهرة 1350.

[36]المغني لابن قدامة . 1135 , كتاب القضاة – باب الحضانة.

[37]الأعراف الآية 31.

[38]فيض القدير بشرح الجامع الصغير 3102. محمد عبد الرءوف المناوي. المكتبة التجارية بالقاهرة.

[39]الأعراف الآية 157.

[40]صحيح مسلم 1198 كتاب الإيمان.

[41]كيف تساعد الأطفال على تنمية قيمهم الخلقية .ص60 أشلي مونتاجيو.

[42]فتح الباري بشرح البخاري1335 كتاب الآداب.

[43]المرجع السابق ص1335 كتاب الآداب.

[44]المستدرك على الصحيحين في الحديث 1163 , كتاب الصلاة . انظر أيضاً : سنن الترمذي 1253, مختصر سنن أبي داود 1270.

[45]توجيه المتعلم في ضوء التفكير التربوي والإسلامي الباب الأول دار المريخ, والرياض.

[46]أنظر مثلاً :

أ‌)       الغذاء أولا الدكتور بول شان ترجمة عبد الله اسكندر , دار العودة – بيروت

ب‌)  طبيبك معك للدكتور صبري القاباني. دار العلم للملايين .بيروت.

[47]الإسراء الآية 36

[48]المقاصد الحسنة 1191 , الإمام الحافظ السخاوي. مكتبة الخانجي. القاهرة.

[49]سنن الترمذي 251 : كتاب العلم.

[50]الفتح الكبير 2231. جلال الدين السيوطي.

[51]الصف الآية 2 – 3

[52]الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى المراهقة ص 251. الدكتور فؤاد البهي السيد, دار الفكر العربي القاهرة 1968م. مصطفى الباب الحلبي . القاهرة 1959م.

[53]الأشباه والنظائر للإمام السيوطي ص223 فتح الابري بشرح البخاري 6205 كتاب الشهادات

[54]فتح الباري بشرح البخاري 6205 كتاب الشهادة باب بلوغ الصبيان وشهادتهم.

[55]المرجع السابق : نفس المكان.

[56]سنن أبي داود 4199 كتاب الحدود.

[57]المستدرك على الصحيحين في الحديث 4389.

[58]سنن أب داود 4197.

[59]الجامع الصغير 224

[60]فتح الباري بشرح البخاري 118 كتاب النكاح.

[61]الأسس النفسية للنمو . ص194 , دكتور فؤاد النهي السيد

[62]البقرة الآية 195.

[63]صحيح مسلم 1103 كتاب الإيمان.

[64]صحيح مسلم بشرح النوري 16136. باب تراجم المؤمنين.

[65]اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 110 . محمد فؤاد عبد الباقي . عيسى البابي  الحلبي – القاهرة

[66]فتح الكبير 226. الإمام جلال الدين السيوطي.

أنظر أيضا : الجامع الصغير 1130.

وجاء في المستدرك في هامش المستدرك 1121 كتاب العلم فصل في توقير العالم.

[67]آثار الخمور في الحياة الاجتماعية , ص19 دكتور أحمد غلوش , جامعة الدول العربية , القاهرة 1057.

[68]طبيبك معك , ص244 للدكتور صبري القباني دار العلم للملايين, بيروت 1979.

[69]المرجع السابق ص244

[70]حياتنا الجنسية ص253 دكتور فردريك كهن ترجمة جان بالزلتي. بيروت. المرشد الطبي الحديث ص348 ألفه مجموعة من الأطباء

[71]الإسراء الآية 32.

[72]أسس الصحة والحياة ص 302 دكتور عبد الرزاق الشهرستاني.

[73]الأعراف الآية 157.

[74]الأعراف الآية 31.

[75]تأملا في سلوك الإنسان .ص13 دكتور ألكسيس كارل.

[76]أسس الصحة والحياة ص711. دكتور عبد الرزاق الشهرستاني .

[77]الحج الآية 31.

[78]Oeuvres Philosophiques de Leibniz 148 par Paul Janet Paris 1955.

[79]لمحات في وسائل التربية الإسلامية ص113 دكتور محمد أمين المصري. دار المعارف. القاهرة.

[80]علم النفس أسسه وتطبيقاته التربوية ص 298 – 300 دكتور عبد العزيز القوصي مكتبة النهضة المصرية . القاهرة . 1970م.

[81]آثار لينبتر الفلسفية 1148 باللغة الفرنسية Oeuvres Philosophiques de Leibniz 148

[82] الإنسان ذلك المجهول ص 315. دكتور ألكسيس كارل . ترجمة أنطوان العبيدي . دار الكاتب المصري. القاهرة.

[83]أنظر كتابنا التربية الأخلاقية الإسلامية . مكتبة الخانجي . القاهرة .1977.

[84]تأملات في سلوك الإنسان ص 79.

[85]التربية لعالم حائر ص 63.

[86]تأملات في سلوك الإدمان ص78.

[87]البقرة الآية 112.

[88]الأحقاف الآية 13.

[89]أصول علم النفس ص 502 دكتور أحمد عزت راجح المكتب المصري ط7. الإسكندرية 1973.

[90]المرجع السابق ص305

[91]آل عمران الآية 104.

[92]آل عمران الآية 110.

[93]العلاج النفسي ص 137-138 . حامدي عبد القادر . دار إحياء الكتب العربية . القاهرة.

[94]منبعا الأخلاق والدين ص 27. هنري برجسون ترجمة إلهامي الدروبي, مكتبة نهضة مصر

[95]أنظر :

أ‌)       الأمراض النفسية العصابية ص 325 وما بعدها . دكتور عبد العزيز فريد.

ب‌)  الصحية النفسية ص 252 . دكتور مصطفى فهمي.

[96]فتح الباري بشرح البخاري 12326 – صحيح مسلم كتاب السلام 4:1742

[97]الأمراض النفسية العصابية ص 337

[98]أصول علم النفس ص 470 وما بعدها

[99]صحيح مسلم 42052 كتاب القدر باب الأمر بالقوى وترك العجز

[100]البقرة الآية 177.

[101]هداية الباري إلى ترتيب أحاديث البخاري 2 127. انظر أيضا فتح الباري بشرح البخاري 12210.

[102]صحيح مسلم 42163 كتاب صفات المنافقين.

[103]النساء الآية 97.

[104]المذاهب الأخلاقية 2477 – 282 دكتور عادل العوا. مطبعة جامعة دمشق ط2 1969.

[105]الموسوعة الفلسفية المختصرة ص 196 ترجم بإشراف الدكتور زكي نجيب محمود . مكتبة الأنجلو المصرية.

[106]الأمراض النفسية العصابية ص 348

[107]سنن ابن ماجه 21170 كتاب الطب.

[108]التاج 171.

[109]منتخب كنز العمال في همش مسند الإمام أحمد 1130.

[110]قال الإمام النووي الطيرة لا تكن إلا في الشؤم وقد تستعمل مجازا في السرور ولذلك جاء في الحديث وخيرها الفأل (فتح الباري 12325)

[111]منتخب كنز العمال 1280

[112]المرجع السابق 1280

[113]صحيح مسلم 41985 كتاب البر والأخلاق . باب تحريم الظن

[114]الجمع الصغير 177

[115]التاج 572

[116]الإنسان معجزة الكون ص 93. د. جاك فرح جودة . مكتبة الأنجلو المصرية . القاهرة 1972

[117]النمل الآية 60.

[118]الأنعام الآية 141.

[119]النحل الآية 5 – 8.

[120]أسس الصحة والحياة ص 299 دكتور عبد الرزاق الشهرستاني.

[121]منتخب كنز العمال في هامش مسند الإمام أحمد 1132

[122]التاج 3162 كتاب اللباس

[123]فتح الباري 12191 كتاب الطب

[124]فتح الباري 12195

[125]المرجع السابق 12289

[126]صحيح مسلم 41743 كتاب السلام

[127]المرجع السابق 12264

[128]المرجع السابق انظر شرح الحديث 12265

[129]الجامع الصغير 161

[130]عش مرحا تعمر طويلا ص 40 الصحة المدرية والتربية الصحية ص 166.

[131]البقرة الآية 172.

[132]     أ) تأملات في سلوك الإنسان ص 117

ب) المرشد الطبي الحديث ص 221-223. قام به مجموعة من الباحثين مكتبة النهضة _ بغداد.

[133]الأعراف الآية 31.

[134]أسس الصحية والحياة ص 257

[135]كشف الخفاء 11300

[136]منتخب كنز العمال في هامش مسند الإمام أحمد 1138

[137]هداي الباري إلى ترتيب أحاديث البخاري 1185.

[138]تأملات في سلوك الإنسان ص 41 .دكتور ألكسيس كارل.

[139]الجامع الصغير 161 . جلال الدين السيوطي.

[140]منتخب كنز العمال في هامش مسند الإمام أحمد 1226.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر