أبحاث

بناء الذات وسنن الحركة

العدد 123

يتوغل عالم اليوم في أزمنة تحديد الذات من خارجها، فوسائل التأثير فيها متعددة ومتشابكة، ويبرز في الساحة اليوم نمطان من التواجد الفاعل المرسل لنماذجه الحياتية وقيمه، والمتأثر إراديًّا ولاإراديًّا.

من بين نتائج اتساع مساحات تغطية وسائل الاتصال اليوم تداخل القيم وثورة عميقة في المعايير جعلت نظرية ابن خلدون أوضح ما تكون اليوم، والضعيف يكاد يتبرأ من قيمه ويتماهى في قيم الآخر القـوي غير المكترث به، ولا يهمـه منـه إلا ما يجعله أداة لتحقيق مصالحه الأنانية، ولا ينخدع بالشعارات البراقة للقيم الإنسانية إلا من كان ضعيف الذاكرة أو فاقدها، فلطالما تغنى المستغفلون بالقيم الاشتراكية وهم يرزحون تحت نير الرأسمالية الاستعمارية، وهم لا يعرفون ولا يريدون أن يعرفوا ما هم بالضبط بالنسبة لزعماء الاشتراكية الذين كانوا أبناء أوفياء لقيم حضارة تضخمت وتورمت ذاتها بإلغاء الآخر، يقول أحد أعمدة الشيوعية – هذا الصنم الذي أغوى الكثيرين عندما تم توقيف الأمير عبد القادر الجزائري بعد رحلة جهاد أوقفتها خيانات مقيتة في 1847م – :

“لا أمل في نضال البدو، غير أن فتح الجزائر هو حدث مهم ومساعد على التقدم والحضارة… بفضل هذا الفتح يحمل البرجوازي الحديث الحضارة والصناعة والنظام والأنوار إلى السيد الإقطاعي أو قطاع الطرق وللحالة البربرية للمجتمع”(1).

ويواصل غيه الذي لم يتراجع عنه بعد سماعه الإبادات الوحشية التي تعرض لها الشعب الجزائري المسلم وتحت عنوان “الجزائر مدرسة حربية” مشيدًا بالمنجزات المهمة التي حققها الجيش الفرنسي في الجزائر من خلال اكتشافه لأدوات وأساليب حربية مختلفة، وينصح إنجلز الجيش البريطاني الاستعماري بأن يستفيد من التجربة الفرنسية في حروبه في شمال الهند(2).

هذه النـزعة الإبادية المقيتة التي يشترك فيها اليسار المدعي حمل لواء العدالة واليمين المدعي حمل لواء الحرية تسمح بفهم لماذا تتمسك الأحزاب اليسارية في أوربا اليوم بحق أوربا والولايات المتحدة في الاستيلاء على منابع الطاقة بمبررات لم تعد تنطلي على أحد ولماذا لم تعد الاعتداءات على الكرامة الإنسانية تحرك أحدًا رغم اتساع فضحها العلني. ينقل كافين رايلي ما كان سائدًا من استخدام كل المقدسات:

“إننا يجب أن نلجأ إلى مزيد من المبررات المثالية لحروبنا ويجب على نحو أشد من الرومان أن نجد طريقة تجعلنا نطلق عليها اسم الحرب الدفاعية، ولابد من الاقتناع بأننا نضحي في سبيل غيرنا، وهذا يقتضي الاقتناع بأن الآخرين مهددون بقوة خطيرة تكاد تكون شيطانية، وأننا الحماة المصطفون للتهذيب والفضيلة والخير، لقد اكتسبنا القدرة – قبل الحروب الصليبية بعهد طويل – على تبرير أشد أفعالنا بربرية باسم الله أو باسم الحضارة المسيحية أو باسم العالم الحر وهو الصورة العلمانية لهذه الحضارة”(3).

لقد آمن البعض أن الحضارة الغربية التي قامت على كثير من القيم الإيجابية ستراجع نفسها وهي تصل إلى درجة من التمركز على الذات الأنانية التي جاوزت مآسيها النرجسية البسيطة ولكنها كانت ومازالت في سكرتها تعمه. يقول المفكر الجزائري حمدان خوجة في مقدمة كتابه “المرآة”:

“… إن مصائب بلدي تقلقني باستمرار، ولقد كنت في كثير من الأحيان وأنا أسجل تلك المصائب أجبر على التوقف عن الكتابة لأترك المجال لدموعي فتنساب، وعلى الرغم من أن كتابي رواية تاريخية فإنه قد كتب ليقرأه أشخاص من ذوي الرحمة والإحساس”(4).

لم يكن أمام أي إنسان سَوِيّ وهو يرى ما تفعله دولة تعرف معاني الحرية إلا الذهول والمقاومة بأية وسيلة؛ لأن ضعف إنسان ليس مبررًا لاستلابه والاعتداء عليه. ولكن الحضارة الغربية دخلت منذ مدة طويلة مسار الداروينية الاجتماعية والإنسانية. ألم يرد هتلر على معارضيه أنه تلميذ صغير في مدرسة الإبادة الغربية من أمريكا ضد الهنود الحمر إلى البريطانيين والفرنسيين في مستعمراتهم؟؟؟

إن ما يقوله حمدان خوجة يكاد يتطابق مع ما كتبه الجبرتي واصفًا الحملة الاستعمارية الفرنسية:

“إني كنت سودت أوراقًا في حوادث آخر القرن الثاني عشر وما يليه أوائل الثالث عشر الذي نحن فيه جمعت فيها بعض وقائع إجمالية، وأخرى محققة تفصيلية، وغالبها محن أدركناها وأمور شاهدناها”(5).

ويواصل قوله:

“وهي أول سني الملاحم العظيمة والحوادث الجسيمة والوقائع النازلة والنوازل الهائلة وتضاعف الشرور… واختلال الزمن وانعكاس المطبوع… وفساد التدبير وحصول التدمير وعموم الخراب، وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون”(6).

لقد آمن البعض بفطرة نقية أو جزء منها بقي لدى الغرب يمكنهم استثماره للرجوع بهذا المارد إلى جادة الصواب. يقول حمدان خوجة:

“لقد كنا نعتقد أن الأفكار التعصبية الضيقة قد نسيت في القرن التاسع عشر وأن عصر تحرر الشعوب قد حان وأنه أصبح من المحتوم اعتبار جميع سكان المعمورة كأسرة واحدة”(7).

ويقول في مقدمة كتابه:

“أعتقد أن السلطات الفرنسية قد تصرفت بكيفية تتعارض كليًّا مع المبادئ التحررية ومع الإحسان الذي كان من حقنا أن ننتظره من حكومتها”(8).

ما أشبه اليوم بالبارحة، والعرب والمسلمون ما زالوا يراهنون على بقايا فطرة سليمة تختفي في زوايا نفس دخلت مرحلة “التأله” صارخة في وجه الجميع أنها الرب الأعلى.

لقد يئس حمدان خوجة من أمله السابق ونجده في نهاية كتابه يطالب بحد أدنى من حماية للبقية الباقية من الشعب الجزائري الذي نجى من حرب الإبادة المدروسة جيدًا:

“إن الحكومة الفرنسية تستطيع أن تتبع نفس الطريقة التي طبقت في مصر وأن تقدمها سيكون أمرًا محققًا، ولا يمكن أن يشك في نجاحها ذلك أن إصلاح مصر وتدعيم النفوذ الفرنسي فيها لم يتحقق بواسطة الإدارة الفرنسية والعنف وإنما يعود الفضل لنائب الملك وللعمل باسمه في إدخال الحضارة والفنون وفي مضاعفة موارد ذلك البلد”(9).

ولكن كتب التاريخ تبين أن فظاعة الاستعمار الفرنسي في مصر كانت واضحة رغم أن ما حدث في الجزائر كان أفظع.

لقد وصف الجبرتي وغيره ما فعله نابليون وأتباعه في الشعب المصري وعلمائه، وبيّن أن حملته أملاها عليه الله لينشر في مصر الحرية والعدالة، ويخلص الشعب المصري من الحكام الظلمة، ولجأ نابليون إلى الأئمة والعلماء آمرًا بأن يفسروا القرآن بما يتوافق مع سياسة الاستعمار الفرنسي ويبرر سلوكهم، وكان نابليون قد أصدر تعليمات صارمة لممثله كليبر (KLEBER) لإدارة مصر بذكاء وحنكة “فرق تسد”، وساعد على ذلك إحاطة ممثل نابليون ببعض المستشرقين والعلماء، علمًا بأن نابليون صرح أن الغزاة هم المسلمون الحقيقيون، وهي نفس الحرب النفسية التي حاولت بها بريطانيا الإجهاز على ما بقي من روح الأمة عندما قالت أن المسلمين لم يعد لهم وجود منذ سقوط الخلافة الإسلامية، وهو ما فعله أئمة العمالة في مساجد الجزائر إبان المرحلة الاستعمارية عندما فسروا أولي الأمر بأنهم الفرنسيون وبالتالي يجب طاعتهم. إن سنة 1830م يبدو أنها سنة الجنون البشري، فإلى جانب ما سجلته كتب التاريخ من حرب على الإنسان والحيوان والنبات والجماد في الجزائر، ينقل عبد الوهاب المسيري أن صحف سان فرانسيسكو كانت تنقل جملاً مثل: “أن الهنود هنا جاهزون للذبح وللقتل بالبنادق أو بالجدري… وكانت هناك آليات أخرى أكثر مباشرة فكانت الحكومة البريطانية في عصر الملك جورج الثالث في عصر العقل والاستنارة في إنجلترا تعطي مكافأة مالية لكل من يحضر فروة رأس هندي أحمر قرينة على قتله، واستمرت هذه التقاليد الغربية الإبادية بعد استقلال أمريكا بل تصاعدت بعد 1830م حين أرغم الرئيس جاكسون قبائل الشيروكي على توقيع معاهدة “نيو أكوتا” التي تخلّوا بمقتضاها عن جميع أراضيهم شرقي نهر المسيسبـي مقابل الحصول على أراضي أوكلاهوما، ثم صدر قانون ترحيل الهنود والذي تم بمقتضاه تجميع خمسين ألفًا من هنود الشيروكي من جورجيا وترحيلهم “ترانسفير” أثناء الشتاء سيرًا على الأقدام إلى معسكر اعتقال خصص لهم في أوكلاهوما وقد مات أغلبهم في الطريق فيما عرف باسم ممر الدموع”(10).

إن الإنسان ليس فقط كتلة ثقيلة يجب إزاحتها ليتسع المجال للمستعمرين ولكنه روح هام استكانت وضعفت يمكن أن تفيق في أية لحظة. لذلك يحرص الاستعمار على إبادة هذه الروح أساسًا بإزاحتها من النفوس إن لم يتمكن من إزاحة حامل النفس:

“كان الرهان على تجنيد حملات واسعة النطاق مؤلفة من مجموعة من الجامعيين ورجال الأعمال والعسكريين والموظفين والمرسلين المبشرين والفنيين والمغامرين. الهدف الاستراتيجي بالطبع لهذه الحملات هو الاستطلاع والتعرف على الأراضي الصالحة للاحتلال مستقبلاً ثم التسلل إلى ضمائر السكان المحليين من أجل تطويعها وتسخيرها لصالح القوى الاستعمارية”(11).

المراهنة على الانهيار الداخلي كانت مدروسة جيدًا لدى دوائر الاستعمار وهي عملية طويلة وعميقة ولكن مضمونة إذا تحالفت معها عمالة خائنة.

لقد طرح سؤال منطقي أمام كل مآسي الإبادة وهو: لِمَ لَمْ يسخر الإنسان الأبيض الهنود الحمر كأيدي عاملة رخيصة أو شبه مجانية بدلاً من إبادتهم واختطاف ملايين الأفارقة ونقلهم من بلادهم إلى الأمريكيتين ليصبحوا عبيدًا وعمالة شبه مجانية؟

يجيب عبد الوهاب المسيري: “يمكن القول أن الهنود الحمر كانوا يعيشون داخل بناء حضاري متماسك ولذا فعملية إذلالهم وتدجينهم وتحويلهم إلى مادة استعمالية يمكن توظيفها كانت صعبة إن لم تكن مستحيلة، أما الأفارقة فمن الممكن إفقادهم هويتهم وتماسكهم بعد اقتلاعهم من تربتهم الحضارية ونقلهم إلى أرض غريبة عليهم وبالتالي يمكن إذلالهم وتطويعهم، وبالفعل نجح الإنسان الأبيض في ذلك، وقد حققت الولايات المتحدة تطورًا هائلاً في تجارتها الخارجية بسبب عمالة العبيد المجانية، ففي عام 1830م كان القطن الذي يزرعه العبيد والمنسوجات القطنية يمثلان نصف صادرات الولايات المتحدة”(12).

إن المسلمين أهملوا كثيرًا إفريقيا وتركوها نهبًا للتنصير والوثنية واستفحلت الأمور مع الكوارث الطبيعية والكوارث البشرية التي يصنعها الاستعمار بالتحكم عن بعد.

لقد بين على شريعتي السياسة الاستعمارية في مواصلة تجريد الأفارقة من أي أمل في التصالح مع ماضي ذواتهم وهو ما سيؤدي إلى العودة إلى الذات الأفريقية:

“الغرب عمومًا لم يقل للمسلمين والشرقيين أنهم بدون حضارة كما قالها للزنوج بل جاملهم وخدعهم وكشف عن آثارهم المادية والروحية ليمسخ أمامهم ماضيهم”(13).

بل إن سياسة تخريب الروح وصلت إلى درجة أن كان:

المرض بالنسبة للمبشرين في إفريقيا دليلاً ملموسًا على وجود فساد أخلاقي واجتماعي من واجبهم الديني العمل على الخلاص منه(14).

الطب والتنصير تحالفا على الإفريقي الذي كان يرى ككتلة من العضلات يمكن استغلالها وليس كإنسان يمكن التأثير عليه.

الأوربيون الذين كان يصيبهم مرض بدني أو عقلي سرعان ما كان يتم وضعهم في المصحات أو يعاد إرسالهم إلى أوربا قبل أن يصبح في الإمكان تلطيخ صورة التفوق الأبيض(15).

ويضيف دافيد أرنولد:

“لم تكن الإدارات الاستعمارية والقوى الإمبريالية هي وحدها التي رأت أن للطب فائدة أوسع، فالمبشرون في إفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر والذين كان ليفنجستون معلمهم الأول قد أدركوا الفرصة الفريدة التي يقدمها الطب لإرساء الاتصال بالسكان المحليين ولإحياء الأمل في كسب النفوذ عليهم”(16).

لقد وضحت إيفون تيران أيضًا كيف كان الطب في الجزائر إبان الفترة الاستعمارية أداة للهيمنة أيضًا على الشعب الجزائري:

الدوائر الاستعمارية كانت تضع المدرسة والمستشفى كوسيلتين ناجعتين للتنصير ولإقناع الأهالي بمحاسن الغزو العسكري(17).

وتضيف إيفون تيران أن السلطات الاستعمارية كانت ترى أن مجرد وجود المدرسة بنية التعليم – مثله مثل العلاج – ليس سوى دليلاً ومؤشرًا على التغلغل الفرنسي في نسيج المجتمع الجزائري(18).

بل إن المجتمع الجزائري رفض التلقيح لأنه فهمه حملة إبادة جاءت بعد عملية الإحصاء التي قامت بها السلطات الاستعمارية وفهمت أيضًا أنها أدت إلى هلع حكام فرنسا عندما اكتشف هؤلاء أن عدد المسلمين الجزائريين بإمكانه قلب حكم فرنسا(19).

نسمع اليوم أن إفريقيا خصوصًا والعالم الثالث عمومًا تحولوا إلى مزبلة للأدوية الفاسدة صنعًا أو المنتهية صلاحيتها والتي تنقل إليهم إما عن طريق صفقات مشبوهة مع عملاء محليين أو عن طريق جمعيات خيرية، بل إن الأمر طال حتى حليب الأطفال، ويقال أيضًا أن تجريب الأدوية مثل تجريب السلاح يتم على نطاق واسع في العالم الثالث، لقد توارثت أجيال الغرب على ما يبدو هذا الحق في اعتبار الآخر أقل قيمة بل وعديمها خصوصًا عندما تلح المصلحة وتتورم الذات.

يقول الأسقف سميث عضو إرسالية الجامعات إلى إفريقيا الوسطى في 1893م:

“هناك بعض المجالات للإرسالية يبدو أن الأطباء فقط هم الذين يستطيعون اكتساب أي نفوذ كبير فيها وثمة كراهية متعصبة للمسيحية لا يمكن هدمها إلا بإظهار التعاطف لما يحدث من آلام للجسد مصحوبًا بالقدرة على تخفيفها، ويبدو أنه لا يمكن إلا من خلال العمل الطبي وحده العثور على ثغرة للنفاذ إلى قلوب هؤلاء الناس”(20).

المرض والجهل والفقر ليس قدرًا محتومًا على أي شعب ومثلما قال الإمام عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه: “ما جاع فقير إلا بما شح به غني”.

يقول نينيان سمارت في كتابه عن ديانات العالم: التقاليد القديمة والتحولات الحديثة:

“في أوربا وعلى امتداد التاريخ منذ الإمبراطور قسطنطين الكبير وحتى بداية العصر الحديث كانت المسيحية بشكل مباشر أو غير المباشر دين الدولة لكن بعد أن تمت حركة التحديث الصناعي والعقائدي وجدت الشعوب الأوربية نفسها أمام اختيارات عقائدية مختلفة، ومن هنا برز الضعف في العقيدة المسيحية وفي الوقت نفسه الحيوية الجديدة، انعكس الضعف في تقلص دور الكنيسة وبدت الديانة الاختيارية أكثر عمقًا من الديانة المحافظة وبعد الانتعاشات الاقتصادية انحصر دور الكنيسة في خدمة الفقراء وتنظيم الإرساليات الدينية للعمل في إفريقيا وجنوب أمريكا والعالم الثالث بشكل عام”(21).

وهكذا أصبحت الخدمات الطبية للكنيسة مسألة وجودية بعد أن تنكرت لماهيتها الأولى في الحفاظ على رسالة النبـي المسيح عيسى عليه السلام.

ويمكن القول اليوم أنه ما جاع شعب إلا بما فعله به حكام مستبدون وجهلة أو بما فعله عدو متربص؛ لأن التاريخ بيّن أن الفقر ليس في الثروات ولكن في السياسات الرشيدة وحسن التدبر.

الطب هو علاقة بالجسد ولكنه أيضًا ذو علاقة وطيدة بالذات والروح. لقد استخدم الاستعمار الطب لتحقيق أغراضه ولكنه ركز أيضًا على نشر داء لا يمكن الحصول بسهولة على ترياقه وهو داء الغبش الفكري الذي ينتشر في الذات فيجردها من الصحة الضرورية لأي جهد حضاري.

لا يهم أن يكون السكان الأصليون وارثي حضارات عظيمة قديمة وإذا حصل وأن اعترف بعظمة وروعة هذه الحضارات فهذا مشروط بقدر استجابتها لمصالح وترميزات المركزية الغربية كما لو أن لا وجود لمجتمعات ما وراء البحار إلا بمقدار استتباعها لسياسات واقتصاديات المتربولوية (اي المركزية الغربية)(22).

بل إن الأمر قد يأخذ صورة من الفجاجة غير المحتملة:

لقد خصص اليهودي روكفلر عام 1926م مبلغًا بالملايين لإنشاء متحف للآثار الفرعونية في مصر يلحق به معهد لتخريج المتخصصين في هذا الفن، واشترط أن يوضع المتحف والمعهد تحت إشراف لجنة مكونة من ثمانية أعضاء ليس فيها إلا عضوان مصريان فقط، وبعد رفض الحكومة المصرية لشرطه سحب هبته(23).

يجب أن يقرأ الخبر التاريخي السابق ضمن سياسة عامة حيث:

أعانت الدول المحتلة كل منطقة نفوذ لها على تدعيم قداسة هذه الأوطان الجديدة في نفوس الناس بأسلوب علمي منظم، وذلك بمساعدتها على إحياء التاريخ القديم لكل قطر من هذه الأقطار، ونشط الحفر للبحث عن آثار الحضارات القديمة السابقة على الإسلام في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين وشرق الأردن ومصر لتوهين الجامعة العربية فاستيقظت العصبيات الجاهلية وراح كل بلد يفاخر البلاد الأخرى بمجده العريق(24).

ولربط الحاضر بالماضي ومعرفة جذور بعض مآسي الحاضر ينقل الغيورون على تضاريس الذات المسلمة ما يحصل للآثار الإسلامية والمسيحية في فلسطين من تهويد القدس واقعًا وآثارًا إلى الهدم المنظم للآثار المسيحية ببيع أوقافها لليهود بتآمر دولي إلى تحطيم مادي كما حدث مع أقدم كنيسة في العالم  – كنيسة المهد – بصمت مشبوه من المسيحيين:

يلاحظ في صك انتداب بريطانيا إلى فلسطين قد نص على الاهتمام بالحفريات، وذلك في المادة 21 التي تنص على أن تضع الدولة المنتدبة -وتنفذ في السنة الأولى من تاريخ تنفيذ هذا الانتداب – قانونًا خاصًّا بالآثار جاء فيه : ضرورة الاهتمام بكتابة تاريخ ما قبل الإسلام، فأنشأ الاستعمار لجانًا خاصة بذلك وأيضًا قام الرهبان بإنشاء لجان لنفس الغرض(25).

إن الذات الإسلامية لا تستقيم إلا إذا كانت متآلفة مع جميع أجزائها وأي محاولة لنهضة عوجاء مصيرها الفشل والضياع .

إن ما يرمي ومايزال يرمي إليه النظام الغربي بعد تغيير جلده اليوم هو تقطيع مجتمعات الأطراف إلى شرائح أو إلى كيانات قبلية طائفية عرقية إقليمية، لا لكي يسهل عليه إلحاقها به فحسب وإنما لكي يستأثر بزمام المبادرة في معالجة التاريخ العالمي ويسمح لنفسه بتأسيس منظوره الخاص للتاريخ على حساب تواريخ أو ثقافات الشعوب الأخرى وذلك عبر تفسير الحوادث الخارجة عن حدوده الجيوسياسية بمدى ارتباطها بصورة أو بأخرى بمرحلة من مراحل تاريخه الخطي وإلا فإن مصيرها محكوم بعدم صلاحها للفهم إنسانيًّا وتاريخيًّا(26).

يبني الغرب انتشاره على ضمور الآخرين، ويبني تقدمه على تخلف الآخرين، ويبني قوته على ضعف الآخرين، ويبني صحته على مرض الآخرين (النفايات النووية مثلاً)، ويبني وحدته على تشتت الآخرين ويبني سعادته على شقاء الآخرين.

وبالطبع المسلمون اليوم هم الأقل ظهورًا في محافل الأمم الكبرى (أغلب قرارات مجلس الأمن ضد المسلمين، و90% من اللاجئين في العالم مسلمون، وأعلى نسبة أمية عالميًّا موجودة في العالم الإسلامي، وأضعف حركة ترجمة وانتشار للتكنولوجيا في العالم الإسلامي، كما تبينه تقارير التنمية البشرية الأممية والإقليمية.

و بين  المسلمين أفقر الدول في العالم و أهون أمة اليوم هي الأمة الإسلامية و أفتك الأمراض تسجل بين المسلمين.

وليس أمام هذه الأمة اليوم إلا النموذج الغربي المبني على سلوكيات وثنية تنكرت للدين القويم، ورغم ذلك تعد ارتجاجات الفترة الاستعمارية التي مازالت موجودة بطرق شتى والتي عادت بسفور في مناطق عديدة، هذه السلوكيات هي التي تعيد سؤال الأمير شكيب أٍرسلان بكل عنف عن سبب تقدمهم وسبب تخلفنا ويضاف إلى عباراته لماذا تزداد سطوة جبروتهم ويزداد هوان المسلمين؟

لقد نبه مفكرون أمثال مالك بن نبي ومحمد إقبال وعلي شريعتي إلى  ضرورة التأمل العميق في خلفيات الصراع وضرورة نقد الذات وإيقاظها من غفوتها ولكن للأسف الشديد في العشرية الأولى من الألفية الثالثة وبدلاً من أن نتقدم بذات إسلامية نحو واجب الاستخلاف عدنا إلى ما قبل نهضتها نطرح نفس الأسئلة بمرارة أكثر وبخيبة أكبر؟!!!

لقد فهم رواد النهضة من القرن الماضي وهم يجابهون أعداء التقدم من الداخل والخارج أن المفر الوحيد من سجن الروح هو تقوية الشعور بضرورة الحرية ولم يمهل القدر هؤلاء ليستثمروا استنتاجهم ذلك، وأتى بعدهم من ضيع الأمانة بل ومن لعن الأمة وانتكس بها في أدغال خارجة عن كل مراحل التاريخ الحي .

لقد نبه رشيد رضا، وهو الذي شيد صرحًا في ساحة العودة إلى الذات الإسلامية المتوازنة، إلى أن المسلم يجب أن يحول الابتلاءات التي تقع عليه إلى مناسبة حقيقية للسؤال عن التقصير؛ لأن الله ليس بظلام للعبيد، ووضع في كتبه المتنوعة  المعيار الإسلامي للتفريق بين لوم النفس والاطمئنان لأمرها بالسوء من أجل الوصول إلى الاطمئنان الإيجابي بالرجوع إلى ربها تائبة مسلمة بقضائه وقدره خيره وشره.

يقول محمد رشيد رضا: نشدان الحرية والاستقلال فائدة قد استفدناها من الأوربيين ينبغي أن  نشكرها لهم ونحمد لأجلها معرفتهم وليس لمسلم أن ينكر ذلك محتجًا بأن القرآن الكريم قد أرشد إلى هدم التقليد وقام على أساس الاستقلال في الاستدلال، فإن هذا وإن كان حقًّا يعترف به المنصف من علماء أوربا لم يكن هو المنبه في هذا العصر للشرق عامة وللمسلمين خاصة، ودليلنا على هذا أن رجال الدين منا لا يزالون في الأكثر أسرى التقليد وأعداء الاستقلال فيجب أن ننصف من أنفسنا ونشكر لمن نبهنا إلى مصلحتنا(27).

فأعظم فائدة استفادها أهل الشرق من الأوربيين معرفة ما يجب أن تكون عليه الحكومة واصطباغ نفوسهم بها حتى اندفعوا إلى استبدال الحكم المقيد بالشورى ….لا تقل أيها المسلم أن هذا الحكم أصل من أصول ديننا فنحن قد استفدناه من الكتاب المبين ومن سيرة الخلفاء الراشدين لا من معاشرة الأوربيين والوقوف على حال الغربيين، فإنه لولا الاعتبار بحال هؤلاء الناس لما فكرت أنت وأمثالك بأن هذا من الإسلام ولكان أسبق الناس إلى الدعوة إلى إقامة هذا الركن علماء الدين إلى الاستانة وفي مصر وفي مراكش وهم الذين لايزال أكثرهم يؤيد حكومة الأفراد الاستبدادية ويعد من أكبر أعوانها، ولما كان أكثر طلاب حكم الشورى المقيد هم الذين عرفوا أوربا والأوربيين … إننا لولا اختلاطنا بالأوربيين لما تنبهنا من حيث نحن أمة أو أمم إلى هذا الأمر العظيم وإن كان صريحًا جليًّا في القرآن الكريم(28).

وهو ما ألمح اليه مالك بن نبـي بعبارات واضحة ولكن يمكن لأي مغرض أن يحيد بها عن مقاصد صاحبها:

الموجة الأوربية لم تأت للعالم الذي أغرقته بغمرة الرفاهة المادية فحسب مثل الثلاجة الكهربائية وغيرها، بل أنها قد أتته أيضًا بثروات روحية لا جدال فيها، لقد أودعت في لا شعور الشعوب المستعمرة وفي ذاتيتها عناصر تتجلى في سلوكها الاجتماعي الجديد، في فنها وفي أسلوبها وفي تنظيمها وفي نشاطها(29).

لاحظ مالك بن نبـي إذن أن الاستعمار عرّف العالم الإسلامي بمنتجاته المادية والمعنوية، ولكن العقل المتخلف الغارق في متاهات الغفلة لم ينتبه لذلك، بل إن أي متأمل سيلاحظ أن الاستعمار باعتباره تلميذًا غبيًّا كما قال الجنرال الفيتنامي “جياب”  عرف العالم المستعمر ببعض أدوات التخلص من جبروته.

تأثير أوربا كان حتى في الميادين التي لا يتوقع فيها مثل ميدان النشاط المعادي للاستعمار (30).

الاستعمار هو ظاهرة مقيتة وصلت إليها الذات الغربية في أسوأ مراحلها وفي أحط تجلياتها، ولكن هذه الذات هي أيضا نتاج جهود بشرية جليلة عملت على استثمار العقل نابذة كل دواعي الحجر العقلي التي روجتها كنيسة منحرفة.

مشرط مالك بن نبي يقول:

هناك إذن جانب إيجابي للاستعمار حين يحرر الطاقات التي طال عليها زمن الخمول، على الرغم من أنه يعتبر من جانب آخر عاملاً سلبيًّا حين يتجه إلى تحطيم هذه الطاقات(31).

الطاقات التي  يمكنها  الحركة في عالم الأحياء هي تلك التي حركها وخز قوي، أما الميتة فلا ينفع معها وخز ولا حتى زلزال، ويضع مالك ابن نبـي مسلَّمة مفادها أن:

الدول الإسلامية الأكثر تخلفا هي بالتحديد الدول التي لم تواجه تحدي المستعمر كاليمن مثلا(32).

الاستعمار داء يضر الجسد ولكنه يخرج منه تراكم من ترسبات:

“أيقظ الشعب الذي استسلم لنوم عميق بعد الغذاء الدسم الذي أكله عندما كان يرفل في نعم حضارته، والتاريخ قد عودنا أن كل شعب يستسلم للنوم فإن الله يبعث عليه سوطًا يوقظه”(33).

لقد شكلت الظاهرة الاستعمارية نموذجا خاصا من ابتلاءات الشعوب:

كلما أردنا تحليل الأسباب التاريخية لهذه النهضات التي جددت العالم المستعمر خلال نصف القرن الماضي فإننا نجد تأثير أوربا، في جميع النهضات التي رأت النور في ضمير الشعوب المستعمرة قد تغذت في هذا الضمير نفسه بالغرين، الذي أودعته فيه الموجة الأوربية(34)

تتناغم هذه الأفكار مع ما قاله محمد إقبال:

تعالى أنبئك عن مصير الأمم وعاقبتها، سنان ورماح أولاً ولهوًا وغناءًا لآخر الملوكية تتحول بين يوم وليلة إلى جنون أو مجون وليس التيمور أو جنكيز إلا آلات جراحية تستعملها في حينها القدرة الإلهية(35).

طرح مالك بن نبـي بعيد على أن يسقط في الاستلاب الذي وقع فيه كتاب آخرون كطه حسين وسلامة موسى وغيرهما ممن لم ير النجاة والحياة إلا في استنساخ  النموذج الأوربي والغربي، ولكن مالك بن نبي ورشيد رضا نبها إلى أن هناك نواميس أودعها الله في خلقه فمن اجتهد وعمل وأخلص لعمله نجح في بسط سيطرته. يبقى الاختلاف في أن المسلمين مطالبون بالعمل للدنيا والآخرة ولكن للأسف ضيع المسلمون الدنيا والآخرة فسيطر من عبد الدنيا وأخلص لها. ألم تنقل كتب التاريخ والعقيدة المقولة المفتاحية :

إن الله ينصر الأمة العادلة ولو كانت كافرة ….

لقد تفوق الغرب بتألمه في عمله وجده ومثابرته : ﴿فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ…﴾ (النساء: 104).

أي أن الغربي يحب النوم والارتخاء والعيش الرغيد، ولكنه يستمتع أيضًا وهو يتعب من أجل التفوق والانتصار، وهو يفتقد للتوازن الضروري الذي يجعل ذاته تعرف حدود السعادة الحقيقية لأنه لا يرى أمامه بديلاً مقنعًا أو طرحًا قويًّا يثنيه عن سعيه لعبادة الدنيا.

لقد انتصر بفعل النواميس الإلهية الدنيوية، وبالتالي ما يقوله رشيد رضا ومالك بن نبـي ومحمد إقبال وغيرهم من العقلاء هو بالضبط اعتراف بأن القاعدة الإلهية صحيحة وأن ما يصلح للتقليد هو ما يتوافق مع الشق الأول من الألم الذي لا يكمله إلا الأمل بقوله عز وجل : ﴿… وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ…﴾ (النساء: 104).

انظر إلى ما نقله الطهطاوي من أحداث 1830 في فرنسا وهي أحداث أذهلته عن الاستعمار  الفرنسي للجزائر الذي تم في نفس السنة:

“فما كان سنة1830م وإذا بالملك قد أظهر عدة أوامر منها النهي عن أن يظهر الإنسان رأيه وأن يكتبه أو يطبعه بشروط معينة خصوصًا الكازيطات اليومية(36) .. ثم إن الملك لما أظهر هذه الأوامر كأنه أحس في نفسه بحصول مخالفة فأعطى المناصب العسكرية لعدة رؤساء مشهورين بأنهم أعداء للحرية التي هي مقصد رعية الفرنساوي(37)….فعاد عليه فعله بنقيض ما نواه لاضداده فلو أنعم في إعطاء الحرية لفرقة بهذه الصفة لما وقع في مثل هذه الحيرة ونزل عن كريبه في هذه المحنـة الأخيرة سيما وقد عهد الفرنساوية بصفة الحرية ألفوها واعتادوا عليها وصارت عندهم من الصفات النفسية(38).

هذه نماذج من التواجد والصراع بين الذوات جاءت بطريقة أقرب إلى  العرض التـاريخي الذي يـؤكد أن قواعد الحركة في هذه الدنيا هي نفسها، وعلى المتدبر الاستفادة مما يساعده على تحقيق ذاته وتحصينها وليس خنقها أو ابتذالها.

الهوامش

(1) غريغوار منصور مرشو، مقدمات الاستتباع : الشرق موجود بغيره لا بذاته (فرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي،  1996) ص 120 .

(2) المرجع نفسه.

(3) كافين رايلي، الغرب والعالم، ج1 ، ترجمة: عبد الوهاب المسيري وهدى حجازي (الكويت :عالم المعرفة، 1985) ص194-195 .

(4) حمدان بن عثمان خوجة، المرآة، ترجمة وتحرير محمد العربي الزبيري (ط2، الجزائر :ش و ن ت ، 1982) ص47.

(5) عبد الرحمان الجبرتي، عجائب الآثار في التراجم والأخبار (بيروت: دار الفارس ودار الجيل) ج1ص5.

(6) عبد الرحمان الجبرتي، عجائب الآثار، ج2 ص179.

(7) حمدان بن عثمان خوجة، المرآة، ص177.

(8) المرجع نفسه ص46 .

(9) المرجع نفسه ص306 .

(10) جريدة “الاتحاد” الإماراتية عدد2، جوان 2006.

(11) غريغوار منصور مرشو، مقدمات الاستتباع، ص17.

(12) جريدة الاتحاد مرجع سبق ذكره.

(13) علي شريعتي، الإنسان والإسلام ومدارس الغرب ترجمة: عباس ترجمان (بيروت: دار الروضة ، 1311هـ) ص44.

(14) دافيد أرنولد، الطب الإمبريالي والمجتمعات المحلية، ترجمة: مصطفى إبراهيم فهمي (الكويت: عالم المعرفة، 1998) ص22.

(15) المرجع نفسه ص23.

(16) المرجع نفسه ص37.

(17) Yvonne TURIN; affrontements culturels dans lALGERIE Coloniale.

medicines ecoles. Religions (alger: ENAL 2eme ed1983) p36

(18) المرجع نفسه ص15.

(19) المرجع نفسه ص365 وص368.

(20) دافيد أرنولد، الطب الإمبريالي ص37.

(21) علي الشامي، الحضارة والنظام العالمي (بيروت: دار الإنسانية، 1995)ص291.

(22) غريغوار منصور مرشو،  مقدمات الاستتباع، ص120.

(23) جمال عبد الهادي محمد ووفاء محمود رفعت، منهج كتابة التاريخ الإسلامي (الجزائر: دار الصديقية، 1989) ص152.

(24) المرجع نفسه ص150.

(25) المرجع نفسه ص150 وص151.

(26) غريغوار منصور مرشو، مقدمات الاستتباع، ص17.

(27) محمد رشيد رضا (المنار المجلد1ج 3  1325هـ/ 1907م) ص199.

(28) محمد رشيد رضا (المنار المجلد10 ج4 1325هـ / 1907م) ص283 وص284.

(29) مالك بن نبي، الفكرة الأفريقية الآسيوية، ترجمة: عبد الصبور شاهين (دمشق: دار الفكر، 1981) ص256.

(30) المرجع نفسه.

(31) مالك بن نبـي،  وجهة العالم الإسلامي، ترجمة: عبد الصبور شاهين، (دمشق : دار الفكر، 1981) ص85.

(32) مالك بن نبي، مشكلة الأفكار ترجمة: بركة بسام وشعبو أحمد (دمشق: دار الفكر، 1992) ص78.

(33) مالك بن نبي، شروط النهضة، ترجمة: عبد الصبور شاهين (دمشق: دار الفكر، 1981) ص 149.

(34) مالك بن نبـي، الفكرة الأفروآسيوية، 253.

(35) أبو الحسن الندوي، روائع إقبال (الجزائر:  دار الشهاب، 1986 )  ص248.

(36) رفاعة رافع الطهطاوي، تخليص الإبريز في تلخيص باريز (الجزائر: م و ف م، 1991) ص309.

(37) المرجع نفسه ص310.

(38) المرجع نفسه ص313.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر